حياة الامام الحسين قبل مقتله
مقتل الامام عليه السلام

[لما بدأت معركة الخطابات وتوجيه النصيحة] أقبل كثير إليه فلما رآه أبو ثمامة الصائدي قال للحسين (عليه السلام): أصلحك اللّه يا ابا عبد اللّه قد جاءك شرّ أهل الأرض و أجراهم على دم و أفتكهم، و قام إليه فقال له: ضع سيفك، قال: لا و اللّه و لا كرامة إنمّا أنا رسول فان سمعتم مني بلغتكم ما أرسلت به إليكم و ان أبيتم انصرفت عنكم، قال: أخبرني بما جئت به و أنا ابلغه عنك و لا أدعك تدنو منه فانّك فاجر، فاستبّا و انصرف الى عمر فأخبره الخبر.
فدعا عمر قرة بن قيس الحنظلي فقال له: ويحك يا قرة الق حسينا فسله ما جاء به و ما ذا يريد، فاتاه قرة فلمّا رأه الحسين (عليه السلام) مقبلا قال: أ تعرفون هذا؟ فقال له حبيب بن مظاهر: نعم هذا رجل من حنظلة تميم، و هو ابن اختنا و قد كنت أعرفه بحسن الرأى و ما كنت أراه شهد هذا المشهد.
فجاء حتى سلّم على الحسين (عليه السلام) و ابلغه رسالة عمر بن سعد إليه فقال له الحسين (عليه السلام): كتب إليّ أهل مصركم هذا، أن أقدم، فامّا اذا كرهتموني فانا انصرف عنكم.
ثم قال له حبيب بن مظاهر: ويحك يا قرة، اين ترجع الى القوم الظالمين، انصر هذا الرجل‏ الذي بآبائه أيّدك اللّه بالكرامة، فقال له قرة: ارجع الى صاحبي بجواب رسالته Ùˆ أرى رأيي، فانصرف الى عمر بن سعد فأخبره الخبر، فقال عمر: أرجو أن يعافيني اللّه من حربه Ùˆ قتاله Ùˆ كتب الى عبيد اللّه بن زياد Ùˆ شرح له الحال Ùˆ أخبره الخبر.
قال حسان بن قائد العبسي: و كنت عند عبيد اللّه حين أتاه كتاب عمر بن سعد فلمّا قرأه قال:
الآن اذ علقت مخالبنا به‏ يرجوا النجاة Ùˆ لات حين مناص‏
و كتب الى عمر بن سعد: اما بعد، فقد بلغني كتابك و فهمت ما ذكرت فاعرض على الحسين أن يبايع ليزيد هو و جميع أصحابه فاذا هو فعل ذلك رأينا رأينا، و السلام.
فلما ورد الجواب على عمر بن سعد قال: قد خشيت أن لا يقبل ابن زياد العافية، و لم يعرض الكتاب على الحسين (عليه السلام) لانه علم ان الحسين لا يبايع ليزيد.
Ùˆ ورد كتاب ابن زياد في الاثر الى عمر بن سعد: أن حل بين الحسين Ùˆ أصحابه Ùˆ بين الماء فلا يذوقوا منه قطرة كما صنع بالتقي الزكي عثمان بن عفان‏ .
فلما وصل الكتاب بعث عمر بن سعد في الوقت عمرو بن الحجاج في خمسمائة فارس، فنزلوا على الشريعة Ùˆ حالوا بين الحسين (عليه السلام) Ùˆ أصحابه Ùˆ بين الماء أن يستقوا منه قطرة Ùˆ ذلك قبل قتل الحسين (عليه السلام) بثلاثة ايام‏ .
و كانت الجيوش تأتي عمر بن سعد كل يوم، حتى أرسل إليه ابن زياد الى السادس من محرم عشرين الف فارس- على رواية السيد- و في بعض الروايات انّ ابن زياد أرسل الجيش تدريجا حتى بلغ عددهم ثلاثين الف فارسا و راجلا.
و كتب ابن زياد الى عمر بن سعد، انّي لم اجعل لك علة في كثرة الخيل و الرجال، فانظر لا أصبح و لا أمسي الا و خبرك عندي غدوة و عشية.
