الدروس المستخلصة منها
الاسباب و الاهداف

السلام على الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أنصار الحسين ورحمة الله وبركاته .. هذه الليلة هي ليلة عاشوراء ليلة الذكرى الأليمة العظيمة في تأريخ الإسلام تلك الذكرى التي تصور لنا كيف أن البشرية التي خلقت من نفس واحدة يمكن أن تصل إلى قمة الكمال في جانب وأن تنتهي إلى منتهى الحضيض في الجانب الآخر هذه الذكرى، تصور لنا القطبين في مسيرة البشرية وكيف لهذا الإنسان لهذا الكائن والمخلوق من أصل واحد وطينة واحدة كيف يمكن لها نتيجة التربية وبأرادة نفسها أن تصعد وتتسامى إلى حيث يعجب الكائنات الأخرى جميعاً إلى حيث انتهى إليه الإمام الحسين(عليه السلام) وأصحابه في تاريخ هذه الذكرى وأيضاً نفس هذا الإنسان نفس هذا النوع من الإنسان يمكن أن تصل به شقوته أن ينتهي إلى أرذل المستويات المتصورة في هذه الأرض كما انتهى إليه القطب الآخر هذه الذكرى فيها من المعاني المتناقضة نجد كيف أن هذه المعاني المتناقضة، الكمال وأروع القيم في جانب ومنتهى الخسّة والدناءة في الجانب الآخر، وكلاهما صادرة من الإنسان .
النظرية الثالثة : التفسير الرسالي
كنا نتحدث في الليالي السابقة حول تفسير حركة الإمام الحسين(عليه السلام) وتحدثنا بالأمس عن التفسير السياسي لهذه الحركة طبعاً بالمعنى الرسالي للسياسة أي السياسة من أجل أقامة حكم الله وقلنا أن هذا التفسير رغم ما فيه من الأمتيازات والنقاط الايجابية ليس هو التفسير الذي يعكس تمام الواقع وتمام الحقيقة في قضية الإمام الحسين (عليه السلام) .
هذا التفسير تفسير جزئي ومرحلي ويـجمل من هدف الإمام ومن دافع الثورة الحسينية دافعاً محدوداً رغم أنه دافع شرعي صحيح يستحق أن يبذل في سبيله الدم إلاّ أن الدافع الذي نحن نتصوره لهذه الثورة المباركة أعمق وأوسع من هذا وبالمقدار الذي تسمح الفرصة في هذه الجلسة لنا أن نشرح أبعاد هذه الفكرة نقدم بعض المقدمات لتوضيح هذه النظرية .
لا بد من تحويل المفاهيم الذهنية إلى إيمان قلبي :
الأمر الأول : إن الأفكار والمفاهيم والقيم الكمالية والرسالية والإنسانية هذه إذا ما بقيت على مستوى المفهوم والنظرية وفي وفق عالم الذهن والعقل والإدراك لاتستطيع أن تحرك الإنسان لابد لأي مفهوم لأية فكرة صحيحة يراد منها أن تكون محركة للإنسان نحو عمل، نحو موقف نحو سلوك أن ينزل هذا المفهوم وتنزل الفكرة من عالم الإدراك الذهني المجرد إلى عالم القلب والعاطفة والوجدان... لأن الذي يحرك الإنسان إنما هو القلب ليس العقل المجرد، القلب ما يسميه علم النفس حب الذات هو الباعث والمحرك الأساسي لكل شيء فالمحرك هو دائماً ما يعبرون عنه ( بحب الذات) هو الشوق والحب والعاطفة لا الفكرة المجردة فأي فكرة مهما كانت صحيحة وسليمة وقوية من الناحية النظرية المجردة لا تكفي سلامتها النظرية وصحتها النظرية إذا أريد من ورائها أن تكون فكرة فاعلة مؤثرة مغيرة لحياة المجتمع لا يكفي لها أن تكون سالمة وصحيحة من الناحية النظرية لا بد وأن تكون قابلة لأن تنزل إلى عالم وجدان ان الفرد وجدان الإنسان وتتحول الفكرة إلى شوق وحب وتوجه من قبل هذا البعد من أبعاد الإنسان الذي نحن نعبر عنه بالقلب هذه مقدمة شرحناها في ليلة من الليالي وهناك قلنا لماذا نجد أن الأنبياء أستطاعوا أن يغيروا التاريخ ويغيروا البشرية لكن الفلاسفة لم يستطيعوا أن يغيروا التاريخ مع أن الفلاسفة عندهم من الأفكار والأستدلالات المجردة والمصطلحات لعلها لا تقل عن كتب الأنبياء وأحاديث الأنبياء، أو بعض الأنبياء على الأقل مع ذلك لم يستطيعوا أن يغيروا الإنسانية تغييراً جوهرياً أساسياً مشهوداً في تاريخ البشرية بمقدار ما غير الأنبياء أحد العوامل لهذه الظاهرة في الواقع هو أن الفلاسفة يتكلمون مع العقل المجرد ولا يتمكنون أن ينزلوا من عالم العقل إلى عالم القلب ويناجوا ويناغوا قلوب ومشاعر الناس وأحاسيس الناس ووجدان الناس وفطرة الناس، هذه مقدمة ؛ لابد من قدوة مجسّده حسية في تربية الإنسان .
