لما بلغ مسلما خبر هاني خاف أن يؤخذ غيلة فتعجل الخروج قبل الأجل الذي بينه و بين الناس و أمر عبد اللّه بن حازم أن ينادي في أصحابه و قد ملأ بهم الدور حوله فاجتمع إليه أربعة آلاف ينادون بشعار المسلمين يوم بدر: «يا منصور أمت».
ثم عقد لعبيد اللّه بن عمرو بن عزيز الكندي على ربع كندة و ربيعة و قال سر أمامي على الخيل و عقد لمسلم بن عوسجة الأسدي على ربع مذحج و أسد و قال :
انزل في الرجال و عقد لأبي ثمامة الصائدي على ربع تميم و همدان و عقد للعباس بن جعدة الجدلي على ربع المدينة.
و أقبلوا نحو القصر فتحرز ابن زياد فيه و غلق الأبواب و لم يستطع المقاومة لأنه لم يكن معه إلا ثلاثون رجلا من الشرطة و عشرون رجلا من الأشراف و مواليه ، لكن نفاق الكوفة و ما جبلوا عليه من الغدر لم يدع لهم «علما» يخفق فلم يبق من الأربعة آلاف إلا ثلثمائة «1».
و قد وصفهم الأحنف بن قيس بالمومسة تريد كل يوم بعلا «2».
و لما صاح من في القصر يا أهل الكوفة اتقوا اللّه و لا توردوا على أنفسكم خيول الشام فقد ذقتموهم و جربتموهم فتفرق هؤلاء الثلاثمائة حتى إن الرجل يأتي ابنه و أخاه و ابن عمه فيقول له انصرف و المرأة تأتي زوجها فتتعلق به حتى يرجع «3».
فصلى مسلم عليه السّلام العشاء بالمسجد و معه ثلاثون رجلا ثم انصرف نحو كندة «4» و معه ثلاثة و لم يمض إلا قليلا و إذا لم يشاهد من يدله على الطريق «5» فنزل عن فرسه و مشى متلددا في أزقة الكوفة لا يدري إلى أين يتوجه «6».
و لما تفرق الناس عن مسلم و سكن لغطهم و لم يسمع ابن زياد أصوات الرجال أمر من معه في القصر أن يشرفوا على ظلال المسجد لينظروا هل كمنوا فيها فكانوا يدلون القناديل و يشعلون النار في القصب و يدلونها بالحبال إلى أن تصل إلى صحن الجامع فلم يروا أحدا فأعلموا ابن زياد و أمر مناديه أن ينادي في الناس ليجتمعوا في المسجد و لما امتلأ المسجد بهم رقي المنبر و قال: إن ابن عقيل قد أتى ما قد علمتم من الخلاف و الشقاق فبرئت الذمة من رجل وجدناه في داره و من جاء به فله ديته فاتقوا اللّه عباد اللّه و الزموا طاعتكم و بيعتكم و لا تجعلوا على أنفسكم سبيلا.
ثم أمر صاحب شرطته الحصين بن تميم أن يفتش الدور و السكك و حذره من الفتك به إن أفلت مسلم و خرج من الكوفة «7».
فوضع الحصين الحرس على أفواه السكك و تتبع الأشراف الناهضين مع مسلم فقبض على عبد الأعلى بن يزيد الكلبي و عمارة بن صلخب الأزدي فحبسهما ثم قتلهما و حبس جماعة من الوجوه استيحاشا منهم و فيهم الأصبغ بن نباته و الحارث الأعور الهمداني «8».
