قام الحسين إلى الصلاة ، فقيل إنه صلى بمن بقي من أصحابه صلاة الخوف و تقدم أمامه زهير بن القين و سعيد بن عبد اللّه الحنفي في نصف من أصحابه «1» و يقال إنه صلى و أصحابه فرادى بالإيماء «2»:
و صلاة الخوف حاشاها فما روعت و الموت منها كان قابا
ما لواها الموقف الدامي و ما صدها الجيش ابتعادا و اقترابا
زحفت ظامئة و الشمس من حرها تلتهب الأرض التهابا
هزت الجيش و قد ضاقت به عرصة الطف سهولا و هضابا
سائل الميدان عنها سترى كيف أرضته طعانا و ضرابا
كيف حامت حرم اللّه فما خدشت عزا و لا ولت جنابا
كيف دون اللّه راحت تدري بهواديها سهاما و كعابا «3»
و لما أثخن سعيد بالجراح سقط إلى الأرض و هو يقول: اللهم العنهم لعن عاد و ثمود و أبلغ نبيك مني السلام و أبلغه ما لقيت من ألم الجراح فإني أردت بذلك ثوابك في نصرة ذرية نبيك صلى اللّه عليه و آله و سلم «4» و التفت إلى الحسين قائلا: أوفيت يا ابن رسول اللّه؟ قال: نعم أنت أمامي في الجنة «5» و قضى نحبه فوجد فيه ثلاثة عشر سهما غير الضرب و الطعن «6».
و لما فرغ الحسين من الصلاة قال لأصحابه: يا كرام هذه الجنة قد فتحت أبوابها و اتصلت أنهارها و أينعت ثمارها و هذا رسول اللّه و الشهداء الذين قتلوا في سبيل اللّه يتوقعون قدومكم و يتباشرون بكم فحاموا عن دين اللّه و دين نبيه و ذبوا عن حرم الرسول فقالوا: نفوسنا لنفسك الفداء و دماؤنا لدمك الوقاء فو اللّه لا يصل إليك و إلى حرمك سوء و فينا عرق يضرب «7».
_______________
(1) مقتل العوالم ص 88 و مقتل الخوارزمي ج 2 ص 17 و الذي اراه أن صلاة الحسين كانت قصرا، لأنه نزل كربلاء في الثاني من المحرم و من أخبار جده الرسول صلى اللّه عليه و آله و سلم مضافا إلى علمه بأنه يقتل يوم عاشوراء لم يستطع أن ينوي الاقامة إذ لم تكمل له عشرة أيام و تخيل من لا معرفة له بذلك أنه صلى صلاة الخوف.
(2) مثير الأحزان لابن نما ص 44.
(3) للعلامة السيد محمد ابن آية اللّه السيد جمال الكلبايكاني.
(4) مقتل العوالم ص 88.
(5) ذخيرة الدارين ص 178.
(6) اللهوف ص 62.
(7) أسرار الشهادة ص 175.