الدروس المستخلصة منها
الاسباب و الاهداف

بسم الله الرحمن الرحيم
تحدثنا عن مبدأ المودة في القربى وأنتهينا من هذا المبدأ إلى فهمنا العام لدور الأئمة ودور الأوصياء والرسول من صيانة الرسالة الإسلامية والأمة الإسلامية وبعد شرح وجيز لهذا المعنى العام قلنا أنه بمناسبه ليالي هذا الشهر الحرام من المناسب أن تدخل في موضوع حركة الأمام الحسين(عليه السلام) .
إن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) كما أشرنا بالأمس مدرسة ذات أبعاد وجوانب عديدة فيها كل معاني البطولة والفداء والقيم الرسالية يستطيع الإنسان أن يستخلص من هذه الثورة المباركة ومشاهد هذه الثورة ومراحلها وفصولها يستطيع أن يستخلص كل دروس القيم الإنسانية والرسالية وكل المعاني الخالدة والسامية التي بشرت بها الرسالات الربانية والسماوية كلها يستطيع أن يجدها مجسّدة ومطبقة من قبل هذا الإمام العظيم من قبل أصحابه وأهل بيته لذلك قلنا نحن لا نستطيع أن نستوعب كل أبعاد هذه الثورة المباركة وعقولنا وأدراكاتنا أقصر من أن تستطيع أن تلم بكل هذه المعاني والدروس والعبر ولذلك فلا بد وأن تقتصر على بعد وجانب من أبعاد هذه الثورة بالمقدار الذي نتمكن منه وأيضاً بمقدار الفرصة الزمنية التي تساعد عليه . نقتصر على دراسة الوجه الاجتماعي لهذه الثورة والجانب الاجتماعي منها .
المراقبون لهذا الوجه الاجتماعي من حركة الإمام الحسين(عليه السلام) والباحثون في هذا الجانب من ثورته أختلفوا في تفسير وشرح هذا الجانب اختلفوا إلى مذاهب وأتجاهات وتفسيرات متعددة ومتباينة وهذا ليس بالغريب فالشخصية العظيمة يكون هناك أختلاف في تفسيرها وتحديد أبعادها... وكثير من عظماء تاريخ الإسلام وقع هذا الأختلاف بين الباحثين في شخصيتهم وتفسير أعمالهم ومواقفهم .
نحن من أجل أن نـحدد موضوعات الحديث في هذا البحث الأجتماعي عن حركة الإمام الحسين (عليه السلام) نستطيع أن نعطي فهرسة لأهم الجوانب من دراستنا لهذا الوجه الأجتماعي من ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ولا أدري هل سنتوفق لأكمال دراستها في هذه العجالة أم لا .
العناوين عباره عما يلي :-
1- دراسة دوافع الثورة الحسينية وأسباب هذه الحركة التي قام بها الإمام الحسين (عليه السلام).
2- دراسة طبيعة الثورة .
3- دراسة مراحل الثورة .
4- آثار الثورة ونتائجها .
دوافع الثورة الحسينية :
هذه أهم الفصول التي لا بد للباحث الأجتماعي والتاريخي لقضية الإمام الحسين (عليه السلام) أن يتعرض لهذه الفصول ويعطي النظرية الصحيحة لكل فصل منها ويدعمها بالشواهد والأدلة والأرقام التأريخية .
