انصاره عليهم السلام
اهل بيته عليهم السلام

بنو هاشم
لبني هاشم حضور جميل وممّيز في ملحمة كربلاء وقد سجّلوا بذلك ذكراً خالداً، وقد اختلفت الأقوال والآراء حول عدد الشخصيّات الهاشميّة في هذه الملحمة إلّا أنّ أشهرها يشير إلى كونهم رجلاً، وفي الحدّ الأقصى أنّهم شهيداً. وسوف نشير في هذا الفصل بالترتيب إلى وجوه بني هاشم (باستثناء النساء والأطفال) والتي كان لها دور مؤثّر وفعّال في وقائع ملحمة عاشوراء:
أ ـ أبناء أمير المؤمنين (عليه السلام)
اعتبر البعض أنّ عدد الشهداء من أولاد عليّ (عليه السلام) في كربلاء هو شهيداً.
إبراهيم بن عليّ (عليه السلام) ← الشباب
جعفر بن عليّ (عليه السلام) ← الشباب
العبّاس بن عليّ (عليه السلام)
ولد العبّاس (عليه السلام) في سنة للهجرة، أمّه فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابيّ، والمشهورة بأمّ البنين, والعبّاس هو الابن البكر لأمّ البنين, وأشهر كنية له هي "أبو الفضل"، ولجمال وجهه وإشراقه يقال له قمر بني هاشم.
وقد أمضى أبو الفضل العبّاس عاماً من عمره مع أبيه (عليه السلام) ومن ثمّ أمضى عاماً مع أخيه الإمام الحسن (عليه السلام) و عاماً من عمره مع أخيه الإمام الحسين (عليه السلام)، وعليه فقد كان سنّه في كربلاء سنة عند شهادته.
وكان قمر بني هاشم فارساً شجاعاً قويّ البنية ممتلئ الجسم، وكان تقيّاً صالحاً إلى الحدّ الذي عرف بالعبد الصالح.
ويصفه الإمام الصادق (عليه السلام) قائلاً: "كان عمّنا العبّاس نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبد الله (عليه السلام) وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً".
وعندما منعوا الماء عن الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه في كربلاء واشتدّ بهم العطش، دعا الإمام (عليه السلام) أخاه العبّاس فأرسله إلى الشريعة مع ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً وبعد معركة عظيمة جاء بقرب الماء إلى الخيام. وقد حمل الماء إليهم مراراً وتكراراً ولذا لقّب بالسقّاء.
ورفض قمر بني هاشم وأخوته الأمان الذي عرضه عليهم شمر بن ذي الجوشن وأكّدوا وقوفهم إلى جانب أبي عبد الله (عليه السلام), وفي ليلة عاشوراء وبعد أن خاطب الإمام (عليه السلام) كلّ أنصاره من بني هاشم وغيرهم طالباً منهم الانصراف، كان العبّاس أوّل المتكلّمين فقال: "لمَ نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك!، لا أرانا الله ذلك أبداً".
وكان الإمام (عليه السلام) يحبّ أخاه أبا الفضل حبّاً عظيماً وقد خاطبه يوم عاشوراء بهذه العبارة قائلاً له: "بنفسي أنت يا أخي".
وفي يوم عاشوراء دفع سيّد الشهداء بالراية إلى أخيه أبي الفضل العبّاس.

وعندما رأى أبو الفضل أخاه الإمام (عليه السلام) وحيداً في عصر عاشوراء أقبل نحو أخيه يستأذنه في النزول إلى الميدان، فقال له الإمام: "يا أخي كنت العلامة من عسكري، ومجمع عددنا، فإذا أنت غدوت يؤول جمعنا إلى الشتات، وعمارتنا تنبعث إلى الخراب".
فقال له العبّاس: "قد ضاق صدري، وسئمت من الحياة".
فقال له الحسين (عليه السلام): "فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلاً من الماء".
فذهب أبو الفضل إلى الميدان وفرّق جيش الأعداء وورد على شريعة الفرات وملأ القربة وأخذ غرفة من الماء ولكنّه تذكّر عطش الحسين (عليه السلام) فرمى الماء من يده, وتوجّه مسرعاً نحو الخيمة, فسدّوا عليه الطريق فحمل عليهم بسيفه وهو يرتجز ويقول: "إنّي أنا العبّاس أغدو بالسقا".
فضربه حكيم بن الطفيل على يده اليمنى فقطعها, ومن ثمّ ضربه زيد بن ورقاء على يده اليسرى فقطعها، وهو لم يزل متوجّهاً نحو الخيام وإذا برجل تميميّ يضربه بعمودٍ على رأسه فسقط أبو الفضل من على فرسه إلى الأرض ونادى أخاه الحسين (عليه السلام): "أدركني"، فأسرع الحسين (عليه السلام) إلى مصرع العبّاس, وعندما نظر إلى بدن أخيه وجراحاته قال: "الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي".
يقول الإمام السجّاد (عليه السلام) عن مقام ومنزلة عمّه العبّاس: "رحم الله العبّاس، فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتّى قطعت يداه فأبدله الله عزَّ وجلَّ بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وإنّ للعبّاس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة".
عبد الله بن عليّ (عليه السلام) ← الشباب
عبيد الله بن عليّ (عليه السلام)
عدّه الشيخ المفيد من جملة شهداء كربلاء ووافقه في ذلك الطبرسيّ والقلقشنديّ واستند جملة من المؤرّخين إليه في ذلك، وقد ورد ذكره في الزيارة الرجبيّة، ولكن هناك العديد من المؤرّخين أكّدوا على عدم استشهاده في كربلاء.
عتيق بن عليّ (عليه السلام)
عدّه بعض المؤرّخين من جملة شهداء كربلاء.
عثمان بن عليّ ← الشباب
عمر بن عليّ (عليه السلام)
وأمّه تدعى الصهباء، واشتهر بعمر الأطرف، اعتبره البعض من شهداء كربلاء، إلّا أنّ الكثير من المؤرّخين أنكروا ذلك وأكّدوا على عدم حضور عمر بن عليّ (عليه السلام) في كربلاء.
عون بن عليّ (عليه السلام)
اعتبر بعض المؤرّخين بأنّ عون من شهداء ملحمة كربلاء.
محمّد الأصغر بن عليّ (عليه السلام) ← الشباب
يحيى بن عليّ (عليه السلام)
أمّه أسماء بنت عميس، وذكر أنّه من شهداء كربلاء، إلّا أنّ بعض المؤرّخين يعتقد بأنّ يحيى مات في حياة أمير المؤمنين (عليه السلام).
ب ـ أبناء الإمام الحسن (عليه السلام)
أبو بكر بن الحسن
حضر في كربلاء وقاتل العدوّ في ركاب أبي عبد الله (عليه السلام)، ورماه عبد الله بن عقبة الغنويّ بسهمٍ أرداه شهيداً وله من العمر حينئذٍ خمسة وثلاثون عاماً.
