الدروس المستخلصة منها
الاسباب و الاهداف

هذا وقد كان من آثار هذا التأثير ثورة واحتجاج عبد اللّه بن عفيف الأزْدي في الكوفة، وذلك حينما بدأ ابن زياد خطبته الأُولى بسبّ الإمام الحسين بعد المعركة لإعلان انتصاره ممّا جعله يواجه غضب واستنكار ابن عفيف واحتجاجه الذي كان رجلاً أعمى فأمر ابن زياد باعتقاله فحمله أبناء عشيرته إلى داره، فأرسل ابن زياد جماعة من جلاوزته لاعتقاله، فواجههم عبد اللّه بن عفيف ببسالة وصمد أمامهم، غير انّه اعتقل واستشهد في النهاية.

فجّرت ثورة الإمام الحسين العظيمة الكثير من الثورات والانتفاضات في المجتمع الإسلامي، نشير إلى بعض منها على سبيل المثال ثورة التوابين كانت ثورة التوابين أوّل رد فعل مباشر لاستشهاد الإمام الحسين في الكوفة، فبعد ان استشهد الإمام (عليه السَّلام) وعاد ابن زياد من معسكره في النخيلة إلى الكوفة أخذ الشيعة الذين حرموا من الفرصة الذهبية للقتال مع الإمام في ملحمة عاشوراء يندمون كثيراً، وراحوا يلومون أنفسهم، وانتبهوا لتوهّم إلى الخطأ الكبير الذي ارتكبوه، لأنّهم هم الذين دعوا الحسين ثم تخلّوا عن نصرته وجاء إلى العراق تلبية لطلبهم واستشهد على مقربة منهم فلم يحركوا ساكناً، وشعرت هذه الجماعة بأنّ عار هذه الخطيئة التي ارتكبوها سوف لن يذهب عنهم إلاّ إذا انتقموا لدم الحسين من قاتليه أو استشهدوا في سبيل ذلك. وبسبب هذا الشعور راح الشيعيون يراجعون خمسة من رؤسائهم وشيوخهم في الكوفة; أمثال سليمان بن صُرَد الخزاعي، مسيب بن نَجَبَة الفزاري، عبد اللّه بن سعد بن نُفَيْل الأزدي، وعبد اللّه بن وال التميمي، ورفاعة بن شداد البَجَلي، ويجتمعون بهم في دار سليمان.
وأوّل من فتح الحديث هو المسيب بن نجبة وقال بعد مقدمة: ...وقد كنّا مغرمين بتزكية أنفسنا فوجدنا اللّه كاذبين في كلّ موطن من مواطن ابن بنت نبيه (صلى الله عليه واله)، وقد بلغنا قبل ذلك كتبه ورسله واعذر إلينا، فسألنا نصره عوداً وبدءاً وعلانية، فبخلنا عنه بأنفسنا حتى قتل إلى جانبنا، لا نحن نصرناه بأيدينا، ولا جادلنا عنه بألسنتنا، ولا قوّيناه بأموالنا، ولا طلبنا له النصرة إلى عشائرنا، فما عذرنا عند ربّنا وعند لقاء نبيّنا وقد قتل فينا ولد حبيبه وذريّته ونسله؟! لا واللّه لا عذر دون أن تقتلوا قاتله والموالين عليه، أو تقتلوا في طلب ذلك، فعسى ربنا أن يرضى عنّا عند ذلك.
وبعد عدة خطب حماسية أُخرى، قام سليمان بن صرد الخزاعي الذي انتخب قائداً للمجموعة فخطب قائلاً: إنّا كنّا نمد أعناقنا إلى قدوم آل بيت نبينا (صلى الله عليه واله)ونمنّيهم النصر ونحثّهم على القدوم، فلمّا قدموا ونينا وعجزنا وادهنا وتربصنا حتى قتل فينا ولد نبينا... ألا انهضوا فقد سخط عليكم ربّكم، ولا ترجعوا إلى الحلائل والأبناء حتى يرضى اللّه، واللّه ما أظنه راضياً دون أن تناجزوا من قتله، ألا لا تهابوا الموت، فما هابه أحد قط إلاّذلّ، وكونوا كبني إسرائيل إذ قال لهم نبيّهم {إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 54] وبعد هذا الاجتماع أطلع سليمان بن صرد سعد بن حذيفة بن اليمان والشيعة الآخرين في المدائن على واقع الأمر، واستنصرهم، فلبّوا دعوته وكتب سليمان إلى المثنى بن مخرمة العبدي والشيعة في البصرة فأجابوه إلى ذلك.