انصاره عليهم السلام
اهل بيته عليهم السلام

استأذن الحسين برير بن خضير «1» في أن يكلم القوم فأذن له و كان شيخا تابعيا ناسكا قارئا للقرآن و من شيوخ القراء في جامع الكوفة و له في الهمدانيين شرف و قدر.
فوقف قريبا منهم و نادى: يا معشر الناس إن اللّه بعث محمدا بشيرا و نذيرا و داعيا إلى اللّه و سراجا منيرا، و هذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد و كلابه و قد حيل بينه و بين ابن بنت رسول اللّه أفجزاء محمد هذا «2»؟
فقالوا : يا برير قد اكثرت الكلام فاكفف عنا فو اللّه ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله.
قال : يا قوم إن ثقل محمد قد أصبح بين أظهركم و هؤلاء ذريته و عترته و بناته و حرمه فهاتوا ما عندكم و ما الذي تريدون أن تصنعوه بهم فقالوا: نريد أن نمكن منهم الأمير عبيد اللّه بن زياد فيرى فيهم رأيه.
قال : أفلا تقبلون منهم أن يرجعوا إلى المكان الذي جاؤوا منه ويلكم يا أهل‏ الكوفة أنسيتم كتبكم و عهودكم التي أعطيتموها و اشهدتم اللّه عليها و عليكم؟
أدعوتم أهل بيت نبيكم و زعمتم أنكم تقتلون أنفسكم دونهم حتى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد و حلأتموهم عن ماء الفرات بئسما خلفتم نبيكم في ذريته! ما لكم لا سقاكم اللّه يوم القيامة فبئس القوم أنتم!
فقال له نفر منهم: يا هذا ما ندري ما تقول!
قال: الحمد للّه الذي زادني فيكم بصيرة اللهم إني أبرأ إليك من فعال هؤلاء القوم اللهم ألق بأسهم بينهم حتى يلقوك و أنت عليهم غضبان.
فجعل القوم يرمونه بالسهام فتقهقر.
________________
(1) قال ابن الأثير في الكامل ج 4 ص 37 برير بالباء الموحدة و فتح الراء المهملة و سكون الياء المثناة من تحتها و آخره راء و خضير بالخاء و الضاد المعجمتين.
(2) في أمالي الصدوق ص 96 مجلس 30 طبعة أولى: لما بلغ العطش من الحسين و أصحابه استأذن برير أن يكلم القوم فأذن له.