Ùˆ لما رأى الحسين (عليه السلام) نزول العساكر مع عمر بن سعد لعنه اللّه انفذ إليه، انّي أريد أن ألقاك Ùˆ اجتمع معك، فاجتمعا ليلا فتناجيا طويلا ثم رجع عمر بن سعد الى مكانه Ùˆ كتب الى عبيد اللّه ابن زياد: «Ø§Ù…ا بعد، فانّ اللّه قد أطفى النائرة Ùˆ جمع الكلمة Ùˆ أصلح أمر الامة، هذا حسين قد أعطاني‏ عهدا أن يرجع الى المكان الذي هو منه أتى أو يسير الى ثغر من الثغور فيكون رجلا من المسلمين، له ما لهم Ùˆ عليه ما عليهم أو يأتي امير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده فيرى فيما بينه Ùˆ بينه Ùˆ في هذا لك رضى Ùˆ للأمة صلاح» .
يقول المؤلف: روى أهل السير و التاريخ عن عقبة بن سمعان مولى رباب زوجة الحسين (عليه السلام) انّه قال: صحبت حسينا فخرجت معه من المدينة الى مكة و من مكة الى العراق و لم أفارقه حتى قتل (عليه السلام)، و ليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة و لا بمكة و لا في الطريق و لا بالعراق و لا في عسكر الى يوم مقتله الّا و قد سمعتها، لا و اللّه ما أعطاهم ما يتذاكر الناس و ما يزعمون من أن يضع يده في يد يزيد بن معاوية .
فالظاهر انّ هذه جملة كتبها عمر بن سعد من قبل نفسه كي يصلح الامر و يجتنب المقاتلة، لانّه كان يكره قتال الحسين (عليه السلام).
على كل حال، لما قرأ عبيد اللّه الكتاب قال: هذا كتاب ناصح مشفق على قومه، فقام إليه شمر بن ذي الجوشن لعنه اللّه فقال: أتقبل هذا منه و قد نزل بأرضك و الى جنبك و اللّه لئن رحل من بلادك و لم يضع يده في يدك ليكوننّ أولى بالقوة و لتكوننّ أولى بالضعف و العجز فلا تعطه هذه المنزلة فانّها من الوهن و لكن لينزل على حكمك هو و أصحابه فان عاقبت فأنت أولى بالعقوبة و ان عفوت كان ذلك لك.
فقال له ابن زياد: نعم ما رأيت، الرأي رأيك، اخرج بهذا الكتاب الى عمر بن سعد فليعرض على الحسين و أصحابه النزول على حكمي فان فعلوا فليبعث بهم إليّ سلما و ان هم أبوا فليقاتلهم، فان فعل فاسمع له و أطع و ان أبى أن يقاتلهم فأنت أمير الجيش و اضرب عنقه و ابعث إليّ برأسه.
Ùˆ كتب الى عمر بن سعد: «Ø§Ù†Ù‘ÙŠ لم أبعثك الى الحسين لتكفّ عنه Ùˆ لا لتطاوله Ùˆ لا لتمنيه السلامة Ùˆ البقاء Ùˆ لا لتعتذر عنه Ùˆ لا لتكون له عندي شافيا، انظر فان نزل الحسين Ùˆ أصحابه على حكمي Ùˆ استسلموا فابعث بهم إليّ سلما Ùˆ ان أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم Ùˆ تمثل بهم فانهم لذلك مستحقون، Ùˆ ان قتل الحسين فأوطئ الخيل صدره Ùˆ ظهره فانّه عاق ظلوم Ùˆ لست أرى انّ هذا يضرّ بعد الموت شيئا Ùˆ لكن على قول قد قلته ان لو قتلته لفعلت هذا به، فان أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع Ùˆ ان أبيت فاعتزل عملنا Ùˆ جندنا Ùˆ خل بين شمر بن ذي الجوشن Ùˆ بين العسكر فانّا قد أمرناه بأمرنا، Ùˆ السلام» .