انصاره عليهم السلام
اهل بيته عليهم السلام

قال عليّ بن الحسين (عليه السلام): يا يزيد ائذن لي حتى أصعد هذه الاعواد فأتكلّم بكلمات للّه فيهن رضا، و لهؤلاء الجلساء فيهنّ أجر و ثواب، فأبى يزيد عليه ذلك، فقال الناس: يا أمير المؤمنين ائذن له فليصعد المنبر فلعلّنا نسمع منه شيئا.
فقال يزيد: انّه ان صعد (المنبر) لم ينزل الّا بفضيحتي و بفضيحة آل أبي سفيان، فقيل له: يا أمير المؤمنين و ما قدر ما يحسن هذا؟ فقال: انّه من أهل بيت قد زقّوا العلم زقّا، فلم يزالوا به حتى أذن له فصعد المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه ثم خطب خطبة أبكى منها العيون و أوجل منها القلوب.
أقول: انّي أحبّ في هذا المقام أن أتمثل بهذه الابيات التي لا يستحق أن يمدح بها الّا هذا الامام (عليه السلام):
حتى أنرت بضوء وجهك فانجلى‏ ذاك الدّجى و انجاب ذاك العثير
فافتنّ فيك النّاظرون فاصبح يومى إليك بها و عين تنظر
يجدون رؤيتك التي فازوا بها من أنعم اللّه التي لا تكفروا
فمشيت مشية خاضع متواضع‏ للّه لا يزهى و لا يتكبّر
فلو أنّ مشتاقا تكلّف فوق ما في وسعه لمشى إليك المنبر
أبديت من فصل الخطاب بحكمة تبنى على الحقّ المبين و تخبر
ثم قال: أيّها الناس أعطينا ستا و فضّلنا بسبع: أعطينا العلم، و الحلم، و السماحة، و الفصاحة، و الشجاعة، و المحبة في قلوب المؤمنين، و فضّلنا بأنّ منّا النبي المختار محمدا، و منّا الصدّيق، و منّا الطيّار، و منّا أسد اللّه و أسد رسوله، و منّا سبطا هذه الامة، من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني أنبأته بحسبي و نسبي.
أيّها الناس انا ابن مكة و منى، أنا ابن زمزم و الصفا، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الرداء، أنا ابن خير من ائتزر و ارتدى ... فذكر جميع مفاخره و مدائح آبائه‏ - الى ان قال:- انا ابن فاطمة الزهراء، أنا ابن سيدة النساء، فلم يزل يقول أنا أنا حتى ضجّ الناس بالبكاء و النحيب و خشى يزيد لعنه اللّه أن يكون فتنة، فأمر المؤذّن فقطع عليه الكلام، فلمّا قال المؤذن: اللّه اكبر، اللّه اكبر، قال عليّ: لا شي‏ء اكبر من اللّه، فلما قال: أشهد أن لا إله الّا اللّه، قال عليّ بن الحسين: شهد بها شعري و بشري و لحمي و دمي، فلما قال المؤذن: أشهد أن محمدا رسول اللّه، التفت من فوق المنبر الى يزيد فقال: محمد هذا جدي أم جدّك يا يزيد؟ فان زعمت انّه جدّك فقد كذبت و كفرت، و ان زعمت انّه جدّي فلم قتلت عترته؟ فلم يجيبه شيئا، فقام و شرع بالصلاة لعنه اللّه و أخزاه‏ .