الأمر الثاني : إن الإنسان يتأثر لكونه حسياً بالمحسوس أكثر من يتأثر بالمعقول يتأثر بالقدوة والمجسدة أمامه مما يتأثر بالمفهوم الخالص، أنت تجد أنك تارة تبين لشخص تريد أن تربيه وتنصحه وترشده تعطيه مفهوم من المفاهيم أفرض مفهوم الأمانة أن يكون الأنسان أميناً مفهوم المواساة مفهوم التضحية في سبيل المبدأ تارة تشرح له هذه الفكرة كمفهوم تبيّن له أن الخيانة من الصفات الرذيلة والأمانة من الصفات القيّمة الحميدة وهكذا تشرح له معنى المواساة هذا التأثير لا يبلغ تلك المرتبة التي تنقل له قصه إنسان أو حكاية إنسان هذا الإنسان قام بعمل بموقف المواساة إنه واسى إنساناً مظلوماً عندما تنقل له تلك الحكاية وتلك الواقعة تجد أن درجة التأثر ودرجة التربية سوف تتضاعف وتتزايد لماذا ؟ لأنه هناك سوف يواجه أمامه إنساناً وقدوة سوف يجد أمامه واقعاً مجسداً في الخارج بينما في الحالة الأخرى لا يوجد غير مفهوم ونظرية وكم فرق بين أثر النظرية والمفهوم وبين أثر القدوة والتعبير الخارجي وهذه تنشأ من النزعة الحسية في الإنسان القدوه معناه هناك شيء محسوس ملموس أمامه تأثير الأحساس وأنجذاب الإنسان وتأثره به أكثر بكثير من القضية المفهومية المفرغه عن التجسيد الخارجي هذا أيضاً مسألة ثابتة ولهذا تجدون الأئمة "عليهم السلام" يؤكدون أنه كونوا دعاة للناس بغير إلسنتكم ليروا منكم الورع والاجتهاد والصلوة والخير فإن ذلك داعية النبي (صلى الله عليه واله) و الأئمة "عليهم السلام" لعلنا نستطيع ان نقول إنه بنسبة 80% من تأثيرهم على البشرية كانت من خلال تجسيدهم ومن خلال القدوة التي جسدوها لهم من خلال سلوك الواقع المجسد الذي كان يمارسه النبي والإمام والوصي والإنسان الصالح في المجتمع الذي كان يعيش فيه أمّا إذا أفترض أنه كان يقتصر في مقام تغيير المجتمعات وتربية الأجيال على مجرد التعبيرات والتنظيرات والمفاهيم والكليات والقضايا لم تكن مؤثرة إلاّ بنسبة 20 % ولعلّها في بعض الأحيان لا تكون مؤثرة أصلاً أي تأثير هذه حقيقة تنشأ مما أشرنا إليه من النزعة الحسية في الإنسان وتأثر الإنسان في المحسوس أكثر من تأثره بالقضايا المعقولة المفهومة هذه أيضاً مقدّمة من المقدّمات الثابتة .
مرض الفتور في إرادة الأمة الرساليّة وروحياتها
الأمر الثالث : هو أنّ هنالك مرضاً وبيلاً تبتلى به أكثر الرسالات وأكثر الحضارات البشرية إذا أستعرض الإنسان الحضارات يجد أنّ قد لا تشذ حضارة بشرية ولا رسالة سماوية منها حتى الرسالات قلنا فيما سبق أنّ الرسالات السماوية أيضاً من خلال الطرق والوسائل البشرية تريد أن تغيّر المجتمعات لا من خلال وسائل غيبية، [وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ] .
