انصاره عليهم السلام
اهل بيته عليهم السلام

روى ابن طاوس انّه: لما رمى ابن سعد عسكر الامام (عليه السلام) أقبلت السهام من القوم كأنّها القطر، فقال (عليه السلام) لأصحابه: قوموا رحمكم اللّه الى الموت الذي لا بد منه، فانّ هذه السهام رسل القوم إليكم، فاقتتلوا ساعة من النهار حملة و حملة حتى قتل من اصحاب الحسين (عليه السلام) جماعة . (و على رواية محمد بن ابي طالب قتل خمسون نفرا يقول المؤلف: لما كان لأصحاب الحسين (عليه السلام) حقوق كثيرة علينا، فانّهم (رض):
السابقون الى المكارم و العلى‏ و الحائزون غدا حياض الكوثر
لو لا صوارمهم و وقع نبالهم‏ لم يسمع الاذان صوت مكبر
و كما قال عدوّهم كعب بن جابر في حقّهم:
فلم تر عيني مثلهم في زمانهم‏ و لا قبلهم في الناس إذ أنا يافع‏
أشد قراعا بالسيوف لدى الوغا ألا كلّ من يحمي الدمار مقارع‏
و قد صبروا للطعن و الضرب حسّرا قد نازلوا لو أنّ ذلك نافع‏
فرأيت من المناسب ذكر اسماء الذين استشهدوا في الحملة الاولى من الذين اطلعت عليهم، و هم كما ذكر في مناقب ابن شهرآشوب بهذا الترتب:
1- نعيم بن عجلان: و هو أخو النعمان بن عجلان من أصحاب امير المؤمنين (عليه السلام) و عامله على البحرين و عمان و قيل انّهما مع نضر أخيهم الثالث من الشجعان و الشعراء و قد حاربوا معاوية يوم صفين مع امير المؤمنين (عليه السلام).
2- عمران بن كعب بن حارث الاشجعي: الذي ذكر في رجال الشيخ.
3- حنظلة بن عمرو الشيباني و قاسط بن زهير مع أخيه مقسط و قد ذكر الشيخ في رجاله انّ اباهما عبد اللّه.
4- كنانة بن عتيق التغلبي: من الابطال و القراء و عباد الكوفة.
5- عمرو بن ضبية بن قيس التميمي: الفارس الشجاع، قيل انّه كان مع عمر بن سعد ثم التحق بالحسين (عليه السلام).
6- ضرغامة بن مالك التغلبي: و قيل انّه خرج للمبارزة بعد صلاة الظهر ثم استشهد.
7- عامر بن مسلم العبدي و مولاه سالم من شيعة البصرة و قد جاء لنصرة الحسين (عليه السلام) مع سيف بن مالك و أدهم بن أمية و يزيد بن ثبيط و ابنائه و قد استشهدوا في الحملة الأولى، و قال الفضل بن عباس بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب رضوان اللّه عليهم في حق عامر و زهير بن سليم و عثمان بن امير المؤمنين (عليه السلام) و الحر و زهير بن القين و عمرو الصيداوي و بشر الحضرمي، عند طعنه على فعال بني أمية:
أرجعوا عامرا و ردّوا زهيرا ثم عثمان فارجعوا غارمينا
و ارجعوا الحرّ و ابن قين و قوما قتلوا حين جاوزوا صفّينا
أين عمرو و أين بشر و قتلى‏ منهم بالعراء ما يدفنونا
8- سيف بن عبد اللّه بن مالك العبدي: قيل انّه خرج للمبارزة بعد الزوال و استشهد رحمه اللّه.
9- عبد الرحمن بن عبد اللّه الأرحبي الهمداني: و هو الذي أرسله أهل الكوفة مع قيس بن مسهر الى الامام الحسين (عليه السلام) لما كان بمكة، و معهما رسائل كثيرة و قد وصلا إليه في اليوم الثاني عشر من شهر رمضان.
