لما بلغ عبيدالله بن زياد اقبال الحسين (عليه السلام) من مكة إلى الكوفة بعث الحصين بن نمير صاحب شرطه حتى نزل القادسية ونظم الخيل ما بين القادسية إلى خفان وما بين القادسية إلى القطقطانة وقال للناس: هذا الحسين يريد العراق، ولما بلغ الحسين (عليه السلام) الحاجز من بطن الرمة بعث قيس بن مسهر الصيداوي ويقال: بل بعث أخاه من الرضاعة عبدالله بن يقطر إلى الكوفة، ولم يكن (عليه السلام) علم بخبر ابن عقيل (ره) وكتب معه اليهم:
بسم الله الرحمن الرحيم
من الحسين بن على إلى اخوانه من المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم فاني أحمد
ليكم الله الذي لا اله إلا هو.
اما بعد فإن كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبر فيه بحسن رأيكم واجتماع ملاء كم على نصرنا، والطلب بحقنا، فسئلت الله أن يحسن لنا الصنيع وأن يثيبكم على ذلك أعظم الاجر، وقد شخصت اليكم من مكة يوم الثلاثاء الثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية، فإذا قدم عليكم رسولي فانكمشوا في امركم وجدوا، فاني قادم عليكم في ايامى هذه، والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته.
وكان مسلم كتب اليه قبل أن يقتل بسبع وعشرين ليلة، وكتب اليه اهل الكوفة ان لك هذا مائة الف سيف ولا تتأخر. فاقبل قيس بن مسهر إلى الكوفة بكتاب الحسين (عليه السلام) حتى إذا انتهى إلى القادسية أخذه الحصين بن نمير، فبعث به إلى عبيدالله بن زياد فقال له عبيدالله بن زياد: اصعد فسب الكذاب الحسين بن على عليهما السلام، فصعد قيس فحمدالله واثنى عليه ثم قال: ايها الناس ان هذا الحسين بن على خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) وأنا رسوله اليكم فاجيبوه. ثم لعن عبيدالله بن زياد وأباه واستغفر لعلى بن أبي طالب وصلى عليه، فأمر عبيدالله أن يرمى به من فوق القصر فرموا به فتقطع.
وروى انه وقع إلى الارض مكتوفا فتكسرت عظامه وبقى به رمق، فجاء رجل يقال له عبدالملك بن عمير اللخمي فذبحه فقيل له في ذلك وعيب عليه ! فقال: أردت ان اريحه.
ثم أقبل الحسين (عليه السلام) من الحاجز يسير نحو الكوفة، فانتهى إلى ماء من مياه العرب فإذا عليه عبدالله بن مطيع العدوى وهو نازل به، فلما رأى الحسين (عليه السلام) قام اليه فقال: بأبي انت وأمي يا بن رسول الله ما أقدمك واحتمله فانزله فقال له الحسين (عليه السلام): كان من موت معاوية ما قد بلغك، فكتب إلى أهل العراق يدعونني إلى أنفسهم.
فقال له عبدالله بن مطيع: اذكرك الله يأبن رسول الله وحرمة الاسلام أن تنتهك، انشدك الله في حرمة العرب ! فوالله لئن طلبت ما في أيدى بنى امية ليقتلنك، ولئن قتلوك لا يهابوا بعدك أحدا أبدا، والله انها لحرمة الاسلام تنتهك، وحرمة قريش وحرمة العرب فلا تفعل، ولا تأت الكوفة ولا تعرض نفسك لبنى امية.فأبى الحسين (عليه السلام) إلا أن يمضى.
وكان عبيد الله بن زياد أمر فاخذ ما بين واقصة إلى طريق الشام إلى طريق البصرة، فلا يدعون احدا يلج ولا احدا يخرج، وأقبل الحسين (عليه السلام) لا يشعر بشيء حتى لقى الاعراب، فسئلهم فقالوا: لا والله ما ندرى غير انا لا نستطيع أن نلج ولا نخرج فسار تلقاء وجهه.