أحمد بن الحسن (عليه السلام) ← الأطفال والشباب
الحسن بن الحسن (عليه السلام) ← الجرحى
عبد الله بن الحسن (عليه السلام) ← الأطفال والشباب
عمر بن الحسن (عليه السلام) ← الأطفال والشباب
قاسم بن الحسن (عليه السلام) ← الأطفال والشباب
ج ـ أبناء الإمام الحسين (عليه السلام)
عليّ الأصغر ← الأطفال والشباب
عليّ الأكبر ← الشباب
عليّ (الأوسط) زين العابدين ← الأسرى
د ـ آل جعفر بن أبي طالب
عبيد الله بن عبد الله بن جعفر
أمّه تدعى الخوصاء، وقد استشهد عبيد الله في يوم عاشوراء.
عون بن عبد الله بن جعفر
أمّه السيّدة زينب الكبرى، التحق بركب الإمام الحسين (عليه السلام) مع أخيه محمّد في وادي العقيق حاملاً رسالة من أبيه أوصلها للإمام (عليه السلام).
وعندما برز في يوم عاشوراء نحو الأعداء ارتجز قائلاً:
إِنْ تُنْكِرُونِي فَأَنا ابْنُ جَعْفَرٍ شَهِيدُ صِدْقٍ فِي الجِنَانِ أَزْهَرْ
يَطِيرُ فِيها بِجَنَاحٍ أَخْضَرٍ كَفَى بِهَذا شَرَفاً فِي المَحْشَرْ
وقتل عدداً من الأعداء ثمّ استشهد على يد عبد الله قطنة الطائيّ.
القاسم بن محمّد بن جعفر
وهو صهر عمّه عبد الله بن جعفر والسيّدة زينب الكبرى، رافق الإمام الحسين (عليه السلام)
مع زوجته أمّ كلثوم الصغرى ونزل معه في كربلاء. وبرز القاسم إلى الميدان بعد شهادة عون بن عبد الله بن جعفر وقاتل قتالاً عظيماً ثمّ استشهد.
محمّد بن عبد الله بن جعفر
وأمّه الخوصاء بنت حفصة بنت ثقيف، التحق مع أخيه عون بقافلة الإمام الحسين (عليه السلام) وبرز إلى الميدان قبل أخيه عون وهو يرتجز ويقول:
نَشْكُو إِلى اللهِ مِنَ العُدْوَانِ فِعَالَ قَوْمٍ فِي الرَدَى عُمْيَانِ
قَدْ بَدَّلُوا مَعَالِمَ القُرْآنِ وَمُحْكَمَ التَنْزِيلِ والتِّبْيَانِ
وَأَظْهَرُوا الكُفْرَ مَعَ الطُّغْيَانِ
فهجم عليه القوم جماعات من كلّ جانب ثمّ استشهد على يد عامر بن نهشل التميميّ.
هـ ـ آل عقيل
إنّ لآل عقيل منزلة مرموقة من بين أبطال عاشوراء، حتّى أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) أوصاهم بالصبر والثبات وبشّرهم بالجنّة قائلاً لهم: "صبراً آل عقيل إنّ موعدكم الجنّة".
والشهداء من آل عقيل الذين استشهدوا في كربلاء هم:
أحمد بن محمّد بن عقيل
برز إلى الميدان في كربلاء يقاتل بحماسة وهو يرتجز الشعر ثمّ استشهد (رضوان الله عليه).
جعفر بن عقيل ← الشباب
عبد الرحمن بن عقيل
وهو من أوائل المبارزين من آل أبي طالب يوم عاشوراء بعد أن استشهد كلّ أنصار الإمام الحسين (عليه السلام)، وكان له من العمر حينها عاماً. وانبرى إلى ساحة القتال وهو يرتجز ويقول:
أَبِي عَقيلٌ فَاعْرِفُوا مَكَانِي مِنْ هَاشِمٍ وهَاشِمٌ إِخْوَانِي
كُهُولُ صِدْقٍ سَادَةُ القُرْآنِ هَذَا حُسَيْنٌ شَامِخُ البُنْيَانِ
وقاتل قتالاً عظيماً فقتل سبعة عشر فارساً، ثمّ استشهد على يد عثمان بن خالد الجهنيّ وبشر بن سوط الهمدانيّ.
عبد الله بن عقيل
قاتل في كربلاء قتال الأبطال ثمّ استشهد على يد عثمان بن خالد أشيم الجهنيّ ورجل من همدان، وذكر أنّه قتل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة.
عبد الله بن مسلم بن عقيل ← الشباب
عبيد الله بن عقيل
اعتبره ابن قتيبة من شهداء كربلاء.
عليّ بن عقيل
وكان له من العمر ثمانية وثلاثون سنة عندما كان في كربلاء واستشهد بين يدي الإمام الحسين (عليه السلام).
عون بن عقيل
ذكره البعض في جملة شهداء ملحمة كربلاء.
محمّد بن أبي سعيد بن عقيل ← الشباب
محمّد بن عقيل
وهو صهر الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام). وذكر بعض المؤرّخين أنّه حضر في كربلاء واستشهد على يد لقيط بن ناشر الجهنيّ.
محمّد بن مسلم بن عقيل ← الشباب
مسلم بن عقيل ← السفراء
الصحابة
في ثورة سيّد الشهداء (عليه السلام)، كان لبعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حضور مميّز، وهؤلاء الصحابة قسم منهم كان من أنصار النبيّ ومرافقيه والذين رووا عنه الأحاديث، والقسم الآخر منهم أدرك عصره أو أنّه قام بزيارته صلى الله عليه وآله وسلم فقط. وفي هذا المجال سوف نذكر ابتداءً الصحابة الذين اتفق على حضورهم واستشهادهم في كربلاء.
أنس بن حرث الكاهليّ
وهو من كبار صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المشهورين، وقد التقى مراراً بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وسمع كلامه وأقواله وقد عدّ من رواة الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وهو ممّن روى عنه صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "إنّ ابني هذا (يعني الحسين) يقتل بأرضٍ من أرض العراق ألا فمن شهده فلينصره".
وقد كان أنس مقيماً بالكوفة، وعندما بلغه ورود الإمام (عليه السلام) إلى أرض العراق توجّه نحو كربلاء فوصلها ليلاً، واستقرّ إلى جانب الحسين (عليه السلام)، وفي يوم عاشوراء طلب الرخصة من الإمام للنزول إلى الميدان فأجاز سيّد الشهداء (عليه السلام) لهذا العجوز الشجاع القتال فبرز إلى ساحة المعركة وهو يرتجز الشعر، فقاتل قساة القلوب من الكوفيّين حتّى استشهد.
حبيب بن مظاهر الأسديّ
كان من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مقيماً في الكوفة، وكان من أتباع الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أثناء خلافته، ومن خواصّ أصحابه، وشارك معه في كلّ حروبه.
وكان حبيب من كبار وجهاء الكوفة وأحد الذين كتبوا للإمام الحسين (عليه السلام) يدعونه إليهم.
وعندما ورد مسلم بن عقيل سفير الحسين (عليه السلام) إلى الكوفة ونزل في منزل المختار التفّ حوله الشيعة، وكان حبيب أحد الذين تكلّموا معلناً وقوفه إلى جانب الحسين (عليه السلام) والدفاع عنه.
وقد شارك حبيب مع مسلم بن عوسجة في أخذ البيعة من أهل الكوفة للإمام الحسين (عليه السلام)، ولكن بعدما ورد ابن زياد إلى مدينة الكوفة وتفرّق الناس عن سفير الإمام (عليه السلام) تخفّى هذان الرجلان ومن ثمّ التحقا بالإمام الحسين (عليه السلام).
