ادلة امامته عليه السلام
فضائل الامام عليه السلام و مناقبه

الرحمة : كلمة تقع على القلب موقع الاطمئنان والسرور والمحبّة , وهي خلقٌ إنسانيّ أوجب الله تعالى ـ وهو أرحم الراحمين ـ أن يرحم من تخلّق به ؛ إذ الرحمة من أخلاقه سبحانه (عزّ وجلّ) ؛ ولذا نسمع رسول الله , نبيّ الرحمة (صلّى ‏الله عليه وآله) يقول : (( الراحمون يرحمهمُ الرحمنُ يومَ القيامة . ارحمْ مَن في الأرض يرحمْك مَن في السماء ))(1) .
وجاء رجلٌ فقال له : أحبّ أن يرحمني ربّي . فقال له المصطفى‏ (صلّى‏ الله عليه وآله) : (( ارحم نفسَك , وارحم خلْقَ الله يرحمْك الله ))(2) .
أمّا أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقد كان له كلمات اُخرى تدعو إلى‏ الرحمة وترغّب فيها , وتبيّن عوائدها الطيّبة , من ذلك قوله (سلام الله عليه) : (( أحْسِن يُحسَنْ إليك . ارحم تُرحم(3) . اِرحم مَن دونَك يرحمْك مَن‏ فوقَك , وقس سهوه بسهوك , ومعصيته بمعصيتك لرّبك , وفقرَه إلى‏ رحمتك بفقرك إلى‏ رحمة ربّك(4) . عجبت لمَن يرجو رحمة من فوقه كيف
لا يرحم‏ من دونه ))(5) .
وفي موجبات الرحمة الإلهيّة قال (عليه أفضل الصلاة والسّلام) : (( ببذل الرحمة تستنزل الرحمة(6) . رحمة الضعفاء تستنزل الرحمة(7) . أبلغُ ما تُستدرُّ به الرحمة أن تضمر لجميع الناس الرحمة ))(8) .
وهذا خلق الأنبياء والأوصياء , وقد كان رسول الله (صلّى‏ الله عليه وآله) أرحم الناس بالناس , فنصح لهم وهداهم سبيل الخير والصلاح , ودعاهم إلى‏ السّلام والأخلاق الطيّبة , وأخذ بأيديهم إلى‏ سعادة الدنيا والآخرة , إلاّ من أبى‏ , حتّى‏ قال الله تعالى‏ فيه : {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة : 128] . {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } [الأنبياء : 107] .
فكان من أوصافه (صلّى‏ الله عليه وآله) أنّه يشقُّ عليه ضرُّ الناس أو هلاكهم , وأنّه حريصٌ عليهم جميعاً ؛ من مؤمنٍ أو غير مؤمن , وأنّه رؤوفٌ رحيمٌ بالمؤمنين منهم خاصّة . وكان (صلّى‏ الله عليه وآله) رحمةً لأهل الدنيا ؛ لأنّه أتى‏ بدين فيه سعادتهم , وهو القائل : (( إنّما أنا رحمةٌ مهداة ))(9) .
وتلك سيرته الشريفة العاطرة تشهد برحمته التي طبّقت الآفاق , وشملت الناس جميعاً , فكان يحنو على‏ الأطفال واليتامى‏ والأرامل , والفقراء والمساكين , ويشفق على‏ الصبيان والبنات , والمظلومين والمحرومين , ويرحم أصحابه والمخالفين , ويدعوهم بأخلاقه العظيمة إلى‏ الهداية من الضلال , والنور من الظلمات حتّى‏ عُرف بالعفو والصفح والمواساة , وتطييب الخواطر وجبر القلوب , والمسح بيد الرحمة على‏ رؤوس اليتامى‏ وصدور المحزونين وجراح المكلومين .
ومِن بعده كان وريثه وسبطه الحسين (سلام الله عليه) مقتفياً آثاره الشريفة في كلّ خلُقٍ فاضلٍ كريم ؛ فوعظ الناسَ كجدّه المصطفى‏ (صلّى ‏الله عليه وآله) لينقذهم من الظلمات إلى‏ النور , ويخلّصهم من شِراك الشياطين , وأسرِ ظلمة السلاطين الذين يأخذون بأيديهم إلى‏ مهاوي الجحيم .
وقد مدَّ سيّد شباب أهل الجنّة (صلوات الله عليه) على‏ الناس يد الرحمة فشمل القاصي والداني , والعدوَّ والصديق , والمخالف والمؤالف ؛ لأنَّ الله تبارك وتعالى‏ بَرٌّ رحيم , وقد دعاه إلى‏ ذلك ؛ فأغاث الملهوف , وأدخل على‏ قلب المحزون السرور , وتفقّد المحرومين والمعوزين , وعاد المرضى‏ , ومسح على‏ آلام المحرومين والمظلومين فأبرأها , وعلى‏ عيون المضلَّلين فبصّرها , وعلى‏ آذان المغفّلين فأسمعها كلماتِ الهداية والرشد , وعلى‏ صدر المفجوعين فسكّنها وطمأنها .
