في كتاب المناقب: ولد الحسين (عليه السّلام) عام الخندق بالمدينة يوم الخميس أو يوم الثلاثاء لخمس خلون من شعبان سنة أربع الهجرة بعد أخيه بعشرة أشهر و عشرين يوما .
و في كتاب الأمالي و غيره عن عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) قال: لمّا ولد الحسن (عليه السّلام) قالت فاطمة لعليّ (عليهما السّلام): سمه، فقال: ما كنت لأسبق باسمه رسول اللّه، فجاء (صلّى اللّه عليه و اله) فأخرج إليه في خرقة صفراء فقال: ألم أنهكم أن تلفّوه في [خرقة] صفراء، فرمى بها و لفّه في خرقة بيضاء، فقال لعليّ: هل سمّيته؟
قال: ما كنت لأسبقك باسمه.
فقال: و ما كنت لأسبق باسمه ربّي عزّ و جلّ، فأوحى تبارك و تعالى إلى جبرئيل (عليه السّلام) إنّه قد ولد لمحمّد ابن فاهبط فاقرأه السلام و هنّه و قل له: إنّ عليّا منك بمنزلة هارون من موسى فسمّه باسم ابن هارون شبّر، قال: لساني عربيّ. قال: سمه الحسن.
فلمّا ولد الحسين (عليه السّلام) أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى جبرئيل (عليه السّلام) انّه قد ولد لمحمّد ابن فاهبط إليه و هنّه و قل له: إنّ عليّا منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون شبير قال: لساني عربيّ، قال: سمه الحسين فسمّاه به .
أقول: في القاموس شبّر كبقم و شبير كقمير و مشبر كمحدث أبناء هارون (عليه السّلام)، قيل و بأسمائهم سمّى النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) الحسن و الحسين و المحسن.
و عن عليّ بن الحسين (عليه السّلام) إنّه (صلّى اللّه عليه و اله) عقّ عن الحسن يوم سابعه بكبشين أملحين و الملحة بياض يخالطه سواد، و أعطى القابلة فخذا و دينارا و حلق رأسه و تصدّق بوزن الشعر ورقا و طلى رأسه بالخلوق و هو طيب معروف مركّب يتّخذ من الزعفران و غيره تغلب عليه الحمرة أو الصفرة و قال: إنّ الدم فعل الجاهلية و كذلك فعل بالحسين (عليه السّلام) .
و عن أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) كان نقش خاتم الحسن (عليه السّلام): العزّة للّه و كان نقش خاتم الحسين (عليه السّلام): إنّ اللّه بالغ أمره .
و عن امّ الفضل زوجة العبّاس إنّها قالت: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليك رأيت في المنام كأنّ عضوا من أعضائك في حجري فقال (صلّى اللّه عليه و اله): تلد فاطمة غلاما إن شاء اللّه فتكفليه فوضعت فاطمة الحسن (عليه السّلام) فدفعه إليها النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) فأرضعته بلبن قثم بن العبّاس .
و في كتاب الأمالي مسندا إلى الصادق (عليه السّلام) قال: أقبل حيران امّ أيمن إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) فقالوا؛ إنّ امّ أيمن لم تنم البارحة من البكاء فطلبها و قال لها: يا امّ أيمن لا أبكى اللّه عينك إنّ جيرانك أخبروني إنّك لم تزلي الليل تبكين،
قالت: يا رسول اللّه رأيت رؤيا عظيمة فبكيت رأيت كأنّ بعض أعضائك ملقى في بيتي فقال: يا امّ أيمن تلد فاطمة الحسين فتربيّنه و تلينه فتكون بعض أعضائي في بيتك، فلمّا ولد الحسين و كان يوم السابع أقبلت به امّ أيمن إلى رسول اللّه فقال: مرحبا بالحامل و المحمول، يا امّ أيمن هذا تأويل رؤياك .
