حوزويون
علماء الطائفة من الذين درسوا في النجف الاشرف في القرن العاشر الهجري إقرأ المزيد
علماء الطائفة من الذين درسوا في النجف الاشرف في القرن التاسع الهجري إقرأ المزيد
علماء الطائفة من الذين درسوا في النجف الاشرف في القرن الثامن الهجري إقرأ المزيد
علماء الطائفة من الذين درسوا في النجف الاشرف في القرن السابع الهجري إقرأ المزيد
معرض الصور
تكريم المشاركين في المؤتمرُ الدوليّ لعلوم اللّغة العربيّة وآدابها بين الأصالة والتجديد
مشاهدة المزيد
1/1/2016
الرئيسية»بحوث وتقارير
الجامعة العلمية في النجف عبر أيامها الطويلة ...... (3)
العلامة الدكتور السيد محمد بحر العلوم (رحمه الله)2016-04-05
الفصل الثاني:
الأدوار التي مرت على النجف في مسيرتها العلمية

خلال هذه المسيرة الطويلة والشاقة-والتي تكاد تصل إلى الآلف عام- تمر هذه الجامعة بادوار يمكننا حصرها بثلاثة ادوار مهمة نعرضها بشيء من الإيجاز.
الدور الأول- لجامعة النجف
1- الطوسي مؤسس الجامعة:
بدأ هذا الدور بانتقال الشيخ الطوسي- رحمه الله- إلى النجف،حيث أسس فيها حوزة علمية منظمة ذات حلقات،لها خصوصيتها في التدريس،فوضع كتبا في الفقه،والأصول،والحديث،بحيث أصبحت موضع اهتمام الفقهاء والأصوليين من بعده،ومن ابرز هذه الكتب: ((المبسوط)) في الفقه،و((العدة)) في الأصول،وفي الحديث((التهذيب))و((الاستبصار))،وأضاف لهما في الفقه المقارن كتابه((الخلاف))وكللها بكتابه((التبيان))في التفسير.
إلى جانب كتبه في الرجال،والعقائد،وغيرها من المؤلفات الموسوعية التي كانت الحوزة العلمية بحاجة إليها لغرض التطور الفكري في تراث أئمة أهل البيت عليهم السلام،والحقيقة((أن الفارق الكيفي بين اتجاهات العلم التي انطلقت من هذا التطور الجديد،واتجاهاته قبل ذلك يسمح لنا باعتبار الشيخ الطوسي حدا ً فاصلاً بين عصرين من عصور العلم،بين العصر العلمي التمهيدي،والعصر العلمي الكامل.
فقد وضع هذا الشيخ الرائد حدّا ًللعصر التمهيدي،وبدأ به عصر العلم الذي أصبح فيه الفقه والأصول علماً له دقته،وصناعته،وذهنيته العلمية الخاصة)) .
وبعد هذا فقد استمر شيخنا الرائد في جهاده العلمي،والعمل الدائب في تنظيم الوضع الدراسي،حتى خطا على عهده الشريف خطوات سريعة بحيث أصبحت الحوزة العلمية الفتية في النجف تربو على عدد من رواد الفضيلة والعلم قوامها الفتية التي التفت حوله من أولاده،والراغبين في الالتحاق بالدراسات الفقهية من مجاوري القبر الشريف،وأبناء البلاد القريبة منه،كالحلة ونحوها،ونمت الحوزة على عهده بالتدريج،وبرز فيها العنصر المشهدي- نسبة إلى المشهد العلوي- .
2- بعد الشيخ الطوسي:
وحين لبى الشيخ الطوسي نداء ربه،منيت الجامعة العلمية بخسارة كبرى،ولكن مسيرة الجامعة استمرت ولم يبدو عليها التلكؤ، فقد قام الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي المعروف بـ ((أبي علي الطوسي)) بدور كبير في ديمومتها،وزعامة حوزتها،بحيث لم يطرأ آي تغيير عليها بعد وفاة رائدها ومؤسسها الشيخ الطوسي.
