كتب عبيد الله كتابا إلى الحسين (عليه السلام) يقول فيه أما بعد فقد بلغني يا حسين نزولك بكربلاء وقد كتب إلي يزيد بن معاوية أن لا أتوسد الوثير و لا أشبع من الخمير أو ألحقك باللطيف الخبير أو ترجع إلى حكمي و حكم يزيد بن معاوية و السلام.
فلما ورد الكتاب إلى الحسين (عليه السلام) وقرأه ألقاه من يده و قال للرسول ما له عندي جواب فرجع الرسول إلى ابن زياد فاشتد غضبه و جمع الناس و جهز العساكر و سير مقدمها عمر بن سعد و كان قد ولاه الري و أعمالها و كتب له بها فاستعفى من خروجه إلى قتال الحسين فقال له ابن زياد إما أن تخرج و إما أن تعيد علينا كتابنا بتوليتك الري و أعمالها و تقعد في بيتك فاختار ولاية الري و طلع إلى قتال الحسين بالعساكر.
فما زال عبيد الله بن زياد يجهز مقدما و معه طائفة من الناس إلى أن اجتمع عند عمر بن سعد اثنان و عشرون ألفا ما بين فارس و راجل و أول من خرج إلى عمر بن سعد الشمر بن ذي الجوشن السكوني في أربعة آلاف فارس ثم زحفت خيل عمر بن سعد حتى نزلوا شاطئ الفرات وحالوا بين الماء و بين الحسين و أصحابه.
ثم كتب عبيد الله كتابا إلى عمر بن سعد يحثه على مناجزة الحسين (عليه السلام) فعندها ضيق الأمر عليهم فاشتد عليهم الأمر و العطش فقال إنسان من أصحاب الحسين (عليه السلام) يقال له يزيد بن حصين الهمداني وكان زاهدا ائذن لي يا ابن رسول الله لآتي هذا ابن سعد فأكلمه في أمر الماء فعساه يرتدع فقال له ذلك إليك فجاء الهمداني إلى عمر بن سعد فدخل عليه فلم يسلم عليه قال يا أخا همدان ما منعك من السلام علي أ لست مسلما أعرف الله و رسوله فقال له الهمداني لو كنت مسلما كما تقول لما خرجت إلى عترة رسول الله (صلى الله عليه واله) تريد قتلهم و بعد هذا ماء الفرات تشرب منه كلاب السواد و خنازيرها و هذا الحسين بن علي و إخوته و نساؤه و أهل بيته يموتون عطشا قد حلت بينهم و بين ماء الفرات أن يشربوه و أنت تزعم أنك تعرف الله و رسوله فأطرق عمر بن سعد ثم قال و الله يا أخا همدان إني لأعلم حرمة أذاهم و لكن:
دعاني عبيد الله من دون قومه إلى خطة فيها خرجت لحيني
فو الله لا أدري و أني لواقف على خطر لا أرتضيه و مين
أأترك ملك الري و الري رغبة أم أرجع مأثوما بدم حسين
و في قتله النار التي ليس دونها حجاب و ملك الري قرة عيني
يا أخا همدان ما أجد نفسي تجيبني إلى ترك الري لغيري فرجع يزيد بن حصين فقال للحسين (عليه السلام) يا ابن رسول الله قد رضي أن يقتلك بولاية الري.