ولمّا رأى حبيب قلّة أنصار الإمام في كربلاء مقابل الجيش العظيم للأعداء استجاز الإمام (عليه السلام) في الذهاب إلى بني قومه من بني أسد لطلب النصرة لأبي عبد الله، فأجازه الحسين (عليه السلام)، فتوجّه نحوهم وتكلّم معهم، فصمّم البعض منهم على الالتحاق بهم، ولكن أخبارهم وصلت عبر بعض العيون إلى جيش ابن سعد الذي أرسل فرقة من جيشه إلى مضارب القوم ووقع النزاع والخلاف بينهم، ومَنعوا تلك العدّة من الالتحاق بالحسين (عليه السلام)، فرجع حبيب وحيداً وتوجّه نحو خيمة الإمام ليخبره بما جرى.
وفي يوم عاشوراء استلم حبيب قيادة الميسرة في جيش الإمام، وكان على الميمنة زهير بن القين.
وعندما سقط صاحبه القديم مسلم بن عوسجة على الأرض توجّه حبيب برفقة الإمام (عليه السلام) ووقفا عند رأسه، فقال له حبيب: "عزّ عليّ مصرعك يا مسلم، أبشر بالجنّة".
فقال له مسلم وهو يشير إلى الإمام (عليه السلام): بشّرك الله... فإنّي أوصيك بهذا وأشار إلى الحسين (عليه السلام) فقاتل دونه حتّى تموت.
فقال له حبيب: وربّ الكعبة، لأنعمنّك عيناً.
ولمّا طلب أبو عبد الله (عليه السلام) من القوم المهلة لأداء صلاة الظهر، قال له الحصين بن تميم: إنّها لا تقبل.
فلم يسكت حبيب على وقاحته وجرأته فقال له:
"زعمت أن لا تقبل الصلاة من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقبل منك يا..." فحمل عليه الحصين وخرج إليه حبيب فضرب وجه فرسه بالسيف فشبّ فسقط عنه الحصين فاستنقذه أصحابه، وقاتل حبيب قتالاً شديداً، فقتل رجلاً من بني تميم اسمه بديل بن صريم، وحمل عليه آخر من بني تميم فطعنه، فذهب ليقوم فضربه الحصين على رأسه بالسيف فوقع على الأرض شهيداً.
وذهب البعض إلى أنّ بديل بن صريم هو من قتل حبيب بن مظاهر... ولمّا استشهد حبيب هدّ مقتله الحسين (عليه السلام) وتأسّف عليه لِما له من المكانة والمنزلة عنده فقال سلام الله عليه: "عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي".
وكان له من العمر عند شهادته خمسة وسبعون عاماً.
الحرث بن نبهان
كان والده نبهان رجلاً شجاعاً مقداماً، وكان عبداً لحمزة بن عبد المطلب، وقد مات والده بعد شهادة الحمزة بسنتين وهذا يعني أنّ الحرث قد أدرك زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد نشأ الحرث وترعرع في كنف أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن بعده الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام .
ورافق ابن نبهان سيّد الشهداء (عليه السلام) من المدينة إلى كربلاء واستشهد يوم عاشوراء في الحملة الأولى.
عبد الرحمن بن عبد ربّ الأنصاريّ الخزرجيّ
كان عبد الرحمن من صحابة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ومن الأتباع المخلصين لأمير المؤمنين (عليه السلام).
وعندما ناشد الإمام عليّ (عليه السلام) الناس في الرحبة مَن سمع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خمّ ما قال إلّا قام، فقام عبد الرحمن مع عدد من الصحابة فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "ألا إنّ الله عزَّ وجلَّ وليّي وأنا وليّ المؤمنين، ألا فمن كنت مولاه فعليّ مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحبّ من أحبّه، وأبغض من أبغضه، وأعن من أعانه".
وينقل بعض المؤرّخين بأنّ عليّاً (عليه السلام) قام بتربية عبد الرحمن وتعليمه القرآن.
ورافق ابن عبد ربّ الإمام الحسين (عليه السلام) منذ مسيره من مكّة إلى العراق، وقاتل يوم عاشوراء في الحملة الأولى حتّى استشهد.
عبد الله بن يقطر الحميريّ ← السفراء
عمّار بن أبي سلامة الدالانيّ الهمدانيّ
من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصحب أمير المؤمنين (عليه السلام) أثناء خلافته وبقي إلى جنبه وشارك معه في حروبه الثلاثة (الجمل، صفّين والنهروان)، ومن ثمّ استشهد في كربلاء في ركب الحسين (عليه السلام). وقيل: إنّه استشهد في أثناء الحملة الأولى.
مسلم بن عوسجة الأسديّ
كان من أنصار النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته.
وذكر أنّه كان رجلاً شريفاً سرياً عابداً، وكان فارساً شجاعاً له ذكر في المغازي والفتوح الإسلاميّة. وقد شارك ابن عوسجة في الكثير منها وقد حدّث شبث بن ربعيّ عن شجاعته في فتح أذربايجان في سنة عشرين من الهجرة.
ويعتبر مسلم بن عوسجة من الشخصيّات البارزة في الكوفة، وقد كان من جملة الذين كتبوا الرسائل إلى الإمام (عليه السلام)، لكنّه لم ينكث بعهده ووعده حتّى آخر رمق من حياته. وقد أخذ البيعة من أهل الكوفة للإمام الحسين (عليه السلام)، ووضع نفسه في خدمة مسلم بن عقيل، فعيّنه مسلم في مدّة إقامته القصيرة على رأس جماعة من بني مذحج وبني أسد، وبعد مقتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة توارى ابن عوسجة مدّة من الزمان، ومن ثمّ خرج برفقة عائلته من الكوفة صوب كربلاء، فوصلها والتحق بركب أبي عبد الله (عليه السلام).
وعندما خاطب الإمام (عليه السلام) أصحابه في ليلة العاشر من محرّم وطلب منهم قائلاً: "إنّ هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً، وليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجلٍ من أهل بيتي، وتفرّقوا في سوادكم ومدائنكم، فإنّ القوم إنّما يطلبوني، ولو قد أصابوني لهوا عن غيري"، جدّد الأنصار له العهد وتكلّم مسلم بن عوسجة بعد أن تكلّم إخوة الإمام (عليه السلام) وأهل بيته، فقال: "يا بن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنحن نخلّي عنك هكذا وننصرف، وقد أحاط بك الأعداء؟ لا والله لا يراني الله أفعل ذلك أبداً حتّى أكسر في صدورهم رمحي، وأضاربهم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي، ووالله لو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة أبداً، ولم أفارقهم أو أموت بين يديك...".
ويذكر ابن شهرآشوب أنّ مسلم قال هذا الكلام: "والله لو علمت أنّي أقتل فيك ثمّ أحيا، ثمّ أحرق حيّاً، ثمّ أذرى، يفعل ذلك بي سبعين مرّة ما فارقتك حتّى ألقى حمامي دونك، وكيف لا أفعل ذلك وإنّما هي قتلة واحدة، ثمّ أنال الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً".
وينقل أبو مخنف هذا المقطع من كلام ابن عوسجة حيث يقول: "أما والله لا أفارقك حتّى أكسر في صدورهم رمحي وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي".