وكان الشيخ أبو علي الطوسي، أحد تلامذة والده في الحوزة العلمية النجفية،ولما توفى الشيخ،وتصدى تلاميذه لتحمل أعباء مهمة استمرارية الجامعة،كان ولده الشيخ أبو علي أكثر من غيره من تلاميذ الشيخ الطوسي استعدادا ً، وقابلية لتحمل أعباء المسؤولية الجامعية،وتسيير الحركة العلمية فيها.
وقد وصفته بعض المصادر بعبارات الإجلال والتكريم،مما تدل على مكانته الكبيرة في الجامعة النجفية، يقول ابن حجر بهذا الشأن:(( ثم صار فقيه الشيعة،وإمامهم بمشهد علي رضي الله عنه،وهو في نفسه صدوق مات في حدود الخمسمائة،وكان متدينا.....)) .
وتحدثت عنه المصادر الحديثة فقالت:
((وقد خلف أباه على العلم والعمل،وتقدم على العلماء في النجف،وكانت الرحلة إليه،والمعول عليه في التدريس والفتيا،وإلقاء الحديث وغير ذلك،وكان من مشاهير رجال العلم،وكبار رواة الحديث،وثقاتهم،وقد بلغ من علو الشأن،وسمو المكانة أن لقب ب((المفيد الثاني ))،وقد تخرج عليه عدد من حملة العلم والحديث،وتصدر المرجعية وكثرت الرواية عنه،وبقى رافعا مشعل العلم في جامعة أبيه العلمية إلى ما بعد عام 515هـ .
وما أن انتقل الشيخ أبو علي إلى رحمة ربه،حتى تقدم ولده أبو نصر محمد بن أبي علي الحسن بن أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي إلى تزعم الجامعة النجفية،وكان أهلا ً لهذه الزعامة للجامعة العلمية.
فقد عرفته المصادر بأنه:(( من أعاظم العلماء،وأكابر الفقهاء وأفاضل الحجج،واثبت الرواة وثقاتهم،فقد قام مقام والده في النجف،وانتقلت إليه الرياسة والمرجعية،وتقاطر عليه طلاب العلم من شتى النواحي)) .
وفي عام540هـ توفى حفيد الشيخ الطوسي محمد بن الحسن،الذي وصفه ابن العماد الحنبلي بقوله:
((وفيها توفى أبو الحسن محمد بن الحسن...شيخ الشيعة وعالمهم،وابن شيخهم،رحلت إليه طوائف الشيعة من كل جانب إلى العراق،وحملوا إليه،وكان ورعا ً عالما ًكثير الزهد، ولو جازت على غير الأنبياء صلاة صليت عليه)) .
3- بعد آل الطوسي:
ولم تقف حركة الجامعة العلمية بعد آل الطوسي،أنما قامت أسرة آل الخازن في دعم الجامعة النجفية،ومن أشهرهم علي بن حمزة بن محمد بن احمد بن شهريار وقد وصفته المصادر بأنه:(( أشهر خزنة الحرم العلوي،ضم إلى سدانة الحرم السبق في العلوم الدينية،وكانت الرحلة إليه سنة572هـ،حين كثر أهل العلم ورواد الحديث،وكان المعول عليه في إدارة رحى العلم بعد شيخ الطائفة،الشيخ الطوسي – قدس سره-ـ وهو العاقد لحلقات الحديث،والمتكفل بإلقائه،وكان عالما ً فاضلا ً،وكان من رجال القرن السادس)) .
واستمرت الجامعة النجفية في حركتها العلمية من بعد الشيخ الطوسي حتى أطل عهد محمد بن احمد بن إدريس الحلي المتوفى سنة 598هـ سبط الشيخ الطوسي وشيخ الفقهاء في الحلة.وقد توج الحركة العلمية في الحلة،ونشطت إلى حد كبير،وكان عهده إيذانا ً بانتقال الحركة العلمية إلى الحلة،وقد تكاملت عناصر هذا الانتقال في أوائل القرن السابع الهجري.
