ما بل أوجهها الحيا و لو انه قطع الصفا بل الحيا ملساءها
من أين تخجل أوجه أموية سكبت بلذات الفجور حياءها
قهرت بني الزهراء في سلطانها و استأصلت بصفاحها امراءها
ملكت عليها الأمر حتى حرمت في الأرض مطرح جنبها و ثواءها
ضاقت بها الدنيا فحيث توجهت رأت الحتوف أمامها و وراءها
فاستوطأت ظهر الحمام و حولت للعز عن ظهر الهوان وطاءها
طلعت ثنيات الحتوف بعصبة كان السيوف قضاءها و مضاءها
لقلوبها امتحن الإله بموقف محضته فيه صبرها و بلاءها
كانت سواعد آل بيت محمد و سيوف نجدتها على من ساءها
كره الحمام لقاءها في ضنكه لكن أحب اللّه فيه لقاءها
فثوت بأفئدة صواد لم تجد ريا يبل سوى الردى احشاءها
و أراك تنشىء يا غمام على الورى ظلا و تروي من حياك ظماءها
و قلوب أبناء النبي تفطرت عطشا بقفر ارمضت أشلاءها
و أمضّ ما جرعت من الغصص التي قدحت بجانحة الهدى ايراءها
هتك الطغاة على بنات محمد حجب النبوة خدرها و خباءها
فتنازعت احشاءها حرق الجوى و تجاذبت أيدي العدو رداءها
عجبا لحلم اللّه و هي بعينه برزت تطيل عويلها و بكاءها
و يرى من الزفرات تجمع قلبها بيد و تدفع في يد اعداءها
ما كان أوجعها لمهجة (أحمد) و امض في كبد (البتولة) داءها
و انزل ابن سعد الخيل على الفرات فحموا الماء و حالوا بينه و بين سيد الشهداء و لم يجد أصحاب الحسين طريقا إلى الماء حتى اضرّ بهم العطش فأخذ الحسين فأسا و خطا وراء خيمة النساء تسع عشرة خطوة نحو القبلة و حفر فنبعت له عين ماء عذب فشربوا ثم غارت العين و لم ير لها أثر فأرسل ابن زياد إلى ابن سعد:
بلغني أن الحسين يحفر الآبار و يصيب الماء فيشرب هو و أصحابه فانظر إذا ورد عليك كتابي فامنعهم من حفر الآبار ما استطعت و ضيق عليهم غاية التضييق، فبعث في الوقت عمرو بن الحجاج في خمسمائة فارس و نزلوا على الشريعة و ذلك قبل مقتل الحسين بثلاثة أيام.