تنقسم حياة كلّ إمام من الأئمّة المعصومين(عليهم السلام) إلى قسمين متميّزين :
الأوّل : من الولادة إلى حين استلامه لمقاليد الإمامة والولاية المناطة إليه من الله والمنصوص عليها على لسان رسوله والأئمّة (عليهم السلام) أنفسهم.
والثاني : يبدأ من يوم تصدّيه لإدارة أمور المسلمين والمؤمنين إلى يوم استشهاده.
وقد يشتمل كلّ قسم على عدّة مراحل حسب طبيعة الظروف والأحداث التي تميّز كل مرحلة.
ونحن ندرس الفترة الأولى بجميع مراحلها وأهمّ أحداثها ـ وهي فترة الولادة حتى الإمامة ـ في الفصل الثالث من الباب الثاني، بينما ندرس الفترة الثانية بمراحلها المختلفة بشكل تفصيلي في الباب الثالث.
وينبغي أن نعرف أنّ الفترة الأولى من حياة الإمام الحسين(عليه السلام) كانت ذات أربع مراحل هي :
1ـ حياته في عهد جدّه(صلَّى الله عليه وآله) وهي من السنة (4) إلى (10) هجرية.
2ـ حياته في عهد الخلفاء الثلاثة، وهي من السنة (11) إلى (35) هجرية.
3ـ حياته في عهد الدولة العلوية المباركة، أي منذ البيعة مع أبيه إلى يوم استشهاده صلوات الله عليه، وهي من السنة (35) إلى (40) هجرية.
4 ـ حياته في عهد أخيه الحسن المجتبى (عليه السلام) وهي عشر سنوات تقريباً، أي من أواخر شهر رمضان سنة (40) هجرية إلى بداية أو نهاية صفر سنة
(50) هجرية حيث استشهد الحسن (عليه السلام) وتصدّى هو للأمر من بعده.
وأمّا الفترة الثانية من حياته وهي التي تبدأ بعد استشهاد أخيه(عليه السلام) وتنتهي باستشهاده بأرض الطفّ يوم عاشوراء سنة ( 61 ) هجرية ، فهي ذات مرحلتين متميزتين :
1 ـ المرحلة الأولى : مدّة حياته خلال حكم معاوية، حيث بقي ـ صلوات الله عليه ـ ملتزماً بالهدنة التي عقدت مع معاوية بالرغم من تخلّف معاوية عن كلّ الشروط التي اشترطت عليه من قبل الإمام الحسن(عليه السلام)، وقد جسّد تمرّده على كل شروط الصلح بإيعاز السمّ الفاتك إلى الإمام الحسن (عليه السلام) ليتخلّص من رقيب مناهض ويزيل الموانع عن ترشيح ولده الفاسق يزيد.
2 ـ المرحلة الثانية : وتبدأ بفرض معاوية ابنه يزيد حاكماً متحكّماً في رقاب المسلمين بعد موت أبيه وسعيه لأخذ البيعة من الحسين(عليه السلام) للقضاء على المعارضة التي كان قد عرف جذورها أيام أبيه. ومن هنا تبدأ نهضته التي كانت بركاناً تحت الرماد، فانفجرت بانفجار الفسق والفجور وظهورهما على مسرح القيادة وجهاز الحكم، فبدأ حركته من المدينة إلى مكّة ثم إلى العراق، وتوّج صبره وجهاده بدمائه الطاهرة ودماء أهل بيته وأصحابه الأصفياء التي قدّمها في سبيل الله تعالى .