انصاره عليهم السلام
اهل بيته عليهم السلام

و لما رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد كانوا نزولا بالغاضرية إلى الحسين (عليه السلام) و أصحابه رحمة اللّه عليهم فصلوا عليهم و دفنوا الحسين (عليه السلام) حيث قبره الآن و دفنوا ابنه علي بن الحسين الأكبر (عليه السلام) عند رجليه و حفروا للشهداء من أهل بيته و أصحابه الذين صرعوا حوله مما يلي رجلي الحسين (عليه السلام) و جمعوهم و دفنوهم جميعا معا و دفنوا العباس بن علي (عليه السلام) في موضعه الذي قتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الآن‏ .
و في الكامل البهائي: و دفن الحر بن يزيد في موضعه الذي قتل فيه دفنه أقاربه. و قال: إن بني أسد افتخرت على قبائل العرب بأنا صلينا على الحسين (عليه السلام) و دفناه و أصحابه‏ .
قال ابن شهرآشوب و المسعودي: و دفن جثثهم بالطف أهل الغاضرية (العامرية خ ل) من بني أسد بعد ما قتلوه (قتلوا ظ) بيوم. و زاد الأول: و كانوا يجدون لأكثرهم قبورا و يرون طيورا بيضا .
و في تذكرة السبط: و كان زهير بن القين قد قتل مع الحسين (عليه السلام) و قالت امرأته لغلام له: اذهب فكفن مولاك. فذهب فرأى الحسين (عليه السلام) مجردا فقال: أكفن مولاي و أدع الحسين (عليه السلام) لا و اللّه. فكفنه ثم كفن مولاه في كفن آخر .
اعلم أنه قد ثبت في محله أنه لا يلي أمر المعصوم إلا المعصوم و أن الإمام لا يغسله إلا الإمام و لو قبض إمام في المشرق و كان وصيه في المغرب لجمع اللّه بينهما.
و روي عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) قال: لما قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله هبط جبرئيل و معه الملائكة و الروح الذين كانوا يهبطون في ليلة القدر.
قال: ففتح لأمير المؤمنين (عليه السلام) بصره فرآهم من منتهى السماوات إلى الأرض يغسلون النبي صلى اللّه عليه و آله معه و يصلون عليه و يحفرون له و اللّه ما حفر له غيرهم حتى إذا وضع في قبره نزلوا مع من نزل فوضعوه فتكلم (عليه السلام) و فتح لأمير المؤمنين (عليه السلام) سمعه يوصيهم فبكى و سمعهم يقولون لا يألونه جهدا و إنما هو صاحبنا بعدك إلا أنه ليس يعايننا ببصره بعد مرتنا هذه قال: فلما مات أمير المؤمنين (عليه السلام) رأى الحسن و الحسين (عليهما السلام) مثل الذي كان (عليه السلام) رأى و رأيا النبي أيضا يعين الملائكة مثل الذي صنعه بالنبي صلى اللّه عليه و آله حتى إذا مات الحسن رأى منه الحسين (عليه السلام) مثل ذلك و رأى النبي و عليا (عليهما السلام) يعينان الملائكة حتى إذا مات الحسين رأى علي ابن الحسين (عليه السلام) منه مثل ذلك- الخ‏ .
و فيما احتج مولانا الرضا (عليه السلام) على الواقفة قال له علي بن أبي حمزة: أنا روينا عن آبائك (عليهم السلام) أن الإمام لا يلي أمره إلا إمام مثله فقال له أبو الحسن: فأخبرني عن الحسين كان إماما أو غير إمام. قال:
كان إماما. قال: فمن ولي أمره. قال: علي بن الحسين (عليهما السلام). قال: و أين كان علي بن الحسين و كان محبوسا في الكوفة و في يد عبيد اللّه بن زياد. قال:
خرج و هم كانوا لا يعلمون حتى ولي أمره (أمر أبيه خ ل) ثم انصرف. فقال له أبو الحسن (عليه السلام) : إن من أمكن علي بن الحسين (عليه السلام) أن يأتي كربلاء فيلي أمر أبيه فهو يمكن صاحب هذا الأمر أن يأتي بغداد فيلي أمر أبيه ثم ينصرف و ليس في حبس و لا أسار .