وحدث جماعة من فزارة وبجيلة قالوا: كنا مع زهيربن القين البجلي حين أقبلنا من مكة، فكنا نساير الحسين (عليه السلام) فلم يكن شيء أبغض الينا من أن ننازله في منزل، فإذا سار الحسين (عليه السلام) ونزل منزلا لم يجد بدا من أن ننازله، فنزل الحسين (عليه السلام) في جانب، ونزلنا في جانب، فبينا نحن جلوس نتغذى من طعام لنا إذ أقبل رسول الحسين (عليه السلام) حتى سلم، ثم دخل فقال: يا زهير بن القين ان ابا عبدالله الحسين (عليه السلام) بعثنى اليك لتأتيه، فطرح كل انسان منا ما في يده حتى كأن على رؤسنا الطير، فقالت له امرأته: سبحان الله أيبعث اليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه فسمعت من كلامه ثم انصرفت؟ فاتاه زهير بن القين فما لبث ان جاء مستبشرا قد أشرق وجهه، فأمر بفسطاطه وثقله و رجله ومتاعه فقوض وحمل إلى الحسين (عليه السلام) ثم قال لامرأته: أنت طالق ألحقى بأهلك، فاني لا أحب أن يصيبك بسببي إلا خيرا، ثم قال لا صحابه: من أحب منكم أن يتبعنى وإلا فهو آخر العهد انى سأحدثكم حديثا انا غزونا البحر ففتح الله علينا وأصبنا غنايم، فقال لنا سلمان الفارسي رحمة الله عليه: أفرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من الغنائم؟ قلنا: نعم، فقال: إذا ادركتم سيد شباب آل محمد فكونوا أشد فرحا بقتالكم معهم مما اصبتكم اليوم من الغنائم، فأما أنا فاستودعكم الله.
قالوا: ثم والله مازال في القوم مع الحسين (عليه السلام) حتى قتل (رحمه الله).
وروى عبدالله بن سليمان والمنذر بن المشمعل الاسديان قالا: لما قضينا حجنا لم تكن لنا همة اللحاق بالحسين (عليه السلام) في الطريق، لنظر ما يكون من أمره، فاقبلنا ترقل بنا ناقتانا مسرعين حتى لحقناه بزرود، فلما دنونا منه إذا نحن برجل من أهل الكوفة قد عدل عن الطريق، حين رأى الحسين (عليه السلام) فوقف الحسين (عليه السلام) كأنه يريده ثم تركه ومضى ومضينا نحوه، فقال أحدنا لصاحبه: اذهب بنا الى هذا لنسئله، فان عنده خبر الكوفة فمضينا حتى انتهينا إليه فقلنا: السلام عليك، فقال: و عليكم السلام، قلنا: ممن الرجل؟ قال: اسدى، قلنا له: ونحن أسديان فمن أنت؟ قال: انا بكر بن فلان وانتسبنا له، ثم قلنا له: أخبرنا عن الناس ورائك ! قال: نعم لم أخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة، ورأيتهما يجران بأرجلهما في السوق.
