ادلة امامته عليه السلام
فضائل الامام عليه السلام و مناقبه

حديث الجام‏
و في أمالي أبو الفتح عن ابن عبّاس قال: كنّا جلوسا عند النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) إذ هبط عليه جبرئيل و معه جام من البلور الأحمر مملوّ مسكا و عنبرا فقال: السلام يقرئك السلام و يحييك بهذه التحيّة و يأمرك أن تحيي بها عليّا و ولديه، فلمّا صارت في كفّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) هلّلت ثلاثا و كبّرت ثلاثا و قال: بسم اللّه الرحمن الرحيم‏ {طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 1، 2] و حيّا بها عليّا، فلمّا صارت في كفّه قالت: بسم اللّه الرحمن الرحيم‏ {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55] , فاشتمها علي و حيّا بها الحسن، فلمّا صارت في كفّ الحسن قالت: بسم اللّه الرحمن الرحيم‏ {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [النبأ: 1، 2] ، فاشتمها [الحسن‏] و حيّا بها الحسين، فلمّا صارت في كفّه قالت: بسم اللّه الرحمن الرحيم‏ {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] ‏ ثمّ ردّت إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) فقالت: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35] ‏ فلم أدر أعلى السماء صعدت أم في الأرض نزلت‏ .
و في كتاب المعالم أنّ ملكا نزل من السماء فقعد على يد النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) و سلّم عليه بالنبوّة و على يد عليّ فسلّم عليه بالوصيّة و على يد الحسن و الحسين فسلّم عليهما بالخلافة، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله): لم لا تقعد على يد فلان؟
فقال: أنا لا أقعد على يد عصي عليها اللّه فكيف أقعد على يد عصت اللّه أربعين عاما؟.
أقول: المراد بفلان أبو بكر أو عمر .
و في كتاب الخصائص قال ابن عمر: كان للحسن و الحسين تعويذان حشوهما من زغب‏ جناح جبرئيل (عليه السّلام) لأنّه كان لآل محمّد و سادة لا يجلس عليها إلّا جبرئيل، فإذا قام عنها طويت، فكان إذا قام انتفض من زغبه فتلقطه فاطمة فتجعلها في تمايم الحسن و الحسين‏ .
و عنه (صلّى اللّه عليه و اله): إنّ الجنّة قالت: يا ربّ أسكنتني الضعفاء و المساكين، فقال اللّه تعالى: ألا ترضين إنّي زيّنت أركانك بالحسن و بالحسين، فماست كما تميس العروس فرحا.
و في كتاب المناقب عن أنس أنّ النبيّ دعى إلى الصلاة و الحسن متعلّق به فوضعه إلى جنبه و صلّى، فلمّا سجد أطال السجود، فرفعت رأسي من بين القوم فإذا الحسن إلى كتف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله)، فلمّا سلّم قال القوم: لقد طوّلت السجود كأنّما يوحى إليك؟
فقال: لم يوح إليّ ولكنّ ابني هذا ارتحلني، فكرهت أن أعجله حتّى يقضي حاجته‏ .
لعبة المداحي‏
و عن أبي رافع قال: كنت ألاعب الحسين و هو صبيّ بالمداحي، فإذا أصبت مدحاتي قلت احملني فيقول أتركب ظهرا حمله رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) فأتركه فإذا أصابت مدحاته مدحاتي قلت لا أحملك كما لم تحملني فيقول: أما ترضى أن تحمل بدنا حمله رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) فأحمله‏ .
أقول: المداحي أحجارا مثل القرصة كانوا يحفرون حفيرة و يدحون فيها بتلك الأحجار، فإن وقع الحجر فقد غلب صاحبها و إن لم يقع غلب.
و في كتاب كشف اليقين عن إسحاق بن سليمان الهاشمي عن أبيه قال: كنّا عند أمير المؤمنين هارون الرشيد فتذاكروا عليّ بن أبي طالب، فقال هارون: تزعم العوام إنّي أبغض عليّا و ولديه حسنا و حسينا و لا و اللّه ما ذلك كما يظنّون ولكن ولده هؤلاء طالبونا بدم الحسين معهم حتّى قتلنا قتله ثمّ أفضى هذا الأمر إلينا فحسدونا و خرجوا علينا فحلوا قطيعتهم، و اللّه لقد حدّثني أبي المهدي عن أبيه المنصور عن محمّد بن علي عن عبد اللّه بن عبّاس قال: بينما نحن عند رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) إذ أقبلت فاطمة تبكي قالت: إنّ الحسن و الحسين خرجا فما أدري أين سلكا، فقال: لا تبكين فداك أبوك فإنّ اللّه أرحم بهما ثمّ قال: اللّهمّ احفظهما و سلّمهما في البرّ و البحر.
