انصاره عليهم السلام
اهل بيته عليهم السلام

قال الشيخ الكفعمي و الشيخ البهائي و غيرهما: أدخل رأس الحسين (عليه السلام) الى دمشق في أول صفر، و هو عيد عند بني أميّة و تتجدد فيه الاحزان.
قلت: و يحق أن يقال:
كانت مآتم بالعراق تعدها أموية بالشام من أعيادها
روى السيد ابن طاوس رحمه اللّه انّه: سار القوم برأس الحسين و نسائه و الأسرى من رجاله فلما قربوا من دمشق دنت أمّ كلثوم من الشمر (لعنه اللّه) و كان من جملتهم، فقالت له: لي إليك حاجة، فقال: ما حاجتك؟ قالت: اذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل النظّارة، و تقدّم إليهم أن يخرجوا هذه الرءوس من بين المحامل و ينحّونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر إلينا و نحن في هذه الحال.
فأمر في جواب سؤالها أن يجعل الرءوس على الرماح في أوساط المحامل بغيا منه و كفرا، و سلك بهم بين النظّارة على تلك الصفّة حتى أتى بهم باب دمشق فوقفوا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي‏ .
و روى المجلسي في جلاء العيون نقلا عن بعض كتب المناقب القديمة عن سهل بن سعد انّه‏ قال: خرجت الى بيت المقدس حتى توسطت الشام فاذا أنا بمدينة مطرّدة الانهار، كثيرة الاشجار قد علقوا الستور و الحجب و الديباج، و هم فرحون مستبشرون و عندهم نساء يلعبن بالدفوف و الطبول، فقلت في نفسي: لا نرى لأهل الشام عيدا لا نعرفه نحن، فرأيت قوما يتحدّثون فقلت: يا قوم لكم بالشام عيد لا نعرفه نحن؟ قالوا: يا شيخ نراك اعرابيا.
فقلت: أنا سهل بن سعد قد رأيت محمدا (صلى الله عليه واله)قالوا: يا سهل ما أعجبك السماء لا تمطر دما و الارض لا تنخسف بأهلها؟ قلت: و لم ذلك؟ قالوا: هذا رأس الحسين (عليه السلام) عترة محمد (صلى الله عليه واله)يهدى من أرض العراق.
فقلت: وا عجباه يهدى رأس الحسين و الناس يفرحون؟ قلت: من أي باب يدخل؟
فأشاروا الى باب يقال له باب الساعات، فبينا أنا كذلك حتى رأيت الرايات يتلو بعضها بعضا فاذا نحن بفارس بيده لواء منزوع السنان عليه رأس من أشبه الناس وجها برسول اللّه (صلى الله عليه واله)فاذا أنا من ورائه رأيت نسوة على جمال بغير وطاء.
فدنوت من اولادهم: فقلت: يا جارية من أنت؟ فقالت: أنا سكينة بنت الحسين، فقلت لها:
أ لك حاجة إليّ؟ فأنا سهل بن سعد ممن رأى جدّك و سمعت حديثه، قالت: يا سهل قل لصاحب هذا الرأس أن يقدّم الرأس أمامنا حتى يشتغل الناس بالنظر إليه و لا ينظروا الى حرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قال سهل: فدنوت من صاحب الرأس فقلت له: هل لك أن تقضي حاجتي و تأخذ منّي اربعمائة دينار؟ قال: ما هي؟ قلت: تقدّم الرأس امام الحرم، ففعل ذلك فدفعت إليه ما وعدته‏ .
و في رواية ابن شهرآشوب انّه: فلما كان الغد أخرج الدراهم و قد جعلها اللّه حجارة سوداء مكتوب على أحد جانبيها: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ } [إبراهيم: 42] 757
و على الجانب الآخر: { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] و روى القطب الراوندي عن منهال بن عمرو انّه قال: أنا و اللّه رأيت رأس الحسين حين حمل و أنا بدمشق و بين يديه رجل يقرأ الكهف حتى بلغ قوله: { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا } [الكهف: 9].
فأنطق اللّه الرأس بلسان ذرب ذلق، فقال: أعجب من أصحاب الكهف قتلي و حملي‏ .