فأقبلنا حتى لحقنا الحسين (عليه السلام)، فسايرناه حتى نزل الثعلبية ممسيا، فجئناه حين نزل، فسلمنا عليه فرد علينا السلام، فقلنا له: رحمك الله ان عندنا خبرا ان شئت حدثناك علانية وان شئت سرا؟ فنظر الينا والى أصحابه، ثم قال :ما دون هؤلاء ستر فقلنال له :رأيت الراكب الذي استقبلته عشي امس؟ قال : نعم وقد اردت مسالته فقلنا: قد والله استبرأنا لك خبره وكفيناك مسالته وهو مرؤ منا ذو راي وصدق وعقل وانه حدثنا انه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم وهاني وراهما يجران في السوق بأرجلهما فقال : انا لله وانا له لراجعون رحمة الله عليهما ,يكرر ذلك مرراً فقلنا له :ننشدك الله في نفسك واهل بيتك الا انصرفت من مكانك هذا فانه ليس لك بالكوفة ناصر ولاشيعة بل نتخوف ان يكون عليك . فنظر الى بني عقيل فقال :ما ترون ؟ فقد قتل مسلم فقالوا والله لا نرجع حتى نصيب ثأرنا اونذوق ماذاق فأقبل علينا الحسين (عليه السلام) وقال :لا خير في العيشة بعد هؤلاء فعلمنا انه قد عزم رايه على المسير فقلناله: خار الله لك فقال: رحمكما الله فقال له اصحابه : انك والله مانت مثل من مسلم بن عقيل ولو قدمت الكوفة لكان الناس اليك اسرع .
فسكت ثم انتظر حتى اذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه : اكثروا من الماء فاستقوا واكثروا ثم ارتحلوا فسار حتى انتهى الى زباله فأتاه خبر عبد الله بن يقطر فاخرج الى الناس كتاباً فقراه عليهم:
بسم الله الرحمن الرحيم
اما بعد : فانه قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبدالله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج، ليس معه ذمام، فتفرق الناس عنه وأخذوا يمينا وشمالا حتى بقى في أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة، ونفر يسير ممن انضموا اليه، وإنما فعل ذلك لا نه (عليه السلام) علم ان الاعراب الذين اتبعوه انما اتبعوه وهم يظنون انه يأتي بلدا قد استقامت له طاعة أهله، فكره أن يسيروا معه إلا وهم يعلمون على ما يقدمون، فلما كان السحر أمر أصحابه فاستقوا ماء وأكثروا ثم ساروا حتى مر ببطن العقبة، فنزل عليها فلقيه شيخ من بنى عكرمة، يقال عمرو بن لوذان، فسئله أين تريد؟ فقال له الحسين (عليه السلام): الكوفة، فقال الشيخ: انشدك الله لما انصرفت فوالله ما تقدم إلا على الا سنة وحد السيوف، وان هؤلاء الذين بعثوا اليك لو كانوا كفوك مؤنة القتال ووطئوا لك الاشياء، فقدمت عليهم كان ذلك رأيا، فأما على هذه الحال التي فاني لا أرى لك أن تفعل. فقال له:يا عبدالله ليس يخفى على الرأي، ولكن الله تعالى لا يغلب على أمره ثم قال (عليه السلام): والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي فإذا فعلوا سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل فرق الامم.
ثم سار (عليه السلام) من بطن العقبة حتى نزل شراف، فلما كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فاكثروا، ثم سار منها حتى انتصف النهار، فبينا هو يسير إذ كبر رجل من أصحابه فقال له الحسين (عليه السلام): الله اكبر لم كبرت؟ قال: رأيت النخل، فقال له جماعة من أصحابه: والله إن هذا المكان ما رأينا به نخلة قط، فقال له الحسين (عليه السلام): فما ترونه؟ قالوا: نراه والله آذان الخيل، قال: انا والله أرى ذلك ثم قال (عليه السلام): مالنا ملجأ نلجأ اليه فنجعله في ظهورنا ونستقبل القوم بوجه واحد: فقلنا له بلى هذا ذو حسم إلى جنبك تميل اليه عن يسارك، فان سبقت اليه فهو كما تريد، فاخذ اليه ذات اليسار وملنا معه، فما كان بأسرع من أن طلعت علينا هوادى الخيل فتبيناها وعدلنا، فلما رأونا عدلنا عن الطريق عدلوا الينا كأن أسنتهم اليعاسيب، وكأن راياتهم اجنحة الطير فاستبقنا إلى ذي حسم فسبقناهم اليه وأمر الحسين (عليه السلام) بأبنيته فضربت.