نبدأ الآن بالفصل الأول : ماذا كانت دوافع الثورة الحسينية وماذا كان يستهدف الإمام الحسين (عليه السلام) من خلال عمليته هذه من الناحية الأجتماعية وفي الوجه الأجتماعي وعملية التغير الأجتماعي التي كان يريدها ما هي الدوافع التي كانت موجودة لدية، وماهي العلل الغائية بأصطلاح الفلاسفة التي دفعته وحملته على أن يتحرك هذه الحركة العظيمة الخالدة ؟ ويثور وينهض بهذه الثورة بالشكل الذي تعرفونه من الأمتيازات والخصائص في هذه الثورة التي جعلتها ثورة فريدة لا نظير لها في تاريخ الثورات والحركات والعمليات التغيرية الأجتماعية حتى عمليات الأنبياء وأوصياء الأنبياء " عليهم السلام" لا توجد عملية وحركة أجتماعية تشابه العملية التي قام بها الإمام الحسين (عليه السلام) عملية فريدة في نفسها ومختصة بخصائصها مختصة بها لا توجد في غيرها . وما هي دوافع ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) عملية أشبه ما تكون بحسب مظهرها عملية أنتحارية كأنها إمام معصوم كامل، أعقل الناس أرشد الناس وأرجح الناس عقلاً ومقاماً يقوم بعملية من هذا القبيل ماذا كانت الدوافع من وراء هذه العملية؟؟؟
التفسيرات التي تطرح عادة في هذا الجانب وفي هذا الفصل في تبين دوافع الحركة الحسينية والثورة الحسينية إلا أنه بالأمكان في البداية تصنيفها إلى صنفين :-
الصنف الأول : التفسيرات التي أعطيت من بعض المستشرقين ومن بعض المسلمين من بعض الحكام أنفسهم في زمن الإمام وبعده التفسيرات التي أنا أصطلح عليها بالتفسيرات الباطلة التي تكون غير صحيحة لأنها غير منسجمة مع طبيعة معتقدنا وتصوراتنا عن الإمام الحسين (عليه السلام) قسم من هذه التفسيرات نصفها ونجعلها في عداد التفسيرات الباطلة الخاطئة التي نشأت أما من أغراض أو أمراض جزءاً من الأدوار التي يقوم بها الحكام المنحرفون تقوم بها السلطة من أجل مسخ هذه الثورة المباركة والحد من عطاءات هذه الثورة وآثارها في الأمة فحاولوا ان يعطوا تفسيرات وشرط وتبريرات عن موقع الإمام الحسين (عليه السلام) من السلطة وسبب خروج الإمام وقسم من هذه التفسيرات الباطلة ناتجة من أغراض من هذا القبيل نوايا سيئة نجد بذورها منذ زمن الحكام الأمويين وقد نجد الباحثين المتأخرين قد تأثروا بتلك الكلمات التي يجدونها مبثوثة في بعض التواريخ فحاولوا ان يستندوا عليها ويعتمدوا عليها ويعطوا تفسيرات من هذا القبيل وقسم من هذه التفسيرات الباطلة قد تكون ناتجة من أن أصحاب التفسير والتحليل التأريخي لقضية الإمام الحسين (عليه السلام) كما قلنا بالأمس بعيد عن مدرسة الإمام الحسين (عليه السلام) وعن مدرسة أهل البيت "عليهم السلام" وبعيد عن حقيقة هؤلاء حقيقة الأئمة ومعنى الأمامة لا يدركهما بعد هذه الخصوصيات لكونه ليس مسلماً أو شيعياً فيكون من الطبيعي ان يخطر في ذهنه تفسيراً من هذه التفاسير التي نحن نعتقده بحق الأئمة "عليهم السلام" وحق الإمام الحسين (عليه السلام) بشكل خاص نجد أن هذا التفسير تفسير باطل وخاطىء هنا نستطيع ان نشير إلى تفسيرين مشهورين في هذه القائمة قائمة التفسيرات الباطلة والمنحرفة ربما يجدها الإنسان في بعض الكتب التأريخية وبعض الدراسات الأستشراقية .
