أخذ أصحاب الحسين بعد أن قل عددهم و بان النقص فيهم يبرز الرجل بعد الرجل فأكثروا القتل في أهل الكوفة فصاح عمرو بن الحجاج بأصحابه أتدرون من تقاتلون؟ تقاتلون فرسان المصر و أهل البصائر و قوما مستميتين لا يبرز إليهم أحد منكم إلا قتلوه على قلتهم و اللّه لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم! فقال عمر بن سعد: صدقت، الرأي ما رأيت أرسل في الناس من يعزم عليهم أن لا يبارزهم رجل منهم و لو خرجتم إليهم وحدانا لأتوا عليكم «1».
ثم حمل عمرو بن الحجاج على ميمنة الحسين فثبتوا له و جثوا على الركب و أشرعوا الرماح فلم تقدم الخيل فلما ذهبت الخيل لترجع رشقهم أصحاب الحسين بالنبل فصرعوا رجالا و جرحوا آخرين «2».
و كان عمرو بن الحجاج يقول لأصحابه: قاتلوا من مرق عن الدين و فارق الجماعة! فصاح الحسين: ويحك يا عمرو أعلي تحرض الناس؟ أنحن مرقنا من الدين و أنت تقيم عليه؟ ستعلمون إذا فارقت أرواحنا أجسادنا من أولى بصلي النار «3».
_________________
(1) الطبري ج 6 ص 249.
(2) كامل ابن الأثير ج 4 ص 27.
(3) البداية لابن كثير ج 8 ص 182.