فهبط جبرئيل فقال: يا أحمد لا تحزن هما فاضلان في الدّنيا و الآخرة و أبوهما خير منهما و هما في حظيرة بني النجّار نائمين و قد وكّل اللّه بهما ملكا يحفظهما، فقام و قمنا معه إلى الحظيرة، فإذا هما متعانقان فإذا الملك غطّاهما بأحد جناحيه فحمل النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) الحسن و أخذ الحسين الملك و الناس يرون أنّه حاملهما ثمّ قال: و اللّه لأشرفنّهما اليوم بما شرّفهما اللّه، فخطب فقال: أيّها الناس ألا أخبركم بخير الناس جدّا وجدّة؟
قالوا: بلى يا رسول اللّه.
قال: الحسن و الحسين جدّهما رسول اللّه و جدّتهما خديجة بنت خويلد، ألا أخبركم أيّها الناس بخير الناس أبا و امّا؟
قالوا: بلى يا رسول اللّه.
قال: الحسن و الحسين أبوهما عليّ بن أبي طالب و امّهما فاطمة بنت محمّد، ألا أخبركم أيّها الناس بخير النّاس عمّا و عمّة؟
قالوا: بلى يا رسول اللّه.
قال: الحسن و الحسين عمّهما جعفر بن أبي طالب و عمّتهما امّ هاني بنت أبي طالب، ألا أخبركم بخير الناس خالا و خالة؟
قالوا: بلى يا رسول اللّه.
قال: الحسن و الحسين خالهما القاسم بن رسول اللّه و خالتهما زينب بنت رسول اللّه ألا أنّ أباهما في الجنّة و امّهما في الجنّة و جدّهما في الجنّة و خالهما في الجنّة و خالتهما في الجنّة و عمّهما في الجنّة و عمّتهما في الجنّة و هما في الجنّة و من أحبّهما في الجنّة.
و روى أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) أتى بتمر من تمر الصدقة فجعل يقسمه، فلمّا فرغ حمل الصبي و قام فإذا الحسن في فيه تمرة يلوكها فسال لعابه عليه فدخل اصبعه في فيه و قال كخ كخ أما شعرت أنّ آل محمّد لا يأكلون الصدقة.
تعويذ الحسن و الحسين (عليهما السّلام)‏
و في الكافي عن الصادق (عليه السّلام) قال: رقى النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) حسنا و حسينا فقال: أعيذكما بكلمات اللّه التامّات و أسمائه الحسنى كلّها عامّة من شرّ السامّة و الهامة و من شرّ كلّ عين لامة و من شرّ حاسد إذا حسد، و قال: هكذا يعوّذ إبراهيم إسماعيل و إسحاق (عليهم السّلام).
و في التهذيب عنه (عليه السّلام): أنّ رسول اللّه كان في الصلاة و إلى جانبه الحسين بن عليّ فكبّر رسول اللّه فلم يحر الحسين بالتكبير ثمّ كبّر فلم يحر الحسين بالتكبير و لم يزل يعالجه التكبير فلم يحر حتّى أكمل سبع تكبيرات، فأحار الحسين التكبير في السابعة، فقال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): فصارت سنّة.
و عن أبي جعفر (عليه السّلام): ما ضرّ من أكرمه اللّه من شيعتنا ما أصابه في الدّنيا و لو لم يقدر على شي‏ء يأكله إلّا الحشيش.
و عن ابن شاذان بإسناده إلى سلمان قال: أتيت النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) فسلّمت عليه ثمّ دخلت على فاطمة فقالت: يا عبد اللّه هذان الحسن و الحسين جائعان يبكيان فاخرج بهما إلى جدّهما فحملتهما إليه فقال: ما لكما يا حسناي قالا: نشتهي طعاما يا رسول اللّه فقال: أطعمهما ثلاثا، فنظرت فإذا سفرجلة في يد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) شبيهة بقلّة من قلال هجر أشدّ بياضا من الثلج و ألين من؟؟ ففركها بإبهامه فصيّرها نصفين فدفع إلى كلّ واحد نصفا، فجعلت أنظر و أنا أشتهيها قال: لعلّك تشتهيها يا سلمان؟
قلت: نعم، قال: هذا طعام من الجنّة لا يأكله أحد حتّى ينجو من الحساب.
