أنّ الدافع الأساسي لثورته هو انحراف الحكومة الإسلامية عن خطّها الحقيقي، وإحياء البدع، وضياع سنّة رسول اللّه، وانتشار الفساد والانحراف الديني، وكلّ ما هو غير إسلامي في مجتمع ذلك العصر.
ونؤكد توضيحاً أكثر من ذي قبل انّه كانت الحكومة الإسلامية ومقدّرات الأُمّة آنذاك بحوزة العصابة اللاإسلامية والجاهلية من الأمويين ، هذه العصابة التي أسلمت في الظاهر في فتح مكة بعد سنين عديدة من محاربة رسول اللّه (صلى الله عليه واله)غير انّها أخفت كفرها ونفاقها ونشطت بشكل سرّي بعد وفاة الرسول متظاهرة بزي إسلامي، وأخذت تسيطر على جهاز الحكومة الإسلامية، وحازت على المناصب الحسّاسة فيها بالتدريج حتى تربعت على عرش السلطة من خلال معاوية بعد استشهاد أمير المؤمنين (عليه السَّلام) .
ومع أنّ قادة هذه العصابة ورموزها الكبار كانوا يخفون أهدافهم الدنيئة لأجل ضرب الإسلام من الداخل وإحياء نظام الجاهلية، غير انّ إلقاء نظرة فاحصة على سلوكهم وأعمالهم يوضح ذلك بشكل جيد، وكذلك يدلّ على ذلك ما كانوا يكشفونه عن أهدافهم أحياناً في اجتماعاتهم الخاصة ظانّين انّ ما يقولونه لا يتسرب إلى الخارج، كما قال أبو سفيان رأس هذه العصابة يوم بويع عثمان أوّل خليفة أموي ـ و قد اجتمع في داره بنو أُمية وأغلقوها عليهم ـ: «أعندكم أحد من غيركم؟ قالوا: لا، قال: يا بني أُمية تلقّفوها تلقّف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان ما من عذاب ولا حساب ولا جنة ولا نار ولا بعث ولا قيامة.
وهذا هو أبو سفيان الذي قال في عهد عثمان عندما مرّ على قبر حمزة بن عبد المطلب وركله بقدمه: إنّ الدين الذي قاتلتمونا أمس عليه بالسيف أصبح اليوم كرة بيد صبياننا يلعبون بها.