هناك مرض وخطر يحدق بأيّة أمّة تبدأ نهضتها ونموّها بعد فترة هناك مرض وبيل ينتشر في عروق الأمة عادة وغالباً إن لم يكن دائماً، هذا المرض هو أن أيّ رسالة في بداية أمرها لها جذوة ودفعة معيّنة في نفوس الموالين لهذه الرسالة قبل بروز الرسالة وشخوصها في الخارج واستيلائها على مقاليد الأمور هناك حالة من الأمل الروحية تدفع الناس إلى أن يضحوا في سبيل تحقيق الرسالة التي أعتقدوا وآمنوا بصحتها بعد فترة عندما تتحقّق هذه الرسالة وتحكم يوجد هناك مرض بشري من خلال نقاط الضعف الموجودة في التركيب البشري سوف يدبّ هذا المرض في عروق الأمة الرسالية لأن البشر كأفراد عندهم نقاط ضعف كثيرة عندهم أهواء أساساً الإنسان معجون من الترابية والسماوية، وهناك عنصر مهم في وجوده وهو عنصر الأهواء والنزوات والشهوات والمسائل التي تتشعّب من جانب النفس الأمّارة بالسوء . هذه المداخل للضعف في النفس البشرية في هذه الأمّة تبدأ في التفاعل في البروز والشخوص للأستيلاء على الأمّة كأمة في داخل جسم الأمّة كموجود واحد، أيضاً تبدأ هذه الأهواء تتفاعل وتصعد وتبرز إلى السطح وحينئذ تبدأ حالة الفتور في الأمّة الرساليّة تجد الأمّة الرسالية تبتلي بنفسها بهذه الخصوصيات التي في المرحلة الأولى مرحلة تأسيس الأمّة لم تكن هذه الخصوصيات والتفاعلات موجودة بهذه الدرجة بعد مرور مرحلة التأسيس تبدأ نقاط الضعف البشريّة والشيطانيّة وتبرز الأهواء وتتفاعل وتحاول أن تسيطر على الوضع هذا مرض لا ينجوا عنه البشر والأمّة الرسالية وهذا المرض ليس مرضاً مرتبطاً بالجانب المفهومي بقدر ما يرتبط بالجانب النفسي والارادي من وجود الإنسان ليس هذا ناتجاً من أن المفهوم غير واضح أن الرسالة أسست ومفاهيم ومعالم الرسالة ثبتت هذا ينشأ من المداخل النفسية في أفراد الأمّة نقاط الضعف النفسية والروحية الموجودة في قسم من هؤلاء تبدأ النقاط بالتعامل والحركة إلى أن تؤدي إلى أن تصبح الأمّه الرسالية فاقدة لتلك الحالة من الأستعداد النفسي التي كانت مستعدة لها في بداية أمرها حينما كانت متوجه نحو تأسيس أصل الرسالة والحضارة التي آمنت وأعتقدت بها هذه حالة تنتاب المجتمعات البشرية حتى المجتمعات التي رسالتها رسالة ربانية لأن أفرادها بشر صحيح أن الرسالة ربانية إلاّ أن أفرادها بشر فلهم نفس نقاط الضعف الموجودة في سائر الناس رغم التربية الرسالية والربانية فإن هذه التربية ربما لا تستطيع في بداية أمرها إذا لم تكن قيادتها ربانية معصومة إلى فترة طويلة من الزمن ان تقتلع كل جذور هذه المشاكل وهذه الأمراض من نفسها وهذا أيضاً أمر ثالث.
تفسير سيدنا الشهيد الصدر لدوافع الثورة الحسينية :
من مجموع هذه الأمور نستطيع أن نخرج بتفسير لقضية الإمام الحسين (عليه السلام) كان يذكره سيدنا ومولانا الشهيد الإمام الصدر"قدس سره" الذي كانت قضيته أشبه القضايا في وقتنا الحاضر وعصرنا الحاضر بقضية الإمام الحسين (عليه السلام) كان يردد هذا التفسير بشكل وآخر بين حين وأخر كان يقول أن الإمام الحسين (عليه السلام) كان يواجه خطراً من هذا القبيل في المجتمع الإسلامي والأمة الإسلامية في حياته .
الأمّة الإسلامية بعد أن ربّاها النبي (صلى الله عليه واله) وأسس الرسالة فيها أسسها كأمة أسلامية رسالية هذه التفاعلات النفسية ونقاط الضعف تفاعلت وتمخضت عن مسألة السقيفة عندما يدرسها الإنسان يجدها في الحقيقة ليس إلاّ عبارة عن بروز عوامل الشر وعوامل الهوى وعوامل حب السلطة والأمرة في نفوس المسلمين الذين يتحركون بين يد النبي (صلى الله عليه واله) في القتال وفي الجهاد إلاّ أن تلك الطاقة الحرارية والروحية التي كانت موجودة لديهم هذه الطاقة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله) وحيث أصبحت الأمّة أمام أغراء الأمرة والسلطة وهي محنه وأبتلاء عظيم هذه النفوس التي كانت ضعيفة ولا تزال غير متربّية تربية كاملة أخذت تتفاعل هذه النزعات والأهواء فيها فبرزت مسألة السقيفة وحرفت قيادة الأمّة الرسالية والرسالة بالشكل الذي تعرفونه هذا التحريف أدى إلى أن يتشوش مفهوم القيادة الإسلامية نتيجة ان هؤلاء الذين دبّ هذا المرض فيهم وأستحوذ الشيطان عليهم وأغرتهم السلطة وأدت هذه الأغراءت أن يغتصبوا الحق عن أهله والمسألة كانت بعدُ في بداية أمرها وهؤلاء كانوا من الصحابة والأجلاء بحسب الظاهر تكويناً كان هذا مشوشاً طبيعياً لمسألة الحكم والنظرية أسلامية في الحكم والقيادة والسياسة بحيث واقعاً كان كثير من الناس يعتقدون أن ما وقع كان إسلامياً لأن هؤلاء هم صحابة رسول الله (صلى الله عليه واله) وهم الذين من خلالهم نأخذ الروايات والأحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه واله) ففعلهم كأقوالهم كما أن أقوالهم تكون معتبرة في نقل الحديث النبوي إذن ففعلهم الخارجي يكون معتبراً كان هناك مناشيء لأن يقع هناك تشويش ووقع التشويش فعلاً في أصل مباديء الإمامة والولاية وتشويش في نوع الحكم وصيغة الحكم الإسلامي ومشى التشويش أكثر من هذا بحيث أعمال عثمان في خلافته التي كانت واضحة انها خلاف أوليات الإسلام مع ذلك كانت تحمل على نصحه في البداية لأنه خليفة يجتهد مثلاً فتارة يخطأ فيكون معذوراً عند الله هذه المفاهيم بدأت تشوش الذهنية وتشوش أصل الرسالة وأصل هذا البعد من جوانب الرسالية الإسلامية الجانب المرتبط بقيادة الأمّة وبكيفية الحكم في الأمّة الإسلامية .