حبس المختار
و كان المختار عند خروج مسلم في قرية له تدعى (خطوانية) «9» فجاء بمواليه يحمل راية خضراء و يحمل عبد اللّه بن الحارث راية حمراء و ركز المختار رايته على باب عمرو بن حريث و قال: أردت أن أمنع عمرا «10» و وضح لهما قتل مسلم و هاني و أشير عليهما بالدخول تحت راية الأمان عند عمرو بن حريث ففعلا و شهد لهما ابن حريث باجتنابهما ابن عقيل، فأمر ابن زياد بحبسهما بعد أن شتم المختار و استعرض وجهه بالقضيب فشتر عينه «11» و بقيا في السجن إلى أن قتل الحسين عليه السّلام «12»
و أمر ابن زياد محمد بن الأشعث «13» و شبث بن ربعي و القعقاع بن شور الذهلي «14» و حجار بن أبجر «15» و شمر بن ذي الجوشن و عمرو بن حريث أن يرفعوا راية الأمان و يخذّلوا الناس «16» فأجاب جماعة ممن خيم عليهم الفرق و آخرون جرهم الطمع الموهوم و اختفى الذين طهرت ضمائرهم و كانوا يترقبون فتح الأبواب للحملة على صولة الباطل.
مسلم في بيت طوعة
و انتهى بابن عقيل السير إلى دور بني جبلة من كندة و وقف على باب امرأة يقال لها طوعة أم ولد كانت للأشعث بن قيس اعتقها و تزوجها أسيد الحضرمي فولدت له بلالا كان مع الناس و أمه واقفة على الباب تنتظره فاستسقاها مسلم فسقته و استضافها فأضافته بعد أن عرفها أنه ليس له في المصر أهل و لا عشيرة و أنه من أهل بيت لهم الشفاعة يوم الحساب و هو مسلم بن عقيل فأدخلته بيتا غير الذي يأوي إليه ابنها و عرضت عليه الطعام فأبى و أنكر ابنها كثرة الدخول و الخروج لذلك البيت فاستخبرها فلم تخبره إلا بعد أن حلف لها كتمان الأمر.
و عند الصباح اعلم ابن زياد بمكان مسلم فأرسل ابن الأشعث في سبعين من قيس ليقبض عليه، و لما سمع مسلم وقع حوافر الخيل عرف أنه قد أتي «17» فعجل دعاءه الذي كان مشغولا به بعد صلاة الصبح ثم لبس لامته و قال لطوعة: قد أديت ما عليك من البر و أخذت نصيبك من شفاعة رسول اللّه و لقد رأيت البارحة عمي أمير المؤمنين في المنام و هو يقول لي: أنت معي غدا «18».
و خرج إليهم مصلتا سيفه و قد اقتحموا عليه الدار فأخرجهم منها ثم عادوا إليه و أخرجهم و هو يقول:
هو الموت فاصنع ويك ما أنت صانع فأنت بكأس الموت لا شك جارع
فصبرا لأمر اللّه جل جلاله فحكم قضاء اللّه في الخلق ذايع
فقتل منهم واحدا و أربعين رجلا «19» و كان من قوته يأخذ الرجل بيده و يرمي به فوق البيت «20».
و أنفذ ابن الأشعث إلى ابن زياد يستمده الرجال فبعث إليه اللائمة فأرسل إليه: اتظن أنك ارسلتني إلى بقال من بقالي الكوفة أو جرمقاني من جرامقة الحيرة «21» و إنما أرسلتني إلى سيف من أسياف محمد بن عبد اللّه فمده بالعسكر «22».
و اشتد القتال فاختلف مسلم و بكير بن حمران الأحمري بضربتين ضرب بكير فم مسلم فقطع شفته العليا و أسرع السيف إلى السفلى و نصلت لها ثنيتان و ضربه مسلم على رأسه ضربة منكرة و أخرى على حبل العاتق حتى كادت أن تطلع إلى جوفه فمات «23».
ثم اشرفوا عليه من فوق ظهر البيت يرمونه بالحجارة و يلهبون النار في اطنان القصب «24» و يلقونها عليه، فشد عليهم يقاتلهم في السكة و هو يرتجز بأبيات حمران بن مالك:
اقسمت لا اقتل إلا حرا و إن رأيت الموت شيئا نكرا
كل امرىء يوما ملاق شرا و يخلط البارد سخنا مرا
رد شعاع النفس فاستقرا أخاف أن أكذب أو اغرا «25»
و اثخنته الجراحات و أعياه نزف الدم فاستند إلى جنب تلك الدار فتحاملوا عليه يرمونه بالسهام و الحجارة فقال ما لكم ترموني بالحجارة كما ترمى الكفار و أنا من أهل بيت الأنبياء الأبرار ألا ترعون حق رسول اللّه في عترته؟
فقال له ابن الأشعث: لا تقتل نفسك و أنت في ذمتي قال مسلم: أأؤسر و بي طاقة؟ لا و اللّه لا يكون ذلك أبدا، و حمل على ابن الأشعث فهرب منه ثم حملوا عليه من كل جانب و قد اشتد به العطش، فطعنه رجل من خلفه فسقط إلى الأرض و أسر «26».