و عنه (عليه السّلام) قال: إنّ الحسين لمّا ولد أمر اللّه عزّ و جلّ جبرئيل أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنّئ رسول اللّه من اللّه و من جبرئيل، فمرّ على جزيرة في البحر فيها ملك يقال له
قطرس كان من الحملة بعثه اللّه في شيء فأبطأ عليه فكسر جناحه و ألقاه في تلك الجزيرة، فعبد اللّه تعالى في الجزيرة سبعمائة عام فقال لجبرئيل: احملني معك لعلّ محمّدا يدعو لي فحمله فلمّا دخل جبرئيل على النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) هنّأه و أخبره بحال قطرس فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله): قل له تمسّح بهذا المولود وعد إلى مكانك فتمسّح بالحسين (عليه السّلام) و ارتفع فقال: يا رسول اللّه امّا أنّ امّتك ستقتله و له علي مكافأة لا يزوره زائرا إلّا أبلغه عنه و لا يسلّم عليه مسلم إلّا أبلغه سلامه و لا يصلّ عليه مصلّ إلّا أبلغه صلاته ثمّ ارتفع .
و في حديث آخر أنّه لمّا ارتفع قال: من مثلي و أنا عتاقة الحسين، يعني أنّه أعتقني من عذاب ذلك الذنب .
و في كتاب الاحتجاج عن عبد الرحمن بن المثنّى الهاشمي قال: قلت لأبي عبد اللّه:
جعلت فداك من أين جاء لولد الحسين الفضل على ولد الحسن و هما مثلان؟
فقال: إنّ جبرئيل نزل على محمّد فقال: يولد لك غلام يقتله امّتك من بعدك فقال: يا جبرئيل لا حاجة لي فيه خاطبه ثلاثا ثمّ دعى عليّا فقال: إنّ جبرئيل أخبرني أنّه يولد لك غلام يقتله أمّتي قال: لا حاجة لي فيه ثلاثا ثمّ قال: إنّه يكون فيه و في ولده الإمامة و الوراثة و الخزانة، و كذلك قال لفاطمة بعد قولها: لا حاجة لي فيه، فقالت: رضيت عن اللّه عزّ و جلّ، فحملت بالحسين ستّة أشهر و لم يعش مولود قطّ ستّة أشهر غيره و غير عيسى ابن مريم فكفلته امّ سلمة، و كان (صلّى اللّه عليه و اله) يأتيه في كلّ يوم فيضع لسانه في فمه فيمصّه حتّى يروى فأنبت اللّه لحمه من لحم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) و لم يرضع من فاطمة و لا من غيرها لبنا .
و في الأمالي عن الصادق (عليه السّلام) قال: كان للحسين بن علي خاتمان نقش أحدهما: لا إله إلّا اللّه عدّة للقاء و نقش الآخر: إنّ اللّه بالغ أمره. و كان نقش خاتم عليّ بن الحسين: خزي و شقي قاتل الحسين بن عليّ .
و عن ابن عبّاس قال: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) يقول: إنّ اللّه تبارك و تعالى ملكا يقال له دركائيل له ستّة عشر ألف جناح ما بين الجناح إلى الجناح كما بين السماء و الأرض فجعل يوما يقول في نفسه: أفوق ربّنا جلّ جلاله شيء، فعلم اللّه تبارك و تعالى ما قال فزاده أجنحة مثلها و قال أوحي له: طر فطار مقدار خمسمائة عام فلم ينل رأسه قائمة من قوائم العرش، فلمّا علم اللّه عزّ و جلّ اتعابه أوحى إليه: عدّ إلى مكانك فأنا أعظم فوق كلّ عظيم، فسلبه اللّه أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة.