هذه المشكلة كانت مشكلة فترة ما قبل الإمام الحسن والإمام الحسين(عليه السلام) فترة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) هذه المشكلة الإمام علي (عليه السلام) أستطاع بحكمه في الفترة القصيرة أن يصون الرسالة منها ويدفع خطر هذا المرض المفهومي الذي كان يدّب في نفوس الأمة الإسلامية والتي كانت تؤدي إلى تشويه هذا الجانب من الرسالة من خلال حكمه الناصع من خلال السنوات الأربع أستطاع أن يضرب ويقدم المثل الأعلى لشكلية الحكم الإسلامي العادل والعدالة السياسية والإجتماعية في الإسلام ولذلك تجدون منذ البداية كان الإمام (عليه السلام) حدياً مئة بالمئة إلى درجة قد يتصور أنه تطرف فألعناوين الثانوية لم تكن بأي وجه من الوجوه يعملها الإمام (عليه السلام) لا تجدون في حياة الإمام السياسية والأجتماعية أي أعمال للعناوين الثانوية قيل له أنت الآن لا تعزل معاوية وتمضي أو تسكت على الأقل عن تعينات عثمان للولاة إلى أن هؤلاء يعترفون بخلافتك ويبايعونك بعد ذلك أن يبايع معاوية مثلاً تستطيع أن تعزله بعد أن أخذت منه البيعة لا يمكن أن يخالف لأنه سوف يناقض نفسه ولا الأمة أو أهل الشام يقبلون منه هذا الشيء فطرح عليه الزبير أو طلحه أو شخص آخر طرح عليه عناوين من هذا القبيل لكن الإمام (عليه السلام) لم يقبله منذ اللحظة الأولى، ذلك ولم يراهن ولم يجامل ولم يجر على يديه أي حالة يمكن أن تفسر بهذا الشكل، منذ البداية حاول أن يعطي العنوان الأوّلي والصيغة الإسلامية الصحيحة للحكم الإسلامي العادل والقيادة الإسلامية العادلة لماذا؟ لأنه كان يريد بعمله الذي يجسده في الخارج بحكمه كان يريد أن يدفع تلك الجهات والتشويشات التي كانت قد أصيبت الرسالة الإسلامية بها نتيجة السقيفة ونتيجة الأعمال التي قام بها الخليفة الأول والثاني ثم خرّقها الخليفة الثالث تلك الأمور التي شوشت الذهنية الإسلامية وشوشت صورة الحكم الإسلامي لو كان الإمام (عليه السلام) أيضاً يعمل العناوين الثانوية لما كان قادراً أن يصحح ما وقع، الناس عرفوا بطلان تلك الصورة وأنها ليست إسلامية من القيادة والحكم من خلال التطبيق الكامل الحدّي الأوّلي للسياسة القيادة الإسلامية التي جسّدها الإمام في فترة حكمه هذه مشكلة الإمام علي(عليه السلام) والتي عالجها الإمام (عليه السلام) بهذا الشكل ودفعها وكان موقفاً في علاجه بهذا المقدار والإمام الحسن (عليه السلام) ماذا كانت مشكلته ؟
المشكلة التي أمتحن وأبتلى بها مشكلتة مشكلة زيف معاوية الذي كان يمتلك من السمعة التاريخية المزيفة وتاريخ الصحبة مع النبي (صلى الله عليه واله) وحيثيات أخرى من هذا القبيل وكونه من قبل الخلافة الراشدة أمام الناس كان يظهر بمظهر أحد الصحابة الإمام علي (عليه السلام) أحد الصحابة هذا أيضاً أحد الصحابة نعم الإمام (عليه السلام) أفضل منه وأرفع منه وأكثر منه علماً ومسائل من هذا القبيل إلاّ أن هذا صحابي وذاك صحابي فأمام الناس قابل لأن يلتبس ويشتبه بينهما ومعاوية كان يستطيع بدهائه أن يشوش على ذهنية الأمة الإسلامية من هذه النقطة ويجعل من القضية كأنه قضيته صراع بين صحابيين مثلاً أو صراع قبيلتين من القبائل المنتسبة معاً إلى المسلمين والى قريش وإلى رسول الله (صلى الله عليه واله) يتصارعان على الحكم فلا فرق بينهما إلاّ في أن هذا من الفخذ الهاشمي وذاك من الفخذ الآخر الناس هذه الشبهة كانت تنطلي عليهم وهذا التشويش كان له سوق بين المسلمين وكان معاوية بنفسه من يروجون هذا التشويش للناس بحيث هذا الإنسان الذي يخرج مع الإمام الحسن (عليه السلام) لأن يحارب معاوية لا يدري أكثر من أن هذه الحرب دافعها الحقيقي أن يأتي الإمام الحسن (عليه السلام) بدلاً عن معاوية ويحكم واحد من بني هاشم بدل بني أمية بعد لم تكن مكشوفة أمام الناس الأبعاد الحقيقية لهذا الشخص أو لهذا الخط الذي كان يريد أن يحكم صلح الإمام الحسن (عليه السلام) بحسب الحقيقة دافعه كان كشف حقيقة أوراق معاوية بن أبي سفيان وخط معاوية، ولولا هذا الصلح لما أنكشفت هذه الحقيقية ولم تكن الأمة تستطيع أن تعرف أن المسألة ليست مسألة هذا الصحابي وذاك الصحابي وهذا الشخص وذاك الشخص هذا الإنسان الذي من هذا الفخذ من قريش وذاك