و قيل إنهم عملوا له حفيرة و ستروها بالتراب ثم انكشفوا بين يديه حتى إذا وقع فيها أسروه «27».
و لما انتزعوه سيفه دمعت عينه فتعجب عمرو بن عبيد اللّه السلمي من بكائه.
مسلم و ابن زياد
وجيء به إلى ابن زياد فرأى على باب القصر قلة مبرّدة فقال: اسقوني من هذا الماء، فقال له مسلم بن عمرو الباهلي «28»: لا تذوق منها قطرة حتى تذوق الحميم في نار جهنم قال مسلم عليه السّلام: من أنت؟ قال: أنا من عرف الحق إذ انكرته و نصح لإمامه إذ غششته، فقال له ابن عقيل: لأمك الثكل ما أقساك و أفظك، أنت ابن باهلة أولى بالحميم ثم جلس و تساند إلى حائط القصر «29».
فبعث عمارة بن عقبة بن أبي معيط غلاما له يدعى قيسا «30» فأتاه بالماء و كلما أراد أن يشرب امتلأ القدح دما و في الثالثة ذهب ليشرب فامتلأ القدح دما و سقطت فيه ثناياه فتركه و قال: لو كان من الرزق المقسوم لشربته.
و خرج غلام ابن زياد فأدخله عليه فلم يسلّم فقال له الحرسي: ألا تسلّم على الأمير؟ قال له: اسكت إنه ليس لي بأمير «31» و يقال إنه قال: السلام على من اتبع الهدى و خشي عواقب الردى و أطاع الملك الأعلى فضحك ابن زياد و قال: سلّمت أو لم تسلم إنك مقتول «32» فقال مسلم: إن قتلتني فلقد قتل من هو شر منك من هو خيرا مني و بعد فإنك لا تدع سوء القتلة و لا قبح المثلة و خبث السريرة و لؤم الغلبة لأحد أولى بها منك.
قال ابن زياد ما أنت و ذاك أو لم نكن نعمل فيهم بالعدل؟ فقال مسلم: إن اللّه ليعلم أنك غير صادق و أنك لتقتل على الغضب و العداوة و سوء الظن فشتمه ابن زياد و شتم عليا و عقيلا و الحسين «33» فقال مسلم أنت و أبوك أحق بالشتم فاقض ما أنت قاض يا عدو اللّه «34».
فأمر ابن زياد رجلا شاميا «35» أن يصعد به إلى أعلى القصر و يضرب عنقه و يرمي رأسه و جسده إلى الأرض فأصعده إلى أعلى القصر و هو يسبح اللّه و يهلله و يكبره «36» و يقول اللهم احكم بيننا و بين قوم غرونا و خذلونا و كذبونا و توجه نحو المدينة و سلم على الحسين «37».
و اشرف به الشامي على موضع الحذائين و ضرب عنقه و رمى برأسه و جسده إلى الأرض «38» و نزل مذعورا فقال له ابن زياد ما شأنك؟ قال: رأيت ساعة قتله رجلا أسود سيّىء الوجه حذائي عاضا على إصبعه ففزعت منه فقال ابن زياد لعلك دهشت «39».
