قد وقع الخلاف في يوم ورود الحسين (عليه السلام) الى كربلاء و الأصح انّه قدمها في اليوم الثاني من شهر محرم الحرام سنة احدى و ستين للهجرة، فلما نزل بها، قال: ما يقال لهذه الارض؟ فقالوا: كربلاء، فلما سمع (عليه السلام) اسمها قال: اللهم انّي أعوذ بك من الكرب و البلاء، ثم قال: هذا موضع كرب و بلاء انزلوا، هاهنا محط رحالنا و مسفك دمائنا و هنا محل قبورنا، بهذا حدّثني جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
فنزلوا جميعا و نزل الحر و أصحابه ناحية ، و جاء عمر بن سعد في اليوم الثاني في أربعة آلاف مقاتل فارس و اصطف مقابل جيش الحسين (عليه السلام).
قال أبو الفرج: كان عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه قد ولّى عمر بن سعد الريّ، فلمّا بلغه الخبر بقدوم الحسين (عليه السلام) الى العراق وجّه إليه أن سر الى الحسين أولا فاقتله فاذا قتلته رجعت و مضيت الى الري، فقال له: اتركني أنظر في أمري فتركه (ففكر تلك الليلة كثيرا حتى غلبته شقاوته) فلما كان من الغد غدا عليه فوجه معه بالجيوش لقتال الحسين (عليه السلام) .
و ذكر ابن الجوزي ما يشبه هذا ثم قال: ذكر محمد بن سيرين انه قد ظهرت كرامات عليّ بن ابي طالب (عليه السلام) في هذا، فانّه لقى عمر بن سعد يوما و هو شاب فقال: ويحك يا ابن سعد، كيف بك اذا أقمت يوما مقاما تخيّر فيه بين الجنة و النار، فتختار النار .
على كل حال، لما وصل عمر بن سعد بعث الى الحسين (عليه السلام) عروة بن قيس الأحمسي فقال له: ايته فسله ما الذي جاء بك و ما ذا تريد؟ و كان عروة ممن كتب الى الحسين (عليه السلام) فاستحى منه أن يأتيه، فعرض ذلك على الرؤساء الذين كاتبوه، فكلّهم أبى ذلك و كرهه، فقام إليه كثير بن عبد اللّه الشعبي- و كان فارسا شجاعا فاسقا فتاكا لا يرد وجهه شيء- فقال له: أنا أذهب إليه و و اللّه لئن شئت لأفتكنّ به.
فقال له عمر: ما أريد أن تفتك به و لكن ايته فسله ما الذي جاء به