لما قرأ ابن زياد كتاب ابن سعد قال : هذا كتاب ناصح مشفق على قومه و أراد أن يجيبه فقام الشمر «1» و قال : أتقبل هذا منه بعد أن نزل بأرضك و اللّه لئن رحل من بلادك و لم يضع يده في يدك ليكونن أولى بالقوة و تكون أولى بالضعف و الوهن ، فاستصوب رأيه و كتب إلى ابن سعد : أما بعد إني لم ابعثك إلى الحسين لتكف عنه و لا لتطاوله و لا لتمنيه السلامة و لا لتكون له عندي شفيعا انظر فإن نزل حسين و أصحابه على حكمي فابعث بهم إليّ سلما و إن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم و تمثل بهم فإنهم لذلك مستحقون ، فإن قتل حسين فأوطىء الخيل صدره و ظهره و لست أرى أنه يضر بعد الموت و لكن على قول قلته لو قتلته لفعلت هذا به فإن أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع و إن أبيت فاعتزل عملنا و جندنا و خل بين شمر بن ذي الجوشن و بين العسكر فإنّا قد أمرناه بذلك «2».
فلما جاء الشمر بالكتاب قال له ابن سعد: ويلك لا قرب اللّه دارك و قبح اللّه ما جئت به و إني لأظن أنك الذي نهيته و افسدت علينا أمرا رجونا أن يصلح، و اللّه لا يستسلم حسين فإن نفس أبيه بين جنبيه.
فقال الشمر: أخبرني ما أنت صانع اتمضي لأمر أميرك؟ و إلا فخل بيني و بين العسكر، قال له عمر: أنا أتولى ذلك و لا كرامة لك و لكن كن أنت على الرجالة «3».
________________
(1) في البداية لابن كثير ج 8 ص 188 كان الحسين يحدث أصحابه في كربلا بما قاله جده صلى اللّه عليه و آله و سلم: كأني انظر إلى كلب ابقع يلغ في دماء أهل بيتي و لما رأى الشمر ابرص قال هو الذي يتولى قتلي! و في الأعلاق النفيسة لابن رسته ص 222 كان الشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين ابرص. و في ميزان الاعتدال للذهبي ج 1 ص 449 كان شمر بن ذي الجوشن أحد قتلة الحسين عليه السّلام فليس للرواية بأصل و لما قيل له كيف أعنت على ابن فاطمة قال: إن امراءنا امرونا فلو خالفناهم كنا أشد من الحمر الشقاء قال الذهبي و هذا عذر قبيح فإنما الطاعة في المعروف. و في كتاب صفين لنصر بن مزاحم ص 303 و ما بعدها. طبع مصر: كان شمر بن ذي الجوشن مع أمير المؤمنين عليه السّلام في صفين، و خرج من أصحاب معاوية (أدهم بن محرز) يطلب المبارزة فخرج إليه شمر بن ذي الجوشن و اختلفا بضربتين، ضربه أدهم على جبينه فأسرع السيف حتى خالط العظم و ضربه شمر فلم يصنع فيه شيئا، فرجع الشمر إلى عسكره يشرب الماء و أخذ رمحا و قال:
(إني زعيم لأخي باهلة بطعنة إن لم أمت عاجلة
و ضربة تحت الوغى فاصلة شبيهة بالقتل أو قاتلة)
فحمل على أدهم و هو ثابت فطعنه فوقع عن فرسه و حمله أصحابه فانصرف شمر ...
و في نفح الطيب للمقريزي ج 1 ص 143 مطبعة عيسى البابي مطبوعات دار المأمون أن الصميل بن حاتم بن الشمر بن ذي الجوشن كان رأس المضرية متحاملا على اليمانية «و هذه العبارة واردة في طبعة بيروت ج 1 ص 222 تحقيق محمد محيي الدين».
و في حاشية الكتاب، كان حاتم بن الشمر مع أبيه في الكوفة و لما قتل المختار شمر بن ذي الجوشن هرب ابنه إلى قنسرين. و في ص 145 ذكر أن الصميل كان واليا على سرقسطة ثم فارقها و تولى على طليطلة. و في كتاب الحلة السيراء لابن الأبار ج 1 ص 67 لما ظهر المختار بالكوفة فر الشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين بن علي إلى الشام بأهله و ولده، فأقام بها في عز و منعة، و قيل قتله المختار وفر ولده إلى أن خرج كلثوم بن عياض القشيري غازيا إلى المغرب، فكان الصميل ممن ضرب عليه البعث في أشراف أهل الشام و دخل الأندلس في طاعة بلج بن بشر و هو الذي قام بأمر المضرية في الأندلس عندما أظهر أبو الخطار الحسام بن ضرار الكلبي العصبية لليمانية و مات الصميل-
- في سجن عبد الرحمن بن معاوية سنة 142 و كان شاعرا. و في تاريخ علماء الأندلس لابن الفوطي ج 1 ص 234 باب الشين، شمر بن ذي الجوشن الكلاعي من أهل الكوفة هو الذي قدم برأس الحسين عليه السّلام على يزيد بن معاوية و لما ظهر المختار هرب بعياله منه ثم خرج كلثوم بن عياض غازيا المغرب و دخل إلى الأندلس في طالعة بلج، و هو جد الصميل بن حاتم بن شمر القيسي صاحب الفهري 1 ه و الأصح ما ذكره الدينوري في الأخبار الطوال 296 أن شمر بن ذي الجوشن قتله أصحاب المختار بالمذار و بعث برأسه إلى محمد بن الحنفية و في الاعلاق النفيسة لابن رسته ص 222 كان الشمر بن ذي الجوشن ابرص و في تاريخ الطبري ج 7 ص 122 و كامل ابن الأثير ج 4 ص 92 حوادث سنة 65 كان الشمر ابرص يرى بياض برصه على كشحه.
(2) ابن الأثير ج 4 ص 23.
(3) الطبري ج 6 ص 236.