وجاء القوم زهاء ألف فارس مع الحربن يزيد التميمي حتى وقف هو وخيله مقابل الحسين (عليه السلام) في حر الظهيرة، والحسين (عليه السلام) وأصحابه معتمون متقلدون أسيافهم، فقال الحسين (عليه السلام) لفتيانهم: اسقوا القوم وارو وهم من الماء ورشفوا الخيل ترشيقا ففعلوا وأقبلوا يملئون القصاع والطساس من الماء ثم يدنونها من الفرس، فإذا عب فيها ثلاثا أو أربعا أو خمسا عزلت عنه، وسقوا آخر حتى سقوها كلها.
فقال علي بن الطعان المحاربي: كنت مع الحر يومئذ، فجئت في آخر من جاء من أصحابه، فلما رأى الحسين (عليه السلام) ما بي وفرسى من العطش قال: أنخ الرواية، والراوية عندى السقاء ثم قال: يا بن الاخ أنخ الجمل فأنخته، فقال اشرب فجعلت كلما شربت سال الماء من السقاء فقال الحسين (عليه السلام): اخنث السقاء أي اعطفه، فلم أدر كيف افعل، فقام فخنثه فشربت وسقيت فرسى.
وكان مجيء الحر بن يزيد من القادسية وكان عبيدالله بن زياد بعث الحصين بن نمير وأمره أن ينزل القادسية، وتقدم الحر بين يديه في ألف فارس يستقبل بهم حسينا، فلم يزل الحر مواقفا للحسين (عليه السلام) حتى حضرت صلاة الظهر، وأمر الحسين (عليه السلام) الحجاج بن مسروق أن يؤذن فلما حضرت الاقامة خرج الحسين (عليه السلام) في ازار ورداء ونعلين، فحمدالله وأثنى عليه ثم قال: ايها الناس لم آتكم حتى أتتني كتبكم وقدمت على رسلكم: ان أقدم علينا، فانه ليس لنا امام لعل الله أن يجمعنا بك على الهدى والحق، فان كنتم على ذلك فقد جئتكم فأعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم ومواثيقكم، وإن لم تفعلوا وكنتم لقدومي كارهين، انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه اليكم، فسكتوا عنه ولم يتكلم أحد منهم بكلمة، فقال للمؤذن: أقم وأقام الصلوة، فقال للحر أتريد أن تصلى بأصحابك؟ قال: لابل تصلى أنت ونصلى بصلاتك، فصلى بهم الحسين (عليه السلام) ثم دخل فاجتمع اليه أصحابه وانصرف الحر إلى مكانه الذي كان فيه، فدخل خيمة قد ضربت له، واجتمع اليه جماعة من أصحابه وعاد الباقون إلى صفهم الذي كانوا فيه، فأعادوه ثم أخذ كل رجل منهم بعنان دابته وجلس في ظلها.