فلمّا ولد الحسين (عليه السّلام) و كان مولده عشية الخميس ليلة الجمعة أوحى اللّه إلى ملك خازن النار: أن أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود ولد لمحمّد (صلّى اللّه عليه و اله) و أوحى إلى رضوان خازن الجنّة أن زخرف الجنان و طيبها لكرامة مولود يولد لمحمّد في دار الدّنيا، و أوحى إلى الحور العين تزيّن و تزاورن لكرامة مولود ولد لمحمّد و أوحى إلى الملائكة: أن قوموا صفوفا بالتسبيح لكرامة مولود ولد لمحمّد و أوحى إلى جبرئيل: أن اهبط إلى محمّد في ألف قبيل في القبيل ألف ألف ملك على خيول بلق مسرّجة ملجمة عليها قباب الدرّ و الياقوت معهم ملائكة يقال لهم الروحانيّون يهنّئون محمّدا بمولود له يقال له: الحسين، فبينا جبرئيل يهبط من السماء إلى الأرض إذ مرّ دركائيل فقال له: يا جبرئيل ما هذه الليلة في السماء هل قامت القيامة على أهل الدّنيا؟
قال: لا، ولكن ولد لمحمّد مولود في الدّنيا بعثني اللّه لأهنّئه بمولوده.
فقال: يا جبرئيل اقرأه منّي السلام و قل له: بحقّ هذا المولود عليك إلّا ما سألت ربّك أن يرضى عنّي و يردّ عليّ أجنحتي و مقامي في صفوف الملائكة.
فلمّا هبط جبرئيل (عليه السّلام) و هنّأه و أخبره بقضية الملك فأخذ النبيّ الحسين (عليه السّلام) و هو ملهوف في خرق من صوف فأشار به إلى السماء و قال: اللّهمّ بحقّ هذا المولود عليك إن كان للحسين بن عليّ عندك حقّ فارض عن دركائيل وردّ عليه أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة، فاستجاب اللّه دعاءه و غفر للملك، و الملك لا يعرف في الجنّة إلّا بأن يقال: هذا مولى الحسين بن عليّ بن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) .
أقول: لعلّ هذا مجرّد الخطرات التي تعتري أنواع الممكنات و أهل الزّلفى كالأنبياء و الملائكة يعاتبون عليها.
و في كتاب البشائر: كنية الحسن أبو محمّد ولد بالمدينة [ليلة] النصف من [شهر] رمضان سنة ثلاث من الهجرة و الحسين (عليه السّلام) ولد بالمدينة خمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة .
و في مسند أحمد و أبي يعلا قال: لمّا ولد الحسن سمّاه حمزة، فلمّا ولد الحسين سمّاه جعفرا قال عليّ: فدعاني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) فقال: إنّي أمرت [أن] أغيّر اسم هذين فسمّاهما حسنا و حسينا .
و في كتاب المناقب قال: حكي أبو الحسين النسّابة: كان اللّه عزّ و جلّ حجب هذين الاسمين عن الخلق يعني حسنا و حسينا حتّى تسمّى بهما ابنا فاطمة (عليهم السّلام) فإنّه لا يعرف أنّ أحدا من العرب تسمّى بهما في قديم الأيّام إلى عصرهما، و إنّما يعرف فيهما «حسن» بسكون السين، و «حسين» بوزن حبيب، فأمّا حسن بفتح الحاء و السّين و لا نعرفه إلّا اسم جبل معروف .
و في الكتاب عن برة الخزاعي قال: لمّا حملت فاطمة بالحسن خرج النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) في بعض وجوهه فقال لها: إنّك ستلدين غلاما فلا ترضعيه حتّى أصير إليك، فلمّا وضعته بقي ثلاثة أيّام ما أرضعته فأدركتها رقّة الامّهات فأرضعته.
فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله): أبى اللّه عزّ و جلّ إلّا ما أراد، فلمّا حملت بالحسين قال: إنّك ستلدين غلاما قد هنّأني به جبرئيل فلا ترضعيه حتّى أجيء إليك و لو أقمت شهرا و خرج في بعض وجوهه فولدت الحسين (عليه السّلام)، فمّا أرضعته حتّى جاء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) فأخذه فجعل يمصّ إبهامه و فيه غذاؤه، و يقال: بل كان يدخل لسانه في فيه فيزقّه كما يزقّ الطير فرخه و قال: إيها حسين إيها حسين أبا اللّه إلّا ما يريد بل هي فيك يعني الإمامة .
