انصاره عليهم السلام
اهل بيته عليهم السلام

كان نافع بن هلال الجملي- و هو من شجعان جيش الحسين (عليه السلام)- قد كتب أسمه على أفواق نبله فجعل يرمي بها مسمومة و هو يقول:
أرمي بها معلمة أفواقها مسمومة تجرى بها اخفاقها
ليملأن أرضها رشاقها و النّفس لا ينفعها اشفاقها
فلم يزل يرميهم حتى فنيت سهامه، ثم ضرب يده الى سيفه و جعل يقول:
أنا الغلام اليمني الجملي‏ ديني على دين حسين بن عليّ‏
ان أقتل اليوم فهذا املي‏ فذاك رأيي و ألاقي عملي‏
فقتل أثني عشر و قيل سبعين نفرا من أصحاب عمر بن سعد سوى من جرح، فحمل عليه القوم و ضرب حتى كسر عضداه و أخذ أسيرا.
قال الراوي: فأخذه شمر و معه أصحاب له يسوقون نافعا و الدم يجري على وجهه و لحيته حتى أوتى به الى عمر بن سعد، فقال له عمر بن سعد: ويحك ما حملك على ما صنعت بنفسك؟
قال: انّ ربي يعلم ما أردت، و ما ألوم نفسي على الجهد و لو بقيت لي عضد و ساعد ما أسرتموني، فقال شمر لعمر: أقتله أصلحك اللّه، قال: أنت جئت به فان شئت فاقتله.
فانتضى شمر سيفه فقال له نافع: أما و اللّه ان لو كنت من المسلمين، لعظم عليك أن تلقى اللّه بدمائنا، فالحمد للّه الذي جعل منايانا على يدي شر خلقه، فقتله شمر اللعين‏ .
و قد ذكرت هذه القضية في بعض الكتب باسم هلال بن نافع و أظن سقوط اسم نافع من أوله و سببه تكرار نافع في الاسم، و كان نافع شجاعا ذا بصيرة و شرفا و له مرتبة و قدر عظيم.
و قد ذكر سابقا انّه جاء لنصرة الحسين (عليه السلام) من الكوفة و كان دليله الطرماح فخرج من الطريق الوعر حتى لحق بالحسين (عليه السلام) و معه مجمّع بن عبد اللّه و جمع آخر و كان اسم جواده الكامل فكانوا يسوقونه معهم.
و قال الطبري: لما اشتدّ على الحسين (عليه السلام) و أصحابه العطش دعا العباس بن عليّ أخاه‏ فبعثه في ثلاثين فارسا و عشرين راجلا و بعث معهم بعشرين قربة فجاءوا حتى دنوا من الماء ليلا و استقدم امامهم باللواء نافع بن هلال الجملي، فقال عمرو بن الحجاج الزبيدي: من الرجل؟ فجي‏ء ما جاء بك، قال: جئنا نشرب من هذا الماء الذي جلأتمونا عنه، قال فاشرب هنيئا، قال: لا و اللّه لا أشرب منه قطرة و حسين عطشان و من ترى من أصحابه.
فطلعوا عليه فقال: لا سبيل الى سقي هؤلاء، إنمّا وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء، فلما دنا منه أصحابه قال لرجاله: املئوا قربكم، فشدّ الرجالة فملئوا قربهم و ثار إليهم عمرو بن الحجاج و أصحابه، فحمل عليهم العباس بن عليّ و نافع بن هلال، فكفوهم ثم انصرفوا الى رحالهم‏ .
و نافع هو الذي قال للحسين (عليه السلام) في طي كلامه: و انّا على نياتنا و بصائرنا نوالي من والاك و نعادي من عاداك.