ثم اخرج هاني إلى مكان من السوق يباع فيه الغنم و هو مكتوف فجعل يصيح وا مذحجاه و لا مذحج لي اليوم وا مذحجاه و أين مني مذحج فلما رأى أن أحدا لا ينصره جذب يده و نزعها من الكتاف و قال: أما من عصا أو سكين أو حجر أو عظم يدافع رجل عن نفسه و وثبوا عليه و أوثقوه كتافا و قيل له مد عنقك فقال: ما أنا بها سخي و ما أن بمعينكم على نفسي فضربه بالسيف مولى لعبيد اللّه بن زياد تركي يقال له رشيد فلم يصنع فيه شيئا فقال هاني: إلى اللّه المعاد اللهم إلى رحمتك و رضوانك ثم ضربه أخرى فقتله. و هذا العبد قتله عبد الرحمن بن الحصين المرادي رآه مع عبيد اللّه «بالخازر» «40».
و أمر ابن زياد بسحب مسلم و هاني بالحبال من أرجلهما في الأسواق «41» و صلبهما بالكناسة منكوسين «42» و أنفذ الرأسين إلى يزيد فنصبهما في درب من دمشق «43».
و كتب إلى يزيد أما بعد: فالحمد للّه الذي أخذ لأمير المؤمنين بحقه و كفاه مؤنة عدوه، أخبر أمير المؤمنين أكرمه اللّه أن مسلم بن عقيل لجأ إلى دار هاني بن عروة المرادي و أني جعلت عليهما العيون و دسست إليهما الرجال و كدتهما حتى استخرجتهما و أمكن اللّه منهما فضربت أعناقهما و بعثت إليك برأسيهما مع هاني بن أبي حية الوادعي الهمداني و الزبير بن الأروح التميمي و هما من أهل السمع و الطاعة و النصيحة فليسألهما أمير المؤمنين عما أحب فإن عندهما علما و صدقا و فهما و ورعا و السلام.
و كتب يزيد إلى ابن زياد أما بعد فإنك لم تعد أن كنت كما أحب عملت عمل الحازم وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش فقد أغنيت و كفيت و صدقت ظني بك و رأيي فيك و قد دعوت رسوليك فسألتهما و ناجيتهما فوجدتهما في رأيهما و فضلهما كما ذكرت فاستوص بهما خيرا و إنه قد بلغني أن الحسين بن علي قد توجه نحو العراق، فضع المناظر و المسالح و احترس على الظن و خذ على التهمة «44» و هذا الحسين قد ابتلي به زمانك من بين الأزمان و بلادك من بين البلدان و ابتليت به من بين العمال و عندها تعتق أو تعود عبدا كما تعبد العبيد «45» فإما أن تحاربه أو تحمله إليّ «46».
سقتك دما يا ابن عم الحسين مدامع شيعتك السافحة
و لا برحت هاطلات العيون تحييك غادية رائحة
لأنك لم ترو من شربة ثناياك فيها غدت طائحة
رموك من القصر إذ اوثقوك فهل سلمت فيك من جارحة
و سحبا تجر بأسواقهم ألست أميرهم البارحة
أتقضي و لم تبكك الباكيات أما لك في المصر من نائحة
لئن تقض نحبا فكم في زرود عليك العشية من صائحة .
___________________
(1) تاريخ الطبري ج 6 ص 207.
(2) أنساب الأشراف ج 5 ص 338 و في الأغاني ج 17 ص 162 وصفهم بذلك إبراهيم بن الأشتر لمصعب لما أراد أن يمده بأهل العراق.
(3) تاريخ الطبري ج 6 ص 208.
(4) الأخبار الطوال ص 240.
(5) شرح مقامات الحريري للشريشي ج 1 ص 192 آخر المقامة العاشرة.
(6) اللهوف ص 29.
(7) تاريخ الطبري ج 6 ص 209 و 210.
(8) في طبقات ابن سعد ج 6 ص 169 طبعة صادر، كانت وفاة الحارث الأعور بالكوفة: أيام خلافة عبد اللّه بن الزبير و عامله عليها عبد اللّه بن يزيد الأنصاري الخطمي فصلى على جنازة الحارث بوصية منه.
(9) انساب الأشراف للبلاذري ج 5 ص 214 و في معجم البلدان ج 3 ص 449 هي ناحية في بابل العراق.
(10) تاريخ الطبري ج 6 ص 215.
