الشعائر الحسينيه
الزيارة و فضلها

وهذا السند ذكره جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي ; في كتاب (كامل الزيارات) بهذه الصورة : حدّثني حكيم بن داود بن حكيم وغيره عن محمّد بن موسى الهمداني عن محمّد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عَميرة وصالح بن عقبة جميعاً عن علقمة بن محمّد الحضرمي عن ابي جعفر (عليه السلام) .
1 ـ حكيم بن داود بن حكيم
وهو أحد مشايخ جعفر بن قولويه القمي ; وقد صرّح ابن قولويه ; في مقدمة (كامل الزيارات) أنه لا ينقل إلا عن الثقات وقد استنبط علماء الرجال الكبار من هذا الكلام أن جميع مشايخ ابن قولويه هم من الثقات ومنهم حكيم بن داود بن حكيم .
وهذا هو نص تصريح بن قولويه ; الدالّ على توثيق رواة (كامل الزيارات) ومنهم مشايخه : ... قد علمنا أنّا لا نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا في غيره لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم الله برحمته ولا أخرجت فيه حديثاً روي عن الشذاذ من الرجال يؤثر ذلك عنهم عن المذكورين غير المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث والعلم .
يقول العلامة المامقاني (قدس سره الشريف) في (تنقيح المقال) : حكيم بن داود بن حكيم من مشايخ ابن قولويه وقد صرح (رحمه الله) في أوّل كامل الزيارات بوثاقه مشايخه وحيث إنّه من العدالة والوثاقه مسلم الكل ولذلك يجب عدّ المعنون ثقة جليلاً .
وكذلك الشيخ الحر العاملي (قدس سره الشريف) فإنه بعد أن شهد بوثاقة جميع رواة تفسير علي بن إبراهيم تكلم حول (كامل الزيارات) وقال : وكذلك جعفر بن محمّد بن قولويه فإنّه صرح بما هو أبلغُ من ذلك في أوّل مزاره ... .
واستفاد السيد الخوئي (قدس سره الشريف) من عبارة ابن قولويه التي يقول فيها لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا أنه يريد توثيق جميع مشايخه وإن كان البعض يرى أن هذه العبارة تدل علة توثيق أغلب رواة (كامل الزيارات).
وعلى أيّة حال فقد تمسك بعضهم لتوثيق حكيم بن داود بن حكيم بما ذكرناه آنفا ورأوا أن ذلك كافٍ في وثاقته ولذا عملوا برواياته.
2 ـ محمد بن موسى بن عيسى الهمداني
قال فيه النجاشي ; : محمّد بن موسى بن عيسى أبو جعفر الهمداني السمّان ضعّفه القميّون بالغلو وكان ابن الوليد يقول : إنّه كان يضع الحديث والله أعلم .
وكلام ابن قولويه ; ناظر إلى أن الروايات مأخوذة من كتب معتبرة لأشخاص معتبرين وليس كلامه عن السند إذ من الممكن أن يكون الكتاب لأحد الثقات ولكن ورد في بعض أسناده بعض الضعفاء.
السمّان : نسبة إلى بيع السمن. (اضبط المقال ص 106) رجال النجاشى ; ص 338 رقم 904.
ويضيف النجاشي ; قائلا : له كتاب ما روى عن ايام الاسبوع وكتاب الرد على الغلاة اخبرنا ابن شاذان عن احمد بن محمد بن يحيى عن ابيه عنه بكتبه .
وقد نقل عن محمد بن موسى بن عيسى الهمداني الأجلاء من الرواة منهم محمد بن يحيى العطار القمي ومحمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري . ويرى الرجالي الخبير الميرزا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف) أن نقل الأجلاء عن راوٍ ما مع عدم ورود قدح في حقه دليل على وثاقته وجلالته مع أنه (قدس سره الشريف) كان لا يعتمد على تضعيف القميين.
وكما لاحظنا فإن كلام النجاشي ; حول محمد بن موسى بن عيسى الهمداني جاء مختلفا عن كلامه حول بقية الرواة. كما أنه أضاف عبارة (والله أعلم) إلى تضعيف القميين.
دفاع عن محمد بن موسى بن عيسى الهمداني
1 ـ محمد بن يحيي العطار القمي هو أحد مشايخ النجاشي ; وقد قال في حقه : شيخ اصحابنا في زمانه ثقه عين كثير الحديث .
وقال فيه الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) : روى عنه الكلينى قمى كثير الرواية .
2 ـ محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري القمي قال النجاشي ; في حقه : محمد بن احمد ... الاشعرى القمى ابوجعفر كان ثقة في الحديث .
وقال الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في الفهرست : جليل القدر كثير الرواية له كتاب نوادر الحكمة .
وكيف يمكن أن يقال عن شخص كمحمد بن موسى بن عيسى الهمداني أنه مجهول الحال وقد روى عنه أجلاء الفن كمحمد بن يحيى العطار القمي ومحمد بن أحمد بن يحيى الأشعري القمي والكشي (رحمهم الله تعالى)؟!.