وكان من رحمته على‏ المؤمنين أن ذرف عليهم دموعه حزينةً ساخنةً سخيّة , ثمّ شفعها بكلمات هي بلسم العليل , وهديّة الخليل , والماء البارد على‏ جمرة الغليل . فحين اشتدّ بولده عليّ الأكبر (عليه السّلام) [العطش] رجع إلى‏ أبيه الحسين (سلام ‏الله عليه) يستريح , فلمّا ذكر له ما أجهده من العطش بكى‏ الحسين‏ (عليه السّلام) , وقال : (( وا غوثاه ! ما أسرع الملتقى‏ بجدّك فيسقيك بكأسه شربةً لا تظمأ بعدها )) .
ثمّ أخذ لسان ولده فمصّه , ودفع إليه خاتمة ليضعة في فيه . فعاد (عليٌّ) إلى‏ الميدان مبتهجاً بالبشارة حتّى‏ قَتل عدداً كبيراً من أعداء الله .
وبعد أن قُتل عبد الله بن مسلم بن عقيل حمل آل أبي طالب حملةً واحدة , فصاح بهم الحسين (عليه السّلام) : (( صبراً على‏ الموت يا بني عمومتي , والله لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم ))(10) .
النداء الحسينيّ الرحيم يقع على‏ قلوبهم‏ موضعَ المُطَمْئِن المسكِّن , فيصبّرهم ويشدّ عزائمهم على‏ الأمر العصيب .
وحين خرج ابن أخيه (القاسم بن الحسن) وهو غلام لم يبلغ الحلُم , نظر إليه الحسين (عليه السّلام) واعتنقه وبكى , نظر إليه وهو بقيّة أخيه السبط الشهيد أبي محمّد الحسن بن عليّ (عليه السّلام) , ولولا إصراره على‏ النزال ما أذن له (عليه السّلام) . ولكنَّ هذا الغلام الغيور لم يصبر أن يرى‏ أعداء الله يقتلون أولياء الله , حتّى‏ إذا استشهد قام عمّه على‏ رأسه وقال : (( بُعداً لقومٍ قتلوك ! خصمُهم يومَ القيامة جَدُّك )) . ثمّ قال : (( عزَّ والله على‏ عمّك أن تدعوَه فلا يُجيبك , أو يُجيبك ثمّ لا ينفعك ! )) . ثمّ احتمله فألقاه مع ولده عليّ الأكبر (عليه السّلام) .
ورفع طرفه إلى‏ السماء وقال : (( اللّهمّ أحصهم عدداً , ولا تغادر منهم أحداً , ولا تغفر لهم أبداً . صبراً يا بني عمومتي , صبراً يا أهل بيتي , لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً ))(11) .
ولمّا استُشهد أخوه أبو الفضل العبّاس (سلام‏ الله عليه) حضر عنده وبكى عليه .
لقد جاء الحسين (عليه السّلام) بهذا الركب القدسيّ من أهل بيته النجباء ليقدّمهم قرابين لله تعالى‏ ؛ فداءً لدينه الأقدس , ورحمةً بالاُمّة كي تنتفع بدمائهم , وائتماراً بما يريد الله تعالى‏ ويرضى‏ . وقد قال (عليه السّلام) : (( شاء الله أن يراني قتيلاً , ويرى‏ النساءَ سبايا )) .
هذا ما بلّغ به أخاه محمّدَ بن الحنفيّة , أمّا ما قاله لاُمّ ‏المؤمنين اُمّ ‏سلمة (رضوان الله عليها) فهو : (( يا اُمّاه , وأنا أعلم أنّي مقتولٌ مذبوح ظلماً وعدواناً , وقد شاء (عزّ وجلّ) أن يرى‏ حرمي ورهطي مشرَّدين , وأطفالي مذبوحين مأسورين مقيّدين , وهم يستغيثون فلا يجدون ناصراً ))(12) .
فقدّم الحسين (عليه السّلام) كلَّ شي‏ء لله ؛ لأجل أن تُسمِع صرختُه آذانَ النائمين والغافلين والذين خدّرتهم الدنيا ؛ فبتضحياته تلك استطاع أن يُثبت للاُمّة بأنَّ الخلافة بيد أعداء الإسلام , وأنَّ الدين في خطر , وأنَّ بني اُميّة لا يتورّعون عن تحريف الرسالة المحمّدية , وعن استئصال أهل بيت النبيّ (صلّى‏ الله عليه وآله) , وأهل بيت الوحي والرسالة , وعن التنكيل بحرم المصطفى‏ وبناته ؛ وبذلك عيّن الإمام الحسين (عليه السّلام) للاُمّة ـ رحمةً بها ـ تكليفها لتنجو بأدائه من غضب الله (عزّ وجلّ) .