(11) في المعارف لابن قتيبة ص 253 باب ذوي العاهات و المحبر لابن حبيب ص 303 ضرب عبيد اللّه بن زياد وجه المختار بالسوط فذهبت عينه.
(12) أنساب الأشراف ج 5 ص 215.
(13) في الطبقات لخليفة ج 1 ص 331 رقم 1043 محمد بن الأشعث بن قيس أمه أم فروة بنت أبي قحافة قتل سنة 67 مع مصعب أيام المختار الجرح و التعديل ج 3 قسم 2/ 206.
(14) في الطبقات لخليفة ج 1 ص 328 رقم 1032 القعقاع بن شور بن النعمان بن غنال بن حارثة بن عباد بن امرىء القيس بن عمرو بن شيبان بن ذهل نزل الكوفة. الجرح و التعديل ج 3/ قسم 2/ 137.
(15) في تاريخ الطبري ج 6 ص 84 كان ابجر نصرانيا مات سنة أربعين.
(16) كامل ابن الأثير ج 4 ص 12.
(17) المقاتل لأبي الفرج و تاريخ الطبري ج 6 ص 210 و مقتل الخوارزمي ج 6 ص 208 فصل 10.
(18) نفس المهموم ص 56.
(19) مناقب ابن شهر اشوب ج 2 ص 212.
(20) نفس المهموم ص 57.
(21) في الصحاح الجرامقة قوم من العجم صاروا إلى الموصل و زاد في القاموس أوائل الإسلام و الواحد جرمقاني، و في تاج العروس أنه كالاسم الخاص و في اللسان جرامقة الشام انباطها واحدهم جرمقاني بضم الميم و الجيم بينهما راء و في جمهرة ابن دريد ج 3 ص 324 و جرمق غير عربي و الجرامق جبل من الناس.
(22) المنتخب ص 299 الليلة العاشرة.
(23) مقتل الخوارزمي ج 1 ص 210 فصل 10.
(24) في الصحاح و القاموس الطن بالضم حزمة القصب و القصبة الواحدة من الحزمة طنة.
(25) هذه الأبيات ذكرها ابن طاووس في اللهوف ص 30 صيدا و ابن نما في مثير الأحزان بدون الشطر الخامس و سماه يوم (القرم) و ذكرها الخوارزمي في المقتل ج 1 ص 209 فصل 10 بزيادة شطرين و لم ينسبها و ذكر ابن شهر اشوب في المناقب ج 2 ص 212 إيران طبع أول ستة اشطر.
و هذا اليوم لم يذكره المؤلفون في أيام العرب الجاهلية، نعم في معجم البلدان ج 7 ص 64 و المعجم مما استعجم للبكري ج 3 ص 1062 و تاج العروس ج 1 ص 410 (قرن) اسم جبل كانت فيه واقعة على بني عامر و في نهاية الأرب للقلقشندي ص 321 بنو قرن بطن من مراد و منهم أويس القرني و كله لا يرشدنا إلى شيء صحيح، نعم ذكر محمد بن حبيب النسابة في رسالة المغتالين ص 243 المدرجة في المجموعة السابعة من نوادر المخطوطات تحقيق عبد السلام هارون أن خثعما قتلت الصميل أخا ذي الجوشن الكلابي فغزاهم ذو الجوشن و سانده عيينة بن حصن على أن يكون له المغنم و لقوا خثعما بالفزر) و هو جبل فقتلا و اثخنا و غنما قوتل بالجبل حمران بن مالك بن عبد الملك الخثعمي فأمره أن يستأسر فأنشأ يقول:
أقسمت لا اقتل إلا حرا إني رأيت الموت شيئا نكرا
اكره أن اخدع أو اغرا
ثم قتل ورثته أخته فقالت:
ويل حمران أخا مظنه اوفى على الخير و لم يمنه
و الطاعن النجلاء مرثعنه عاندها مثل و كيف الشنه
(26) مناقب ابن شهر اشوب ج 2 ص 212 و مقتل الخوارزمي ج 1 ص 209 و 210.