التفسير الأول :
هو تفسير على أساس قبلي وعشائري فسرت قضية الإمام الحسين (عليه السلام) لبعض كتب التأريخ وبعض كتب الأستشراق ايضاً على أساس هذه الحركة والثورة ما هي إلا حلقة من حلقات تاريخ صراع قبلي بين قبيلتين هذه حلقة من حلقات ذلك الخط التاريخي من الصراع بين قبيلة بني هاشم وقبيلة بني أمية منذ زمن هاشم وأمية وإلى زمن ما بعد الإمام الحسين (عليه السلام) يحاولون أن يفسروا القضية على أساس حلقة في سلسلة هذا الصراع الممتد بين القبيلتين والقبيلتان مثلا كانتا متصارعتان على الوجاهة والزعامة في مجتمع مكة مثلاً والحجاز ثم والبيت الحرام والأمتيازات الأخرى التي كانت موجودة هناك، والقضايا الأخرى ثم بعد انتصار الإسلام وأنتقال النبي (صلى الله عليه واله) وأنتقال السلطة والوجاهة والزعامة والنفوذ الأجتماعي إلى قبيلة بني هاشم حيث ان رسول الله (صلى الله عليه واله) من بني هاشم واندحار تلك القبيلة وخسارتها أمام تلك القبيلة حاولت تلك القبيلة أن تعكر بأمتيازات بما أنتهت إليه قبيلة بني هاشم فدخلت الإسلام مكرهة وحاولت من الداخل وبأساليب مثلاً نفاقية من داخل المجتمع الإسلامي تصارع ضرتها القبيلة الأخرى وفعلاً صارعتها وحاولت الأستيلاء على الحكم عن طريق معاوية بن أبي سفيان أخذت من جديد الحكم والنفوذ والسيطرة على المجتمع العربي آنذاك ويحاولون أن يستشهدون بهذا بالتفسير والأشعار والقصائد التي تؤثر وقد أنشدها بعض الشعراء أمثال الأخطل وغيره من شعراء السلاطين في تصوير هذا الصراع أو بعض الأشعار التي ذكرها بعض السلاطين والحكام الجاهلين أنفسهم إشعار يزيد مثلا .
شواهد من هذا القبيل في كتب التاريخ مبثوثه هنا وهناك أستشهدوا بها على أن الصراع كان واقعه صراعاً قبلياً وأيضاً يعززه بأن مجتمع المسلمين رغم مجيء الإسلام ومجتمع العرب آنذاك كان يسوده النظام القبلي بحسب الحقيقة وكانت مشايخ العرب وشيوخ القبائل هي الطبقة الحاكمة على المجتمع العربي حتى بعد مجيء الإسلام وهذا النظام القبلي والعشائري لم يتم ذوبانه مطلقاً حتى بعد مجيء الإسلام وتأكيد الإسلام على القيم الايدولوجية الخاصة بل بقيت هذه العشائر وأعرفها ومزاجها وطبيعتها لها الدور البالغ في تسيير الأمور الأجتماعية والسياسية . وهؤلاء الحكام كانوا من خلال رؤساء العشائر يحركون هذه العشائر معاوية مثلاً كان يستميل للعشائر عشائر مضر واليمن وغيرهم وكان يحاول أن يستغل هذه النفسيات والأنظمة العشائرية التي كانت لا تزال باقية في نفوس الناس يستغلها ويستفيد منها في تثبيت حكمه وأغراضه وأهدافه كان يميز بين العشائر في العطاءات والمواهب يقرب هذه العشيرة ويبعّد تلك .
إذن المجتمع بحسب الحقيقة لم يخرج عن كونه مجتمعاً عشائرياً وقبلياً يزال نظام العشيرة ومنطق العشيرة سائدا ورائجاً فيه .
إذن فمن المعقول أن يكون هناك أثر لهذه الروح القبلية الموجودة بين العشيرتين ... هذا تفسير يفسر القضية على الأساس القبلي والتاريخي الموجود بين العشيرتين . وهذا مما لا يمكن القبول والمساعدة عليه بأي وجه هذا التفسير يبتني على قاعدة ترفض الأيمان بحسب الحقيقة وتعتبر الإمام الحسين (عليه السلام) والأئمة الأطهار والنبي محمد (صلى الله عليه واله) تعتبرهم جميعاً منطلقاتهم منطلقات من هذا القبيل هذا يرجع إلى عدم الايمان بنبوة الرسول وصدق الرسول والأئمة فيما كانوا يفصحون عنه ويبينونه من رسالة ومن مفاهيم ومن قيم كلّها ترفض بشدة أمثال هذه المقولات والتحليلات وتشجب هذه الأمور ...
إذن فمن ناحية المعتقد هذا تفسير يتنافى مع أصل العقيدة الإسلامية فضلاً عن العقيدة الخاصة في حق أهل البيت "عليهم السلام" الذين طهرهم الله واذهب عنهم الرجس وهذا معنى من معاني الرجس أن يكون دوافعه ومنطلقاته عشائرية قبائلية جاهلية هذا من الناحية العقائدية .
