من الأساليب التي اتخذها الأئمة من أهل البيت عليهم السّلام للتعريف بمظلومية الحسين عليه السّلام و ابتعاد من ناوأه عن سنن الحق و أن نهضته احكمت دعوة الرسول و عبدت الطريق إليها أمرهم بالسجود على التربة فإن من أهم أسرارها تذكر المصلي في أوقاته الخمسة حينما يضع جبهته عليها تضحية (روح النبي) و أهل بيته البهاليل و صحبه المناجيد في سبيل تركيز المبدإ الصحيح و ما قاساه سيد الشهداء من فجائع تفطر الصخر الأصم و قابلها بالصبر الذي تعجبت منه ملائكة السموات كما جاء في زيارته ثم يتذكر أن هذه التربة امتزج بها (دم المظلوم) و دماء الأزكياء من أهل بيته و صحبه الذين وصفهم أمير المؤمنين عليه السّلام بأنهم سادة الشهداء لا يسبقهم سابق و لا يلحقهم لاحق كما في كامل الزيارة ص 270 باب 88 و بالطبع يحتدم قلب الموالي لهم و تهمل عينه و يحترق فؤاده و يتباعد عن كل من أورد عليهم العدوان و من سار على أثره و من أسس له و يتجلى له أن هذه النهضة الجبارة حطمت هياكل الجور كما عرفت الأجيال المتعاقبة استهانة أهم الذخائر و أعز الأنفس في تأييد العقيدة و مثل الأمر بالسجود على التربة الحسينية أمرهم عليهم السّلام بالتسبيح في خرز معمولة منها تحقيقا لتلك الغاية الثمينة و هذه الغايات ألمع إليها أهل البيت و إن لم تفهم الأمة أسرارها الدقيقة.
و تجاهل غيرنا علينا بالابتداع و الضلال ناشىء عن الجهل بهذه الأسرار الحكيمة و عدم فهم حديث وحي السماء «جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا» و هذه القطعة المعدة للسجود عليها تراب مزج بالماء فجمد فهي من مصاديق الحديث المتفق عليه.