يقول السيد الخوئي (قدس سره الشريف) في هذا الخصوص : قد روى عنه (محمد بن موسى بن عيسى) محمد بن يحيى كتابه على ما عرفت من النجاشى ويروى عنه محمد بن احمد بن يحيى الذى هو شيخ مشايخ الكلينى ومع ذلك فقد روى عنه الكشى في ترجمة ابى حمزة الثمالى .... .
3 ـ نقل الكشي ; عن محمد بن موسى بن عيسى الهمداني وذلك عند ترجمة أبي حمزة الثمالي.
4 ـ وبعد تتبع ةبحث لم نجد شاهدا على غلوّ الرجل الذي يدّعيه البعض. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن التضعيف الوارد في حقه لم يرد من قِبل ابن الغضائري وإنما من قِبل القميين وابن الوليد وقد تابعهم ابن الغضائري على ذلك وتضعيف القميين ليس له أسس علمية معتبرة ولذا فليس له قيمة كما يرى السيد الخوئي (قدس سره الشريف) والرجالي الخبير الميرزا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف).
4 ـ يظهر من كلام النجاشي ; أنه موقف في تضعيف محمد بن موسى بن عيسى الهمداني لأن عبارة النجاشي ; هي : ضعّفه القميون بالغلو ... .
إذ لو كان قاطعا بتضعيف الرجل لقال ذلك صراحة كما فعل مع بعض الضعاف من الرواة منهم ـ على سبيل المثال ـ محمد بن جمهور العمي إذا قال النجاشي ; فيه : ضعيف في الحديث فاسد المذهب وكذلك محمد بن الحسين بن سعيد الصائغ الكوفي إذ يقول فيه : ضعيف جداً ومحمد بن الحسن بن شمون حيث قال عنه : واقف ثمّ غلا وكان ضعيف جدّاً فاسد المذهب . فنلاحظ أنه يصرّح بتضعيف هؤلاء وغيرهم لكن عندما وصل الأمر إلى محمد بن موسى بن عيسى نسب التضعيف إلى القميين والى ابن الوليد. ومن هنا يتضح لنا أن النجاشي ; لا يعتقد بتضعيف محمد بن موسى بن عيسى والا لضعّفه صراحة ولما احتاج إلى نسبة التضعيف إلى آخرين.
ومما يؤيد هذا الكلام ما قاله أستاذ الفقهاء السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره الشريف) : إنّ ظاهر كلام النجاشي التوقّف في ضعف أبو جعفر ووضعه الحديث حيث نسب ذلك إلى القمّيين وابن وليد ثم عقّبه بقوله : والله اعلم .
3 ـ قال النجاشي ; في ترجمة محمد بن موسى بن عيسى الهمداني : ضعّفه القميون حيث نسب التضعيف إلى القميين وتضعيف القميين كانت له أسبابه الخاصة في ذلك الزمان وكثير من العلماء لم يقبل موازين القميين في التضعيف ولذا نسب النجاشي ; التضعيف إلى القميين ولو كان التضعيف مُسّلماً لما احتاج إلى ذكر القميين.
4 ـ ينقل النجاشي ; أن لمحمد بن موسى بن عيسى كتابا للرد على أهل الغلو اسمه : الرد على الغلاة فكيف يُعقل أن يكتب الرجل كتابا للرد على الغلاة وهو نفسه منهم؟! هذا والغلو له مراتب ودرجات.
5 ـ ذكر النجاشي ; طريقه إلى كتاب الرد على الغلاة قائلاً : اخبرنا ابن شاذان عن أحمد بن محمد بن يحيى عن ابيه عنه بكتابه . وذكر النجاشي ; لطريقه إلى كتاب محمد بن موسى بن عيسى دالّ على أهمية الرجل عند النجاشي ;.
6 ـ يمكننا أن نجيب من اتهم محمد بن موسى بالغلو بهذا الجواب : كيف يمكن أن يكون المغالي جاعلا للحديث؟! هذا احتمال بعيد جدا. لأن هدف الوضاعين من وضع الأحاديث هو دس معتقداتهم لأسباب مختلفة أحدها الشهرة. والحال إن أصحاب الغلو تلبسوا ببعض الأقوال نتيجة لحبهم الزائد للائمة : فعبّر الآخرون عنهم بأنهم غلاة وأما ما نحن فيه فبالإضافة إلى أن الغلو غير ثابت لم يثبت أيضاً عن محمد بن موسى أنه وضَع الأحاديث المخالفة لأسس الشيعة ومعتقداتهم.