و في عيون المعجزات للمرتضى: روى أنّ فاطمة ولدت الحسن و الحسين من فخذها الأيسر.
و روى أنّ مريم ولدت المسيح من فخذها الأيمن و حديث هذه الحكاية في كتاب الأنوار و في كتب كثيرة .
و في الكافي عن الصادق (عليه السّلام): لمّا عرّج برسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) نزل بالصلاة [عشر ركعات] ركعتين ركعتين فلمّا ولد الحسن و الحسين زاد في الصلاة سبع ركعات شكرا للّه فأجاز اللّه له ذلك .
و عنه (عليه السّلام): كان في خاتم الحسن و الحسين (عليهما السّلام) الحمد للّه، و عن الرضا (عليه السّلام): كان نقش خاتم الحسن (عليه السّلام): العزّة للّه، و خاتم الحسين (عليه السّلام): العزّة للّه .
و في كتاب المناقب عن ابن عبّاس قال: كنت عند النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) و على فخذه الأيسر ابنه إبراهيم و على الأيمن الحسين بن علي، و هو تارة يقبّل هذا و تارة يقبّل هذا إذ هبط جبرئيل فقال: يا محمّد إنّ ربّك يقرأ عليك السلام و يقول: لست أجمعها لك فافد أحدهما بصاحبه، فنظر إلى إبراهيم و بكى و نظر إلى الحسين و بكى و قال: إنّ إبراهيم امّه أمة و متى مات لم يحزن عليه غيري و امّ الحسين فاطمة و أبوه عليّ ابن عمّي لحمه لحمي و متى مات حزنت ابنتي و حزن ابن عمّي و حزنت أنا عليه و أنا أؤثر حزني على حزنهما.
يا جبرئيل يقبض إبراهيم فدية للحسين، فقبض بعد ثلاث فكان النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) إذا رأى الحسين مقبلا قبّله و ضمّه إلى صدره و رشف ثناياه و قال: فديت من فديته بابني إبراهيم .
و في كتاب الأمالي عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله)؛ إذا كان يوم القيامة [زين عرش ربّ العالمين بكل زينة، ثمّ] يؤتى بمنبرين من نور طولهما مائة ميل فيوضع أحدهما عن يمين العرش و الاخرى عن يسار العرش فيؤتى بالحسن و الحسين (عليهما السّلام) فيقوم الحسن على أحدهما و الحسين على الآخر يزيّن الربّ تبارك و تعالى بهما عرشه كما يزيّن المرأة قرطاها .
و فيه أيضا عن أبي نعيم قال: شهدت ابن عمر و أتاه رجل فسأله عن دم البعوضة فقال:
ممّن أنت؟
قال: من أهل العراق، قال: انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوّضة و قد قتلوا ابن رسول اللّه و سمعت رسول اللّه يقول: الحسن و الحسين ريحانتاي من الدّنيا .
و عن زينب بنت أبي رافع عن امّها قالت: قالت فاطمة (عليها السّلام): يا رسول اللّه هذان ابناك فورثهما شيئا.
قال: أمّا الحسن فإنّ له هيبتي و سؤددي، و أمّا الحسين فإنّ له شجاعتي وجودي و قد ورد هذا الحديث بأسانيد متكثّرة و يحمل على إرادة اعمال الشجاعة و استعمال الجود و بذل المال و إلّا فهما في أصل صفات الكمال سيّان .
و في الكتب الكثيرة عن عليّ (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله): الحسن و الحسين سيّدي شباب أهل الجنّة، و في لفظ آخر ولداي هذان .
يقول مؤلّف الكتاب أيّده اللّه تعالى: قد ذكرنا في كتاب زهر الربيع أنّ من جملة الأخبار المتواترة باللفظ هذا الحديث رواه الجمهور و رواه أصحابنا قدّس اللّه أرواحهم بما يزيد على حدّ التواتر و عارضوه بما وضعوه من قولهم: أبو بكر و عمر سيّدا كهول الجنّة، مع أنّهم رووا في موضع آخر أنّه ليس في الجنّة كهل إلّا إبراهيم (عليه السّلام).
