حياة الامام الحسين قبل مقتله
مقتل الامام عليه السلام

ثم ذهب الى قبر جدّه (صلى الله عليه واله)و امّه و أخيه فودّعهم، فلمّا عزم على الخروج جاء إليه أخوه محمد بن الحنفية و قال له:
يا أخي أنت أحبّ الناس إليّ و أعزّهم عليّ و لست أدخر النصيحة لأحد من الخلق الّا لك و أنت أحق بها، تنح ببيعتك عن زيد بن معاوية و عن الامصار ما استطعت، ثم ابعث رسلك الى الناس فادعهم الى نفسك فان بايعك الناس و بايعوا لك حمدت اللّه على ذلك و ان اجتمع الناس على غيرك لم ينقص اللّه بذلك دينك و لا عقبك و لا تذهب به مروتك و لا فضلك، انّي أخاف أن تدخل مصرا من الامصار فيختلف الناس بينهم فمنهم طائفة معك و أخرى عليك فيقتتلون فتكون لأول الاسنة غرضا، فاذا خير هذه الامة كلها نفسا و أبا و أما أضيعها دما و أذلّها أهلا.
فقال له الحسين (عليه السلام): فأين أذهب يا أخي؟ قال: أنزل مكة، فان اطمأنت بك الدار فيها فهو الذي تحب Ùˆ ان نبت بك لحقت باليمن فان اطمأنت بك الدار فيها فسبيل ذلك Ùˆ ان نبت بك لحقت بالرمال Ùˆ شعف الجبال Ùˆ خرجت من بلد الى بلد حتى تنظر ما يصير أمر الناس إليه، فانّك أصوب ما تكون رأيا حين تستقبل الامر استقباله‏ .
و وفقا لرواية أخرى انّه: قطع محمد بن الحنفية الكلام و بكى فبكى الحسين (عليه السلام) معه ساعة ثم قال: يا أخي جزاك اللّه خيرا فقد نصحت و أشرت بالصواب و أنا عازم على الخروج الى مكّة و قد تهيّأت لذلك أنا و اخوتي و بنو أخي و شيعتي و أمرهم أمري و رأيهم رأيي، و أنت يا أخي فلا عليك أن تقيم بالمدينة فتكون لي عينا عليهم لا تخفي عنّي شيئا من أمورهم.
ثم دعا الحسين (عليه السلام) بدوات Ùˆ بياض Ùˆ كتب وصيته الى اخيه محمد ØŒ ثم طواها Ùˆ ختمها بخاتمه Ùˆ دفعها إليه، ثم ودّعه Ùˆ خرج في جوف الليل‏ .
و وفقا لرواية الشيخ المفيد انّه: سار الحسين (عليه السلام) الى مكة و هو يقرأ: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: 21] .
Ùˆ لزم الطريق الأعظم فقال له أهل بيته: لو تنكبت الطريق الأعظم كما فعل ابن الزبير كيلا يلحقك الطلب، قال: لا Ùˆ اللّه لا أفارقه حتى يقضي اللّه ما هو قاض‏ .
Ùˆ روي عن سكينة بنت الحسين (عليه السلام) انّها قالت: خرجنا من المدينة ما كان أحد أشد خوفا منّا أهل البيت‏ .
و روي عن الامام الباقر (عليه السلام) انّه قال: لمّا همّ الحسين (عليه السلام) بالشخوص الى المدينة أقبلت نساء بني عبد المطلب، فاجتمعن للنياحة حتى مشى فيهنّ الحسين (عليه السلام) فقال: أنشدكنّ اللّه، ان تبدين هذا الامر معصية للّه و لرسوله.
قالت له نساء من بني عبد المطلب: فلمن نستبقي النياحة و البكاء فهو عندنا كيوم مات رسول اللّه (صلى الله عليه واله)و عليّ و فاطمة و رقية و زينب و أمّ كلثوم (بنات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله) فننشدك اللّه، جعلنا اللّه فداك من الموت، فيا حبيب الابرار من أهل القبور، و أقبلت بعض عمّاته تبكي و تقول:
أشهد يا حسين لقد سمعت الجنّ ناحت بنوحك و هم يقولون.
Ùˆ انّ قتيل الطف من آل هاشم‏ أذلّ رقابا من قريش فذلّت‏
و وفقا لرواية الراوندي و غيره انّه: لما عزم الحسين (عليه السلام) على الخروج من المدينة أتته أمّ سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه واله)فقالت له: يا بني لا تحزنّي بخروجك الى العراق، فانّي سمعت جدّك يقول: يقتل ولدي الحسين بأرض العراق في أرض يقال لها كربلاء، فقال لها:
يا أمّاه و انا و اللّه أعلم ذلك و انّي مقتول لا محالة و ليس لي من هذا بد و انّي و اللّه لأعرف اليوم الذي اقتل فيه و أعرف من يقتلني و أعرف البقعة التي أدفن فيها و انّي أعرف من يقتل من أهل بيتي و قرابتي و شيعتي و ان أردت يا أمّاه أريك حفرتي و مضجعي.
ثم أشار الى جهة كربلاء فانخفضت الارض حتى اراها مضجعه و مدفنه و موضع عسكره و موقفه و مشهده، فعند ذلك بكت أم سلمة بكاء شديدا و سلمت أمره الى اللّه، فقال لها:
يا أمّاه قد شاء اللّه عز و جل أن يراني مقتولا مذبوحا ظلما و عدوانا، و قد شاء أن يرى حرمي و رهطي و نسائي مشردين و أطفالي مذبوحين مظلومين مأسورين مقيدين و هم يستغيثون فلا يجدون ناصرا و لا معينا.
فقالت أمّ سلمة (رضي اللّه عنها): Ùˆ عندي تربة دفعها إليّ جدك في قارورة فقال: Ùˆ اللّه انّي مقتول كذلك Ùˆ ان لم أخرج الى العراق يقتلوني أيضا، ثم أخذ تربة فجعلها في قارورة Ùˆ أعطاها ايّاها Ùˆ قال: اجعليها مع قارورة جدّي فاذا فاضتا دما فاعلمي انّي قد قتلت‏ .