(27) المنتخب للطريحي ص 299 المطبعة الحيدرية في النجف عند ذكر الليلة العاشرة.
(28) في كامل ابن الاثير ج 4 ص 126 حوادث سنة 71 ه مسلم بن عمرو الباهلي والد قتيبة- و في تاريخ الطبري ج 7 ص 185 الطبعة الأولى حوادث سنة 71 ه قتل مسلم بن عمرو الباهلي (بدير الجاثليق) و كان مع مصعب بن الزبير لما التقى مع جيش عبد الملك.
(29) الارشاد للشيخ المفيد.
(30) الطبري ج 6 ص 212، و عند المفيد أن عمرو بن حريث بعث غلامه سليما فأتاه بالماء.
(31) اللهوف ص 30 و تاريخ الطبري ج 6 ص 212.
(32) المنتخب ص 300.
فقال ابن زياد: لقد خرجت على إمامك و شققت عصا المسلمين و ألقحت الفتنة قال مسلم: كذبت إنما شق العصا معاوية و ابنه يزيد و الفتنة ألقحها أبوك و أنا أرجو أن يرزقني اللّه الشهادة على يد شر بريته «1».
ثم طلب مسلم أن يوصي إلى بعض قومه فأذن له و نظر إلى الجلساء فرأى عمر بن سعد فقال له: إن بيني و بينك قرابة ولي إليك حاجة و يجب عليك نجح حاجتي و هي سر، فأبي أن يمكنه من ذكرها، فقال ابن زياد: لا تمتنع أن تنظر في حاجة ابن عمك فقام معه بحيث يراهما ابن زياد فأوصاه مسلم أن يقضي من ثمن سيفه و درعه دينا استدانه منذ دخل الكوفة يبلغ ستمائة درهم «2» و أن يستوهب جثته من ابن زياد و يدفنها، و أن يكتب إلى الحسين بخبره، فقام عمر بن سعد إلى ابن زياد و أفشى كل ما أسرّه إليه فقال ابن زياد لا يخونك الأمين و لكن قد يؤتمن الخائن «3».
(33) ابن نما ص 17 و مقتل الخوارزمي ج 1 ص 211 فصل 10.
(34) في الأخبار الطوال ص 241 يبلغ ألف درهم.
(35) الارشاد و تاريخ الطبري ج 6 ص 212 و هذه الجملة التي هي كالمثل وردت في لسان أهل البيت عليهم السّلام، ففي الوسائل للحر العاملي ج 2 ص 643 باب 9 عدم جواز ائتمان الخائن، روى الكليني مسندا عن معمر بن خلاد قال سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول كان أبو جعفر عليه السّلام يقول: لم يخنك الأمين و لكن ائتمنت الخائن.
ثم إنه لم تخف على شهيد القصر مسلم عليه السّلام نفسية عمر بن سعد و لم يجهل دنس أصله و لكنه أراد أن يعرف الكوفيين مبلغه من المروءة و الحفاظ كي لا يغتر به أحد، و هناك سر آخر و هو ارشاد الملأ الكوفي إلى أن أهل البيت عليهم السّلام و ولاتهم لم يقصدوا إلا الاصلاح و نشر الدعوة الإلهيّة و هذا الوالي من قبلهم لم يمد يده إلى بيت المال و كان له أن يتصرف فيه كيف شاء غير أنه قضى أيامه البالغة أربعا و ستين بالاستدانة و هكذا ينبغي أن تسير الولاة فلا يتخذون مال الفقراء مغنما ... و لقد ذكرني هذا (الخائن) بقصة خالد القسري على كتمان السر لأنه من شيم العرب و أخلاق الإسلام مع ما يحمله من المباينة لنبي الإسلام صلى اللّه عليه و آله و سلم و شتم سيد الأوصياء على المنابر و قوله فيه ما لا يسوغ لليراع أن يذكره و ذلك أن الوليد بن عبد الملك أراد الحج فعزم جماعة على اغتياله و طلبوا من خالد المشاركة معه فأبى، فقالوا له: اكنم علينا، فأتى خالد الوليد و قال له: دع الحج هذا العام فإني خائف عليك قال الوليد: من الذين تخافهم علي؟
سمّهم لي، فامتنع أن يسميهم و قال: إني نصحتك و لن أسميهم لك فقال إني أبعث بك-- إلى عدوك يوسف بن عمر قال: و إن فعلت فلن أسميهم فبعث به إلى يوسف فعذبه و لم يسميهم فسجنه ثم وضع على صدره المضرسة فقتل سنة 126 ه عن ستين سنة و دفن بناحية، و عقر عامر بن سهل الأشعري فرسه على قبره فضربه يوسف سبعمائة سوط و لم يرثه أحد من العرب على كثرة أياديه عندهم إلا أبا الشغب العبسي قال:
ألا إن خير الناس حيا و هالكا أسير ثقيف عندهم في السلاسل
لعمري لقد عمرتم السجن خالدا و أوطأتموه وطأة المتثاقل
فإن تسجنوا القسري لا تسجنوا اسمه و لا تسجنوا معروفه في القبائل
تهذيب ابن عساكر ج 5 ص 79.