وعندما بدأت المعركة في يوم عاشوراء وبعد الحملة الأولى حمل على القوم من طرف ميسرة جيش الإمام (عليه السلام)، يضرب بسيفه ويرتجز قائلاً:
إَنْ تَسْأَلُوا عَنِّي فَإِنِّي ذُو لَبَدْ مِنْ فَرْعِ قَوْمٍ فِي ذُرَى بِنِي أَسَدْ
فَمَنْ بَغَانَا حَايِدٌ عَنِ الرَّشَدْ وَكَافِرٌ بِدِينِ جَبَّارٍ صَمَدْ
وقال ابن أعثم الكوفيّ بأنّ مسلم بن عوسجة قاتل قتالاً شديداً وجرح جراحات بليغة، وحمل عليه مسلم بن عبد الله الضبابيّ وعبد الرحمن بن أبي خشكاره البجليّ وتشاركا في قتله، ولمّا سقط على الأرض وبه رمق من الحياة جاءه الحسين (عليه السلام) مع حبيب بن مظاهر ووقفا على رأسه فقال له الحسين (عليه السلام): "رحمك الله يا مسلم".
وأوصى مسلم في لحظاته الأخيرة حبيب بالإمام أبي عبد الله (عليه السلام) قائلاً له: "أوصيك بهذا، فقاتل دونه".
واعتبر العلّامة المجلسيّ بأنّ مسلم بن عوسجة كان أوّل من قتل في الحملة الأولى.
هانئ بن عروة المراديّ
وكان كأبيه عروة بن نمران من أصحاب النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وهو من الشخصيّات الشيعيّة المشهورة، وقد شارك هانئ بن عروة مع أمير المؤمنين (عليه السلام) أيّام خلافته في حروبه الثلاثة. وكان رضوان الله عليه زعيم قبيلة بني مراد وتحت لوائه وإمرته أربعة آلاف دارع وثمانية آلاف راجلٍ.
وفي عهد معاوية كان بصحبة حجر بن عديّ فأراد معاوية قتله لكن شفع فيه بعضهم، فلم يقتله.
وعندما ورد مسلم بن عقيل إلى الكوفة ورأى خذلان أهلها أوى إلى منزل هانئ، ووصل الخبر إلى ابن زياد عبر أحد العيون، فافتُضح أمر مسلم، واعتقل هانئ بن عروة، فعذّبه عذاباً شديداً حتّى يسلّمه مسلم، لكنّه لم يرضخ لهذا الذلّ والعار وقال في جوابهم: "والله عليّ في ذلك من أعظم العارّ أن يكون مسلم في جواري وضيفي وهو رسول ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا حيٌّ صحيح الساعدين كثير الأعوان، والله لو لم أكن إلّا وحدي ليس لي ناصرٌ لما سلّمته إليه أبداً حتّى أموت".
وقلق بنو مذحج على أوضاع هانئ فحاصروا قصر ابن زياد، فخرج إليهم شريح القاضي ودعاهم إلى الهدوء مخبراً إيّاهم سلامة هانئ بن عروة، وأنّه لم يقتل وحينئذٍ خدع القوم ورجعوا وانصرفوا عنه، وبقي هانئ محبوساً حتّى اعتقل مسلم، فقتلهما ابن زياد في يوم واحد في الثامن من ذي الحجّة سنة للهجرة وكان عمر هانئ حين شهادته يربو على التسعين سنة.
وقيل إنّ هانئ لمّا أخرج من حبسه أخذ إلى السوق في ناحية للقصّابين وهو يستصرخ قبيلته: وا مذحجاه، فلم يجبه أحد منهم، وأمر عبيد الله بن زياد بضرب عنقه، فضربه غلام له اسمه رشيد بالسيف على عنقه فقتله وقطع رأسه وصلب جسده، وأرسل برأسه مع رأس مسلم بن عقيل إلى يزيد بن معاوية.
ولمّا بلغ الحسين (عليه السلام) خبر استشهاد مسلم وهانئ استعبر وبكى بكاءً شديداً وهو يكرّر قوله تعالى: ﴿إِنَّا لِلهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ﴾، ويقول: "رحمة الله عليهما".
إشارة وتذكير
ومضافاً إلى هؤلاء التسعة الذين ذكرناهم من صحابة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقد ذكرت بعض الشخصيّات الأخرى في جملة الصحابة الذين حضروا مع الإمام (عليه السلام)، إلّا أنّه لمّا كانت هذه النسبة لا تستند إلى المتون الموثّقة ولا اعتبار لها في التاريخ فإنّ إثباتها مشكلٌ وسوف نكتفي فيما يلي بذكر أسمائهم فقط:
جنادة بن الحرث السلمانيّ الأزديّ.
جندب بن حجير الخولانيّ.
جوين بن مالك.
زاهر بن عمرو مولى عمرو بن الحمق الخزاعيّ.
زياد بن عريب الهمدانيّ.
سعد بن الحرث.
شبيب بن عبد الله.
عمرو بن ضبيعة الضبعيّ.
كنانة بن عتيق التغلبيّ.
مسلم بن كثير الأزديّ.
يزيد بن مغفل الجعفيّ.
الشباب
شهدت كربلاء حضوراً مميّزاً لعنصر الشباب وقد تميّز هذا الحضور بضروب الحماسة الخالدة والمثيرة، ورغم قطعيّة وجود الشباب من آل هاشم والتي أكّدها المؤرّخون بضبط أعمارهم إلّا أنّ هذا لا يعني عدم وجود هذا العنصر من بين سائر أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام).
إذ أنّ القرائن والشواهد الموجودة تشير إلى أنّ الكثير من أصحاب الإمام (عليه السلام) من غير الهاشميّين كان فتيّاً وهذا ما تشير إليه بعض بطون المتون التاريخيّة. وسوف
نشير في هذا الفصل إلى أولئك الذين أكّدت كتب التاريخ القديمة على كونهم شباباً، وهؤلاء هم:

إبراهيم بن عليّ (عليه السلام)
اعتبره بعض المؤرّخين من جملة شهداء كربلاء، ويقول البيهقيّ: بأنّ إبراهيم كان له من العمر عشرون سنة عند شهادته.
جعفر بن عقيل
شارك جعفر وهو في سنّ الثالثة والعشرين في كربلاء فقاتل إلى جانب إخوته، وعندما برز إلى الميدان هجم على الأعداء وهو يردّد هذه الأبيات من الشعر:
أَنَا الغُلَام ُالأَبْطَحِيُّ الطَالِبِي مِنْ مَعْشَرٍ فِي هَاشِمٍ وَغَالِبٍ
فَنَحْنُ حَقّاً سَادَةُ الذَّوَائِبِ فِينَا حُسَيْنٌ أَطْيَبُ الأَطَائِبِ
فقتل خمسة عشر فارساً، ومن ثمّ استشهد (رضوان الله عليه)، وقيل: إنّ قاتله هو بشر بن حوط أو عروة بن عبد الله الخثعميّ.
جعفر بن عليّ (عليه السلام)
أمّه أمّ البنين، وعند ولادته سمّاه الإمام عليّ (عليه السلام) "جعفر" تيمّناً باسم أخيه جعفر الطيّار.
كان عمره في كربلاء سنة وقال البعض سنة.
