خرج الحسين من المدينة متوجها نحو مكة ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب و معه بنوه و إخوته و بنو أخيه الحسن و أهل بيته «1» و هو يقرأ: «فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين».
و لزم الطريق الأعظم فقيل له لو تنكبت الطريق كما فعل ابن الزبير كيلا يلحقك الطلب قال: لا و اللّه لا أفارقه حتى يقضي اللّه ما هو قاض.
و دخل مكة يوم الجمعة لثلاث مضين من شعبان و هو يقرأ:
«و لما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل» «2».
فنزل دار العباس بن عبد المطلب «3» و اختلف إليه أهل مكة و من بها من المعتمرين و أهل الآفاق و ابن الزبير ملازم جانب الكعبة و يأتي إلى الحسين فيمن يأتيه و كان ثقيلا عليه دخول الحسين مكة لكونه أجل منه و أطوع في الناس فلا يبايع له ما دام الحسين فيها.
و خرج عليه السّلام في بعض الأيام إلى زيارة قبر جدته خديجة فصلى هناك و ابتهل إلى اللّه كثيرا «4».
أفدي الألى للعلى أسرى بهم ظعن وراء حاد من الأقدار يزعجه
ركب على جنة المأوى معرسه لكن على محن البلوى معرجه
مثل الحسين تضيق الأرض فيه فلا يدري إلى أين مأواه و مولجه
و يطلب الأمن بالبطحا و خوف بني سفيان يقلقه منها و يخرجه
و هو الذي شرف البيت الحرام به و لاح بعد العمى للناس منهجه
يا حائرا لا و حاشا نور عزمته بمن سواك الهدى قد شع مسرجه
و واسع الحلم و الدنيا تضيق به سواك إن ضاق خطب من يفرجه
و يا مليكا رعاياه عليه طغت و بالخلافة باريه متوّجه .
_______________
(1) تاريخ الطبري ج 6 ص 190.
(2) إرشاد المفيد.
(3) تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 328.
(4) الخصائص الحسينية للشيخ جعفر الشوشتري ص 35 ط تبريز و مقتل العوالم ص 20.