الإنسان الذي من الفخذ الآخر من قريش صلح الإمام الحسن (عليه السلام) استطاع أن يكشف هذه الحقيقة إذن بعد صلح أمام الناس صورة القيادة وشكل الحكم الإسلامي أصبح واضحاً من ناحية طبيعة الحكم والممارسات التي يقوم بها الحاكم وأيضاً من ناحية الحاكم هذا كمفهوم أصبح واضحاً بين أبناء الأمة الإسلامية نتيجة ما قدمه الإمام علي (عليه السلام) من المواقف في السنين الأربع من الحكم وما فعله الإمام الحسن (عليه السلام) في مسألة الصلح مع معاوية، الذي معاوية بعده مباشرة يأتي إلى الكوفة ويقول كلمته المشهورة أنه ما حاربتكم لتصوموا وتصلوا إنما حاربتكم لآتأمرّ عليكم إلى أن قال : وكل شرط شرطته للحسن تحت قدمي هاتين بهذا الشكل السافل الصريح يبّين أن تمام غرضه وهدفه هوى السلطة وحب السيطرة على الناس، أصبح واضحاً من خلال ممارساته بعد ذلك مع شيعة الإمام علي(عليه السلام) مع قتله وسفكه للدماء الطاهرة والصراعات والفتن يفتعلها بين القبائل وبين الناس .... هذه المسائل كلها أنكشفت خلال العشرين عاماً الذي كان يحكم المسلمين ظلماً وجوراً كانت هذه القضايا بالتدريج قد أصبحت واضحة أمام الناس ذاك الشخص الذي مثلاً كان يخرج مع الإمام الحسن (عليه السلام) لمحاربة الشام وهو متردد أنه لماذا يريد يحارب الآن صار واضحاً لديه يريد أن يحارب خط معاوية وهذا الموضوع لم يمكن أعطائه في اليوم الأول لأصحاب الإمام الحسن (عليه السلام) بالمفهوم الكامل عندما صالح الإمام الحسن (عليه السلام) وأنحسر سياسياً وأخلى الساحة لهذا الطاغية الذي كان مبرقعاً ببرقع الإسلام وصحبة النبي (صلى الله عليه واله) وأنه كاتب الوحي... وهذه الكلمات التي أستطاع معاوية بدهائه وذكائه أن يرسمها حول شخصيته في ذهن الأمة الإسلامية في تلك الفترة لم يكن يمكن توضيح هذه الحقيقية وإنما هذه الحقيقية أوضحت بعد صلح الإمام الحسن (عليه السلام) وخلال هذه الفترة الذي حكم فيها معاوية .
إذن ففي عهد الإمام الحسين (عليه السلام) صورة القيادة الإسلامية وطبيعة القيادة الإسلامية وشرائط القائد الإسلامي والإمام (عليه السلام) أصبح أمام الذهن الجمعي للناس والوضع الأعتيادي للأمة الإسلامية واضحاً، ماذا كانت المشكلة إذن ؟ كانت هناك مشكلة أخرى ومرض آخر بدأ من حيث أنتهى معاوية كان هناك مرض آخر أستطاع أنحراف السقيفة أن ينتهي إليه هذا المرض هو أن معاوية خلال الفترة التي حكم فيها صحيح أن أعماله كانت تكشف واقعه أمام الناس وهو لكونه حاكماً وبيده قدرات وأمكانات هائلة دخل من مدخل آخر وهو مدخل أفساد ضمائر الناس بحيث أصبح هذا الإنسان رغم علمه أن هذا الطريق هو الحق وذاك هو الباطل قد أفسد ضميره وأرادته بالمغريات والترغيبات من جانب وبالترهيب وبالقتل من جانب آخر كلكم تعلمون أن زياداً كان من أصحاب الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) وكان والي فارس من قبل الإمام علي (عليه السلام) وإذا ينقلب هذا الرجل إلى عدو لدود للإمام (عليه السلام) ولخطّه ما الذي قلبه بعد أستشهاد الإمام (عليه السلام) ؟ لم يقلبه أختلاف المفاهيم والتصورات الإسلامية قلبه في الواقع المغريات والترغيبات التي قدمها له معاوية والتي كان منها الحاقه بأبي سفيان هذه الأشياء أثرت على شخصيته فأنقلب من موالين الإمام (عليه السلام) بل عمن نصبهم الإمام فالإمام (عليه السلام) لا ينصّب إنساناً فاجراً فاسقاً منحرفاً عندما نصبه وكانت شخصيته عادلة، له درجة لازمة من العدالة وإذا ينقلب هذا الإنسان من شخصية منصوبة من قبل الإمام (عليه السلام) إلى شخصية يعادي بها الإمام أشد العداء، هذا العداء لم يكن من ناحية مفهوم ألتبس عليه بل من ناحية أن ضميره أشتري وأرادته اشتريت الإنسان له جانبان، جانب فكر مجرد وجانب عواطف وشهوات وأهواء ومطامح هذا الجانب غير الجانب الأول ربما الإنسان الأول في الجانب الأول لا يكون مريضاً يعرف النظريات الصحيحة إلا أن الجانب الثاني فيه يكون مريضاً رغم معرفته أن هذا هو الحق يده لا تتحرك بأتجاه الحق بل تتحرك بأتجاه الهوى والمطامح وهو يعرف أن هذه الحركة ليست هي الصحيحة ليست هي الحق وفي طرف الحق بل في طرف الباطل رغبة النفس شهوة النفس تدفعه إلى أن يتجه هذا الأتجاه .