10- حباب بن عامر التيمي: من شيعة الكوفة و قد بايع مسلما فلمّا رأى غدر أهل الكوفة به لحق بالحسين (عليه السلام).
11- عمرو الجندعي: و قد عدّه ابن شهرآشوب من المستشهدين في الحملة الاولى، و لكن قال بعض أهل السير و التاريخ: انّه جرح و اصيب بضربة منكرة و جاء قومه و أخذوه من‏
المعركة، و كان مريضا و ملازما للفراش مدة سنة، و قد مات في رأس السنة و يؤيده ما ورد في زيارة الشهداء «السلام على المرتث معه عمرو بن عبد اللّه الجندعي».
12- حلاس (كغراب) بن عمرو الأزدي الراسبي: و أخوه النعمان بن عمرو و هو من أهل الكوفة و من أصحاب امير المؤمنين (عليه السلام) و كان حلاس من قوّاد جيش الامام بالكوفة.
13- سوّار بن أبي عمير النهمي: جرح في الحملة الاولى و وقع بين الجرحى حتى أسر و جاءوا به الى عمر بن سعد، فأراد قتله لكن تشفع به قومه فانصرف عن قتله و تركه بين الاسرى و كان على جرحه الى ستة أشهر ثم توفى بعدها كموقّع بن ثمامة الذي جرح فأخذه قومه الى الكوفة و أخفوه عن ابن زياد، فلمّا بلغ ابن زياد ذلك أرسل إليه ليقتلوه فتشفع فيه قومه بنو أسد فلم يقتله لكنه أوثقه و قيّده بالحديد و أرسله الى بزارة (موضع بعمان) و بقي مريضا حتى توفى هناك بعد سنة و قد أشار إليه الكميت الاسدي في هذا المصرع:
و انّ أبا موسى اسير مكبل (أبو موسى كنية موقّع بن ثمامة)، و جاء في زيارة الشهداء: «السلام على الجريح الأسود سوّار بن أبي عمير النهمي».
14- عمار بن أبي سلامة الدالاني الهمداني: من أصحاب امير المؤمنين (عليه السلام) و من المجاهدين معه و قيل انّه أدرك النبي صلّى اللّه عليه و آله.
15- زاهر مولى عمرو بن الحمق: جدّ محمد بن سنان الزاهري، و قد تشرف بزيارة بيت اللّه الحرام سنة ستين و صاحب الامام سيد الشهداء (عليه السلام) حينذاك و كان معه الى يوم عاشوراء و استشهد في الحملة الاولى.
و روي عن القاضي نعمان المصري: انّ عمرو بن الحمق بقي بعد علي (عليه السلام) فطلبه معاوية فهرب منه نحو الجزيرة و معه رجل من أصحاب عليّ (عليه السلام) يقال له زاهر، فلمّا نزل الوادي نهشت عمرا حية في جوف الليل فأصبح منتفخا فقال: يا زاهر تنح عنّي فانّ حبيبي رسول‏ اللّه (صلى الله عليه واله)قد أخبرني انّه سيشرك في دمي الجن و الانس و لا بد لي من أن أقتل، فبيناهما كذلك اذ رأيا نواصي الخيل في طلبه فقال: يا زاهر تغيب فاذا قتلت فانهم سوف يأخذون رأسي، فاذا انصرفوا فاخرج الى جسدي فواره، قال زاهر: لا بل أنثر نبلي ثم أرميهم به فاذا فنيت نبلي قتلت معك قال: لا بل تفعل ما سألتك به ينفعك اللّه به، فاختفى زاهر و أتى القوم فقتلوا عمرا و احتزوا رأسه فحملوه، فلما انصرفوا خرج زاهر فوارى جسده ثم بقى حتى قتل مع الحسين (عليه السلام).
16- جبلة بن علي الشيباني: من شجعان الكوفة.