والشيء الذي يجب أن يشار إليه- ولو بإيجاز- هو:أن آراء الشيخ الطوسي الفقهية بقيت هي الأساس في الجامعة العلمية،وأخذت أفكار من تلاه من أعلام هذا المعهد تنسج حولها،ولا تتعداها مناقشة،أو خروجا عليها وهو في حسابات الفكر الشيعي،الذي يقوم على الاجتهاد وبلورة الرأي يعد جمودا ًفي الوقوف على رأي واحد طيلة هذا الزمن،ولذا نرى الشيخ ابن إدريس عندما بلغ من العلم مرتبة سامية،خرج على آراء الشيخ الطوسي – مع كونه جده لأمه-،((وهو أول من فتح باب الطعن على الشيخ الطوسي،و إلا فكل من كان في عصر الشيخ أو من بعده، أنما كان يحذو حذوه غالبا إلى أن انتهت النوبة إليه)) .
وهذه الفقرة تلقي لنا ضوءا ًعلى ما قام به ابن إدريس بالنسبة لآراء جده الشيخ الطوسي وأفكاره العلمية،والتي كادت تسيطر على الجامعة العلمية في النجف طيلة مئة عام أو أكثر،وتعيقها عن التجديد،والتفاعل الفكري،وإنهاء عامل التقليد،والوراثة العلمية التقليدية.ولعل سديد الدين الحمصي - وهو من أعلام الأمامية في القرن السادس الهجري- لم يبالغ في وصف الفترة العلمية التي تلت الشيخ الطوسي بقوله:(( ولم يبق للأمامية وقت على التحقيق،بل كلهم حاك)) .
والحقيقة إننا على رغم ما نجده في بعض المصادر بأن الفترة التي تلت وفاة الشيخ الطوسي كانت من أنشط العهود بالنسبة للحركة العلمية في الجامعة النجفية وان الوضع الدراسي قد بلغ أوجه،وشيد عنفوانه في عصر أبي علي الطوسي،وولده أبي نصر،وآل الخازن،ولكن في الوقت نفسه لم تتمكن المصادر من إعطائنا صورة واضحة عن ملامح هذه الفترة فيما يتعلق بازدهار الحركة الفكرية في الجامعة النجفية،وكونها تكاد تكون مظلمة،والركود العلمي فيها أقرب إلى الواقع من غيره.
انتقالها إلى الحلة:
بالإضافة إلى أن المصادر تحجم عن ذكر وضعية الحركة العلمية في النجف بعد ابن شهريار الخازن،وفي نفس الوقت نرى نجم ابن إدريس قد لمع في الحلة،وبرز بعنف على مسرح النقد لآراء الشيخ الرائد،وكان هذا البروز الدفعي الجريء قد حول الأنظار إلى الحركة العلمية التي تدور رحاها في الحلة، حتى تكاملت عناصر الانتقال في عهد نجم الدين جعفر بن الحسن المعروف بالمحقق الحلي ،وذلك في أوائل القرن السابع الهجري.وأصبح مجلس المحقق الحلي – كما تحدده بعض المصادر- يضم قرابة أربعمائة مجتهد .
واستمر التأجج العلمي ينير آفاق مدينة ابن إدريس طوال قرون ثلاثة ودام حتى أواخر القرن العاشر الهجري، حين عادت المركزية العلمية إلى النجف،وبقيت في الحلة حركة علمية بسيطة مفتقرة إلى شيء من الدفع والتوسع.
ولكن مع هذا الانتقال فالنجف بقيت تحتفظ بالطابع العلمي وبنيت فيها ثلاث مدارس يسكنها طلاب العلوم الدينية،وأنتجت بعض المؤلفات في مقدمتها كتاب((شرح الكافية))في النحو لمؤلفه محمد بن الحسن الرضي،المتوفى عام 686هـ ،كما لمعت أسماء بعض الأعلام الذين كانوا في الجامعة النجفية،رغم أن الحلة جذبت الأنظار إليها في صدد الحوزة.