معاوية أستطاع أن يفسد هذا البعد الثاني في الأمة الإسلامية افساداً كاملاً أستطاع من خلال أساليبه الترغيبية والترهيبية أن يفسد هذا الجانب إذا تراجعون التاريخ ترون أنه قام في هذه الفترة فترة العشرين سنة بأشياء عجيبة وغريـبة في هذا المجال أستطاع واقعاً أن يفسد بها أكـثر أفراد الأمة الإسلامية إلاّ من بقي ومن عصمهم الله وبقي على صلة بالأئمة وبكتاب الله أو كان مشرداً أو مقتولاً . وهذا الوضع يشبه وضع الأمة الآن في العراق...كيف أن صدام بأساليبه الجهنمية واقعاً أشترى أناساً لم يكن يتصور أن هذا إنسان يمكن أن يشتري من قبل صدام بماذا أشتراه ؟ لم يستدل على أحقيته في الحكم من الإمام الخميني حتى المعمم المنحرف الذي أشتراه لم يكن منحرفاً قبل هذه الفترة الآن أصبح منحرفاً ومحسوباً على هذا الجانب بماذا أشتراه ؟ لم يشتره بأعطاء مفاهيم ألتبست عليه وواقعاً أعتقد أن صدام بريء وهو على حق والجمهورية الإسلامية هي التي على باطل بل أشرى ضمير هذا الإنسان من خلال المطامح والاغراءات أو من خلال الترهيب أو القتل والتنكيل والتشريد من خلال القوّة أو من خلال المادة... بأحد الشكلين اللذان يرجعان إلى هذا البعد من الإنسان جانب حفظ النفس ورغبات النفس وشهواتها البشرية عن هذا الطريق ومن خلال هذا الباب أستطاع أن يفسد الأمة باعتباره حاكماً وليس فرداً فهو يمكن من أن يغير الأمة كأمة كموجود واحد يغيره كما غيره معاوية حيث أستطاع بهذه السنين التي حكم فيها أن يقوم بهذا الدور الأفسادي في الأمة .
فالإمام الحسين (عليه السلام) تولى الإمامة وهو يجد أمامه أمة خائرة في إرادتها عالمة بأن الحق مع الإمام الحسين (عليه السلام) لكن خائرة في إرادتها متميعة في ضميرها ذليلة تلهت وراء المصالح الشخصية والمقامات والعطاءات التي كان يعطيها الوالي أو الخليفة وراء هذه المسائل تجدون في محاورات الإمام الحسين (عليه السلام) مع عمر بن سعد في يوم عاشوراء بماذا يستدل عمر بن سعد إن لي ضياعاً كذا ،... إستدلالات واهية هو يعرف أن الإمام الحسين (عليه السلام) أبن بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) ولا يشك في هذا ويعرف أن الإمام الحسين (عليه السلام) بن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) أحق بالخلافة من يزيد لعنه الله سيما وأن يزيد شخصية معروفة مكشوفة ليس من قبيل معاوية ليس له صحبة معاوية مع رسول الله ليس له تاريخ معاوية ... كل هذا كان واضحاً للمسلمين جميعاً بما فيهم قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) وقواد قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) أمثال عمر بن سعد إلا أن الذي كان يمنعه ضياعه يريد ملك الرّي مثلاً هذا يعني أن الضمير قد أفسد فساداً كاملاً من قبل الجهاز الحاكم أستطاع هذا الجهاز أن يفسد حقيقة ضمائر المسلمين ويحول هؤلاء من ناس يملكون إرادتهم وعندهم حالة من الترفع من المغريات والشهوات إلاّ أنهم أناس ذليلين قد أستعبدتهم الشهوات حق الأستعباد هذه الحالة المرضية التي كان يواجهها الإمام الحسين (عليه السلام)، هذه الحالة المرضية لا يكفي في مقام أصلاح الأمة وتخليصها منها إلى أن يتكلم بهذه المفاهيم والنظريات هذه المفاهيم كلها مفهومة لهم أي مفهوم تقوله لهم هم يعرفونه مثل هؤلاء تكون المفاهيم واضحة لديهم لا التباس فيها يقول له الفرزدق ( قلوبهم معك) يعرفون أنك أحق ولا نقاش فيه فأعطاء المفاهيم وبيان الأيديولوجيات والمسائل الأخرى كلها لا تكون مفيدة في حق أمة مريضة بهذا المرض الوبيل هذه الحالة المرضية الخطيرة والتي هي من أخطر الأمراض هذا أخر مرض وبيل وسرطاني تبتلى به الأمم الرسالية جميعاً وهو مصدر شقائها وبلائها بالتسافل