(36) كامل ابن الأثير ج 4 ص 14 و الطبري ج 6 ص 213.
(37) اللهوف ص 31.
(38) مقتل الخوارزمي ج 1 ص 213.
(39) تاريخ الطبري ج 6 ص 213.
(40) أسرار الشهادة ص 259.
ثم التفت ابن زياد إلى مسلم و قال: إيها يا ابن عقيل، أتيت الناس و هم جمع ففرقتهم، قال: كلا لست أتيت لذلك! و لكن أهل المصر زعموا أن أباك قتل خيارهم و سفك دماءهم و عمل فيهم أعمال كسرى و قيصر فأتيناهم لنأمر بالعدل و ندعو إلى حكم الكتاب.
(41) مثير الأحزان ص 18.
(42) مقتل الخوارزمي ج 1 ص 312 و اللهوف.
(43) تاريخ الطبري ج 6 ص 214.
(44) المنتخب ص 301 و في تاريخ الخميس ج 2 ص 266 عند ذكر أولاد أبي بكر أمر معاوية بن خديج بسحب محمد بن أبي بكر في الطريق و يمروا على دار عمرو بن العاص لعلمه بكراهيته لقتله ثم أمر بأحراقه فأحرقت جثته بعد أن وضع في جوف حمار. و في كامل ابن الأثير ج 11 ص 153 حوادث سنة 555 عليه مروج الذهب لما قتل ظهير الدين ابن العطار أمر فوضعوا حبلا في مذاكيره و سحبوه في الشوارع و وضعوا في يده مغرفة فيها عذرة و في يده الأخرى وضعوا قلما و هم يصيحون وقع لنا يا مولانا.
و في مضمار الحقائق لصاحب حماة محمد بن تقي الدين الأيوبي ص 12 أن بعضهم قطع أذنه و ذلك في 15 ذي القعدة سنة 575 ه.
(45) مناقب ابن شهر اشوب ج 2 ص 21 و مقتل الخوارزمي ج 1 ص 215 و هذه الفعلة لا يأتي بها إلا من خرج عن ربقة الإسلام و لم يحمل أقل شيء من العطف و الرقة و بمثلها صنع الحجاج بعبد اللّه بن الزبير كما في أنساب الأشراف للبلاذري ج 5 ص 268 و ابن حبيب في المحبر ص 481 و في مختصر تاريخ الدول لابن العبري ص 116 أن الملك نارون صلب فطرسا و بولسا منكوسين بعد أن قتلهما و في حياة الحيوان مادة الكلب أن إبراهيم-- الفزاري ضبطت عليه أمور منكرة من الاستهزاء باللّه و الأنبياء فأفتى فقهاء القيروان بقتله و صلب منكسا ثم أنزل و أحرق بالنار. و في المحبر لمحمد بن حبيب ص 481 حيدر آباد صلب الحجاج بن يوسف عبد اللّه بن الزبير بمكة منكسا.
(46) تاريخ أبي الفدا ج 1 ص 190 و البداية لابن كثير ج 8 ص 157.