الدور الثاني - للجامعة النجفية
أشرنا فيما تقدم إلى أن الحركة العلمية انتقلت من النجف الأشرف إلى الحلة وتكامل انتقالها في القرن السابع الهجري،وقد حفلت مدينة الحلة بجمهرة من الأعلام كان لهم شأن كبير في بروز الجامعة العلمية وتثبيتها هناك طيلة ثلاثة قرون، ولكن النجف الأشرف- رغم هجرة الحوزة العلمية عنهاـ بقيت تحتفظ بطابعها العلمي إلى حد ما،ولم يأفل نجم معهدها تماماً حتى النصف الأخير من القرن العاشر الهجري حيث استعادت النجف مركزها العلمي،وكما تحدده بعض المصادر،فإن بداية ذلك كان في عهد المقدس أحمد بن محمد الأردبيلي،المتوفى عام 993هـ .فقد شد طلاب العلم الرحال إلى النجف،وعادت من أعظم مراكز العلم ،بعد ضمور دام قرابة ثلاثة قرون.
ووردت بشأن عودة الحياة للجامعة العلمية في النجف بشكلها الواضح دواعي متعددة من أبرزها:
أولا- العامل سياسي.
وليس من الغريب أن يكون الدافع السياسي عاملا لتنشيط حركة علمية فللسياسة أثر ايجابي في مثل هذه الأدوار،والقول الذي يرى أن عودة الحركة العلمية إلى النجف نتيجة عامل سياسي،سنده الصراع العنيف- في حينه- على مراكز القوة،والدائريين العثمانيين والصفويين ،والذي تأثر به العراق فترة من الزمن،فقد اندفع الصفو يون لإحياء الحركة العلمية في الجامعة النجفية،وجعلها قوة دفاعية للشيعة،ومركزا ًمهما يقابل بغداد.
في حين تحتفظ بغداد بحركة علمية سنية تسددها السلطة العثمانية،وهي ذات عروق وأصالة قد يمتد عهدها إلى السلطة العباسية التي تناوئ الشيعة،تماما كما كان الأمر في عهد البويهيين.
ولا ينكر أن العهد الصفوي في العراق كان مؤثرا ً في دعم الجامعة النجفية كمصدر مهم للإشعاع العلمي المعبر عن فكر وفقه مدرسة أهل البيت عليهم السلام
الثاني – الإصلاح الاجتماعي والأمني:
وإن الذين يرون عودة الحركة العلمية للجامعة النجفية كان نتيجة ما طرأ على مدينة النجف الأشرف من الإصلاح الاجتماعي والأمني،فقد عزي ذلك الانكفاء عن النجف،إلى:
1- قلة المياه في النجف،وهذا ما عولج في عهد الشاه إسماعيل الأول- أول ملوك الصفوية ،حيث حاول حفر آبار في النجف تستمد ماءها من الفرات في الكوفة،واستمرت المحاولات من بعده من قبل الصفو يين لحين عهد طهماسب الأول المتوفى عام 984هـ ، هذه المحاولة ساعدت على إسكان الناس في هذه المدينة التي كانت تعاني من قلة المياه .
2- هجوم الأعراب المتكرر على النجف،حيث عانى النجفيون،والساكنون من المهاجرين إليها الأمّرين من ذلك.
3- غلاء الأسعار نتيجة عوامل الاستغلال،والمنتفعين .
غير أن هذين العاملين الأخيرين عالجتهما الحكومة المحلية بالإجراءات الصارمة التي فرضت لوضع حد لهذين الأمرين،فلقد بني ((سور)) يحمي النجف من الهجوم التخريبي من قبل الغزاة،واتُخذت احتياطات لازمة تمنع المتلاعبين في الأسعار،وتدفع المخاطر.
وقد يكون علاج هذه الأمور الثلاث:توفير المياه،والأمن،ومشكلة الغلاء سببا ً لعودة الحياة العلمية في الجامعة النجفية،بعد أن رحلت عنها ثلاثة قرون،ولكن لا أحسبها أسبابا ً رئيسة في أسباب الانتقال .
