لا شكّ انّ للاستجابة لدعوة الكوفيين أهمية كبيرة، لأنّ الإمام (عليه السَّلام) قد أعلن عن استعداده باستجابته للناس الذين تمرّدوا على يزيد ودعوه للإمامة عليهم وفيما لو كانت الظروف مؤاتية ومناسبة لكان يبادر إلى تشكيل حكومة إسلامية، غير أنّ امتناعه عن مبايعة يزيد له أهمية أكبر من ذلك، لأنّه قد أعلن مراراً انّه لن يبايع يزيد مهما كان و مهما كانت الضغوط، وهذا الأمر يدلّ على صمود الإمام وثباته أمام الضغط والوعيد، ولكن يبقى للسبب الثالث أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أهميته القصوى، ذلك انّ موقف الإمام لم يكن موقفاً دفاعياً ولا تعاطفياً مع من دعوه بل كان موقفاً هجومياً تحرشياً استنكارياً، لأنّ ممّا لا شكّ فيه هو انّه لو كانت دعوة الكوفيين للإمام هي الدافع الرئيسي للثورة كان على الإمام أن ينسحب ولغيّر موقفه عندما علم بتخاذلهم وعدم وفائهم وما كان يتجه نحو العراق، ولكننا نرى أنّ من أسخن خطب الإمام الحسين (عليه السَّلام) وأكثرها إثارة وحماسة هي تلك التي قالها بعد استشهاد مسلم.
ومن هنا يتضح مدى أهمية دور دافع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ثورته، وكم كان موقفه هجومياً صاخباً إزاء سلطة يزيد الفاسدة.
إلى هنا اتضحت الإجابة على التساؤل الأوّل والثاني المطروحين في بداية هذا البحث وتبيّن أيضاً انّه حتى لو افترض أن يزيد لم يضغط على الحسين لأخذ البيعة منه فإنّه (عليه السَّلام) كان سيعارض سلطته، وعلمنا كذلك انّ الثورة كانت ستحدث من دون دعوة الكوفيين أيضاً.