و روى الشيخ الطوسي بسنده عن الصادق (عليه السلام) قال: أصبحت يوما أم سلمة تبكي فقيل لها: مم بكاؤك؟ فقالت: لقد قتل ابني الحسين (عليه السلام) الليلة و ذلك أنني ما رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله منذ مضى (مات خ ل) إلا الليلة فرأيته شاحبا كئيبا فقالت: قلت ما لي أراك يا رسول اللّه شاحبا كئيبا؟ قال: ما زلت الليلة أحفر القبور للحسين و أصحابه‏ .
و روى الصدوق عن ابن عباس أنه رأى النبي صلى اللّه عليه و آله في منامه يوما بنصف النهار و هو أشعث أغبر في يده قارورة فيها دم. فقال: يا رسول اللّه ما هذا الدم؟ قال: دم الحسين لم أزل التقطه منذ اليوم فأحصي ذلك اليوم فوجد قتل (عليه السلام) في ذلك اليوم‏ .
و الروايات بمضمون هاتين الروايتين كثيرة .
و في المناقب قال: و في أثر ابن عباس رأى النبي صلى اللّه عليه و آله في منامه بعد قتل الحسين (عليه السلام) و هو مغبر الوجه حافي القدمين باكي العينين‏ و قد ضم حجز قميصه الى نفسه و هو يقرأ وَ لا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ‏ و قال صلى اللّه عليه و آله اني مضيت إلى كربلاء و التقطت دم الحسين من الأرض و هو ذا في حجري و أنا ماض أخاصمهم بين يدي ربي‏ .
و في كامل ابن الأثير: قال ابن عباس: رأيت النبي صلى اللّه عليه و آله الليلة التي قتل فيها الحسين (عليه السلام) و بيده قارورة و هو يجمع فيها دماء فقلت: يا رسول اللّه ما هذا؟ قال: هذه دماء الحسين و أصحابه أرفعها إلى اللّه تعالى فأصبح ابن عباس فأعلم الناس بقتل الحسين (عليه السلام) وقص رؤياه فوجد قد قتل في ذلك اليوم‏ .
أقول: ليس في الكتب المعتبرة كيفية دفن الحسين و من قتل معه مفصلا و يظهر من رواية الشيخ الطوسي أن بني أسد جاءوا ببارية جديدة و فرشوا بها تحت الحسين فإنه قد روي عن الديزج قال: أتيت في خاصة غلماني فقط فإني نبشت فوجدت بارية جديدة و عليها بدن الحسين بن علي (عليهما السلام) و وجدت منه رائحة المسك فتركت البارية على حالها و بدن الحسين (عليه السلام) على البارية و أمرت بطرح التراب عليه و أطلقت عليها الماء .
و روي أيضا عن أبي الجارود قال: حفر (عند خ) قبر الحسين (عليه السلام) عند رأسه و عند رجليه أول ما حفر فأخرج منه مسك أذفر لم يشكوا فيه‏ .
و في الحديث المشهور عن زائدة الذي نقلت صدره في آخر الفصل السابق:
قال جبرئيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: فإن سبطك هذا- و أومى بيده إلى الحسين- مقتول في عصابة من ذريتك و أهل بيتك و أخيار من أمتك بضفة الفرات بأرض تدعى كربلاء. إلى أن قال: فإذا برزت تلك العصابة الى مضاجعها تولى اللّه عز و جل قبض أرواحها بيده و هبط إلى الأرض ملائكة من السماء السابعة معهم‏ آنية من الياقوت و الزمرد مملوءة من ماء الحياة و حلل من حلل الجنة و طيب من طيب الجنة فغسلوا جثثهم من ذلك الماء و ألبسوها الحلل و حنطوها بذلك الطيب و صلى الملائكة صفا صفا عليهم ثم يبعث اللّه قوما من أمتك لا يعرفهم الكفار و لم يشركوا في تلك الدماء بقول و لا فعل و لا نية فيوارون أجسامهم و يقيمون رسما لقبر سيد الشهداء (عليه السلام) بتلك البطحاء يكون علما لأهل الحق و سببا للمؤمنين إلى الفوز و تحفه ملائكة من كل سماء مائة ألف ملك في كل يوم و ليلة و يصلون عليه و يسبحون اللّه عنده و يستغفرون اللّه لزواره و يكتبون أسماء من يأتيه زائرا- الحديث‏.