ادلة امامته عليه السلام
فضائل الامام عليه السلام و مناقبه

أقول و الله الموفق للصواب إن علوم أهل البيت (عليهم السلام) لا تتوقف على التكرار و الدرس ولا يزيد يومهم فيها على ما كان في الأمس ولا يعلمونها بالقياس والفكر والحدس لأنهم المخاطبون في أسرارهم المكلمون بما يسألونه قبل ارتداد النفس فسماء معارفهم و علومهم بعيدة عن الإدراك و اللمس فمن أراد ستر فضائلهم كان كمن أراد ستر وجه الشمس وهذا مما يجب أن يكون ثابتا مقررا في النفس فهم يرون عالم الغيب في عالم الشهادة و يقفون على حقائق المعارف في خلوات العبادة و تناجيهم أفكارهم في أوقات أذكارهم بما تسنموا به غارب الشرف و السيادة و يحصلون بصدق توجههم إلى جنات القدس ما بلغوا به منتهى السؤال و الإرادة فهم كما في نفوس أوليائهم و محبيهم و زيادة فما تزيد معارفهم في زمان الشيخوخة على معارفهم في زمان الولادة فهم خيرة الخير وزبدة الحقب وواسطة القلادة و هذه أمور تثبت لهم بالقياس و النظر و مناقب واضحة الحجول بادية الغرور و مزايا تشرق إشراق الشمس والقمر وسجايا تزين عنوان التواريخ وعيون السير فما سألهم مستفيد أو ممتحن فوقفوا ولا أنكر منكر أمرا من أمور الدين إلا علموا و عرفوا و لا جروا مع غيرهم في مضمار شرف إلا سبقوا و قصر مجاروهم و تخلفوا سنة جرى عليها الذين تقدموا و أحسن اتباعهم الذين خلفوا وكم عانوا في الجلاد و الجدال أمورا فتلقوها بالرأي الأصيل و الصبر الجميل و ما استكانوا و لا ضعفوا فلهذا و أمثاله سموا على الأمثال و شرفوا.
فأيهم اعتبرت أحواله و تدبرت أقواله و شاهدت جلاده و جداله وجدته فريدا في مآثره وحيدا في مزاياه و مفاخره مصدقا قديم أوله بحديث آخره فقد أفرغوا في قالب الكمال و تفردوا بجميل الخلال و ارتدوا مطارف المجد و الجلال و قالوا فأبانوا و بينوا تقصير كل من قال و أتوا بالإعجاز الباهر في الجواب و السؤال تقر الشقاشق إذا هدرت شقاشقهم و تصغي الأسماع إذا قال قائلهم أو نطق ناطقهم و يكثف الهواء إذا قيست به خلائقهم و يقف كل ساع عن شأوهم فلا تدرك غايتهم ولا تنال طرائقهم سجايا منحهم بها خالقهم و أخبر بها صادقهم فسر بها أولياؤهم و أصادقهم و حزن لها مبانيهم و مفارقهم فإنه ص أزال الشبهة و الالتباس وصرح بفضلهم لئلا يفتقر في إيضاحه إلى الدليل و القياس و نطق معلنا بشرفهم الداني الثمار الزاكي الغراس فقال لو سمع مقاله إنا بني عبد المطلب سادات الناس صلى الله عليه و عليهم أجمعين صلاة دائمة باقية إلى يوم الدين.
وقد حل الحسين (عليه السلام) من هذا البيت الشريف في أوجه و يفاعه و علا محله فيه علوا تطامنت النجوم عن ارتفاعه و اطلع بصفاء سره على غوامض المعارف فكشفت له الحقائق عند اطلاعه و سار صيته بالفواضل و الفضائل فاستوى الصديق و العدو في استماعه فلما اقتسمت غنائم المجد حصل على صفاياه و مرباعه فقد اجتمع فيه و في أخيه (عليه السلام) من خلال الفضل ما لا خلاف في اجتماعه و كيف لا يكونا كذلك و هما ابنا علي وفاطمة (عليها السلام) بلا فصل و سبطا النبي ص فأكرم بالفرع و الأصل و السيدان الإمامان قاما أو قعدا فقد استوليا على الأمد و حازا الخصل و الحسين (عليه السلام) هو الذي أرضى غرب السنان و حد النصل و غادر جثث الأعداء فرائس الكواسب بالهبر و القصل.