الشعائر الحسينيه
الزيارة و فضلها

تعد زيارة قبور أهل البيت من المراسم السائدة في المجتمعات الشيعية بوجه عام ، وقد لقيت قبولاً واسعاً لها بين أوساط الموالين لأهل البيت لاسيما وان الكثير منها مروي عن الأئمة الأطهار بسند صحيح، ونظرة خاطفة لكتب الزيارات مثل كتاب «الزيارات» لابن قولويه وكتاب «المصباح» للكفعمي وغيره الكثير، كافية لتأييد ما أقول، ولا تخلو تلك الزيارات من كونها احتفالاً بميلاد أحد الأئمة الأطهار، كزيارة النصف من شعبان ، وزيارة الثالث عشر من رجب ، او تكون تلك الزيارة لإقامة العزاء بوفاة أحد الأئمة الأطهار، كما في زيارة عاشوراء ذكرى استشهاد الإمام الحسين ، وزيارة الثامن والعشرين من صفر ذكرى وفاة النبي الأكرم ، وزيارة الأربعين من القسم الثاني فهي لتجديد الحزن والأسى بوفاة أبي عبد الله الحسين .
وقد لعبت هذه الزيارة كغيرها من الزيارات دوراً رئيسياً في بناء المجتمع الموالي لأهل البيت ، فهي باعتبارها تجمعاً حاشداً لملايين المعزين تطرح نفسها كفعل اجتماعي لا يمكن تجاوزه، فهكذا تجمع لا يخلو من فوائد اجتماعية عدة منها :
الإحساس بآلام آل الرسول ومواساتهم ، وهذا ما يدفع الى فعل الزيارة تلك، وفي نفس الوقت يكون قد تسلّح بطاقة عجيبة تدفعه للحنو على الآخرين ومساواتهم، وإبداء المساعدة لمن يحتاجها، ومشاركة الآخرين أحزانهم وأفراحهم على السواء، تأسيا بآل الرسول وهذا واضح ومعروف لكل من مارس تلك الزيارة واشترك في أداء شعائرها، وذهب للتبرك بأضرحة الأئمة المعصومين، ليرجع محملا بفيوضات الحسين والأئمة من ولد الحسين ، وفي قلبه وضميره تضحية الحسين بولده وعياله يحملها معه في حله وترحاله، ولسان حاله يقول :
لا تطلبوا المولى حسينَِ بأرض شرق او بغرب
ودعوا الجميع وعرجوا نحوي فمشهده بقلبي (1)
معونة الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
لقد منح الإمام الحسين بحق قيمة ودرجة رفيعة لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وزاده اعتبارا وتقديرا، وهو ذلك الأصل الذي يعتبر فخر المسلمين وزينتهم وخيرهم ، ولا غرو في ذلك فهو اللسان المعبّر بقوة عن فحوى قول الله تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران : 110] ، كذلك فان من زاره عارفاً بحقه ، فقد أعان على الحق وجعله نبراساً له لا يحيد عنه مبغضا للباطل ومن تبعه، رافعا شعار الإسلام حينما يرفع راية بيده وهو يمشي صوب الحسين.
استلهام معالم الدين الواضحة والمنهج الصحيح للتديّن: وذلك عن طريق استحضار منهج الإمام وأولاده الأئمة الكرام ، وإتباع طريقهم من خلال تدبر وتأمل ما ورد في سطور الزيارة الأربعينية حيث ورد فيها في الثناء على منهج الحسين «فأعذر في الدعاء ، ومنح النصح ، وبذل مهجته فيك، ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة».
تؤدي الزيارة بصورة عامة ، وزيارة الأربعين بصورة خاصة دور مؤتمر سنوي ديني ودنيوي يجتمع فيه المسلمون كافة ، ويتبادلون فيه الرأي والفكرة ويطرحون فيه - بأقل كلفة ومؤونة – قضاياهم لمعالجتها ودراستها ، كما ان هذه المناسبات – وبالخصوص زيارة الأربعين – توجب استفادة الناس من مراكز التعليم الديني وحسن استخدامها، وكذلك حسن استخدامهم لوقتهم بدل قضاء ذلك الوقت في المقاهي ببطالة ودون عمل مثمر ومفيد ، ولا ننسى ان زيارة الأربعين قد اعتادت الملايين على أدائها مشياً على الأقدام وتحت كل الظروف السيئة منها والجيدة ، وفي ذلك مالا يخفى من تمرين للنفس قبل البدن على الجلد والصبر والأناة وهو مما ينعكس إيجابياً على الفرد في جميع جوانبه الحياتية ، مضافا الى أنها رياضة مفيدة للبدن، فان المشي من الرياضات التي يوصي بها الأطباء و يشهد بفائدتها كل من زاول تلك الرياضة ، ولو أردنا أن نعدّد النشاطات الاجتماعية لزيارة الأربعين لوجدنا فيها الكثير الكثير من الفوائد والمميزات العظيمة ، كل ذلك كرامة من الله تعالى لحبيب قلب رسوله الإمام الحسين (سلام الله عليه).
__________
(1) تذكرة الخواص ص239.