وعندما برز إلى الميدان كان يرتجز ويقول:
إَنِّي أَنَا جَعْفَرُ ذُو المَعَالِي ابْنُ عَلِيِّ الخَيْرِ ذُو النَّوَالِ
حَسْبِي بِعَمِّي شَرَفاً وَخَالِي أَحْمِي حُسَيْناً ذِي النَّدَى المِفْضَال
وقُتل جعفر على يدي قاتل أخيه هانئ بن ثبيت الحضرميّ أو خوّلي بن يزيد الأصبحيّ.
سيف بن الحارث بن سريع الجابريّ
جاء سيف مع مالك الجابريّ - وكان سيف ومالك الجابريان ابني عمّ وأخوين لأم ّ- ومعهما شبيب مولاهما إلى الإمام الحسين (عليه السلام).
ولمّا رأى هذان الغلامان في يوم عاشوراء وحدة الإمام (عليه السلام) ومظلوميّته جاءا إليه وهما يبكيان فقال لهما الحسين (عليه السلام): "أي بني أخويَّ ما يبكيكما؟ فوالله إنّي لأرجو أن تكونا بعد ساعةٍ قريري العين".
فقالا:"جعلنا الله فداك، لا والله ما على أنفسنا نبكي، ولكن نبكي عليك، نراك قد أحيط بك ولا نقدر على أن نمنعك بأكثر من أنفسنا".
فقال الإمام الحسين (عليه السلام): "جزاكما الله يا بني أخويّ عن وجدكما من ذلك ومواساتكما إيّاي أحسن جزاء المتّقين".
وبعد استشهاد حنظلة استعدّا للقتال وتوجّها نحو القوم وهما يسلّمان على الإمام أبي عبد الله (عليه السلام) فأجابهما: "وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته".
وجعل الأخوان الجابريّان يقاتلان معاً حتّى استشهدا، وقد ورد اسمهما في زيارة الناحية والزيارة الرجبيّة.
عبد الله بن عليّ (عليه السلام)
أمّه أمّ البنين، ولد بعد ثماني سنوات من مولد أخيه العبّاس (عليه السلام)، وكان له من العمر ستّ سنوات عند استشهاد أبيه الإمام عليّ (عليه السلام). وعندما حضر كربلاء كان في الخامسة والعشرين من عمره.
وكان عبد الله من جملة الذين صحبوا العبّاس (عليه السلام) في جلب الماء للخيام.
قال الشيخ المفيد: فلمّا رأى العبّاس بن عليّ رحمة الله عليه كثرة القتلى في أهله، قال لإخوته من أمّه - وهم عبد الله وجعفر وعثمان -: "يا بني أمّي تقدّموا حتّى أراكم قد نصحتم لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم "، فتقدّم عبد الله أوّلاً مستجيباً لنداء أخيه العبّاس في نصرة الإمام (عليه السلام) فبرز إلى الميدان وهو يرتجز ويقول:
أَنَا ابْنُ ذِي النَّجْدَةِ وَالأَفْضَالِ ذَاكَ عَلِيُّ الخَيْرِ ذُو الفِعَالِ
سَيْفُ رَسُولِ اللهِ ذُو النِّكالِ فِي كُلِّ يَوْمٍ (قومٍ) ظَاهِرُ الأَهْوَالِ
وحمل عليه هانئ بن ثبيت (شبيب) الحضرميّ فقتله.
وكان له من العمر خمسة وعشرون عاماً، ولم يكن له ولدٌ من بعده، وورد ذكره أيضاً في زيارة الناحية والزيارة الرجبيّة.
عبد الله بن مسلم بن عقيل
أمّه رقيّة بنت عليّ (عليه السلام)، برز إلى الميدان بعد عليّ الأكبر وهو يرتجز قائلاً:
اليَوْمَ أَلْقَى مُسْلِماً وَهُوَ أَبِي وَعُصْبَةٌ بَادُوا عَلَى دِينِ النَّبِي
لَيْسُوا كَقَوْمٍ عُرِفُوا بِالكَذِبِ لَكِنْ خِيارٌ وَكِرامُ النَّسَبِ
مِنْ هِشَامِ السَّاداتِ أَهْلِ الحَسَبِ
ثمّ حمل عبد الله فقاتل القوم وهجم عليه عمرو بن صبيح الصيداويّ وصوّب عليه سهماً نحو جبهته فأصابه السهم وهو واضع يده على جبينه، فأثبته في راحته وجبهته، ورماه عمرو بسهمٍ آخر في قلبه، فوقع عبد الله على الأرض وحاصره الكوفيّون ثمّ استشهد (رضوان الله عليه) وكان له من العمر حين شهادته ستّة وعشرون عاماً.
عثمان بن عليّ (عليه السلام)
وهو ابن أمّ البنين، ولد بعد أخيه عبد الله بسنتين، وكان في الرابعة من عمره عندما استشهد أمير المؤمنين (عليه السلام). وكان له من العمر ثلاثة وعشرين سنة عندما كان في ملحمة عاشوراء، ولمّا برز إلى القتال كان يرتجز قائلاً:
إِنِّي أَنَا عُثْمَانُ ذُو المَفَاخِرِ شَيْخِي عَلِيٌّ ذُو الفِعالِ الطَّاهِرِ
فرماه خولّي بن يزيد بسهم أوقعه من على فرسه إلى الأرض، وشدّ عليه رجلٌ من بني دارم فاحتزّ رأسه.
عليّ بن الحسين (عليه السلام) (عليّ الأكبر)
ولد عليّ الأكبر في سنة للهجرة، أمّه ليلى بنت أبي مرّة بن عروة الثقفيّ، وكنيته "أبو الحسن". وهو أكبر من أخيه الإمام عليّ (عليه السلام) (السجّاد) ولهذا لقّب بالأكبر. وكان بهيّ المنظر حسن الطلعة ومن أحسن الناس سيرة، وعندما كان في كربلاء كان له من العمر سبعة وعشرون عاما أو ثمانية وعشرون عاماً وقال بعضهم: بأنّ عمره كان سبعة عشر عاماً أو ثمانية عشر عاماً.
وكان عليّ الأكبر أوّل الهاشميّين الذين تقدّموا إلى ساحة القتال.
ولمّا رأى عليّ الأكبر شهادة كلّ أنصار أبيه، تقدّم نحو أبيه يستجيزه في النزول إلى الميدان، فأجازه الإمام (عليه السلام) ثمّ نظر إليه نظرة آيس منه وأرخى (عليه السلام) عينه وبكى ثمّ قال:
"أللهم اشهد، فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسولك صلى الله عليه وآله وسلم، وكنّا إذا اشتقنا إلى نبيّك نظرنا إليه".
ثمّ صاح قائلاً: "يا ابن سعد قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم".
وتقدّم عليّ الأكبر نحو جيش الأعداء وهو يردّد هذا الشعر قائلاً:
أَنَا عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِي نَحْنُ وَرَبِّ البَيْتِ أَوْلِى بِالنَّبِي
تِاللهِ لا يِحْكُمُ فِينَا ابْنُ الدَّعِي
فقاتل قتالاً شديداً وقتل جمعاً كثيراً من أعدائه، ثمّ رجع إلى أبيه وقال:
"يا أبت العطش قد قتلني، وثقل الحديد قد أجهدني، فهل إلى شربة من الماء سبيل".