و روي أنّ الحسن و الحسين كانا يكتبان فقال الحسن للحسين: خطّي أحسن من خطّك، فقال الحسين: لا بل خطّي أحسن من خطّك، فقالا لفاطمة: احكمي بيننا فكرهت فاطمة أن تؤذي أحدهما فقالت لهما: سلا أباكما فسألاه فكره أن يؤذي أحدهما فقال: سلا جدّكما فسألاه فقال: لا أحكم بينكما حتّى أسأل جبرئيل.
فلمّا جاء جبرئيل قال: لا أحكم بينهما ولكن إسرافيل يحكم بينهما فقال إسرافيل: لا أحكم بينهما ولكن أسأل اللّه أن يحكم بينهما، فسأل اللّه تعالى ذلك فقال: لا أحكم بينهما ولكن امّهما فاطمة تحكم بينهما.
فقالت فاطمة: احكم بينهما يا ربّ و كانت لها قلادة فقالت لهما: أنا أنثر بينكما جواهر هذه القلادة فمن أخذ منها أكثر فخطّه أحسن فنثرتها، و كان جبرئيل في ذلك الوقت عند قائمة العرش، فأمره اللّه تعالى أن يهبط إلى الأرض و ينصف الجواهر بينهما كيلا يتأذّى أحدهما، ففعل ذلك جبرئيل إكراما لهما و تعظيما .
و عن عائشة قالت: كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) جائعا لا يقدر على ما يأكل فقال: هاتي ردائي فقلت: أين تريد؟
قال: إلى فاطمة ابنتي فانظر إلى الحسن و الحسين فيذهب بعض ما بي من الجوع فدخل على فاطمة فقال: أين ابناي؟
فقالت: خرجا من الجوع يبكيان فخرج النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) في طلبهما فرأى أبا الدرداء فقال (صلّى اللّه عليه و اله): يا عويمر هل رأيت ابنيّ؟
قال: نعم يا رسول اللّه نائمان في ظلّ حائط بني جدعان فانطلق إليهما فضمّهما و هما يبكيان و هو يمسح الدموع عنهما ثمّ قال: و الذي بعثني بالحقّ نبيّا لو قطر قطرة في الأرض لبقيت المجاعة في امّتي إلى يوم القيامة، فحملهما و هما يبكيان و هو يبكي فجاء جبرئيل فقال: ربّك يقرئك السلام و يقول: ما هذا الجزع؟
فقال: ما أبكي جزعا من ذلّ الدّنيا، فقال جبرئيل: إنّ اللّه تعالى يقول: أيسرّك أن أحوّل لك أحدا ذهبا و لا ينقص لك ممّا عندي شي‏ء؟
قال: لا لأنّ اللّه تعالى لم يحبّ الدّنيا و لو أحبّها ما جعل المكاره أكملها.
فقال جبرئيل: ادع بالجفنة التي في ناحية البيت، فدعى بها فإذا فيها ثريد و لحم كثير فقال: كل يا محمّد و اطعم ابنيك و أهل بيتك فأكلوا و شبعوا و هي على حالها فأرسل بها إليّ فأكل و شبع ثمّ قال: ما رأيت جفنة أعظم بركة منها فرفعت عنهم.
فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله): و الذي بعثني بالحقّ لو سكت لتداولها فقراء امّتي إلى يوم القيامة .
و في بحار الأنوار نقلا عن بعض مؤلّفات أصحابنا أنّه روي مرسلا عن جماعة من الصحابة قالوا؛ دخل النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) دار فاطمة فقال: إنّ أباك اليوم ضيفك فقالت: إنّ الحسن و الحسين يطالباني بشي‏ء من الزاد فلم أجد لهما شيئا فجلس و فاطمة متحيّرة فنظر النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) إلى السماء فنزل جبرئيل و قال: يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام و يقول:
قل لعليّ و فاطمة و الحسن و الحسين أيّ شي‏ء يشتهون من فواكه الجنّة؟ فلم يردّوا فقال الحسين (عليه السّلام): عن إذنكم أختار لكم شيئا من فواكه الجنّة، فقالوا جميعا: قل يا حسين فقد رضينا بما تختار، فقال: انّنا نشتهي رطبا جنيا فقال (صلّى اللّه عليه و اله): يا فاطمة قومي و احضري لنا ما في البيت، فدخلت فرأت طبقا من البلور مغطّى بمنديل من السندس الأخضر و فيه رطب جني في غير أوانه فقال: يا فاطمة أنّى لك هذا؟
قالت: هو من عند اللّه إنّ اللّه يرزق من يشاء بغير حساب كما قالت مريم بنت عمران.