و في الأمالي عن الصادق (عليه السّلام) قال: مرض النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) المرضة التي عوفي منها فعادته فاطمة و معها الحسن و الحسين (عليهم السّلام) فقعد الحسن (عليه السّلام) على جانبه الأيمن و الحسين (عليه السّلام) على جانبه الأيسر، فأقبلا يغمزان بدن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله)، فلمّا أفاق عن نومه فقالت: ارجعا حتّى يفيق و ترجعان إليه فلم يقبلا فاضطجع الحسن على عضده الأيمن و الحسين على عضد النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) الأيسر فانتبها قبل أن ينتبه النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) و قد كانت فاطمة لمّا ناما انصرفت إلى منزلها فقالا لعائشة: ما فعلت امّنا؟
قالت: رجعت إلى منزلها، فقاما و خرجا في ليلة ظلماء ذات رعد و برق فسطع لهما نور فمشيا حتّى أتيا حديقة بني النجّار فبقيا لا يعلمان أين يأخذان.
فقال الحسن: ننام حتّى نصبح فاضطجعا متعانقين فانتبه النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) من النوم فطلبهما في منزل فاطمة و افتقدهما فقال: إلهي و سيّدي هذان شبلاي خرجا من المجاعة، اللّهم أنت وكيلي عليهما، فسطع نور و مشى في ذلك النور إلى حديقة بني النجّار فإذا هما نائمان متعانقان و قد تقشّعت السماء فوقهما كطبق و هي تمطر و لم تمطر عليهما، و قد اكتنفتهما حية لها شعرات كأجام القصب و جناحان، جناح غطّت به الحسن و جناح غطّت به الحسين (عليهما السّلام)، فلمّا أن بصر بهما النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) تنحنح فانسابت الحيّة و هي تقول: اللّهمّ إنّي اشهدك إنّي قد حفظت شبلي نبيّك و دفعتهما إليه سالمين فقال لها: أيّتها الحيّة من أنت؟
قالت: أنا رسول الجنّ إليك نسينا آية من كتاب اللّه فبعثوني إليك لتعلّمنا ما نسينا، فلمّا بلغت هذا الموضع سمعت مناديا ينادي: أيّتها الحيّة هذان شبلا رسول اللّه فاحفظيهما فأخذت الآية و انصرفت، فوضع الحسن على عاتقه الأيمن و الحسين على الأيسر.
فقال أبو بكر: ادفع إليّ بأحد شبليك أخفّف عنك فقال: امض فقد سمع اللّه كلامك و عرف مقامك.
و قال لعمر مثل ما قال لأبي بكر، فتلقّاه عليّ (عليه السّلام) فقال: ادفع إليّ أحد شبليك أخفّف عنك فقال للحسن: هل تمض إلى كتف أبيك؟
فقال: يا جدّاه إنّ كتفك لأحبّ إليّ من كتف أبي، و قال له الحسين مثل قول أخيه فأقبل إلى منزل فاطمة و قد ادّخرت لهما تميرات فأكلا و شبعا و فرحا. فقال لهما النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله)؛ قوما الآن فاصطرعا فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله): يا حسن شدّ على الحسين فاصرعه، فقالت فاطمة: يا أبه وا عجباه أتشجّع الكبير على الصغير، فقال: يا بنيّة هذا جبرئيل يقول: يا حسين شدّ على الحسن فاصرعه .
و عنه (صلّى اللّه عليه و اله)؛ لقد أذهلني هذان الغلامان [يعني الحسن و الحسين] أن أحبّ بعدهما أبدا، إنّ ربّي أمرني أن أحبّهما و أحبّ من يحبّهما .