ومن الناحية التاريخية الواقعية عندما يراجع الإنسان التاريخ يجد أن هذا التفسير لا يمكن أن يقبل حتى لو قطعنا النظر عن الجانب العقائدي والديني في هذه المسألة ... فملاحظة التاريخ ودراسة ما وقع في التأريخ الإسلامي دراسة علمية موضوعية تكشف للإنسان الموضوعي العلمي بأقل ألتفاتة أن هذا الصراع بحسب الحقيقة لا يمكن ان يكون صراعاً بين قبيلتين ويكون صراعاً دوافعه الحقيقية أحساسات عشائرية أو قبائلية أو شيء من هذا القبيل كيف وأن النبي (صلى الله عليه واله) بحسب تاريخه أول من عارض هذه الفكرة وطبقها في حق نفسه في وضعه الخارجي ومجتمعه حيث شجب كل هذه الأنظمة الجاهلية وكل هذه التصورات القبلية وركز خلافها وعمق خلافها في النفوس فسلمان الفارسي يجعله محمدياً بينما أبا لهب يجعله كافراً هل هناك رقم أوضح من هذا دلالة على أن عمل النبي (صلى الله عليه واله) وطراز سلوك النبي وتفكيره لم يكن عشائرياً ؟؟؟ دعنا عن الوحي وعن السماء وعن الله وعن الوحي وعن السماء وعن الله وعن مسائل النبوة النبي (صلى الله عليه واله) كإنسان كان له وجود في التاريخ وكان له دور غيّر أقامة المجتمع عندما نلاحظ سيرته ومنهاجه كإنسان أيضاً يفهم من أنه كان من أشدّ المعارضين لهذه النزعة العشائرية والقبلية , وكانت أعماله كلها ضد أمثال هذه الأفكار والقيم الجاهلية .
وأيضاً قضية الإمام الحسين (عليه السلام) بذاتها فيها شواهد من هذا الشيء وهي أن الإمام الحسين (عليه السلام) عندما قام ونهض لو كانت المسألة مسألة قبيلة وعشيرة كان ينبغي أن ينهض بعشيرته قبل أن ينهض بالغرباء البعيدين عن عشيرته ... كان ينبغي أن ينهض في موطن عشيرته وهو الحجاز بني هاشم لم يكونوا في الكوفة ولا في البصرة كانوا في المدينة ومكة لو كانت المشاعر العشائرية والقبلية هي الدوافع لهذه الثورة كان ينبغي أن تنطلق هذه الثورة من مهد تلك العشيرة ومن خلال سواعد تلك العشيرة بينما المسألة لم تكن بهذا الترتيب لا الحركة بدأت من موطن تلك العشيرة ولا المتحركين بهذه الحركة كانوا من أصحاب هذه العشيرة بل أكثر أصحابه الذين قتلوا مع الإمام الحسين(عليه السلام) في كربلاء لم يكونوا من بني هاشم لا مسلم بن عوسجة ولا حبيب بن مظاهر ولا زهير بن القين كانوا هاشميين ... أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام) الذين قتلوا بين يديه لم يكونوا كذلك .. من دعى الإمام الحسين (عليه السلام) إلى الثورة من الذين أرسلوا الكتب والرسول إلى الإمام الحسين (عليه السلام) يطلبون منه المجيء إلى العراق فإن لك فيها جند مجندة قد أينعت الثمار لم يكـتبها عشيرته الهاشميين بل كتبها موالون للإمام الحسين (عليه السلام) ومحبين له دفعتهم إلى الأستنجاد بالإمام الحسين (عليه السلام) والبيعة مع الإمام ودعوته إلى الكوفة دفعتهم إلى ذلك عقيدتهم الإمام الحسين (عليه السلام) .
منطلق المسأله ودوافعها كان دافعاً عقائدياً وأيديولوجياً ولم يكن دافعاً قبلياً وعشائرياً .