ومن أجل ذلك قدّم أهل بيته وأصحابه حتّى‏ الطفل الرضيع ؛ فتقدّم وهو يتأذّى‏ لعويل الأيامى‏ وصراخ الأطفال , فأمر عياله بالسكوت وودّعهم , وتقدّم يقتل بسيفه أعداء الله حتّى‏ أردى منهم جمعاً كثيراً , ثمّ عاد إلى‏ عياله يودّعهم ثانياً , ويأمرهم بالصبر قائلاً لهم : (( استعدّوا للبلاء , واعلموا أنَّ الله تعالى‏ حاميكم وحافظكم , وسينجيكم من شرّ الأعداء , ويجعل عاقبةَ أمركم إلى‏ خير , ويعذّب عدوَّكم بأنواع العذاب , ويعوّضكم عن هذه البليّة بأنواع النعم والكرامة ؛ فلا تشكو , ولا تقولوا بألسنتكم ما يُنقص مِن قدْركم ))(13) .
كلمات نزلت منزل الرحمة على‏ النفوس الحزينة , ومنزل الطمأنينة على‏ القلوب الخائفة الوجلة ؛ فسكّن بها روعتهنّ , وبلّ غلّتهن . ثمّ التفت (عليه السّلام) إلى‏ ابنته سكينة فرآها منحازةً عن النساء , باكية معولة , فوقف عليها مصبّراً ومسليّاً .
يقول الشيخ التستري : الملاطفة من الآباء مع الأولاد مستحبّ خاصّة , ولتفريح البنات خصوصيّةٌ في الفضيلة . وقد تحقّق ذلك من الحسين (عليه السّلام) بأحسن وجوهه , وأراد ذلك بتسلية ابنته الصغيرة سكينة , أراد أن يفرّحها بتقبيل وجهها ومسح رأسها وتسليتها , فما تزداد بهذه إلاّ غصّةً وحزناً .
وقيل : فضمّها الحسين (عليه السّلام) إلى‏ صدره الشريف , وقبّلها ومسح دموعها بكُمّه , وقال :
سيطول بعدي يا سكينةُ فاعلمي‏ منك البكاءُ إذا الحِمام دهاني‏
لا تُحرقي قلبي بدمعِكِ حسرةً مادام منّي الروحُ في جثماني‏
فإذا قُتلتُ فأنتِ أَولى‏ بالذي‏ تأتينه يا خيرة النسوانِ(14)
ولقد ترك الحسين (عليه السّلام) آثار رحمته الأبويّة عليها , فعاشت بعده أكثر من ستّين عاماً لا تنساه , ولا تنسى‏ دروس الصبر والوفاء .
وكذلك ترك على‏ اُخته زينب (عليها السّلام) آثاراً من الصبر الجميل حين عزّاها وأوصاها في كربلاء , قائلاً لها : (( يا اُختاه , تعزَّي بعزاء الله ؛ فإنّ سكّان السماوات يفنون , وأهل الأرض كلّهم يموتون , وجميع البريّة يهلكون ))(15) .
فزرع في قلبها الصبر والثبات ورباطة الجأش , فنهضت بأعباء مسؤوليّاتٍ تنوء من حملها الجبال الرواسي , وتحمّلت مصائب وآلاماً تنهدّ لهولها عزائم الرجال الأشدّاء ؛ فهي التي شهدت واقعة الطفّ بكلّ مآسيها وفجائعها , ومصائبها ونكباتها , وعانت الجوع والعطش .
وكُلّفت بجمع الأرامل واليتامى‏ , وانتشال الأطفال من تحت حوافر الخيل , وستر العيال في خيمة , والأسر إلى‏ الكوفة والشام مربّطين بالحبال هديةً إلى‏ الطاغية عبيد الله بن زياد ويزيد بن معاوية , والسفر إلى‏ المدينة بعد وقوفٍ حزين في كربلاء يوم أربعينيّة أبي عبد الله الحسين (صلوات الله عليه) ؛ تبكي عليه وعلى إخوتها , وولدَيها وأولاد إخوتها , وبني عمومتها والخلّص من الأصحاب الشهداء الأبرار .