و عن يعلى العامري قال: خرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) إلى طعام دعي إليه، فإذا هو بحسين يلعب مع الصبيان فبسط له يديه فطفر هاهنا مرّة و هاهنا مرّة و جعل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) يضاحكه حتّى أخذه فوضع فاه على فيه و قبّله و قال: حسين منّي و أنا منه أحبّ اللّه من أحبّ حسينا، حسين سبط من الأسباط .
و روي عن أبي الحسن الكاظم (عليه السّلام) قال: أخذ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) بيد الحسن و الحسين فقال: من أحبّ هذين الغلامين و أباهما و امّهما فهو معي في درجتي يوم القيامة .
و عن امّ سلمة قالت؛ رأيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) يلبس ولده الحسين حلّة ليست من ثياب الدّنيا فقلت: يا رسول اللّه ما هذه الحلّة؟
فقال: هذه هدية أهداها إلي ربّي للحسين و إنّ لحمتها من زغبة جناح جبرئيل، و ها أنا ألبسه إيّاها و أزيّنه بها فإنّ اليوم يوم الزينة و إنّي أحبّه .
و في كتاب بشائر المصطفى: كان الحسن بن عليّ (عليهما السّلام) يشبه النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) من صدره إلى رأسه و الحسين يشبهه من صدره إلى رجليه .
و فيه أيضا عن الرافعي عن أبيه عن جدّه قال: رأيت الحسن و الحسين (عليهما السّلام) يمشيان
ص: 84
إلى الحجّ فلم يمرا براكب إلّا نزل يمشي فثقل ذلك على بعضهم، فقالوا لسعد بن أبي وقّاص:
قد ثقل علينا المشي و لا نستحسن أن نركب و هذان السيّدان يمشيان فقال سعد للحسن: يا أبا محمّد إنّ المشي قد ثقل على جماعة ممّن معك و الناس إذا رأوكما تمشيان لم تطلب أنفسهم أن يركبوا فلو ركبتما.
فقال الحسن (عليه السّلام): لا نركب قد جعلنا على أنفسنا المشي إلى بيت اللّه الحرام [على أقدامنا] ولكنّا نتنكّب الطريق فأخذا جانبا من الناس .
و عن جابر الأنصاري قال: خرج علينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) آخذا بيد الحسن و الحسين (عليهما السّلام) فقال: إنّ ابني هذين سألت اللّه لهما ثلاثا فأعطاني اثنتين و منعني واحدة سألت اللّه أن يجعلهما طاهرين مطهّرين زكيّين فأجابني إلى ذلك، و سألت اللّه أن يقيهما و ذريّتهما و شيعتهما النّار فأعطاني ذلك و سألت اللّه أن يجمع اللّه الامّة على محبّتهما فقال؛ يا محمّد إنّي قضيت قضاء و قدّرت قدرا، و إنّ طائفة من امّتك ستفي لك بذمّتك في اليهود و النصارى و المجوس و سيخفرون ذمّتك في ولدك، فإنّي أوجبت إلى نفسي لمن فعل ذلك إلّا أنظر إليه بعين رحمتي يوم القيامة .
و روي عن عليّ (عليه السّلام) قال: عطش المسلمون عطشا شديدا فجاءت فاطمة بالحسن و الحسين إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) فقالت؛ يا رسول اللّه إنّهما صغيران لا يحتملان العطش، فدعى الحسن فأعطاه لسانه فمصّه حتّى ارتوى، ثمّ دعى الحسين فأعطاه لسانه فمصّه حتّى ارتوى.
و عنه (عليه السّلام) قال؛ استسقى الحسن (عليه السّلام) فوثب النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) إلى شاة لنا فمصّ من ضرعها فجعل في قدح ثمّ وضعه في يد الحسن فجعل الحسين يثب عليه و رسول اللّه يمنعه.
فقالت فاطمة: كأنّه أحبّهما إليك يا رسول اللّه.
قال: ما هو بأحبّهما إليّ ولكنّه استسقى أوّل مرّة.