فبكى الحسين (عليه السلام) وقال: "وا غوثاه، يا بني قاتل قليلاً فما أسرع ما تلقى جدّك محمّد صلى الله عليه وآله وسلم فيسقيك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبداً".
فرجع عليّ الأكبر إلى ميدان النزال، وقاتل أعظم القتال فرماه منقذ بن مرّة العبديّ بسهمٍ فصرعه، ونقل بعضهم بأنّه طعنه بالرمح، وفي تلك الحال اعتنق فرسه فاحتمله الفرس إلى عسكر الأعداء، فأحاطوا به من كلّ جانب وقطّعوه بسيوفهم إرباً إرباً.
ولمّا وقع عليّ الأكبر من على ظهر فرسه إلى الأرض نادى أباه الحسين (عليه السلام) قائلاً برفيع صوته: "يا أبتاه عليك منّي السلام، هذا جدّي يقرئك السلام ويقول لك: "عجّل القدوم علينا"".
وبعدما أنهى كلامه شهق شهقة فمات (رضوان الله عليه)، وجاء الإمام الحسين (عليه السلام) حتّى وقف عند رأسه ووضع خدّه على خدّه وقال: "قتل الله قوماً قتلوك، ما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، على الدنيا بعدك العفا".
عليّ (الأوسط) زين العابدين ← الأسرى
ولد الإمام زين العابدين (عليه السلام) في سنة ثمانية وثلاثين للهجرة وكان له من العمر في ملحمة كربلاء ثلاثة وعشرون سنة.
مالك بن عبد الله بن سريع الجابريّ
جاء مالك مع ابن عمّه وأخيه لأمّه سيف بن الحارث إلى محضر الإمام الحسين (عليه السلام) واستجازه في يوم عاشوراء في طلب القتال فأذن له وبعد قتالٍ شديد استشهد (رضوان الله عليه). وقد ورد اسم مالك في زيارتي الناحية والرجبيّة.
محمّد الأصغر بن عليّ (عليه السلام)
أمّ محمّد الأصغر (أو عبد الله) تدعى ليلى بنت مسعود الثقفيّة، وكنيته "أبو بكر" وبهذا الاسم اشتهر، ولذا اعتبر بعض المؤرّخين بأنّ محمّد الأصغر هو نفس "أبو بكر بن عليّ"، وعليه فلا يمكن التفكيك بينهما.
وبرز أبو بكر في يوم عاشوراء إلى ميدان القتال وهو يرتجز الشعر، واستشهد وكان له من العمر خمسة وعشرون سنة، قتله رجل من قبيلة همدان.
محمّد بن أبي سعيد بن عقيل
برز محمّد إلى الميدان بعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)، يقول حميد بن مسلم: "لمّا صرع الحسين (عليه السلام) خرج غلام مذعوراً يلتفت يميناً وشمالاً، فشدّ عليه فارس فضربه، فسألت عن الغلام، فقيل محمّد بن أبي سعيد، وعن الفارس فقيل لقيط بن أياس الجهنيّ".
وقال هشام الكلبيّ: حدّث هانئ بن ثبيت الحضرميّ، قال: "كنت ممّن شهد قتل الحسين (عليه السلام) فوالله إنّي لواقف... إذ خرج غلامٌ من آل الحسين وهو ممسك بعود من تلك الأبنية عليه إزارٌ وقميص، وهو مذعور، يتلفّت يميناً وشمالاً... إذ أقبل رجلٌ يركض حتّى إذا دنا منه مال عن فرسه ثمّ اقتصد الغلام فقطّعه بالسيف"، قال هشام الكلبيّ: "هانئ بن ثبيت الحضرميّ هو صاحب الغلام (أي قاتله) وكنّى عن نفسه استحياءً أو خوفاً".
وقال آخرون بأنّ قاتله هو لقيط بن ياسر الجهنيّ وابن زهير الأزديّ. وذكر ابن فندق البيهقيّ بأنّ محمّد بن أبي سعيد كان له من العمر عند شهادته سبعة وعشرون عاماً.
محمّد بن مسلم بن عقيل
بعد استشهاد عبد الله بن مسلم حمل بنو أبي طالب وفيهم محمّد بن مسلم حملةً واحدة على الأعداء، فصاح بهم الحسين (عليه السلام): "صبراً على الموت يا بني عمومتي".
واستشهد في هذه الحملة محمّد بن مسلم وله من العمر سبعة وعشرون عاماً، قتله أبو مرهم الأزديّ ولقيط بن أياس الجهنيّ.
الأطفال والفتيان
إنّ حضور الأطفال والفتيان (ما دون سنة) في كربلاء واستشهاد العدد الأكبر منهم يعدّ من المشاهد النادرة التي قلّ نظيرها في التاريخ، ومن شواهد مظلوميّة الملحمة الحسينيّة وسوف نشير في هذا الفصل إلى بعض من اشتهر ذكره فقط:
أحمد بن الحسن (عليه السلام)
وهو ابن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، وأمّه أمّ بشر بنت أبي مسعود الأنصاريّ حضر كربلاء وكان له من العمر ستّ عشرة سنة، برز إلى الميدان عصر عاشوراء فأُثخن بالجراح ثمّ استشهد (رضوان الله عليه).
الحسن بن الحسن (عليه السلام) ← الجرحى
عبد الله بن الحسن (عليه السلام)
أمّه بنت الشليل بن عبد الله البجليّ، وكان عبد الله بن الحسن في يوم عاشوراء غلاماً له من العمر إحدى عشرة سنة. حبسه الحسين (عليه السلام) عند أخته السيّدة زينب الكبرى، لكن عبد الله لمّا رأى وحدة عمّه الحسين (عليه السلام) وقد حاصره الأعداء توجّه نحوه لنصرته وفي تلك الحال أهوى بحر بن كعب إلى الحسين (عليه السلام) بالسيف ليضربه، فقال له عبد الله يا ابن الخبيثة أتقتل عمّي؟ فضربه بحر بن كعب بالسيف فأراد الغلام اتقاء الضربة بيده فقطعها حتّى الجلدة فإذا يده معلّقة.
فنادى عبد الله:"يا أمّاه، فأخذه الحسين (عليه السلام) فضمّه إلى صدره وقال: "يا ابن أخي اصبر على ما نزل بك، واحتسب في ذلك الخير، فإنّ الله يلحقك بآبائك الصالحين، برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ بن أبي طالب وحمزة وجعفر والحسن بن عليّ صلّى الله عليهم أجمعين".
ثمّ فاضت روح عبد الله على صدر الإمام سلام الله عليه.
عبد الله بن الحسين (عليه السلام)
قيل: إنّ عبد الله بن الحسين ولد في كربلاء، وأمّه الرباب، وذكر أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) توجّه نحو الخيمة وطلب ابنه الرضيع ليراه ويودّعه وعندما جيء بابنه عبد الله أجلسه في حجره، فرماه رجل من بني أسد فذبحه، فقال الإمام (عليه السلام): "ربّ إن تكن حبست عنّا النصر من السماء، فاجعل ذلك لما هو خير، وانتقم لنا من هؤلاء القوم الظالمين".