وفي المدينة أبلت البلاء الحسن في عرض وقائع فاجعة الطفّ العظمى‏ ؛ فألهبت العواطف , وألّبت القلوب , وخلقت ثورةً في المدينة بانت فيما بعد آثارها , فتُرجمت إلى‏ ثوراتٍ انفجرت ضدّ الحكم الاُمويّ حتّى‏ زلزلته ودمّرته .
وهكذا تستحقّ أن توصف بما وصفتها الزيارة الزينبيّة : (( سلامٌ على‏ مَن ناصرتِ الحسينَ في جهادِه , ولم تضعفْ عزيمتُها بعد استشهادِه . سلامٌ على‏ قلبِ زينب الصبور , ولسانِها الشكور . سلامٌ على‏ مَن تظافرت عليها المصائبُ والكروب , وذاقت من النوائب ما تذوب منها القلوب . سلامٌ على‏ مَن تجرّعت غصصَ الآلامِ والمآسي , وما لا تقوى‏ على‏ احتمالها الجبالُ الرواسي ؛ فأصبحت للبلايا قِبلتَها , وللرزايا كعبتَها . سلامٌ على‏ مَن شاطرت اُمَّها الزهراء في ضروب المحنِ والأرزاء , ودارت عليها رحى‏ الكوارث والبلاء يوم كربلاء . سلامٌ على‏ من عجبت من صبرها ملائكة السماء , سلامٌ على‏ من فُجعت بجدّها وأبيها , واُمّها وبنيها , والخيرة من أهلها وذويها )) .
ولا نستطيع أن نقول : إنَّ ذلك دون أن تسعفها الرحمة الحسينيّة بالرعاية والتوجيه , وشدِّ القلب على‏ الصبر , والتسليم لله (عزّ وجلّ) والرضا‏ عنه , حتّى‏ إذا قال لها عبيد الله بن زياد : كيف رأيتِ فعْلَ الله بأهلِ بيتك ؟ أجابته قائلة : ما رأيتُ إلاّ جميلاً ؛ هؤلاءِ قومٌ كتب الله عليهمُ القتل فبرزوا إلى‏ مضاجعهم , وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجّ وتخاصم , فانظر لمَنِ الفلجُ يومئذٍ , ثكلتك اُمّك يابن مرجانة !
ونعود إلى‏ الشيخ جعفر التستريّ لنسمع منه مقالته في الرحمة الحسينيّة , حيث يقول : (باب ردّ العادية وإغاثة اللهيف) , له (عليه السّلام) من هذين المستحبّين ما لم‏ يتحقّق لغيره منذ صارت من المستحبّات ؛ فقد ردّ العادية لمّا صرخن النساء حين الإحاطة بهنّ بأحسن ردّ , فقال لهم : (( اقصدوني بنفسي , يعني اشتغلوا بضربي بالسيوف ورميي بالسهام , واتركوا حرمي )) .
وقد أغاث اللهيف لاثنين وسبعين مغيثاً من أصحابه حين كانوا ينادونه إذا صُرعوا ليحضر عندهم , فأغاثهم كلَّهم , وسبعةً وعشرين مغيثاً من أهل بيته .
(باب إدخال السرور على‏ المؤمن , وزيارة المؤمن) , وهما من أفضل الأعمال كما في الروايات , وقد سعى‏ (عليه السّلام) في إدخال السرور على‏ المؤمنين والمؤمنات في ذلك اليوم بتسلياتٍ وملاطفات , وأمر بالصبر ومواعظ نحو ذلك ...
(باب عيادة المريض) التي ورد فيها أنَّ عيادة المريض بمنزلة عيادة الله (جلّ جلاله) , ولقد ظهر منه عيادةٌ للمريض والمجروحين حين دعَوه إليهم ليعودهم , فلم يكتفِ بمحض المجي‏ء والجلوس عندهم , بل كان يخصّ بعضهم بملاطفاتٍ خاصّة , وخصوصاً الغرباء منهم ؛ كالعبد الأسود , والغلام التركيّ الذي جاء إليه ووجده قتيلاً ... .
لقد كان من رحمة الإمام الحسين (عليه السّلام) أنّه كان يخفّف آلام المؤمنين , ويشدّ على‏ قلوب أهل الابتلاء برباط الصبر والتوكّل ؛ فلمّا نُفي اُبو ذرّ ـ الصحابيّ الجليل (رضوان الله عليه) ـ إلى‏ الربذة بأمر عثمان الذي منع الناسَ أن يودّعوه ويشيّعوه , خرج الإمام عليّ وولداه الحسن والحسين (سلام الله عليهم) إلى‏ أبي ذرّ وودّعوه وشيّعوه , وقالوا له كلمات كانت من بينهنّ كلمة الإمام الحسين (عليه السّلام) :
(( يا عمّاه , إنَّ الله قادرٌ أن يغيّر ما قد ترى‏ , والله كلَّ يوم هو في شأن , وقد منعك القومُ دنياهم ومنعتَهم دينَك , فما أغناك عمّا منعوك , وأحوجهم إلى‏ ما منعتهم ! فاسأل الصبرَ والظفر , واستعذ به من الجشع والجزع ؛ فإنَّ الصبر من الدين والكرم , وإنَّ الجشع لا يقدّم رزقاً ولا يؤخّر أجلاً ))(16) .