والانحطاط هذا المرض الخطير تجد له آثار كبيرة في تاريخ هذه الأمة ومستقبل أجيال هذه الأمة مثل هذا الخطر لا يمكن أن يعالج إلا من خلال تجسيد عملية من العمليات التي يقبل بها أي ضمير أنساني مهما تسافل هذا الضمير ومهما أنتكس لأنها العملية أفجع منها وفجاعة العملية وشراسة العملية أقوى من كل شيء عملية من هذا القبيل تستطيع أن تنقذ الموقف ولو بعد فتره من الزمن وإلا فهذا المرض سوف يستشري ويتفاقم أكـثر فأكـثر وينتهي بالأمة رأساً ولا تبقى بعد انتهاء الأمة رسالة يسري إليها وإلى مفاهيمها وقيمها المرض وتنتهي الرسالة وتنحرف كما أنحرفت كـثير من الرسالات السماوية السابقة مثل هذه الحالة لا يمكن علاجها إلا من خلال ضرب مثل رائع من أمثلة الترفع عن الأهواء والشهوات، وان الإنسان كيف ينبغي أن يقدم مصالح الآخرين والقيم التي لا بد أن يطبقها في حق الآخرين يقدمها على كل ما يملك ما يملك كثير وعظيم بالنسبة لما يملكه الآخرون من خلال عملية فيها منتهى التضحية، الإنسان يضحي لا فقط بنفسه بمقام أجتماعي كبير كل تاريخ الوجاهة والزعامة في الأمة يضحي بأهله وأولاده وأمواله بكل هذه الأمور التي كلها أمتيازات وأعتبارات مادية وأجتماعية كبيرة يتنازل عنها جميعاً من أجل هذا المستضعف وذاك المستضعف والإمام الحسين (عليه السلام) عطاءاته كانت تصله من قبل الخليفة أو والي الخليفة موجود في تاريخ والي معاوية ويزيد إنهم كانوا يعاملون الأئمة معاملة من ناحية مادية ويحاولون أن يعطوهم عطاءات لعله أكثر من الآخرين بأعتبار أنهم قريشين أولاً وهم من بني هاشم ثانياً وذو اعتبارات ووجاهة أجتماعية ودينية كبيرة ثالثاً لم يكن الإمام نفسه من ناحية وضعه الشخصي والمادي في ضيق حتى من قبل الحاكمين لم يكونوا يظلمونهم في العطاءات والصلاة يقول والي المدينة بعد ما بلغه مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) صعد المنبر وأخذ يقول كنا نصله ويقاطعنا ونصله ويقاطعنا أكثر ونحن نعطيه أكثر عطاءنا كان مستمراً له من الناحية المادية لم يكن الإمام الحسين (عليه السلام) في مضيقة كان وضعه جيداً وأجود لعله من الناس المتعارفين كان يملك ما يملكه الإنسان المتعارف الجيد كما هو واضح من خلال عطاءاته ومسائله الأخرى مع ذلك هو يتنازل عن هذا الوضع المادي والأجتماعي الجيد والزعامة الجيدة يتنازل عن أكثر من هذا عن دمه ودم أخوانه وعشيرته من أجل ذاك الإنسان الذي يظلم في العطاء الإنسان الذي الآن يذوق وبال الحكم المنحرف حكم بني أمية هذا الشخص الآخر عندما يجد أن الإنسان العظيم قد تنازل عن كل هذا في سبيله إذا كان له أدنى مراتب الإنسانية الموجودة في ضمير كل كائن إنساني ومخلوق إنساني نراه يتكهرب بهذا ويقول عجيب أن هذا الإنسان يضحي بكل ما عنده من الزعامة والإمكانات والوضع .... من أجلي وأنا أبقى التصق بهذا الأغراء وذاك الأغراء وأذهب وراء هذا الشخص وذاك القائد الأموي لا يستسيغون هذا الوضع بعد هذا وسيكون هذا العمل وهذا الإنسان قدوة عملية رائعة من ناحية ثم الجانب المأساوي الموجود في التضحية الجانب المأساوي الذي كان الإمام الحسين (عليه السلام) دقيقاً في التخطيط له بحيث حتى الطفل الرضيع يخرجه إلى المعركة وفي كيفية المعركة عندما كان يخرج إلى المعركة كان يلبس عمامة رسول الله (صلى الله عليه واله) ويشبه نفسه برسول الله (صلى الله عليه واله) وهيئة رسول (صلى الله عليه واله) هذه الخصوصيات الإنسان يجدها في تاريخ القضية ومشاهد وفصول هذه الملحمة الكبرى يجد الإمام الحسين (عليه السلام) الجانب المأساوي أيضاً كان يخطط له إذن لم تكن المسألة مسألة يستولى على الحكم ويغلب يزيد ثم أنعكس الأمر بأتفاقات ومصادفات سيئة غير متوقعة كان