وقال ابن الصبّاغ المالكيّ: إنّ سهماً أصاب عبد الله بن الحسين فذبحه، وورد اسم عبد الله أيضاً في زيارة الناحية:
"السلام على عبد الله بن الحسين الطفل الرضيع المرميّ الصريع المتشحّط دماً... المذبوح بالسهم في حجر أبيه لعن الله راميه" وقاتل عبد الله الرضيع هو حرملة بن كاهل الأسديّ.
عليّ الأصغر
ذكر الطبرسيّ أنّ أمّه ليلى بنت أبي مرّة، وقال ابن أعثم الكوفيّ: إنّ للحسين (عليه السلام) ابن آخر يقال له: عليّ، في الرضاع وكان يتلظّى من العطش فأخذه بين يديه ووقف بين الصفّين وهو ينادي بأعلى صوته: "يا قوم إن زعمتم أنّي مذنب فإنّ هذا الطفل لا ذنب له فاسقوه جرعة من الماء".
ولمّا سمع جيش يزيد نداء الإمام الحسين (عليه السلام) رماه أحدهم بسهم فوقع السهم في عنق الطفل الرضيع فاخترقه وأصاب يد الإمام (عليه السلام) فقام الإمام الحسين (عليه السلام) بإخراج السهم وفي تلك الحال استشهد الطفل على يديه.
وذكر ابن الطقطقيّ أيضاً أن عليّ الأصغر استشهد بالسهم.
عمر بن الحسن (عليه السلام)
ذكر أنّ عمر (أو عمرو) من شهداء كربلاء الصغار، وقال البعض: إنّ عمر بن الحسن لم يقتل لصغر سنّه بل كان من جملة الأسرى.
عمرو بن جنادة الأنصاريّ
وكان عمرو (أو عمر) ابن إحدى عشرة سنة فقط. التحق مع أبيه جنادة بن كعب بن الحرث ومع أمّه بركب سيّد الشهداء (عليه السلام) في مكّة، وفي يوم عاشوراء وبعد استشهاد أبيه جاء نحو الإمام الحسين (عليه السلام) يستجيزه في طلب القتال إلّا أنّ سيّد الشهداء (عليه السلام) لم يأذن له في ذلك وقال: "إنّ هذا غلامٌ قتل أبوه في المعركة ولعلّ أمّه تكره ذلك" فقال له عمرو بعد أن سمع كلامه: "إنّ أمّي هي التي أمرتني"، فأذن له الإمام (عليه السلام)، فخرج عمرو إلى الميدان فرحاً مسروراً وهو يرتجز أبياتاً حسنة من الشعر، فما لبث أن قتل.
ويذكر المؤرّخون أنّ القوم قطعوا رأس عمرو ورمي به نحو خيمة الإمام (عليه السلام) فأخذته أمّه وبعد أن مسحت التراب والدم عنه رمته نحو الأعداء.
فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) ← النساء والبنات
قاسم بن الحسن (عليه السلام)
أمّه رملة وقد جاء إلى كربلاء مع عمّه وهو لم يصل إلى سنّ البلوغ.
ويستبان شجاعة القاسم من خلال قوله الرائع: "لا يقتل عمّي وأنا أحمل السيف" ولمّا رأى وحدة عمّه استأذنه في القتال فلم يأذن له لصغره، إلّا أنّ القاسم ظلّ يكرّر طلبه فاعتنقه الحسين (عليه السلام) وجعلا يبكيان معاً فلم يزل القاسم يقبّل يديه ورجليه ويسأله الإذن حتّى أذن له فخرج ودموعه على خدّيه. وهو يرتجز قائلاً:
إَنْ تُنْكِرُونِي فَأَنَا فَرْعُ الحَسَنْ سِبْطُ النَّبِيِّ المُصْطَفَى وَالمُؤْتَمَنْ
هَذَا حُسَيْنٌ كَالأَسِيرِ المُرْتَهَنْ بِيْنَ أُنَاسٍ لا سُقُوا صَوْبَ المُزُنْ
ورغم صغر سنّ القاسم إلّا أنّه قتل عدداً من الأعداء، يقول حميد بن مسلم: "فإنّا لكذلك، إذ خرج علينا غلامٌ كأنّ وجهه شقّة قمر في يده سيف وعليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع إحداهما".
وشدّ عليه عمرو بن سعيد بن نفيل الأزديّ وضرب رأسه بالسيف ففلقه فوقع القاسم لوجهه على الأرض وقال: يا عمّاه فجلّى الحسين (عليه السلام) كما يجلّي الصقر، ثمّ شدّ شدّة ليثٍ أُغضب، فضرب عمرو بن سعد بالسيف... ولمّا انجلت الغبرة كان الحسين (عليه السلام) واقفاً فوق رأس القاسم وهو يفحص التراب بقدميه والحسين (عليه السلام) يقول:
"بعداً لقوم قتلوك، ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدّك"، ثمّ قال: "عزَّ والله على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا ينفعك، صوت والله كثر واتروه وقل ناصروه" ويتابع حميد بن مسلم قوله: "ثمّ حمله على صدره فكأنّي أنظر إلى رجلي الغلام تخطّان الأرض فجاء به حتّى ألقاه مع ابنه عليّ بن الحسين (عليه السلام) والقتلى من أهل بيته".
محمّد بن عليّ (الإمام الباقر (عليه السلام) )
ولد الإمام محمّد الباقر (عليه السلام) سنة للهجرة في المدينة المنوّرة وأمّه فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى، وكان عمره في واقعة كربلاء ثلاث سنوات وبضعة أشهر.
وقادوا الإمام (عليه السلام) في جملة الأسرى إلى الكوفة والشام، ويذكر لنا سلام الله عليه كيفيّة التعاطي مع أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في الشام فيقول لنا: "قدم بنا على يزيد بن معاوية لعنه الله بعدما قتل الحسين (عليه السلام) ونحن اثنا عشر غلاماً ليس منّا أحدٌ إلّا مجموعة يداه إلى عنقه وفينا عليّ بن الحسين. وطرف الحبل موصول بالنساء المقيّدات، ولمّا دخلنا على مجلس يزيد كان رأس أبي عبد الله المقطوع في طشت بين يديه، وتفوح منه رائحة زكيّة ملأت المكان". ويقول المسعوديّ: بأنّ يزيد لمّا همّ بقتل الإمام السجّاد (عليه السلام) بعد أن استشار أهل مجلسه وبطانته، تكلّم الإمام الباقر (عليه السلام) قائلاً:
"يا يزيد، لقد أشار عليك هؤلاء بخلاف ما أشار جلساء فرعون عليه، حيث شاورهم في موسى وهارون فإنّهم قالوا له أرجه وأخاه، وقد أشار عليك هؤلاء بقتلنا، ولهذا سبب"، فقال يزيد: "وما السبب"، فقال (عليه السلام): "إنّ أولئك كانوا الرشدة وهؤلاء لغير رشدك، ولا يقتل الأنبياء وأولادهم إلّا أولاد الأدعياء"، فأمسك يزيد مطرقاً.
النساء والبنات
إنّ الحضور المميّز والبارز للنساء والبنات في ملحمة كربلاء، وما قبلها وفي تلك الأيّام بوجه خاصّ التي أعقبت واقعة عاشوراء يعطى صورة خالدة عن الدور الفعّال للمرأة ولا سيّما الدور الواضح والجميل في ترسيم أسباب قيام الإمام الحسين (عليه السلام) وفضح شخصيّة يزيد وكشف القناع عن قبح أفعال العدوّ.