17- مسعود بن الحجاج التيمي و ابنه عبد الرحمن و هما من شجعان الكوفة و ابطالها، جاءا مع ابن سعد قبل القتال ثم رأيا الحسين (عليه السلام) فشملتهما السعادة و بقيا معه حتى استشهدا في الحملة الاولى.
18- زهير بن بشر الخثعمي:
19- عمار بن حسان بن شريح الطائي: و هو من خلّص الشيعة و صاحب الحسين (عليه السلام) من مكّة الى كربلاء و استشهد هناك و كان أبوه حسان من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) و استشهد معه بصفين، و جاء في كتب الرجال اسم عامر بدل عمّار، و من أحفاده عبد اللّه بن أحمد بن عامر بن سليمان بن صالح بن وهب بن عامر المقتول بكربلاء، ابن حسان و عبد اللّه مكنّى بأبي القاسم، و له كتب كثيرة منها كتاب قضايا امير المؤمنين (عليه السلام) يرويه عن أبيه أبي الجعد أحمد بن عامر، و قد روى الشيخ النجاشي عن عبد اللّه بن أحمد المذكور انّه قال:
ولد أبي سنة سبع و خمسين و مائة و لقى الرضا (عليه السلام) سنة أربع و تسعين و مائة و مات الرضا (عليه السلام) بطوس سنة اثنين و مائتين يوم الثلاثاء لثمان عشرة خلون من جمادي الاولى، و شاهدت أبا الحسن و أبا محمد عليهما السّلام و كان أبي مؤذنهما الى آخر الحديث‏ فعلم انهما نشئا في بيوت اجلّاء الشيعة قدس اللّه ارواحهم.
20- مسلم بن كثير الازدي الكوفي التابعي: قيل انّه من اصحاب امير المؤمنين (عليه السلام) و قد أصيب بجرح في رجله في بعض الحروب التي شارك فيها مع الامام (عليه السلام) و جاء من الكوفة الى كربلاء لنصرة سيد العترة و استشهد في الحملة الاولى و استشهد نافع مولاه بعد صلاة الظهر.
21- زهير بن سليم الأزدي: و هذا الرجل العظيم من السعداء الذين لحقوا بالحسين (عليه السلام) ليلة عاشوراء.
22- عبد اللّه و عبيد اللّه: ابنا يزيد بن ثبيط العبدي البصري‏ .
روى أبو جعفر الطبري: اجتمع ناس من الشيعة بالبصرة في منزل امرأة من عبد القيس يقال لها مارية ابنة سعد أو منقذ أياما و كانت تشيع و كان منزلها لهم مألفا يتحدّثون فيه، و قد بلغ ابن زياد اقبال الحسين فكتب الى عامله بالبصرة أن يضع المناظر و يأخذ بالطريق.
قال: فأجمع يزيد بن نبيط الخروج و هو من عبد القيس الى الحسين و كان له بنون عشرة فقال ايكم يخرج معي؟ فانتدب معه ابنان له عبد اللّه و عبيد اللّه، فقال لأصحابه في بيت تلك المرأة اني قد أزمعت على الخروج و أنا خارج، فقالوا له: انّا نخاف عليك أصحاب بن زياد، فقال: انّي و اللّه لو قد استوت أخافهما بالجدد لهان عليّ طلب من طلبني.
قال: ثم خرج فقوى في الطريق حتى انتهى الى الحسين (عليه السلام) فدخل في رحله بالأبطح و بلغ الحسين مجيئه فجعل يطلبه و جاء الرجل الى رحل الحسين، فقيل له: قد خرج الى منزلك فأقبل في أثره، و لما لم يجده الحسين جلس في رحله ينتظره و جاء البصري فوجده في رحله جالسا، فقال: بفضل اللّه و برحمته فبذلك فليفرحوا، قال: فسلّم عليه و جلس إليه فخبره‏
بالذي جاء له فدعا له بخير ثم أقبل حتى أتى فقاتل معه فقتل معه هو و ابناه‏ .