إذن فهذا التفسير مرفوض أولاً عقائدياً أي من ناحية معتقدنا الإسلامي لا يمكن أن نوافق على تفسير من هذا القبيل أو أي تفسير يشبه هذا التفسير ومرفوض ثانياً علمياً من خلال مراجعة واقع التاريخ الذي وقع منذ أنتشار الإسلام وإقامة الحكم الإسلامي على يد النبي (صلى الله عليه واله) في المدينة وإلى ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) لاتساعد على قبوله طبيعة الأشخاص الذين كانوا مع الإمام الحسين (عليه السلام) ورافقوا الإمام الحسين (عليه السلام) وأيدوا الإمام الحسين (عليه السلام) ونصروه ولا طبيعة الحركة نفسها أتجاه التحرك لا تساعد عليه بأي وجه من الوجوه . وأيضاً لا تساعد عليه تصريحات الإمام الحسين (عليه السلام). الإمام الحسين(عليه السلام) أيضاً له تصريحات يشرح لماذا خرج لم يقل خرجت لأن عشيرتي كذا وعشيرة بني أميه كذا إنما خرجت لطلب الأصلاح في أمة جدي رسول الله (صلى الله عليه واله) . الهدف الذي يبينه صريح وواضح بأنه هدف رسالي مبدئي وليس هدفاً قبلياً أو شيئاً من هذا القبيل . إذن هذا التفسير مرفوض من جميع الجهات والوجوه وأن هذا التفسير هو من تظليلات السلطة الحاكمة نفسها بعد أن هزّت بعملية الإمام الحسين(عليه السلام) وتزعزعت أركانها وكذلك السلاطين والحكام الذين كانوا يأتون بعد قضية كربلاء كانوا يجدون ان قضية الإمام الحسين (عليه السلام) لا تزال تمتلك ضمير الأمة ووجدانها ولا تزال حية في النفوس هذه القضية بحاجة إلى ان يعطوا لها تفسيراً قضية بهذه الضخامة أضخم قضية إلى يوم القيامة لا بد أن يعطوا لها تفسيراً وقد أعطوا هذا التفسير لكي يبرروا بعض التبريرات لبعض أعمالهم ويغطوا الجانب الحقيقي جانب الانحراف العقائدي أو الانحراف الرسالي الموجود لديهم كي لا تقول الأمة أن الإمام الحسين (عليه السلام) عندما خرج على هؤلاء كانوا لا يستحقون أن يكونوا خلفاء هؤلاء ليسوا مسلمين أصلاً أو على مستوى أن يحكموا المسلمين من أجل أن يبعدوا أذهان الناس عن طبيعة دوافع الثورة الحسينية ومن أجل أن يضللوا أفكار الناس ويوجهوها إلى نقطة أخرى حاولوا أن يختلقوا هذا التفسير إن المسألة مسألة صراع بين قبيلتين بني هاشم وبني أمية ... وعلى كل حال أن كلا القبيلتين أبناء عم هذا يحكم أو ذاك يحكم ليس بمهم من أجل ان يصرفوا الأذهان من أن تتوجه إلى هذه الثورة أو هذه الحركة العظيمة إنما كانت من أجل هؤلاء المفسدين في الأرض حكام فاسدين لا يصلحون ان يكونوا حكام للمسلمين ... هذا الشيء الذي أصبح واضحاً جداً بعد ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) حاولوا ان يغطوها ويضللوا أفكار الناس، ويجعلونهم لا يلتفتون إلى هذه القضية ويتصورونها على أساس أنها صراع قبلي المظنون أن هذا التفسير منبعه السلطة الجائرة التي كانت قد ثار عليها الإمام الحسين (عليه السلام) هذا التفسير الأول المعروف .
يوجد تفسير ثاني في بعض الكتب تفسير القضية على أساس شخصي ومزاج شخصي أن الإمام الحسين (عليه السلام) كأن أبي الضيم كان له مزاج خاص مثلاً في صرامته يشبه أباه لا يهدأ له حال لظليمة تقع في العالم له روح ثورية هذه المواصفات الروحية التي يمتلكها الإمام الحسين (عليه السلام) هي التي دعته إلى أن يثور في وجه يزيد .
هذا أيضاً تفسير آخر في القضية لكن لا على أساس مسألة قبلية عشائرية بل على أساس مزاج شخصي للإمام الحسين (عليه السلام) يحاول أن يجعل من هذا المزاج من مزاج هذا الإنسان مزاجاً لا يقر بأي وجه من الوجوه الظلم ولا يستطيع أن يهادن لحظة كما لم يهادن أبوه (عليه السلام) لم يستطيع أن يهادن معاوية ولو لحظة بأن يبقى معاوية في الحكم ثـم بعد أخذ الأعراف بخلافته يقصيه أقترح هذا الأقتراح على الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) أقترح عليه طلحة والزبير أنه ليس هناك داع منذ اللحظة الأولى عزل جميع ولاة عثمان ومنهم مثلاً معاوية.