فقام النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) و قدّمه بين أيديهم ثمّ قال: بسم اللّه الرحمن الرحيم، فأخذ رطبة فوضعها في فم الحسين فقال: هنيئا مريئا يا حسين، ثمّ أخذ رطبة فوضعها في فم الحسن و قال هنيئا مريئا يا حسن ثمّ أخذ رطبة فوضعها في فم الزهراء و قال: هنيئا مريئا لك يا فاطمة، ثمّ أخذ رطبة فوضعها في فمّ عليّ و قال: هنيئا مريئا لك يا عليّ، ثمّ ناول عليّا اخرى و اخرى و هو يقول هنيئا مريئا لك يا عليّ ثمّ وثب النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) قائما ثمّ جلس ثمّ أكلوا جميعا من ذلك الرطب، فلمّا أكلوا ارتفعت المائدة إلى السماء فقالت فاطمة: يا أبت لقد رأيت اليوم منك عجبا.
فقال: يا فاطمة أمّا الرطبة الاولى التي وضعتها في فم الحسين فإنّي سمعت ميكائيل و إسرافيل يقولان: هنيئا مريئا يا حسين، فقلت موافقا لهما بالقول: هنيئا مريئا لك يا حسين، ثمّ أخذت الثانية فوضعتها في فم الحسن فسمعت جبرئيل و ميكائيل يقولان: هنيئا لك يا حسن فقلت موافقا لهما في القول. ثمّ أخذت الثالثة فوضعتها في فمك يا فاطمة فسمعت الحور
العين مسرورين مشرفين علينا من الجنان و هن يقلن: هنيئا لك يا فاطمة فقلت موافقا لهنّ بالقول، و لمّا أخذت الرابعة فوضعها في فم علي سمعت النداء من الحقّ سبحانه و تعالى يقول: هنيئا مريئا لك يا عليّ، فقلت موافقا لقول اللّه عزّ و جلّ، ثمّ ناولت عليّا رطبة اخرى ثمّ اخرى و أنا أسمع صوت الحقّ سبحانه و تعالى يقول: هنيئا مريئا لك يا عليّ ثمّ قمت إجلالا لربّ العزّة جلّ جلاله فسمعته يقول: يا محمّد و عزّتي و جلالي لو ناولت عليّا من هذه الساعة إلى يوم القيامة رطبة رطبة لقلت له: هنيئا مريئا بغير انقطاع‏ .
حديث الغزالة
و في الأخبار أنّ أعرابيّا أتى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) فقال: يا رسول اللّه لقد صدت خشفة غزالة و أتيت بها إليك هدية لولديك الحسن و الحسين، فقبلها و دعى له بالخير فإذا الحسن واقف عنده فرغب إليها فأعطاه إيّاها فما مضى ساعة إلّا و الحسين (عليه السّلام) قد أقبل فرأى الخشفة عند أخيه يلعب بها فأتى إلى جدّه فقال: أعطيت أخي خشفة يلعب بها و لم تعطني فجعل يكرّر القول و جدّه ساكت، فهمّ الحسين (عليه السّلام) أن يبكي فبينما هو كذلك إذا بصياح ارتفع عند باب المسجد فنظرنا فإذا ظبية و معها خشفها و من خلفها ذئبة تسوقها إلى رسول اللّه فنطقت الغزالة و قالت: يا رسول اللّه كانت لي خشفتان إحداهما صادها الصيّاد و أتى بها إليك و بقيت لي هذه الاخرى و أنا بها مسرورة و كنت الآن أرضعها فسمعت قائلا يقول: اسرعي اسرعي يا غزالة بخشفك إلى النبيّ محمّد لأنّ الحسين واقف بين يديه و قد همّ أن يبكي و الملائكة بأجمعهم رفعوا رؤوسهم من صوامع العبادة، و لو بكى الحسين لبكت الملائكة المقرّبون لبكائه و سمعت أيضا قائلا يقول: اسرعي يا غزالة قبل جريان الدموع إلى خدّ الحسين فإن لم تفعلي سلّطت عليك هذه الذئبة تأكلك مع خشفتك فأتيت بخشفي إليك و قطعت مسافة بعيدة، لكن طويت لي الأرض حتّى أتيتك سريعة و أنا أحمد اللّه ربّي على أن جئتك قبل جريان دموع الحسين على خدّه، فارتفع التكبير و التهليل من الأصحاب و دعا النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) للغزالة و أخذ الحسين الخشفة و أتى بها إلى الزهراء فسرّت بذلك سرورا عظيما .
