ادلة امامته عليه السلام
فضائل الامام عليه السلام و مناقبه

روي في أربعين المؤذن و تاريخ الخطيب عن جابر عن رسول اللّه (صلى الله عليه واله)انّه قال: انّ اللّه عز و جل جعل ذرية كل نبيّ من صلبه خاصة و جعل ذريّتي من صلبي و من صلب عليّ بن ابي طالب، انّ كلّ بني بنت ينسبون الى أبيهم الّا أولاد فاطمة فانّي أنا أبوهم.
يقول المؤلف: قد كثرت الأحاديث المشارة الى انّ الحسنين عليهما السّلام ابنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و قد أمر امير المؤمنين (عليه السلام) في حرب صفين لمّا أسرع الحسن (عليه السلام) للقتال ان يمنع من الذهاب الى المعركة مخافة أن ينقطع نسل رسول اللّه (صلى الله عليه واله)بقتله و قتل الحسين عليهما السّلام.
قال ابن ابي الحديد: فان قلت: أ يجوز أن يقال للحسن و الحسين و ولدهما أبناء رسول اللّه و ولد رسول اللّه و ذرّيّة رسول اللّه و نسل رسول اللّه؟
قلت: نعم، لانّ اللّه تعالى سمّاهم (أبناءه) في قوله تعالى‏ نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ‏ و إنمّا عنى الحسن و الحسين، و سمّى اللّه تعالى عيسى ذريّة ابراهيم في قوله: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ‏ و لم يختلف أهل اللغة في انّ ولد البنات من نسل الرجل.
فان قلت: فما تصنع بقوله تعالى: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ‏؟ قلت: أسألك عن ابوّته لإبراهيم بن مارية فكما تجيب به عن ذلك فهو جوابي عن الحسن و الحسين عليهما السّلام، و الجواب الشامل للجميع انّه عنى زيد بن حارثة، لانّ العرب كانت تقول:
زيد بن محمد على عادتهم في تبنّي العبيد، فأبطل اللّه تعالى ذلك و نهى عن سنة الجاهلية، و قال: انّ محمدا (صلى الله عليه واله)ليس ابا لواحد من الرجال البالغين المعروفين بينكم ليعتزي إليه بالنبوة و ذلك لا ينفي كونه أبا لأطفال لم تطلق عليهم لفظة الرجال كإبراهيم و حسن و حسين عليهما السّلام‏ .
و روي في بعض كتب العامة انّ النبي (صلى الله عليه واله)أخذ بيد الحسن و الحسين عليهما السّلام- في جمع من الصحابة- فقال: «من أحبني و أحبّ هذين و أباهما و أمّهما كان معي في درجتي في الجنة يوم القيامة».
و نظم البعض هذا الكلام فقال:
أخذ النبي يد الحسين و صنوه‏ يوما و قال و صحبه في مجمع‏
من ودّني يا قوم أو هذين أو أبويهما فاخلد مسكنه معي‏
و روي أيضا: انّ النبي (صلى الله عليه واله)حمل الحسن و الحسين عليهما السّلام على ظهره، الحسن على أضلاعه اليمنى و الحسين على أضلاعه اليسرى، ثم مشى و قال: نعم المطيّ مطيّكما و نعم الركبان أنتما و أبوكما خير منكما .
و روى ابن شهرآشوب انّه: أذنب رجلا في حياة رسول اللّه (صلى الله عليه واله)فتغيّب حتى وجد الحسن و الحسين عليهما السّلام في طريق خال فأخذهما فاحتملهما على عاتقيه و أتى بها النبي (صلى الله عليه واله)فقال: يا رسول اللّه انّي مستجير باللّه و بهما، فضحك رسول اللّه (صلى الله عليه واله)حتى رد يده الى فمه ثم قال للرجل: اذهب و أنت طليق و قال للحسن و الحسين عليهما السّلام: قد شفعتكما فيه أي فتيان، فأنزل اللّه تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا } [النساء: 64]
و روى ابن شهرآشوب عن سلمان الفارسي، قال: كان الحسين (عليه السلام) على فخذ رسول اللّه (صلى الله عليه واله)و هو يقبله و يقول:
أنت السيد ابن السيد أبو السادة، أنت الامام ابن الامام أبو الائمة، أنت الحجة ابن الحجة أبو الحجج، و تسعة من صلبك و تاسعهم قائمهم‏ .
و روى ابن شهرآشوب أيضا عن أمّ سلمة انها قالت: انّ الحسن و الحسين عليهما السّلام دخلا على رسول اللّه (صلى الله عليه واله)و بين يديه جبرئيل فجعلا يدوران حوله يشبهانه بدحية الكلبي، فجعل جبرئيل يومي بيده كالمتناول شيئا فاذا في يده تفاحة و سفرجلة و رمانة، فناولهما و تهلل و جهاهما و سعيا الى جدهما.