قال بعض أهل السير و التاريخ انّ يزيد بن ثبيط لما خرج من البصرة لازمه عامر و مولاه سالم و سيف بن مالك و أدهم بن أمية و استشهدوا كلّهم بكربلاء و قيل في رثاء يزيد و ابنيه:
يا فرو قومي فاندبي‏ خير البريّة في القبور
و ابكى الشهيد بعبرة من فيض دمع ذي درور
وارث الحسين مع التفجّع‏ و التأوّه و الزفير
قتلوا الحرام من الأئمة في الحرام من الشهور
و ابكى يزيد مجدّلا و ابنيه في حرّ الهجير
مترمّلين دمائهم‏ تجري على لبب النّحور
يا لهف نفسي لم تفز معهم بجنّات و حور
و من أوائل المقتولين، جندب بن حجر الكندي الخولاني و كان من اصحاب امير المؤمنين (عليه السلام) و منهم جنادة بن كعب الانصاري الذي لحق بالحسين (عليه السلام) مع أهله و عياله في مكة و قاتل ابنه عمرو بن جنادة بعد قتل ابيه بأمر أمه حتى استشهد.
و منهم سالم بن عمرو، و قاسم بن حبيب الأزدي، و بكر بن حيّ التيمي، و جوين بن مالك التيمي، و أميّة بن سعد الطائي، و عبد اللّه بن بشر، المشهور بالشجاعة، و بشر بن عمرو، و الحجاج بن بدر البصري حامل كتاب مسعود بن عمرو من البصرة الى الحسين (عليه السلام).
و منهم صاحب الحجاج و صديقه، قعنب بن عمرو النمري البصري، و عائذ بن مجمّع بن عبد اللّه العائذي رضوان اللّه عليهم اجمعين و عشرة من موالي الحسين (عليه السلام) و اثنان من موالي امير المؤمنين (عليه السلام).
يقول المؤلف: اسماء بعض هؤلاء الموالي الذين استشهدوا بهذا الترتيب: أسلم بن عمرو كاتب‏ الحسين (عليه السلام)، و كان أبوه تركيا، و قارب بن عبد اللّه الدئلي، و كانت أمه جارية للحسين (عليه السلام)، و منحج بن سهم مولى الحسن (عليه السلام) و قد جاء الى كربلاء مع ابناء الامام الحسن (عليه السلام) و استشهد معهم.
و سعد بن الحرث مولى أمير المؤمنين (عليه السلام) و نصر بن أبي نيزر مولاه أيضا، و نصر هو الذي كان يعمل أبوه في نخيل لأمير المؤمنين (عليه السلام)، و حرث بن نبهان مولى حمزة، ... و غيرهم.
على أي حال، لمّا استشهد في هذه الحملة اكثر أصحاب الحسين، تأثر الامام كثيرا و تأذّى، فوضع يده الشريفة على لحيته و قال: «اشتدّ غضب اللّه تعالى على اليهود اذ جعلوا له ولدا، و اشتد غضب اللّه على النصارى اذ جعلوه ثالث ثلاثة، و اشتد غضبه على المجوس اذ عبدوا الشمس و القمر دونه، و اشتد غضبه على قوم اتفقت كلمتهم على قتل ابن بنت نبيهم، أما و اللّه لا أجيبهم الى شي‏ء ممّا يريدون حتى ألقى اللّه و أنا مخضّب بدمي» .
و لا يخفى أنّ جمعا من وجهاء جيش الكوفة، ما كانوا يرضون قتال الحسين (عليه السلام) حذرا من خسران الدارين فلذا كانوا يماطلون و يسامحون في أمر القتال و كانت الرسل و الكتب تتبادل بين الجيشين فلما علموا انّ الحسين (عليه السلام)، لا يلبس لباس الذل، و انّ عبيد اللّه بن زياد لا يترك الحسين كي يفعل ما يشاء، عزموا على القتال.