والذي أخاله أن الدافع الرئيسي لبعث الحياة الفكرية أو تنشيطها في الجامعة النجفية،يعود إلى عاملين رئيسين:
احدهما ــ الضمور العلمي في الحلة والذي بدأ بعد عهد الشيخ أبو عبد الله المقداد السوري المتوفى عام 826هـ ،وأدى هذا الضمور إلى توزيع التوجه العلمي إلى جبل عامل بعد انتقال محمد بن العاملي،المعروف بالشهيد الأول من الحلة إليه في بداية النصف الثاني من القرن الثامن .
ثانيهما ــ بروز الجامعة العلمية في النجف الأشرف في القرن التاسع،وتكاملها في عهد المقدس الأردبيلي،الذي أعاد إلى الجامعة النجفية الثقة العلمية،فتوافد طلاب العلم إليها من كل حدب وصوب في حدود الوطن الإسلامي الكبير.
إن هذه الفترة التي حفلت الجامعة العلمية في النجف- في دورها الثاني- بمظاهر علمية يمكن حصرها بالآتي:
الأول- النمو العلمي.
لقد كان للنمو العلمي في الجامعة العلمية النجفية وضوح بارز،في مجالاته المتعددة كالفقه،وأصول الفقه،والتفسير،وعلوم القرآن،والحديث،والعقائد،والمنطق،وعلم الرجال،بالإضافة إلى كثير من الكتب الأدبية،وهذه الثروة الفكرية المتنوعة كان لها أكبر الأثر في بلورة الذهنية في الجامعة النجفية في هذا الدور .
الثاني- ظهور الحركة الأخبارية.
وفي هذا الدور بدأت جذور الحركة الإخبارية،ثم تبلورت على يد أبرز زعمائها المرحوم الميرزا محمد أمين الاسترابادي المتوفى عام 1033هـ ،وكان اثر هذه الحركة أن صدمت علم الأصول،وعرضته لحملة قوية ،جمدته زماناً، وإن لم يتوقف نهائيا،وكان على الجامعة النجفية باعتبارها المركز العالي العام للشيعة أن تتلقى هذه الصدمة بكل صبر،وحذر.
فالأخبارية تقول:بمنع الاجتهاد في الأحكام الشرعية،وتعمل بالأخبار الواردة عن النبي (ص)،وعن أهل بيته (ع).وترى أن ما في الكتب الأخبار الأربعة- المعروفة عند الإمامية،وهي:الكافي للكليني،ومن لا يحضره الفقيه –للصدوق،والتهذيب والاستبصار للطوسي – قطعي السند،أو موثوق بصدوره،فلا حاجة إلى البحث عن سندها.
كما ترى عدم الحاجة إلى تعلم أصول الفقه،وتسقط من أدلته دليل الإجماع ودليل العقل،وتقتصر على القران،والخبر،فلذلك عرفت بالأخبارية .
لقد اخذ الصراع بين الفريقين:الأصولي، والأخباري مظهرا ً فكريا ً وسياسيا ً فترة من الزمن،انتقل إلى دور المناظرات العلمية،وتعدى إلى تقابل الطعن فيما بين الطرفين .
انتقالها إلى كربلاء.
ورغم هذا كله فالجامعة النجفية استمرت في أداء رسالتها حتى أواخر القرن الحادي عشر للهجرة،ثم بدا عليها الضمور،وقلّ التوجه إليها،ثم ما كادت تمر عليها فترة حتى انتقلت المرجعية إلى كربلاء،ولكن بقيت الجامعة النجفية تجاهد في الحفاظ على هيكلها العلمي النسبي،وإان فقدت تأججها المظهري.
هناك عوامل متعددة ساعدت على هذا الانتقال،وخاصة بعد أن انتقل زعيم الحركة العلمية الأستاذ المولى محمد باقر المعروف بالوحيد البهبهاني في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري إلى كربلاء،وافتتحت مدرسته عصرا ً جديدا ً في تاريخ العلم،وأكسبت الفكر العلمي في العصر الثاني الأصولي الاستعداد للانتقال إلى عصر ثالث للفقه والأصول .