فأخذ منهما فشمّهما ثم قال: صيرا الى أمّكما بما معكما و ابدءا بأبيكما، فصارا كما أمرهما فلم ياكلوا حتى صار النبي (صلى الله عليه واله)إليهم فأكلوا جميعا، فلم يزل كلّما اكل منه عاد الى ما كان حتى قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله).
قال الحسين (عليه السلام): فلم يلحقه التغيير و النقصان ايام فاطمة بنت رسول اللّه (صلى الله عليه واله)حتى توفيت، فلمّا توفيت فقدنا الرمان و بقي التفاح و السفرجل ايام أبي، فلمّا استشهد امير المؤمنين (عليه السلام) فقد السفرجل و بقي التفاح على هيئته عند الحسن حتى مات في سمه و بقيت التفاحة الى الوقت الذي حوصرت عن الماء فكنت اشمها اذا عطشت فيسكن لهب عطشي، فلمّا اشتدّ عليّ العطش عضضتها و أيقنت بالفناء.
قال عليّ بن الحسين (عليه السلام): سمعته يقول ذلك قبل قتله بساعة، فلمّا قضى نحبه وجد ريحها في مصرعه، فالتمست فلم ير لها أثر، فبقي ريحها بعد الحسين، و لقد زرت قبره فوجدت ريحها تفوح من قبره، فمن أراد ذلك من شيعتنا الزائرين للقبر فليلتمس ذلك في أوقات السحر فانّه يجده اذا كان مخلصا .
و روي في أمالي المفيد النيسابوري عن الرضا (عليه السلام) انّه قال: عرى الحسن و الحسين عليهما السّلام و ادركهما العيد فقالا لأمهما: قد زينوا صبيان المدينة الّا نحن فما لك لا تزينينا؟ فقالت: ثيابكما عند الخياط فاذا أتاني زينتكما.
فلمّا كانت ليلة العيد أعادا القول على أمهما فبكت و رحمتهما، فقالت لهما ما قالت في الاولى، فردا عليها، فلمّا أخذ الظلام قرع الباب قارع فقالت فاطمة: من هذا؟ قال: يا بنت رسول اللّه أنا الخياط جئت بالثياب، ففتحت الباب فاذا رجل و معه من لباس العيد، قالت فاطمة: و اللّه لم أر رجلا أهيب شيمة منه.
فناولها منديلا مشدودا ثم انصرف، فدخلت فاطمة ففتحت المنديل فاذا فيه قميصان و دراعتان و سروالان و رداءان و عمامتان و خفان أسودان معقبان بحمرة، فأيقظتهما و ألبستهما و دخل رسول اللّه (صلى الله عليه واله)و هما مزينان فحملهما و قبلهما، ثم قال:
رأيت الخياط؟ قالت: نعم يا رسول اللّه و الذي أنفذته من الثياب، قال: يا بنية ما هو خياط إنمّا هو رضوان خازن الجنة، قالت فاطمة: فمن أخبرك يا رسول اللّه؟ قال: ما عرج حتى جاءني و أخبرني بذلك‏ .
و قريبا منه ما روي في المنتخب انّه: جاء الحسنين الى النبي (صلى الله عليه واله)يوم عيد و طلبا منه لباس العيد، فهبط جبرئيل (عليه السلام) بحلتان بيضاوتان، فلما رأيا الحلتان أرادا أن يكونا متلونتين، فدعى (صلى الله عليه واله)بطست و صب جبرئيل الماء فيه فأراد الحسن (عليه السلام) اللون الاخضر و أراد الحسين (عليه السلام) اللون الأحمر، فبكى جبرئيل و أخبر النبي (صلى الله عليه واله)بشهادتهما و قال: اعلم يا رسول اللّه ان اختيار ابنيك على اختلاف اللون فلا بد للحسن أن يسقوه السم و يخضر لون جسده من عظم السم و لا بد للحسين أن يقتلوه و يذبحوه و يخضب بدنه من دمه فبكى النبي و زاد حزنه بذلك‏ .
و روى العياشي و غيره انّه: مرّ الحسين بن عليّ (عليه السلام) بمساكين قد بسطوا كساء لهم فالقوا عليه كسرا فقالوا: هلمّ يا ابن رسول اللّه، فثنّى وركه فاكل معهم.
ثم تلا { إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} [النحل: 23] ‏، ثم قال: قد أجبتكم فأجيبوني، قالوا: نعم يا ابن رسول اللّه، فقاموا معه حتى أتوا منزله فقال للرباب‏ : أخرجي ما كنت تدّخرين‏ .