أو في رواية البرقيّ في المحاسن / 353 , ح 45 , عن أبي عبد الله الصادق (عليه السّلام) قال : (( لما شيّع أمير المؤمنين (عليه السّلام) أبا ذرّ , وشيّعه الحسن والحسين (عليهما السّلام) , وعقيل بن أبي طالب وعبد الله بن جعفر وعمّار بن ياسر (رض) , قال لهم أمير المؤمنين (عليه السّلام) : ودّعوا أخاكم ؛ فإنّه لا بدّ للشاخص من أن يمضي , وللمشيّع من أن يرجع )) .
قال : (( فتكلّم كلّ رجل منهم على‏ حياله , فقال الحسين بن عليّ (عليه السّلام) : رحمك الله يا أبا ذرّ , إنّ القوم إنّما امتهنوك بالبلاء لأنّك منعتَهم دينَك فمنعوك دنياهم , فما أحوجك غداً إلى‏ ما منعتَهم , وأغناك عمّا منعوك !
فقال أبو ذرّ (رحمه الله) : رحمكم الله مِن أهل بيت , فما لي في الدنيا من شجنٍ غيركم , إنّي إذا ذكرتُكم ذكرتُ رسولَ الله (صلّى‏ الله عليه وآله) )) .
عباراتٌ هي بلسمٌ شافٍ لجراحات أبي ذرّ , قوّمتْه وشدّت عزيمته , وصبّرتْه وقوّت شكيمته , فواصل جهاده ؛ جهاد الكلمة الحقّة العادلة , لا تأخذه في الله لومة لائم حتّى‏ تُوفّي وفيّاً للإسلام , ناصحاً مخلصاً للمسلمين .
وكتب الإمام الحسين (عليه السّلام) إلى‏ عبد الله بن العبّاس حين سيّره عبد الله‏ بن الزبير إلى‏ اليمن(*) : (( أمّا بعد , بلغني أنّ ابن الزبير سيّرك إلى الطائف , فرفع الله لك بذلك ذكراً , وحطَّ به عنك وزراً , وإنّما يُبتلى الصالحون . ولو لم تُؤجر إلاّ فيما تحب لقلّ الأجر . عزم الله لنا ولك بالصبر عند البلوى , والشكر عند النعمى , ولا أشمت بنا ولا بك عدوّاً حاسداً أبداً . والسّلام ))(17) .
هذه هي الرحمة الحسينيّة , ولكن لنذهب إلى‏ كربلاء لنجدها صوراً تتجاوب معها اللواعج والدموع .
لمّا عرف الإمامُ الحسين (عليه السّلام) من أصحابه صدق النيّة والإخلاص في المفاداة دونه , أوقفهم على غامض القضاء بأنّه مقتولٌ غداً , وكلّهم مقتولون .
فقالوا بأجمعهم : الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك , وشرّفنا بالقتل‏ معك , أوَ لا ترضى‏ أن نكون معك في درجتك يابن رسول الله ؟! فدعا لهم بالخير , وكشف عن أبصارهم فرأوا ما حباهم الله من نعيم الجنان , وعرّفهم‏ منازلهم فيها .
ولمّا فرغ (عليه السّلام) من الصلاة يوم عاشوراء قال لأصحابه : (( يا كرام , هذه الجنّة قد فُتحت أبوابها , واتّصلت أنهارها , وأينعت ثمارها , وهذا رسول‏ الله والشهداء الذين قُتلوا في سبيل الله يتوقّعون قدومكم , ويتباشرون بكم ؛ فحاموا عن دين الله ودين نبيّه , وذُبّوا عن حرم الرسول )) .
فقالوا : نفوسُنا لنفسك الفداء , ولَدماؤُنا لدمك الوقاء , فو الله لا يصل إليك وإلى‏ حرمك سوءٌ وفينا عرقٌ يضرب .
إنّها الرحمة الحسينيّة تجعل المُرَّ شهداً .
وقف جون مولى‏ أبي ذرّ الغفاريّ أمام الحسين (عليه السّلام) يستأذنه , فقال (عليه السّلام) : (( يا جون , إنّما تبِعتَنا طلباً للعافية , فأنت في إذنٍ منّي )) .