فماذا يضرك الآن لو تبقيه على ما كان عليه والأبقاء أهون من التأسيس والتنصيب ضع الوضع على ما كان وخذ من هؤلاء البيعة والأعتراف لك . ثم بعد ذلك لا يمكنهم نقض البيعة ولا يستطيع بعدها معاوية رفع قميص عثمان لخداع الناس وتظليلهم ومحاربة الإمام (عليه السلام) كما فعل في صفين طرح عليه هذا الأقتراح لكن الإمام (عليه السلام) لم يقبل منذ اللحظة يفسر هذا بالصرامة والحدية في منهاج الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومزاجه .وقد ورثها الإمام الحسين (عليه السلام) منه ولم يرثها الإمام الحسين (عليه السلام) ذاك صالح معاوية وهذا لم يحاول لأن روحه كانت روح خاصة روح ثورية حدية لا تقر لحظة واحدة على أي ظلم يقع في العالم ... هذا أيضاً تفسير مزاجي شخصي لقضية الإمام الحسين (عليه السلام) وهو أيضاً مرفوض .
أولاً : لأنه أيضاً يتنافى مع العقيدة التي نحن نعتقد بها بالأئمة "عليهم السلام" نحن نعتقد ان الأئمة في مجال العمل الأجتماعي والرسالي لا فرق بينهم ( الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا) لا نفرق بينهم من ناحية ما يرجع إلى العمل الاجتماعي قد يكون هناك بينهم فروق جسدية أو خاصة إلا ان الصفات التي ترجع إلى الجانب القيادي والجانب الاجتماعي والرسالي والدور الرسالي لكل واحد من الأئمة لا يختلفون فيها، كلهم نور واحد وكلهم على المستوى المطلوب من الأنطلاق من الموقف الشرعي والمسؤولية الشرعية والوظيفة الشرعية من دون أي تأثر بمزاج أو بيئة أو حالة أو قضية من القضايا الطارئة طبقاً لهذا المعتقد الذي نعتقده نحن كشيعة .
لا يمكن أن نفسر قضية الإمام الحسين (عليه السلام) إنه كانت نابعة من مزاج روح ثورية خاصة وإباء خاص كان يمتلكه ولم يمتلكه إمام آخر ما يمتلكه الإمام الحسين (عليه السلام) كان يمتلكه الإمام الحسن (عليه السلام) في هذه المواصفات الرسالية والعمل الرسالي و الاجتماعي لكلمنهم .
إذن عقيدتنا لا تساعد على مثل هذا اللون من التفسير .
وثانياً : أيضاً التاريخ والأحداث الخارجية عندما نراجع التاريخ نجد أن المسألة من الناحية التاريخية أيضاً التاريخ مرفوضة، هذا التفسير من الناحية التاريخية أيضاً تفسير مرفوض فنحن نعلم أن الإمام الحسين (عليه السلام) عاش مع الإمام الحسن(عليه السلام) عشر سنين ولم يثر، عشر سنوات بقى الإمام الحسين (عليه السلام) بعد الإمام الحسن وقبل ثورته في فتره حكم معاوية ولم يثر، مع انه دعى إلى الثورة وجائته بعض الرسل أو الكتب من العراق جاءه سليمان بن صرد الخزاعي وطلب منه الخروج لم يخرج الإمام والتزم بنفس المنهج الذي كان قد وضعه الإمام الحسن (عليه السلام) وأيضاً في زمن الإمام الحسن (عليه السلام) أيضاً طرح عليه مسأله الثورة (بعدما صالح الحسن) من قبل بعض المتحمسين من شيعة أهل البيت "عليهم السلام" يأسوا من الإمام الحسن (عليه السلام) وبعد لم يدركوا عمق المسألة وخلفية هذا الصلح الذي هو لم يكن بأقل أهمية وخطورة من ثورة الإمام الحسين(عليه السلام) فتوجهوا إلى الإمام الحسين (عليه السلام) طلبوا منه هو أن يقوم بالعبء مع وجود الإمام الحسن (عليه السلام) ويأتي إلى العراق أيضاً الإمام الحسين (عليه السلام) دفعهم وصحح نفس الموقف الذي وقفه الإمام الحسن (عليه السلام) مما يدل على انه كان مشاركاً مع أخيه الإمام الحسن في نظره تجاه الموقف موقف الصلح الذي صدر من الإمام الحسن(عليه السلام) .