وسنشير في هذا الفصل إلى بعض الشخصيّات البارزة والمؤثّرة من أولئك النسوة في هذه الملحمة:
أمّ عمرو بن جنادة
التحقت هذه المرأة مضافاً إلى زوجها جنادة بن كعب وابنها عمرو في مكّة بركب الإمام الحسين (عليه السلام)، وعندما استشهد زوجها في كربلاء أرسلت ولدها عمرو إلى خيمة الإمام (عليه السلام) ليستجيزه في النزول إلى ساحة القتال فأبى الحسين (عليه السلام) ابتداءً من إجازته ولكن عمرو عندما أخبره عن رضا أمّه بذلك أذن له، وبعد استشهاد عمرو قطع العدوّ رأسه ثمّ رموا به نحو خيمة الإمام (عليه السلام)، ويروي المؤرّخون بأنّ أمّ عمرو رجعت بعد ذلك إلى الخيمة فأخذت عمودها وحملت على القوم وهي تردّد أبياتاً من الشعر وتقول:
أَنَا عَجُوزٌ فِي النِّساءِ ضَعِيفَهْ بَالِيَةٌ خَالِيَةٌ نَحِيفَهْ
أَضْرِبُكُمْ بِضَرْبَةٍ عَنِيفَهْ دُونَ بَنِي فَاطِمَةَ الشَّرِيفَهْ
فضربت رجلين فقتلتهما ثمّ إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) أمر بصرفها وأرجعها إلى الخيمة.
أمّ كلثوم
اسمها زينب الصغرى وكنيتها أمّ كلثوم، وهي ابنة فاطمة الزهراء وأمير المؤمنين عليهما السلام . تزوّجت من كثير بن العبّاس بن عبد المطلب، وكانت أمّ كلثوم في المدينة المنوّرة بصحبة أخيها الحسين (عليه السلام) وجاءت معه إلى كربلاء.
ويروي ابن أعثم كلام الحسين (عليه السلام) مع أختيه زينب وأمّ كلثوم وتوصيتهما بالصبر.
بعد واقعة عاشوراء كان لأمّ كلثوم دور هامّ في كشف زيف الأعداء في الكوفة والشام، وكلامها في الكوفة يؤكّد هذه الحقيقة.
أمّ كلثوم الصغرى
وهي ابنة السيّدة زينب الكبرى، تزوّجت من القاسم بن محمّد بن جعفر (ابن عمّ أبيها)، وكانت حاضرة في ركب الحسين (عليه السلام) برفقة زوجها الذي استشهد في هذه المعركة.
أمّ وهب
وهي زوجة عبد الله بن عمير الكلبيّ وقد جاءت بصحبته إلى كربلاء ولمّا برز عبد الله إلى الميدان أصيب في يده اليسرى، فأخذت أمّ وهب عمود خيمة ثمّ أقبلت نحو زوجها وهي تقول له:
"فداك أبي وأمّي قاتل دون الطيّبين ذريّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ".
فأقبل زوجها عبد الله يردّها نحو النساء لكنّها رفضت وقالت له: "إنّي لن أدعك دون أن أموت معك".
فتوجّه نحوها الحسين (عليه السلام) فدعا لها وطلب منها الرجوع نحو النساء، لأنّه ليس على النساء قتال، فانصاعت أمّ وهب لقوله ورجعت إلى الخيمة.
ولمّا قتل زوجها خرجت نحوه وجلست عند رأسه تمسح عنه التراب وهي تقول له: هنيئاً لك الجنّة. وأسأل الله أن يلحقني بك.
فقال الشمر لغلامه رستم: اضرب رأسها بالعمود، فضرب رأسها فشدخه فماتت مكانها.
أمّ وهب الثانية
ويذكر الشيخ الصدوق امرأة أخرى تدعى أمّ وهب وهي امرأة نصرانيّة جاءت مع ولدها وهب نحو الإمام الحسين (عليه السلام) فأعلنت إسلامها، ولمّا استشهد ولدها في يوم عاشوراء قطع رأسه ورمي به نحو خيم أنصار الحسين (عليه السلام)، ومن ثمّ أخذت سيفاً وتوجّهت به نحو الميدان فناداها الإمام (عليه السلام) قائلاً لها: "يا أمّ وهب اجلسي، فقد وضع الله الجهاد عن النساء، إنّك وابنك مع جدّي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم في الجنّة".
ابنة الشليل البجليّة
وهي زوجة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) وأمّ عبد الله بن الحسن (عليه السلام) وقد عاينت مصرع ابنها الغلام في يوم عاشوراء.
دلهم بنت عمرو
وهي زوجة زهير بن القين، الذي دعاه الإمام لصحبته فأجاب أنّه ليس راغباً بمرافقة الإمام (عليه السلام)، فقالت له زوجته دلهم: "سبحان الله، يبعث إليك ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثمّ لا تأتيه سبحان الله لو أتيته فسمعت من كلامه ثمّ انصرفت"، ولمّا سمع زهير كلام زوجته انقلب وتغيّر وأتى نحو الإمام الحسين (عليه السلام) وما لبث أن جاء مستبشراً قد أشرق وجهه فأمر بفسطاطه وثقله ورحله فحوّل إلى الإمام الحسين (عليه السلام)، ثمّ أمر زوجته أن تلحق بأهلها وسلّمها إلى بعض بني عمّها ليوصلها إليهم. فقالت دلهم لزوجها زهير: "خار الله لك، أسألك أن تذكرني في يوم القيامة عند جدّ الحسين (عليه السلام) ".
الرباب بنت امرئ القيس
وهي ابنة امرئ القيس، الذي أسلم في عهد الخليفة الثاني بعد أن كان نصرانيّاً، وفي ذلك الحين اقترن الإمام الحسين (عليه السلام) بالرباب، وهي أمّ عبد الله وسكينة. وفيها يقول الحسين (عليه السلام):
"لَعَمْرُكَ إِنَّنِي لَأُحِبُّ دَاراً تَحِلُّ بِهَا سُكَيْنَةُ وَالرَّبَابُ
أُحِبُّهُمَا وَأَبْذُلُ بَعْدُ مَالِي وَلَيْسَ لِلائِمِي فِيها عِتَابُ"
وشهدت الرباب في كربلاء مصرع ولدها عبد الله، ويقول ابن عساكر: بأنّها أقامت على قبر الحسين (عليه السلام) حولاً.
وهذا القول مستبعد، وقيل: إنّها أقامت العزاء على زوجها سنة كاملة.
وكانت الرباب من جملة قافلة الأسرى التي أخذت إلى دمشق بعد واقعة عاشوراء، وقيل: إنّها عاشت بعد واقعة كربلاء سنة واحدة.
رقيّة بنت الحسين (عليه السلام)
قيل: إنها الابنة الرابعة للإمام الحسين (عليه السلام)، وذكر أنّ عمرها كان ثلاث سنوات أو أربع. وبعد واقعة كربلاء أخذت مع الأسارى إلى الكوفة والشام، وينقل المؤرّخون بأنّهم حبسوا الأسارى في محبس لا يقيهم الحرّ ولا البرد حتّى تقشّرت جلودهم وجرى الدم من أبدانهم.
ولمّا كانت رقيّة ف