فوقع جون على‏ قدميه يقبّلهما ويقول : أنا في الرخاء ألحس قصاعكم , وفي الشدّة أخذلكم ! إنَّ ريحي لَنتن , وحسبي لَلئيم , ولوني لأسود , فتنفّسْ عَلَيَّ بالجنّة ليطيبَ ريحي , ويشرف حسبي , ويبيَّض لوني . لا والله لا اُفارقكم حتّى‏ يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم .
فأذِنَ له الحسين (عليه السّلام) , فقتل خمساً وعشرين وقُتل , فوقف (عليه السّلام) وقال : (( اللّهمَّ بيّضْ وجهه , وطيّب ريحه , واحشره مع محمّد (صلّى‏ الله عليه وآله) , وعرّفْ بينه وبين آل محمّد (صلّى‏ الله عليه وآله) )) . فكان مَن يمرّ بالمعركة يشمُّ منه رائحةً طيّبةً أذكى‏ من المسك .
وكان أنس بن الحارث بن نبيه الكاهليّ شيخاً كبيراً , صحابيّاً رأى‏ النبيّ (صلّى‏ الله عليه وآله) وسمع حديثه , وشهد معه بدراً وحنيناً , فاستأذن الحسين (عليه السّلام) وبرز شادّاً وسطه بالعمامة , رافعاً حاجبيه بالعصابة , ولمّا نظر إليه الحسين (عليه السّلام) بهذه الهيئة بكى‏ وقال : (( شكر الله لك يا شيخ )) . فقتل على‏ كبره ثمانية عشر رجلاً وقُتل .
ولمّا استُشهد جُنادة الأنصاري جاء ابنه عمرو ـ وهو ابن إحدى‏ عشرة سنة ـ يستأذن الإمامَ الحسين (عليه السّلام) , فأبى‏ وقال : (( هذا غلامٌ قُتِلَ أبوه في الحملة الاُولى‏ , ولعلَّ اُمّه تكره ذلك )) .
فقال الغلام : إنَّ اُمّي أمرتني .
فأذن له فقُتل , فأخذت اُمُّه عموداً , وقيل : سيفاً , فردَّها الحسينُ (عليه السّلام) إلى‏ الخيمة بعد أن أصابت بالعمود رجلين وهي تنشئ :
إنّي عجوزٌ في النِّسا ضعيفهْ خاويةٌ باليةٌ نحيفهْ
أضربكم بضربةٍ عنيفهْ دون بني فاطمة الشريفهْ (18)
وقال (عليه السّلام) لبشر بن عمرو بن الأحدوث الحضرمي : (( إنَّ ابنك قد اُسِر في ثغر الريّ )) .
فقال بشر : عند الله أحتسبه ونفسي .
فلمّا سمع الحسين (عليه السّلام) مقالته قال : (( رحمك الله , أنت في حلٍّ من بيعتي , فاذهب واعمل في فكاك ابنك )) .
قال بشر : أكلتني السباع حيّاً إن أنا فارقتك .
فقال (عليه السّلام) له : (( فأعطِ ابنَك محمّداً هذه الأثواب البرود ـ وكان معه ـ ليستيعن بها في فكاك أخيه )) . وأعطاه خمسة أثوابٍ قيمتها ألف دينار , وقُتل بشر في الحملة الاُولى(19) .
ولا تقف الرحمة الحسينيّة عند حدّ , فبعد شهادة القاسم (عليه السّلام) برز أخوه أحمد بن الحسن , فقاتل حتّى‏ أخذه العطش , فنادى‏ : يا عمّاه ! هل من شربة ماء ؟
فقال له الحسين (عليه السّلام) : (( يابن أخي , اصبر قليلاً حتّى‏ تلقى‏ جدّك رسول‏ الله (صلّى‏ الله عليه وآله) فيسقيك شربةً من الماء لا تظمأ بعدها أبداً ))(20) .
فرجع الغلام وقاتل صابراً متصبّراً بكلمة عمّه الحسين (سلام الله عليه) .
ولمّا سقط الإمام الحسين (عليه السّلام) بعد جراحات لا يقوى‏ معها على‏ قيام , نظر إليه ابن أخيه عبد الله بن الحسن السبط (عليه السّلام) , وله إحدى‏ عشرة سنة , وقد أحدق به القوم , فأقبل يشتدّ نحو عمّه , وأرادت زينب حبسه فأفلت منها , وجاء إلى‏ عمّه , فأهوى‏ بحرُ بن كعب بالسيف ليضرب الحسين فصاح الغلام : يابن الخبيثة ! أتضرب عمّي ؟!