7 ـ إن من اتهم محمد بن موسى بن عيسى بالغلو هو ابن الوليد الذي هو أستاذ الشيخ الصدوق ; وقد قال الشيخ المفيد في حق ابن الوليد : وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن الوليد لم نجد لها دافعاً في التفسير وهي ما حكي عنه أنـّه قال : أوّل درجة في الغلو نفي السهو عن النبي والإمام (عليه السلام) فإن صحّت هذه الحكاية عنه فهو مقصّر مع أنّه من علماء القمّيّين ومشيختهم وقد وجدنا جماعة وردوا إلينا من قم يقصرون تقصيراً ظاهراً في الدين وينزلون الائمة : عن مراتبهم ويزعمون أنّهم كانوا لا يعرفون كثيراً من الأحكام الدينية حتى ينكت في قلوبهم ورأينا في اولئك من يقول أنّهم ملتجئون في حكم الشريعة إلى الرأي والظنون ويدّعون مع ذلك أنّهم من العلماء وهذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه .
فهل يمكن لأشخاص كابن الوليد أن يتهموا شخصا كمحمد بن موسى بن عيسى بالغلو؟! ثم بالتضعيف؟!.
وللاطلاع أكثر على حال محمد بن موسى بن عيسى الهمداني ننقل هنا كلام السيد الخوئي (قدس سره الشريف) حيث يقول :
بقى هنا اُمور :
الأوّل : أنّ ظاهر كلام النجاشي التوقّف في ضعف محمّد بن موسى بن عيسى ووضعه الحديث حيث نسب ذلك إلى القمّيين وابن الوليد ثمّ عقّبه بقوله : والله أعلم ولكنّه قد مرّ في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى حكايته عن ابن الوليد استثناؤه ما يرويه عن محمّد بن موسى الهمداني وظاهر كلامه أنّه ارتضاه ولا يخلو الكلامان من تهافت.
الأمر الثاني : الذي يظهر من مجموع الكلمات أنّ الأساس في تضعيف الرجل هو ابن الوليد وقد تبعه على ذلك الصدوق ; وابن نوح وغيرهما وهذا يكفي في الحكم بضعفه.
الأمر الثالث : أنّ محمّد بن موسى الهمداني قد روى عنه محمّد بن يحيى كتابه على ما عرفت من النجاشي ويروي عنه محمّد بن أحمد بن يحيى الذي هو شيخ مشايخ الكليني ومع ذلك فقد روى عنه الكشي ترجمة أبي حمزة الثمالي وروى هو عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب فإما إنّ محمّد بن موسى الهمداني عمر حتّى لقيه الكشي أو أنّ الكشي متقدّم الطبقة على الكليني وأضرابه .
وقفة مع كلام السيد الخوئي (رحمه الله)
يقول السيد الخوئي (قدس سره الشريف) في حق محمد بن موسى بن عيسى الهمداني : ان الاساس في تضعيف الرجل هو ابن وليد وتبعه على ذلك صدوق وابن نوح وغيرهما وهكذا يكفى في الحكم بضعفه ؛
كيف يمكن أن يُسب التضعيف إلى ابن الوليد أساسا ثم يُكتفى بتضعيف الآخرين الذي جاء تبعا لابن الوليد؟!.
أولا : لم يثبت أن محمد بن موسى بن عيسى من الغلاة بل ثبت أن له كتابا في الرد على الغلاة.
ثانيا : إن ابن الوليد من محدثي قم وتضعيف القميين غير معتبر عند كبار العلماء في الرجال بل ردّه بعضهم يقول الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في ترجمة يونس بن عبد الرحمن : يونس بن عبدالرحمن مولى على بن يقطين ضعفه القميون وهو ثقة .
وقال في موضع آخر : يونس بن عبدالرحمن من اصحاب ابى الحسن موسى مولى على بن يقطين طعن عليه القميون وهو عندى ثقة .
ولم يعتمد أكثر الرجاليون على تضعيفات القميين لأنها لم تكن على الأسس والموازين العلمية وحتى السيد الخوئي (قدس سره الشريف) يناقش في تضعيف القميين فكيف اعتمد على تضعيف ابن الوليد الذي هو منهم؟!.
ثالثا : إن ابن الوليد نفسه متهم بالقول بسهو النبي (صلى الله عليه واله) والأئمة : وأنه يرى عدم علم الأئمة : ببعض الاحكام الشرعية وأنه حطّ من شأنهم : .
رابعا : إن النجاشي ; تردد في كون محمد بن موسى بن عيسى من الوضاعين والضعاف ولذا فإنه نسب التضعيف إلى القميين وقال : والله العالم وهذا التعبير يشير إلى أن التضعيف ليس له أساس علمي مقبول.
الخلاصة : كيف يمكننا أن نقبل قول ابن الوليد في حق محمد بن موسى والحال أن ابن الوليد كان يرى أن انكار السهو على المعصوم (عليه السلام) أول درجات الغلو؟! وكلام ابن الوليد هذا مخالف لمعتقدات الشيعة جزما وبالإضافة إلى كل هذا فإن تضعيف القميين غير معتبر عند أغلب العلماء.
إذن فقد اتضح لنا أن السند الرابع للزيارة المنقول في كتاب (كامل الزيارات) هو سند معتبر.
3 ـ محمد بن خالد الطيالسي.
4 ـ سيف بن عميرة.
5 ـ صالح بن عقبة.
6 ـ علقمة بن محمد الحضرمي.