هناك تخطيط دقيق للجانب المأساوي لأ بشع صورة ممكنه، حتى تكون هذه الصورة تفوق أحساس كل ضمير إنساني مهما كان هذا الضمير منتكساً في الرذيلة هذه الصورة لمأساويتها البالغة تهزّ ذاك الضمير وتغلب حالة الخور والجمود والخدر التي أبتليت بها ضمائر الأمة الإسلامية منذ ان هؤلاء الذين بالأمس قاموا بهذه المأساة بشكل وآخر أو ساهموا فيها أما شاركوا مع الجيش أو جلسوا في بيوتهم أو هربوا إلى البساتين وخارج الكوفة تجدون أن المأساة عندما أنتشرت فصولها ومشاهدها وأخبارها هؤلاء كلهم بدأت ضمائرهم التي كانت خائرة ميتة خوفاً من سطوة ابن زياد أو أموال عبيدالله بن زياد أو أرهاباته وترغيـباته هذه الضمائر أنتهت وتحركت ما الذي حرّك هذا الضمائر ؟ هذا الجانب الذي كان مجسداً في وضع الإمام الحسين (عليه السلام) لم يمكن للإمام الحسين (عليه السلام) أن يحرك هذه الضمائر بالمفاهيم قلنا إن الإنسان حسي يحتاج أن يكون أمامه قدوة ثم هذا التحريك لضمير الأمة لم يكن يقتصر على تلك الفترة الإمام ينظر بنظرته العادية كقائد رسالي يحتاج إلى علم الغيب بنظرته بما هو يتحمل رسالة خالدة خاتمه لكل الرسالات السماوية ينظر لمستقبل أبنائها ومستقبل هذه الأمة لا بد وأن يجعل مع هذه الرسالة قدوة صالحة دائمة على طول التاريخ تصلح هذه القدوة المجسدة في عمله وثورته أن تحرك وتهّز ضمائر الناس عندما تبتلى بهذا المرض وهي دائماً تبتلى بهذا المرض كلما أبتلت ضمائر الأمة بمثل هذا المرض تبقى قضية الإمام الحسين (عليه السلام) هي الرائدة وهي الدواء الحقيقي لهذا المرض ولحد الآن تجدون الأمة الحائرة ما الذي يحركها، حتى في العراق قضية الإمام الحسين (عليه السلام) رغم هذا الخور الموجود في الأمة تجدون مسألة الأربعين تهزهم وتحركهم بوجه الطغاة تعطيهم قدرة بحيث تحركهم ويبذلون ما في دمائهم في سبيل ان يذهبوا إلى زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم الأربعين هذا معناه أن هذه الحركة وهذه الثورة وهذه القدوة التي جسدها الإمام الحسين (عليه السلام) إلى الأبد هي فوق كل الضمائر المنتكسة والحائرة والمخدرة ... تستطيع أن تهزها، فيها من الخصوصيات ما تهزها وتستطيع أن توقضها طبعاً كل مورد بحسبه ومقداره وكلما تستغل هذه القضية بشكل أفضل – كما أستغلها ألائمة "عليهم السلام" بعد الإمام الحسين (عليه السلام) – يمكن أن يكون تأثيرها أفضل لأن القضية قدوة تبقى فوق كل الحالات المرضية التي يمكن ان يبتلى بها ضمير الإنسان سيما وأن هذه القضية فيها من المظلومية ومن المأساوية ما يمتزج مع قلب أقسى الناس مهما يكون الإنسان قاسي القلب هذه القضية تفوق قساوته قلنا إن القيم والمفاهيم عندما لا تنزل من عالم المفاهيم إلى عالم القلب ولا تمتزج مع الأحاسيس والشعور ولا تحرك العاطفة فلا تحرك الإنسان المحرك الحقيقي إنما هو هذا الأحساس وإنما هو هذه العواطف والأرادة النابعة من القلب والشوق .
إذن المقدمات الثلاثة التي أشرنا إليها تظهر دورها في شرح ما يمكن شرحه لهذه النظرية إذن فالإمام الحسين (عليه السلام) كان دافعه ومنظوره في هذه الحركة والثورة المباركة ان يقتلع هذا المرض وأن يعطي العلاج الناصع الصريح لهذا المرض الذي دائماً تبتلى به الأمم حتى الأمم الربانية حتى الأمم التي صنعتها الأنبياء تبتلى بهذه الحالة بعد زمن نتيجة ضعف البشرية نفسها فيها أهواء ... تركيبتها وخلقتها هذه ... تبتلى بمثل هذا المرض دائماً ولا يكون العلاج إلا بمثل هذه القضية قضية الإمام الحسين (عليه السلام) سوف تبقى ذات دوافع تأريخية وزمنية ،ليست محدودة بالفترة التي عاشها الإمام الحسين (عليه السلام) .
غفر الله لنا ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .