قال كمال الدين رحمه الله تعالى كانت الفصاحة لديه خاضعة و البلاغة لأمره متبعة سامعة طائعة و قد تقدم آنفا من نثره في الفصل السادس في ذلك المقام الذي لا تفوه فيه الأفواه من الفرق و لا تنطق الألسنة من الوجل و القلق ما فيه حجة بالغة على أنه في ذلك الوقت أفصح من نطق و أما نظمه فيعد من الكلام جوهر عقد منظوم و مشهر برد مرقوم. فمنه قطعة نقلها صاحب كتاب الفتوح و أنه (عليه السلام) لما أحاط به جموع ابن زياد و قتلوا من قتلوا من أصحابه و منعوهم الماء كان له (عليه السلام) ولد صغير فجائه سهم منهم فقتله فزمله الحسين (عليه السلام) و حفر له بسيفه و صلى عليه و دفنه و قال:
غدر القوم و قدما رغبوا عن ثواب الله رب الثقلين
قتلوا قدما عليا وابنه حسن الخير كريم الاخوين
حسدا منهم وقالوا أجمعوا نفتك الآن جميعا للحسين
يا لقوم لأناس رذل جمعوا الجمع لأهل الحرمين
ثم ساروا و تواصوا كلهم لاجتياحي للرضا بالملحدين
لم يخافوا الله في سفك دمي لعبيد الله نسل الفاجرين
وابن سعد قد رماني عنوة بجنود كوُكوف الهاطلين
لا لشي ء كان مني قبل ذا غير فخري بضياء الفرقدين
بعلي خير من بعد النبي والنبي القرشي الوالدين
خيرة الله من الخلق أبي ثم أمي فأنا بن الخيرتين
فضة قد صفيت من ذهب فأنا الفضة و ابن الذهبين
من له جد كجدي في الورى أو كشيخي فأنا بن القمرين
فاطم الزهراء أمي و أبي قاصم الكفر ببدر وحنين
وله في يوم أحد وقعة شفت الغل بفض العسكرين
ثم بالأحزاب و الفتح معا كان فيها حتف أهل القبلتين
في سبيل الله ما ذا صنعت أمة السوء معا في العترتين
عترة البر النبي المصطفى وعلي الورد بين الجحفلين