انصاره عليهم السلام
اهل بيته عليهم السلام

لما عزم عابس بن أبي شبيب الشاكري على أدراك السعادة العظمى توجه الى صاحبه شوذب مولى شاكر- من متقدمي الشيعة و حفاظ الحديث و حامليه و ذو مقام رفيع بل نقل انه كان له مجلس يجتمع الشيعة فيه و يأخذوا منه الحديث و كان رحمه اللّه وجها فيهم- فقال له: يا شوذب ما في نفسك أن تصنع؟ قال: ما أصنع، أقاتل معك دون ابن بنت رسول اللّه (صلى الله عليه واله)حتى أقتل.
قال: ذلك الظن بك فتقدم بين يدي ابي عبد اللّه (عليه السلام) حتى يحتسبك كما احتسب غيرك من اصحابه و حتى أحتسبك أنا، فانّه لو كان معي الساعة أحد أنا أولى به منّي بك، لسرّني أن يتقدم بين يدي حتى أحتبسه، فانّ هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب الاجر فيه بكل ما قدرنا عليه، فانّه لا عمل بعد اليوم و إنمّا هو الحساب.
فتقدم فسلم على الحسين (عليه السلام) ثم مضى، فقاتل حتى قتل رحمة اللّه و رضوانه عليه.
قال الراوي: ثم قال عابس بن ابي شبيب: يا ابا عبد اللّه أما و اللّه ما أمسى على ظهر الارض قريب و لا بعيد أعزّ عليّ و لا أحبّ إليّ منك، و لو قدرت على أن أدفع عنك الضيم و القتل بشي‏ء أعزّ عليّ من نفسي و دمي لفعلته، السلام عليك يا ابا عبد اللّه أشهد اللّه انّي على هديك‏ و هدي ابيك.
ثم مشى بالسيف مصلتا نحوهم و به ضربة على جبينه‏ .
قال ربيع بن تميم الذي كان في جيش عمر بن سعد: لما رأيته مقبلا عرفته و قد شاهدته في المغازي و كان أشجع الناس و قلت: أيها الناس هذا أسد الاسود هذا ابن أبي شبيب، لا يخرجن إليه أحد منكم، فأخذ ينادي: أ لا رجل أ لا رجل، فقال عمر بن سعد: أرضخوه بالحجارة، فرمي بالحجارة من كل جانب، فلما رأى ذلك ألقى درعه و مغفره، ثم شدّ على الناس.
و كأنّ حسان بن ثابت قال في هذا المقام:
يلقى الرماح الشاجرات بنحره‏ و يقيم هامته مقام المغفر
ما أن يريد اذا الرماح شجرنه‏ درعا سوى سربال طيب العنصر
و يقول للطرف اصطبر لشبا القنا فهدمت ركن المجد ان لم تعقر
قال ربيع: فو اللّه لرأيته يطرد اكثر من مائتين من الناس، ثم انهم تعطفوا من كل جانب عليه (فضربوه بالحجارة و الرماح و السيوف) حتى قتل رحمه اللّه، فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدة هذا يقول: انا قتلته و هذا يقول: أنا قتلته، فأتوا عمر بن سعد اللعين فقال: لا تختصموا هذا لم يقتله سنان واحد، ففرق بينهم بهذا القول‏ .
يقول المؤلف: قيل انّ عابس من رجال الشيعة كان شجاعا رئيسا خطيبا عابدا متهجدا، و قد ذكر سابقا كلامه مع مسلم بن عقيل لما قدم الكوفة و قال الطبري: انّ مسلم كتب الى الحسين يدعوه بعد ما بايعه أهل الكوفة، فأرسل كتابه بيد عابس‏ .