الامام بعد الحسن بن على (عليه السلام) اخوه الحسين بن علي (عليه السلام) ابن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) بنص أبيه وجده (عليهما السلام) عليه، ووصية أخيه الحسن (عليه السلام) اليه.
كنيه أبوعبدالله، ولد بالمدينة لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، وجاءت به امه فاطمة (عليهما السلام) إلى جده رسول الله (صلى الله عليه واله) فاستبشر به وسماه حسينا، وعق عنه كبشا وهو وأخوه بشهادة الرسول (صلى الله عليه واله) سيد اشباب أهل الجنة، وبالاتفاق الذى لا مرية فيه سبطا نبي الرحمة، وكان الحسن بن علي (عليهما السلام) يشبه بالنبي (عليه السلام) من رأسه إلى صدره، والحسنين يشبه به من صدره إلى رجليه، وكانا (عليهما السلام) حبيبي رسول الله من بين جميع أهله وولده.
روى زاذان عن سلمان رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول في الحسن والحسين (عليهما السلام): " اللهم انى احبهما فاحبهما واحب من احبهما ".
وقال: من احب الحسن والحسين احببته، ومن احببته احبه الله، ومن احبه الله ادخله الجنة ومن ابغضهما ابغضته، ومن ابغضته ابغضه الله، ومن ابغضه الله ادخله النار.
وقال: ان ابنى هذين ريحانتاي من الدنيا.
وروى زر بن حبيش عن ابن مسعود قال: كان النبى (صلى الله عليه واله) يصلى، فجاء الحسن والحسين (عليهما السلام) فارتدفاه، فلما رفع رأسه أخذهما أخذا رفيقا، فلما عاد عادا فلما انصرف أجلس هذا على فخذه الايمن وهذا على فخذه الايسر، ثم قال: من أحبني فليحب هذين. وكانا (عليهما السلام) حجتي الله لنبيه (صلى الله عليه واله) في المباهلة، وحجة الله بعد أبيهما أمير المؤمنين (عليه السلام) على الامة في الدين والملة.
وروى محمد بن أبى عمير عن رجاله عن أبى عبدالله (عليه السلام) قال: قال الحسن عليهم السلام لأصحابه: ان لله مدينتين احداهما في المشرق والاخرى في المغرب، فيهما خلق لله تعالى لم يهموا بمعصية له قط، والله ما فيهما وما بينهما حجة لله على خلقه غيرى وغير أخى الحسين (عليه السلام).
وجاءت الرواية بمثل ذلك عن الحسين بن علي (عليهما السلام)، انه قال لأصحاب ابن زياد يوم الطف: مالكم تناصرون على؟ ام والله لئن قتلتموني لتقتلن حجة الله عليكم، لا والله ما بين جابلقا وجابرسا ابن نبي احتج الله به عليكم غيرى، يعنى بجا بلقا وجابرسا المدينتين اللتين ذكرهما الحسن (عليه السلام). وكان من برهان كمالهما (عليهما السلام) وحجة اختصاص الله تعالى لهما بعد الذى ذكرناه من مباهلة النبى (صلى الله عليه واله) بهما، بيعة رسول الله لهما ولم يبايع صبيا في ظاهر الحال غير هما، ونزول القرآن بإيجاب ثواب الجنة لهما على عملهما، مع ظاهر الطفولية فيهما، ولم ينزل بذلك في مثلهما، قال الله تعالى في سورة هل أتى: " {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنةً وحِريراً} [الإنسان: 8 - 12] فعمهما هذا القول مع أبيهما وامهما (عليهما السلام)، فتضمن الخبر نطقهما في ذلك، وضميرهما الدالين على الآية الباهرة فيهما، والحجة العظمى على الخلق بهما، كما تضمن الخبرعن نطق المسيح (عليه السلام) في المهد، وكان حجة لنبوته واختصاصه من الله بالكرامة الدالة على محله عنده في الفضل ومكانه. وقد صرح رسول الله (صلى الله عليه واله) بالنص على امامته، وامامة أخيه من قبله بقوله: ابناي هذان امامان قاما أو قعدا.
ودلت وصية الحسن (عليه السلام) اليه على امامته، كما دلت وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الحسن (عليه السلام) على امامته، بحسب ما دلت وصية رسول الله (صلى الله عليه واله) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) على امامته من بعده.
وكانت امامة الحسين (عليه السلام) بعد وفاة أخيه الحسن (عليه السلام) بما قدمناه ثابتة، وطاعته على الجميع.