و عن عروة البرقي [كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقبل‏] الحسن و الحسين [و يقول: يا أصحابي إني أود أن أقاسمهما] حياتي لحبّي لهما، فهما ريحانتاي من الدّنيا .
و عن محمّد بن يزيد: حمل النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) الحسن و حمل جبرئيل الحسين (عليه السّلام) فكان بعد ذلك يفتخران فيقول الحسن: حملني خير أهل الأرض و يقول الحسين حملني خير أهل السماء .
و في كتاب مناقب [آل أبي طالب‏]: أذنب رجل ذنبا في حياة رسول اللّه فتغيّب حتّى وجد الحسن و الحسين في طريق خال فاحتملهما على عاتقيه و أتى بهما النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) فقال:
يا رسول اللّه إنّي مستجير باللّه و بهما فضحك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) حتّى ردّ يده إلى فمه ثمّ قال للرجل اذهب فأنت طليق، و قال لحسن و حسين: قد شفعتكما فيه فأنزل اللّه تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64] .
و في حديث مدرك بن أبي زيد: قلت لابن عبّاس- و قد أمسك للحسن ثمّ الحسين بالركاب و سوى عليهما-: أنت أسنّ منهما تمسك لهما بالركاب فقال: يالكع و ما تدري من هذان، هذان ابنا رسول اللّه أ و ليس ممّا أنعم اللّه عليّ به أن أمسك لهما و أسوي عليهما .
في كيفيّة الإرشاد
و في عيون المحاسن عن الزوياني: أنّ الحسن و الحسين (عليهما السّلام) مرّا على شيخ يتوضّأ و لا يحسن، فأخذا في التنازع يقول كلّ واحد منهما: أنت لا تحسن الوضوء فقالا: أيّها الشيخ كن حكما بيننا يتوضأ كلّ واحد منّا فتوضّآ ثمّ قالا: أيّنا أحسن؟
قال: كلاكما تحسنان الوضوء ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يكن يحسن، و قد تعلّم الآن منكما و تاب على أيديكما ببركتكما و شفقتكما على أمّة جدّكما .
أقول: فيه إشارة إلى حسن سلوك الأدب في الإرشاد الجاهلين أحكام الدّين و جواز الكذب ظاهرا و يحمل على التورية، أو أنّ (الألف) و (اللّام) في الوضوء للعهد أي الوضوء الذي فعله الشيخ لا يعده أحد منّا حسنا.
و في الكافي عن أبي سعيد التيمي قال: مررت بالحسن و الحسين و هما في الفرات مستنقعان في إزارين فقلت لهما: يا ابني رسول اللّه أفسدتما الإزارين فقالا لي فساد الإزارين أحبّ إلينا من فساد الدّين إنّ للماء أهلا و سكّانا كسكّان الأرض، ثمّ قالا: أين تريد؟
قلت: أشرب من هذا الماء المرّ لعلّة بي أرجو أن يخف الجسد و يسهل البطن فقالا: ما نحسب أنّ اللّه جعل في شي‏ء قد لعنه شفاء، لأنّ اللّه تعالى لمّا أراد غرق قوم نوح فتح السماء بماء منهمر و أوحى إلى الأرض فاستعصت عليه عيون منها فلعنها و جعلها ملحا أجاجا .
و في رواية حمدان بن سليمان أنّهما قالا: يا أبا سعيد تأتي ماء ينكر و لايتنا في كلّ يوم ثلاث مرّات إنّ اللّه جلّ و عزّ عرض ولايتنا على المياه، فما قبل ولايتنا عذب و طاب و ما جحد ولايتنا جعله اللّه عزّ و جلّ مرّا و ملحا أجاجا .
و روى السيّد ابن طاووس رضوان اللّه عليه: أنّ الحسين قتل و عليه دين و إنّ عليّ بن الحسين باع ضيعة له بثلاثمائة ألف ليقضي دين الحسين و عدات كانت عليه‏ .