روى الشيخ جعفر بن قولويه عن سليمان انّه قال: و هل بقي في السماوات ملك لم ينزل الى رسول اللّه يعزّيه في ولده الحسين؟ و يخبره بثواب اللّه ايّاه، و يحمل إليه تربته مصروعا عليها مذبوحا مقتولا طريحا مخذولا.
فقال رسول اللّه: «اللهم اخذل من خذله و اقتل من قتله و اذبح من ذبحه و لا تمتّعه بما طلب».
قال الراوي: فو اللّه لقد عوجل الملعون يزيد و لم يتمتّع بعد قتله و لقد أخذ مغافصة بات سكرانا و أصبح ميّتا متغيّرا كأنّه مطليّ بقار، أخذ على أسف و ما بقي أحد ممّن تابعه على قتله أو كان في محاربته الّا أصابه جنون أو جذام أو برص و صار ذلك وراثة في نسلهم لعنهم اللّه .
و روي أيضا عن الامام الباقر (عليه السلام) انّه قال: كان رسول اللّه (صلى الله عليه واله)اذا دخل الحسين (عليه السلام) اجتذبه إليه ثم يقول لأمير المؤمنين (عليه السلام):
أمسكه، ثم يقع عليه فيقبله و يبكي، فيقول، يا أبة لم تبكي؟ فيقول: يا بنيّ أقبّل موضع السيوف منك و ابكي، قال: يا أبة و أقتل؟ قال: اي و اللّه و أبوك و أخوك و أنت.
قال: يا أبة فمصارعنا شتّى؟ قال: نعم، يا بنيّ، قال: فمن يزورنا من أمّتك؟ قال: لا يزورني و يزور اباك و أخاك و أنت الّا الصدّيقون من أمّتي .
و روي عن الصادق (عليه السلام) أيضا انّه قال: كان الحسين بن عليّ ذات يوم في حجر النبي (صلى الله عليه واله)يلاعبه و يضاحكه فقالت عائشة: يا رسول اللّه ما أشدّ اعجابك بهذا الصبي؟ فقال لها: ويلك و كيف لا أحبه و لا أعجب به و هو ثمرة فؤادي، و قرّة عيني؟ أما انّ أمّتي ستقتله، فمن زاره بعد وفاته كتب اللّه له حجّة من حججي.
قالت: يا رسول اللّه حجّة من حججك؟ قال: نعم، و حجّتين من حججي، قالت: يا رسول اللّه حجّتين من حججك؟ قال: نعم، و أربعة، قال: فلم تزل تزاده و يزيد و يضعف حتى بلغ تسعين حجة من حجج رسول اللّه (صلى الله عليه واله)بأعمارها .
و روى الشيخ المفيد و الطبرسي و ابن قولويه و ابن بابويه رضوان اللّه عليهم بأسانيد معتبرة عن أصبغ بن نباتة و غيره انّه قال: بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب الناس و هو يقول: سلوني قبل أن تفقدوني فو اللّه لا تسألوني عن شيء مضى و لا عن شيء يكون الّا نبّأتكم به.
فقام إليه سعد بن أبي وقاص ، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني كم في رأسي و لحيتي من شعرة؟
فقال له: أما و اللّه لقد سألتني عن مسألة حدّثني خليلي رسول اللّه (صلى الله عليه واله)انّك ستسألني عنها و ما في رأسك و لحيتك من شعرة الّا و في أصلها شيطان جالس و انّ في بيتك لسخلا يقتل الحسين ابني، و عمر بن سعد يومئذ يدرج بين يديه .
و لم يذكر اسم سعد في رواية الارشاد و الاحتجاج بل ورد انّه قام إليه رجل و سأله هذا السؤال، فأجابه بذلك الجواب، و قال (عليه السلام) في آخر جوابه له:
و لو لا انّ الذي سألت عنه يعسر برهانه لأخبرتك به و لكن آية ذلك ما نبأت به من لعنتك و سخلتك الملعون .
و روى الحميري في قرب الاسناد عن الصادق (عليه السلام) انّه قال: مرّ عليّ بكربلاء في اثنين من أصحابه، قال: فلمّا مرّ بها ترقرقت عيناه للبكاء ثم قال: هذا مناخ ركابهم، و هذا ملقى رحالهم، و هاهنا تهرق دمائهم، طوبى لك من تربة عليك تهراق دماء الأحبة .
روى الشيخ المفيد انّه: قال عمر بن سعد للحسين (عليه السلام): يا أبا عبد اللّه انّ قبلنا ناسا سفهاء يزعمون انّي أقتلك، فقال له الحسين: انّهم ليسوا سفهاء و لكنّهم حلماء أما انّه يقرّ عيني أن لا تأكل برّ العراق بعدي الّا قليلا .
و روى الشيخ الصدوق عن الصادق (عليه السلام) انّه قال: انّ الحسين بن عليّ (عليه السلام) دخل يوما الى الحسن (عليه السلام) فلمّا نظر إليه بكى فقال له: ما يبكيك يا أبا عبد اللّه؟ قال: أبكي لما يصنع بك، فقال له الحسن (عليه السلام): ان الذي يؤتى إليّ سمّ يدسّ إليّ فاقتل به، و لكن لا يوم كيومك يا أبا عبد اللّه، يزدلف إليك ثلاثون الف رجل يدّعون انّهم من أمّة جدّنا محمد (صلى الله عليه واله)و ينتحلون دين الاسلام، فيجتمعون على قتلك و سفك دمك و انتهاك حرمتك و سبي ذراريك و نسائك و انتهاب ثقلك فعندها تحلّ ببني اميّة اللعنة و تمطر السماء رمادا و دما و يبكي عليك كلّ شيء حتى الوحوش في الفلوات و الحيتان في البحار .
يقول المؤلف: و الحق لو تأمل المتأمل و ذو البصيرة لما رأى مصيبة الّا و مصيبة الحسين (عليه السلام) أعظم منها و لا تقاس بها، و لم أر في كتب التواريخ و السير بعد مراجعتي لها واقعة أعظم منها، و لم أر أنّ أمة تقتل ابن بنت نبيّها و اصحابه و أهل بيته في يوم واحد و تنهب رحله و متاعه و تحرق خيامه و يطاف برأسه و رأس أصحابه مع عياله و أطفاله في البلاد.
أمّة قد تركت الدين الذي انتسبت إليه وراء ظهرها و الحال انّ سلطنتها و قوّتها و شوكتها مستند الى ذلك الدين، يا للعجب!! ما سمعنا بهذا في آبائنا الاولين، فانّا للّه و انّا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها و أوجعها و أنكاها لقلوب المحبين و للّه درّ مهيار حيث قال:
يعظّمون له أعواد منبره و تحت أرجلهم أولاده وضعوا
بأيّ حكم بنوه يتبعونكم و فخركم انّكم صحب له تبع