فضربه , واتّقاها الغلام بيده فأطنّها إلى‏ الجلد , فإذا هي معلّقةٌ , فصاح الغلام : يا عمّاه ! ووقع في حِجر الحسين (عليه السّلام) , فضمّه إليه وقال : (( يابن أخي , اصبر على‏ ما نزل بك , واحتسب في ذلك الخير ؛ فإنّ الله تعالى‏ يلحقك بآبائك الصالحين )) .
فرمى‏ الغلامَ حرملةُ بن كاهل بسهمٍ فذبحه وهو في حجر عمّه .
في حالةٍ كان يجود الحسين (عليه السّلام) بنفسه ضمَّ إليه ذلك الغلام , وصبّره بتلك الكلمات التي تُنسي الألمَ وشدّة الموقف . إنّها الرحمة الحسينيّة التي فاضت خيراً وإنسانيّة وكرماً لا على الإنسان فحسب , بل تعدّته إلى‏ البهائم .
فعند مبارزته اشتدّ به العطش , فحمل نحو الفرات على‏ عمرو بن الحجّاج فكشف جندَه , وكانوا أربعة آلاف , كشفهم عن الماء وأقحم الفرس الماء ليشرب .
وأكثر من ذلك ما رواه الطبريّ , حيث ذكر في تاريخه : فبعد أن طلع عليهم الحرّ الرياحيّ مع ألف فارس بعثه ابن زياد ليحبس الحسين عن الرجوع إلى‏ المدينة أينما وجده , أو يقْدم به الكوفة , فوقف الحرُّ وأصحابه مقابل الحسين في حَرِّ الظهيرة.
قال الطبريّ : فلمّا رأى‏ سيّدُ الشهداء ما بالقوم (أي الحُرّ وأصحابه) من العطش أمر أصحابه أن يسقوهم ويرشّفوا الخيل , فسقوهم وخيولَهم عن آخرهم , ثمّ أخذوا يملؤون القصاع والطساس ويُدنونها من الفرس , فإذا عبّ فيها ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً عُزلت وسُقي آخر حتّى‏ سقوا الخيل كلّها .
وكان عليُّ بن الطعان المحاربيّ مع الحرّ , فجاء آخرَهم وقد أضرَّ به العطش , فقال الحسين (عليه السّلام) : (( أنخِ الراوية )) . وهي الجمل بلغة الحجاز , فلم ‏يفهم مراده , فقال (عليه السّلام) : (( أنخِ الجمل )) . ولمّا أراد أن يشرب جعل الماءُ يسيل من السقاء , فقال له الإمام الحسين (عليه السّلام) : (( أخنث السقاء )) . فلم ‏يَدْرِ (عليّ بن الطعان) ما يصنع ؛ لشدّة العطش , فقام (عليه السّلام) بنفسه وعطف السقاء حتّى‏ ارتوى‏ وسقى‏ فرسه .
وهذه هي الرحمة الحسينيّة العجيبة , فبيده الشريفة يسقي البهائم الظامئة , وبيده الكريمة يقدّم الماء في البيداء المقفرة إلى‏ العطاشى‏ من أعدائه الذين سيشهرون سيوفهم غداً عليه , بل سيبضّعونه بها وهو يعلم ذلك , لكنَّ الرحمة تمنعه من الانتقام منهم وإجراء القصاص قبل الجناية .
وهذا هو الذي أيقظ في الحرّ بن يزيد الرياحيّ حالة الندم والتوبة , متأثّراً برحمة الإمام الحسين (عليه السّلام) , وهذا هو الذي جعل الأجيال تحبّ الإمام الحسين (عليه السّلام) وتُجلُّه وتقدُّسه ؛ لأنّه رجل المكارم , ورجل الأخلاق الفاضلة التي تترفّع ولا تمدّ إلى‏ الناس إلاّ يد رحمة حتّى‏ تشمل الخيول , خيول الأعداء .
قال الشيخ التستري : (باب سقي الماء) , والظاهر أنّه مستحبّ حتّى‏ للكفّار في حال العطش , وللبهائم , وواجبٌ في بعض الأوقات , وأجره أوّل أجرٍ يُعطى يومَ القيامة . وقد تحقّق من الإمام الحسين (عليه السّلام) أنواع السقي كلّها حتّى‏ السقي للمخالفين له , والسقي لدوابّهم بنفسه النفيسة , وسقي ذي الجناح , فقال له : (( اشرب وأنا أشرب ... )) .
(باب الإطعام) , وكفى‏ في فضله أنَّ الخلاص من العقبة قد حُمل عليه في الآية الشريفة : {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ } [البلد : 11 - 16].
قال الإمام السجّاد (عليه السّلام) : (( قُتل ابن رسول الله جائعاً , قُتل ابن رسول‏ الله عطشانَ ))(21) .