و في كتاب المناقب عن أبي عبد اللّه بن بريدة قال: سمعت أبي يقول كان رسول
اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) يخطب على المنبر فجاء الحسن و الحسين و عليهما قميصان أحمران يمشيان و يعثران، فنزل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) من المنبر فحملهما و وضعهما بين يديه ثمّ قال: إنّما أموالكم و أولادكم ...، لقد قمت إليهما و ما معي عقلي.
و عن جابر قال: دخلت على النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) و الحسن و الحسين على ظهره و هو يحثو بهما و يقول: نعم الجمل جملكما و نعم العدلان أنتما.
و عن ابن نجيح: كان الحسن و الحسين يركبان ظهر النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) و يقولان: خل خل و يقول: نعم الجمل جملكما.
و عن عمر بن الخطّاب قال: رأيت الحسن و الحسين على عاتقي رسول اللّه فقلت: نعم الفرس لكما، فقال رسول اللّه: نعم الفارسان هما.
و روي أنّه برك للحسن و الحسين و حملهما و خالف بين أيديهما و أرجلهما و قال: نعم الجمل جملكما.
و روي أنّ فاطمة (عليها السّلام) كانت ترقّص ابنها حسنا و تقول شعر:
اشبه أباك يا حسن و اخلع عن الحقّ الرّسن
و اعبد إلها ذا منن و لا توال ذا الإحن
و قالت للحسين (عليه السّلام): أنت شبيه بأبي لست شبيها بعليّ.
و روى المفيد عن الرضا (عليه السّلام) قال: عرى الحسن و الحسين (عليهما السّلام) و أدركهما العيد فقالا لامّهما: قد زيّنوا صبيان المدينة إلّا نحن فما لك [أن] تزيّنينا؟
فقال: إنّ ثيابكما عند الخيّاط [فإذا أتاني زينتكما] ، فلمّا كانت ليلة العيد أعادا القول على امّهما فبكت و رحمتهما، فلمّا أخذ الظلام قرع الباب قارع فقال: يا بنت رسول اللّه أنا الخيّاط جئت بالثياب، ففتحت الباب فإذا رجل و معه من لباس العيد فناولها منديلا مشدودا فإذا فيه قميصان و دراعتان و سراويلان ورداءان و عمامتان و خفّان أسودان معقبان بحمرة، فألبستهما و دخل رسول اللّه و هما مزيّنان فحملهما و قبّلهما ثمّ قال: رأيت الخيّاط؟
قالت: نعم يا رسول اللّه قال: يا بنيّة ما هو خيّاط إنّما هو رضوان خازن الجنان ما عرج حتّى جاءني و أخبرني .
و روى الحسن البصري و امّ سلمة: إنّ الحسن و الحسين دخلا على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) و بين يديه جبرئيل فجعلا يدوران حوله يشبهانه بدحية الكلبي فتناول جبرئيل تفّاحة و سفرجلة و رمّانة فناولهما ففرحا و سعيا إلى جدّهما فشمّهما و قال: صيرا إلى امّكما و أبيكما، فلم يأكلوا حتّى صار النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) إليهم فأكلوا جميعا فلم يزل كلّما أكل منه عاد إلى مكان حتّى قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله). قال الحسين (عليه السّلام): فلم يلحقه التغيير حتّى توفّيت فاطمة ففقدنا الرمّان، فلمّا توفّى أمير المؤمنين فقدنا السفرجل و بقي التفاحة إلى الوقت الذي حوصرت من الماء، فكنت أشمّها إذا عطشت فيسكن لهب عطشي، فلمّا اشتدّ عليّ العطش عضضتها و أيقنت بالفناء.
قال عليّ بن الحسين (عليه السّلام): سمعته يقول ذلك قبل مقتله بساعة، فلمّا قضى نحبه وجد ريحها في مصرعه فالتمست فلم ير لها أثر و بقي ريحها بعد الحسين (عليه السّلام) و لقد زرت قبره فوجدت ريحها يفوح من قبره فمن أراد بذلك من شيعتنا الزائرين ليعتبر فليلتمس ذلك أوقات السحر فإنّه يجده إذا كان مخلصا .