فلما كان وقت العصر أمر الحسين بن على (عليه السلام) أن يهيئوا، ثم أمر مناديه فنادى بالعصر وأقام فاستقدم الحسين (عليه السلام) وقام فصلي بالقوم ثم سلم وانصرف إليهم بوجهه، فحمدالله وأثنى عليه ثم قال:
أما بعد ايها الناس فأنكم ان تتقوا الله وتعرفوا الحق لا هله تكن أرضى لله عنكم، ونحن أهل بيت محمد وأولى بولاية هذا الامر عليكم من هؤلاء المدعين، ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان وان أبيتم إلا كراهية لنا والجهل بحقنا، وكان رأيكم الآن غيرما أتتني به كتبكم وقدمت به علي رسلكم، انصرفت عنكم؟ فقال له الحر: أنا والله ما أدرى ما هذه الكتب والرسل التي تذكر، فقال الحسين (عليه السلام) لبعض أصحابه: يا عقبة بن سمعان اخرج الخرجين الذين فيهما كتبهم إلى، فاخرج خرجين مملؤين صحفا فنثرت بين يديه، فقال له الحر: انا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا اليك، وقد امرنا إذا نحن لقيناك ألا نفارقك حتى نقدمك الكوفة على عبيدالله، فقال له الحسين (عليه السلام): الموت أدنى اليك من ذلك، ثم قال لأصحابه: قوموا فاركبوا فركبوا وانتظروا حتى ركب نسائهم، فقال لأصحابه انصرفوا، فلما ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الانصراف، فقال الحسين (عليه السلام) للحر: ثكلتك امك ما تريد؟ قال له الحر: أما لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل الحال التي أنت عليها ما تركت ذكرأمه بالثكل كائنا من كان، ولكن والله مالي إلى ذكر امك من سبيل إلا بأحسن ما نقدر عليه، فقا له الحسين (عليه السلام): فما تريد؟ قال: اريد أن أنطلق بك إلى الامير عبيدالله، قال: إذا والله لا أتبعك، قال: إذا والله لا أدعك فترادا القول ثلاث مرات، فلما كثر الكلام بينهما قال له الحر: انى لم اومر بقتالك، إنما أمرت ألا أفارقك حتى أقدمك الكوفة فإذا أبيت فخذ طريقا لا يدخلك الكوفة ولا تردك إلى المدينة تكون بينى وبينك نصفا حتى أكتب إلى الامير عبيدالله، فلعل الله أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أبتلى بشيء من أمرك، فخذ هيهنا فتياسر عن طريق العذيب والقادسية، فسار الحسين (عليه السلام) وسار الحر في أصحابه يسايره وهو يقول له: يا حسين انى أذكرك الله في نفسك فاني اشهد لئن قاتلت لتقتلن.
فقال له الحسين (عليه السلام): أفبالموت تخوفنني؟ وهل يعدو بكم الخطب ان تقتلوني؟ وسأقوله كما قال اخو الاوس لابن عمه وهو يريد نصرة رسول الله (صلى الله عليه واله) فخوفه ابن عمه، وقال: أين تذهب فانك مقتول؟ فقال:
سأمضى وما بالموت عار على الفتى * إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما
وواسى الرجال الصالحين بنفسه * وفارق مثبورا وخالف مجرما
فإن عشت لم أندم وأن مت لم الم * كفى بك ذلا أن تعيش وترغما
لما سمع ذلك الحر تنحى عنه وكان يسير بأصحابه ناحية والحسين (عليه السلام) في ناحية اخرى حتى انتهى إلى عذيب الهجانات، ثم مضى الحسين (عليه السلام) حتى انتهى إلى قصربنى مقاتل فنزل به فإذا هو بفسطاط مضروب، فقال: لمن هذا؟ فقيل: لعبيد الله بن الحر الجعفي، قال: ادعوه إلى، فلما أتاه الرسول قال له: هذا الحسين بن على (عليه السلام) يدعوك، فقال: عبيدالله إنا لله وإنا إليه راجعون، والله ما خرجت من الكوفة إلا كراهية أن يدخلها الحسين (عليه السلام) وأنابها، والله ما أريد ان أراه ولإيراني، فأتاه الرسول فأخبره فقام إليه الحسين (عليه السلام) فجاء حتى دخل عليه وسلم وجلس، ثم دعاه إلى الخروج معه فأعاد عليه عبيدالله بن الحر تلك المقالة، واستقاله مما دعاه اليه، فقال له الحسين (عليه السلام): فان لم تكن تنصرنا فاتق أن تكون ممن يقاتلنا، فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ثم لا ينصرنا إلا هلك، فقال: اما هذا فلا يكون ابدا أنشاء الله تعالى.
ثم قام الحسين (عليه السلام) من عنده حتى دخل رحله، ولما كان في آخر الليل أمر فتيانه بالاستقاء من الماء ثم أمر بالرحيل فارتحل من قصربنى مقاتل.