أجل , فذلك الرجل العطوف الشفيق الرحيم يُقتل , ويُقتل عطشانَ بعد أن سقى‏ الناس حتّى‏ أعداءه , وحتّى‏ البهائم التي ركبوها للكرّ عليه وقتلِه . وذلك الرجل الطيّب الذي طالما أشبع الجياع قُتل , وقُتل ساغباً جائعاً , وكانت يده السخيّة تحمل الطعام والماء كلَّ ليلةٍ إلى‏ الفقراء والمساكين , والأيتام والاُسَرِ
الأبيّة , حتّى‏ ترك ذلك أثراً على‏ ظهره , فسُئل الإمام زين العابدين (عليه السّلام) عن ذلك , فقال : (( هذا ممّا كان ينقل الجرابَ على‏ ظهره إلى‏ منازل الأرامل واليتامى‏ والمساكين ))(22) .
إلاّ أنَّ هذا الظهر العطوف قد عملت فيه سيوفُ ورماح وسهام أعداء الله عملَها , ثمّ جاءت خيولهم فداسته . وذلك الصدر الرحيم الذي حمل هموم المحرومين , وفاض بالحنان على‏ اليتامى‏ والمساكين , وجاد على‏ الناس حتّى‏ العدوّ منهم بالنصيحة والموعظة لم‏ يدّخر من ذلك شيئاً , قد هشّمته السيوفُ وسنابك الخيل .
وذلك الوجه النوريّ المقدّس الذي سجد لله طويلاً , وبكى‏ على‏ آلام الناس طويلاً فُصلِ عن البدن ورُفع على‏ الرمح ؛ تشفّياً ونكالاً , ولم يستحِ العدوُّ وقد رأى‏ الحسينَ (عليه السلامُ) يبكي , فسُئل عن ذلك وهو في ساحة الطفّ , فأخبر بأنّه يبكي على‏ أعدائه حيث احتشدوا عليه يريدون قتله , وبذلك يدخلون النار بانتهاك حرمته .
لقد كان منهم ما تتفطّر له السماوات وتنهدّ الجبال ؛ حيث :
فرى‏ الغيُّ نحراً يَغبطُ البدرُ نورَه‏ وفي كلِّ عِرقٍ منه للحقِّ فرقدُ
وهشّمَ أضلاعاً بها العطفُ مودَعٌ‏ وقطّع أنفاساً بها اللطفُ موجَدُ(23)
ــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار 77 / 167 .
(2) كنز العمال ـ الخبر 44154 .
(3) بحار الأنوار 77 / 383 .
(4) غرر الحكم / 66 .
(5) غرر الحكم / 218 .
(6) غرر الحكم / 148 .
(7) غرر الحكم / 187 .
(8) غرر الحكم / 99 .
(9) تفسير نور الثقلين 3 / 466 ح 197 .
(10) مقتل الحسين (عليه السّلام) ـ للخوارزمي 2 / 78 , واللهوف / 64 , تاريخ الطبريّ 6 / 256 .
(11) مقتل الحسين (عليه السّلام) للخوارزمي 2 / 28 .
(12) مدينة المعاجز ـ للبحرانيّ / 244 .
(13) جلاء العيون ـ للعلاّمة المجلسي .
(14) مقتل أبي مخنف / 132 .
(15) زينب الكبرى (عليها السّلام) / 119 .
(16) الروضة من الكافي ـ للشيخ الكليني / 207 .
(*) هكذا وردت العبارة هنا مأخوذة عن الحراني في تحف العقول , وحينما راجعنا المصدر الأساس وجدناها كما نقلها الأخ المؤلِّف , ولكن الغريب أننا لم نجد أي مؤرخ يذكر تسيير ابن الزبير لعبد الله بن العباس أيام الإمام الحسين (عليه السّلام) , وإنما أجمع المؤرّخون على أن هذا التسيير قد وقع بعد شهادة الإمام (عليه السّلام) , بل بعد ثورة المختار سنة (66) للهجرة ؛ وعليه فلا يمكن قبول ما ذُكر . اللهمّ إلاّ إذا قلنا : بأنّ هذا الكتاب هو من الإمام السجاد (عليه السّلام) لابن عباس , فحينها يمكن تصحيح الرواية على هذا القول . (موقع معهد الإمامين الحسنين)
(17) تحف العقول / 177 .
(18) مقتل الحسين (عليه السّلام) ـ للخوارزميّ 2 / 22 .
(19) العيون العبرى‏ ـ للسيّد إبراهيم الميانجيّ / 111 .
(20) مقتل أبي مخنف / 126 .
(21) الخصائص الحسينيّة / 33 .
(22) المناقب 4 / 66 .
(23) من قصيدة للسيّد صالح ابن العلاّمة السيّد مهدي بحر العلوم .