حياة الامام الحسين قبل مقتله
مقتل الامام عليه السلام

لما سار الحسين (عليه السلام) من عذيب الهجانات، وصل الى قصر بني مقاتل فنزل به فاذا هو بفسطاط مضروب فقال: لمن هذا؟ فقيل لعبيد اللّه بن الحر الجعفي، قال: ادعوه إليّ، فلمّا أتاه الرسول قال له: هذا الحسين بن عليّ (عليه السلام) يدعوك، فقال عبيد اللّه: انا للّه و انا إليه راجعون، و اللّه ما خرجت من الكوفة الّا كراهية أن يدخلها الحسين و أنا بها و اللّه ما أريد أن أراه و لا يراني و لم يأت.
فرجع الرسول فأخبره فقام إليه الحسين (عليه السلام) فجاء حتى دخل عليه و سلم و جلس ثم دعاه الى الخروج معه فأعاد عليه عبيد اللّه بن الحر تلك المقالة و استقاله ممّا دعاه إليه، فقال له الحسين (عليه السلام): فان لم تكن تنصرنا فاتق أن تكون ممن قاتلنا، فو اللّه لا يسمع واعيتنا أحد ثم لا ينصرنا الّا هلك، فقال: اما هذا فلا يكون أبدا إن شاء اللّه تعالى، ثم قام الحسين (عليه السلام) من عنده حتى دخل رحله.
Ùˆ لما كان في آخر الليل أمر فتيانه بالاستقاء من الماء ثم أمر بالرحيل فارتحل من قصر بني مقاتل، فقال عقبة بن سمعان: فسرنا معه ساعة فخفق Ùˆ هو على ظهر فرسه خفقة ثم انتبه Ùˆ هو يقول: انا للّه Ùˆ انا إليه راجعون Ùˆ الحمد للّه رب العالمين، ففعل ذلك مرتين أو ثلاثة، فأقبل ابنه عليّ بن الحسين عليهما السّلام فقال: مم حمدت اللّه Ùˆ استرجعت؟ فقال: يا بني انّي خفقت خفقة فعنّ لي فارس على فرس Ùˆ هو يقول: القوم يسيرون Ùˆ المنايا تسير إليهم، فعلمت انّها أنفسنا نعيت‏ إلينا.
فقال له: يا أبة لا أراك اللّه سوء، ألسنا على الحق؟ قال: بلى و الذي إليه مرجع العباد، قال:
فأننا اذا لا نبالي أن نموت محقين، فقال له (عليه السلام): جزاك اللّه من ولد خير ما جزى ولدا عن والده.
فلما أصبح نزل فصلّى الغداة ثم عجّل في الركوب فأخذ يتياسر بأصحابه يريد أن يفرقهم فيأتيه الحرّ بن يزيد فيرده و أصحابه، فلم يزالوا يتياسرون كذلك حتى انتهوا الى نينوى، فاذا راكب على نجيب له عليه السلاح متنكب قوسا مقبل من الكوفة، فوقفوا جميعا ينتظرون فلما انتهى إليهم سلم على الحر و أصحابه و لم يسلم على الحسين و أصحابه و دفع الى الحر كتابا من عبيد اللّه بن زياد اللعين، فاذا فيه:
«Ø£Ù…ا بعد فجعجع‏ بالحسين حين يبلغك كتابي Ùˆ يقدم عليك رسولي Ùˆ لا تنزله الّا بالعراء في غير خضر Ùˆ على غير ماء، فقد أمرت رسولي أن يلزمك Ùˆ لا يفارقك حتى يأتيني بانفاذك أمري Ùˆ السلام».
فلما قرأ الحر الكتاب قرأه على الحسين (عليه السلام) و أصحابه و أخذهم بالنزول في ذلك المكان على غير ماء و لا قرية، فقال له الحسين (عليه السلام): دعنا ويحك ننزل في هذه القرية أو هذه، يعنى نينوى و الغاضريّة، قال: و اللّه لا أستطيع ذلك و هذا الرجل قد بعث إليّ عينا عليّ.
فقال زهير بن القين: يا بن رسول اللّه دعنا نقاتلهم، انّ قتال هؤلاء القوم الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا بعدهم، فلعمري ليأتينا بعدهم ما لا قبل لنا به، فقال الحسين (عليه السلام):
ما كنت لأبدأهم بالقتال، ثم نزل Ùˆ ذلك يوم الخميس Ùˆ هو اليوم الثاني من المحرم‏ .
روى السيد ابن طاوس انّه: وصل كتاب عبيد اللّه بن زياد الى الحر في عذيب الهجانات، فضيّق الحر على الامام (عليه السلام)‏
بحسب ما أمره عبيد اللّه، فجمع الحسين (عليه السلام) أصحابه Ùˆ قام فيهم خطيبا، فحمد اللّه Ùˆ أثنى عليه Ùˆ ذكر جدّه فصلّى عليه ثم قال: «Ø§Ù†Ù‘Ù‡ قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون Ùˆ انّ الدنيا قد تغيّرت Ùˆ تنكّرت Ùˆ أدبر معروفها Ùˆ استمرت حذاء Ùˆ لم تبق منها الّا صبابة كصبابة الاناء Ùˆ خسيس عيش كالمرعى الوبيل‏ ØŒ الا ترون الى الحق لا يعمل به Ùˆ الى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربّه محقّا فانّي لا أرى الموت الّا سعادة Ùˆ الحياة مع الظالمين الّا برما».
فقام زهير بن القين و قال: قد سمعنا هداك اللّه يا ابن رسول اللّه مقالتك و لو كانت الدنيا لنا باقية و كنّا فيها مخلّدين لآثرنا النهوض معك على الاقامة، و قام هلال بن نافع البجلي فقال:
و اللّه ما كرهنا لقاء ربنا و انّا على نيّاتنا و بصائرنا نوالي من والاك و نعادي من عاداك، و قام برير بن خضير فقال: و اللّه يا ابن رسول اللّه لقد منّ اللّه بك علينا أن نقاتل بين يديك و تقطع فيك أعضاؤنا ثم يكون جدّك شفيعنا يوم القيامة .