إذن فالمسألة ليست مسألة مزاج وأن هذا هذا أبي الضيم وكانت روحه روح ثورية كانت حالته النفسية حالة لا تقبل أقرار الظالم ولو لحظة ومن هنا ثار .
هذه التفسيرات من الناحية التاريخية والواقعية تكون مرفوضة ومن الناحية العقائدية نحن لا يمكن أن نوافق عليها .
هذه قائمة النظريات والتفسيرات التي تفسر حركه الإمام الحسين (عليه السلام) وثورته تفسرها بنظريات وتفسيرات باطلة ومنحرفة . ولا يمكن بوجه من الوجوه المساعدة عليها وهي في أكثر الظن تفسيرات مدسوسة وجىء بها من أجل بعض الأغراض السياسية وبعض الأهداف السياسية المنحرفة من قبل نفس الحكام .
النظريات المطروحة إسلامياً في قضية الإمام الحسين (عليه السلام) :
في قبال هذه القائمة الأولى من التفسيرات، توجد قائمة ثانية أو الصنف الثاني من التفسيرات التي في نفسها يمكن أن تكون صحيحة لا تصطدم مع معتقد ولا توجد عليها علامات أستفهام من هذا النوع الذي وجدناه على التفسيرات من الصنف الأول . هذه التفسيرات نفسها يمكن أن تكون تفسيرات قابلة للقبول ولا يكون عليها علامات أستفهام طبعا الحكم على مدى صحتها أو نسبة هذه الصحة بالقياس إلى المفهوم الأمثل تابع للحكم والتقييم فقد يكون فيها خطاً أو اشتباه وهذه مسألة أخرى لا بد من بحثها فالنوع الثاني أو الصنف الثاني من التفسيرات أو النظريات التي أعطيت في تفسير ثورة الإمام الحسين(عليه السلام) النظريات التي يمكن أن تكون في نفسها صحيحة، وإن كانت في صحتها كواقع خارجي بحاجة إلى دراسة التاريخ ودراسة الشواهد وملاحظة المسألة من كل أبعادها لنجد أنها صحيحة أو ليست صحيحة، يعني مخالفة للواقع غير مطابقة للواقع الخارجي الذي كان موجوداً آنذاك في المجتمع الإسلامي وفي نفس الإمام الحسين (عليه السلام) هذه النظريات أو التفسيرات نستطيع ان نلخصها في ثلاث تفسيرات وهي كلها تفسيرات موجودة بشكل وآخر في أذهان الشيعة ،وفي بطون الكتب الشيعية وعند المفكرين الشيعة . هذه التفسيرات موجوده عندهم قد تكون بعضها أشهر أو لم تكن بدرجة من الشهرة إلاّ أنها كلها تفسيرات منسجمة مع معتقدات الشيعة إلى حد كبير نلخصها في ثلاث نظريات :-
النظرية الأولى : نصطلح عليها بالنظرية الغيبيه لحركة الإمام الحسين(عليه السلام).
النظرية الثانية : نصطلح عليها بالنظرية السياسية لحركة الإمام الحسين(عليه السلام).
النظرية الثالثة : نصطلح عليها بالنظرية الرسالية التاريخية في قضية الإمام الحسين(عليه السلام).
فلا بد من استعراض هذه النظريات الثلاثة ماهي وماهي الشواهد عليها وماهي الدلالة عليها فالنظرية الغيبية كيف تفسر ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) وماذا تقول النظرية السياسية كيف تفسر وماهي أدلتها وما هي الشواهد التي تستند عليها والنظرية التاريخية ماذا تدعى وكيف تفسر القضية وما هي الشواهد وكيف تبطل النظريتين الأولى والثانية ....