حياة الامام الحسين قبل مقتله
مقتل الامام عليه السلام

نهض ابن سعد عشية الخميس لتسع خلون من المحرم Ùˆ نادى في عسكره بالزحف نحو الحسين، Ùˆ كان عليه السّلام جالسا أمام بيته محتبيا بسيفه Ùˆ خفق برأسه فرأى رسول اللّه يقول: إنك صائر إلينا عن قريب Ùˆ سمعت زينب أصوات الرجال‏ Ùˆ قالت لأخيها : قد اقترب العدو منا.
فقال لأخيه العباس: «Ø§Ø±ÙƒØ¨ بنفسي أنت» «1» حتى تلقاهم Ùˆ اسألهم عما جاءهم Ùˆ ما الذي يريدون فركب العباس في عشرين فارسا فيهم زهير Ùˆ حبيب Ùˆ سألهم عن ذلك قالوا: جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم النزول على حكمه أو ننازلكم الحرب.
فانصرف العباس عليه السّلام يخبر الحسين بذلك و وقف أصحابه يعظون القوم، فقال لهم حبيب بن مظاهر: أما و اللّه لبئس القوم عند اللّه غدا قوم يقدمون عليه و قد قتلوا ذرية نبيه و عترته و أهل بيته و عبّاد أهل هذا المصر المتهجدين بالاسحار الذاكرين اللّه كثيرا فقال له عزرة بن قيس: إنك لتزكي نفسك ما استطعت.
فقال زهير: يا عزرة، إن اللّه قد زكاها Ùˆ هداها فاتق اللّه يا عزرة فإني لك من الناصحين، أنشدك اللّه يا عزرة أن لا تكون ممن يعين أهل الضلالة على قتل‏ النفوس الزكية.
ثم قال عزرة : يا زهير ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت إنما كنت على غير رأيهم قال زهير: أفلست تستدل بموقفي هذا أني منهم أما و اللّه ما كتبت إليه كتابا قط و لا أرسلت إليه رسولا و لا وعدته نصرتي و لكن الطريق جمع بيني و بينه فلما رأيته ذكرت به رسول اللّه و مكانه منه و عرفت ما يقدم عليه عدوه فرأيت أن أنصره و أن أكون من حزبه و اجعل نفسي دون نفسه لما ضيعتم من حق رسوله.
و أعلم العباس أخاه أبا عبد اللّه بما عليه القوم فقال عليه السّلام: ارجع إليهم و استمهلهم هذه العشية إلى غد لعلنا نصلي لربنا الليلة و ندعوه و نستغفره فهو يعلم أني أحب الصلاة له و تلاوة كتابه و كثرة الدعاء و الاستغفار.
فرجع العباس Ùˆ استمهلهم العشية فتوقف ابن سعد Ùˆ سأل من الناس فقال عمرو بن الحجاج: سبحان اللّه لو كانوا من الديلم Ùˆ سألوك هذا لكان ينبغي لك أن تجيبهم إليه Ùˆ قال قيس بن الأشعث: أجبهم إلى ما سألوك فلعمري ليستقبلك بالقتال غدوة فقال ابن سعد: Ùˆ اللّه لو أعلم أنه يفعل ما أخرتهم العشية ثم بعث إلى الحسين إنّا أجلناكم إلى غد فإن استسلمتم سرحنا بكم إلى الأمير ابن زياد Ùˆ إن أبيتم فلسنا تاركيكم‏ «2».
ضلت أمية ماتر يد غداة مقترع النصول‏
رامت تسوق المصعب‏ الهدار مستاق الذليل‏
Ùˆ يروح طوع يمينها قود الجنيب أبو الشبول‏
رامت لعمرو ابن النبي‏ الطهر ممتنع الحصول‏
Ùˆ تيممت قصد المحال‏ فما رعت غير المحول‏
ورنت على السغب السرا ب بأعين في المجد حول‏
Ùˆ غوى بها جهل بها Ùˆ البغي من خلق الجهول‏ (3)


______________________________
(1) الطبري ج 6 ص 137 و روضة الواعظين ص 157 و الارشاد للمفيد و البداية لابن كثير ج 8 ص 176.
غير خاف ما في هذه الكلمة الذهبية من مغزى دقيق ترى الفكر يسف عن مداه و أنى له أن يحلق إلى ذروة الحقيقة من ذات طاهرة تفتدى بنفس الإمام علة الكائنات و الفيض الأقدس للممكنات.
نعم عرفها البصير الناقد بعد أن جربها بمحك النزاهة فوجدها مشبوبة بجنسها ثم اطلق عليها تلك الكلمة الغالية «Ùˆ لا يعرف الفضل إلا أهله».
Ùˆ لا يذهب بك الوهم أيها القارى‏Ø¡ إلى القول بعدم الأهمية في هذه الكلمة بعد قول الإمام عليه السّلام في زيارة الشهداء من زيارة وارث بأبي أنتم Ùˆ أمي طبتم Ùˆ طابت الأرض التي فيها دفنتم، لأن الإمام عليه السّلام في هذه الزيارة لم يكن هو المخاطب لهم Ùˆ إنما هو عليه السّلام في مقام تعليم صفوان الجمال عند زيارتهم أن يخاطبهم بذلك فإن الرواية تنص كما في مصباح المتهجد للشيخ الطوسي أن صفوان استأذن الصادق في زيارة الحسين Ùˆ أن يعرفه ما يقوله Ùˆ يعمل عليه فقال له: يا صفوان صم قبل خروجك ثلاثة أيام إلى أن قال: ثم إذا أتيت الحائر فقل: اللّه أكبر، ثم ساق الزيارة إلى أن قال: ثم اخرج من الباب الذي يلي رجلي علي بن الحسين Ùˆ توجه إلى الشهداء Ùˆ قل: السلام عليكم يا أولياء اللّه إلى آخرها.
فالإمام الصادق عليه السّلام في مقام تعليم صفوان أن يقول في السلام على الشهداء ذلك و ليس في الرواية ما يدل على أنه عليه السّلام كيف يقول لو أراد السلام على الشهداء.
(2) الطبري ج 6 ص 337.
(3) للكعبي رحمه اللّه.