(التربة) لغة بمعنى مطلق التراب، فالترب والتربة، والتراب، لها معنى واحد معروف , لكنها صارت حقيقة عرفية في بعض أقسام التراب وهو (التربة الحسينية)، وهو التراب المأخوذ من القبر، أو الموضوع على الصندوق، أو الموضوع في الحائر، وهو ما يصح إطلاق العرف على الطين المأخوذ من القبر لو وجد , بل أطلقت التربة على كون المقصود فيها طين القبر، ومنه قول الصادق (عليه السلام): " وقد بلغني أن بعض من يأخذ من التربة شيئا يستخف فيها ".
لقد حث الأئمة الأطهار شيعتهم بالتبرك بتربة الحسين (عليه السلام)، حتى صاروا يحلمونها معهم للتبرك أو للسجود عليها عند كل صلاة، وقد انتشرت هذا العادة بين المسلمين منذ بداية الدعوة أي في السنة الثالثة للهجرة، عندما وقعت الحرب بين المسلمين والمشركين في موقعة أحد، وقد انهد فيها أعظم ركن للإسلام، وأقوى حامية من حماته، وهو حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخوه من الرضاعة، فعظمت مصيبته على النبي وعلى عموم المسلمين، لا سيما وقد مثلت هندا أم معاوية تلك الشنيعة التي قطعت أعضاءه واستخرجت كبده فلاكتها ثم لفظتها، وأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نساء المسلمين بالنياحة عليه في كل مأتم، واتسع الأمر في تكريمه إلى أن صاروا يأخذون من تراب قبره فيتبركون به ويسجدون عليه لله تعالى، ويعملون المسبحات منه , وتنص بعض المصادر أن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جرت على ذلك، ولعلها أول من ابتدأ بهذا العمل في حياة أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولعل بعض المسلمين اقتدى بها، وكان لقب حمزة يومئذ سيد الشهداء، وسماه النبي أسد الله وأسد رسوله.
ويؤيد ما ذكره الشيخ المجلسي: عن محمد بن إبراهيم الثقفي، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: إن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت سبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات، وكانت تديرها بيدها تكبر وتسبح حتى قتل حمزة بن عبد المطلب، فاستعملت تربته وعملت منها المسابح فاستعملها الناس.
فكانت عادة الناس تقديس تربة الشهداء، وتربة قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتربة بعض الصحابة أيضا، والاستشفاء بها عادة مألوفة عند المسلمين الأولين، فعندما استشهد حمزة سيد الشهداء صاروا يأخذون من تربته للاستشفاء ومعالجة الصداع.
وكذلك كانوا يتبركون ويتداوون بتراب حرم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فعندما توفي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صاروا يأخذون من تربته الشريفة كما يستفاد ذلك مما نقله السيد نور الدين الشافعي بما نصه: " كانوا يأخذون من تراب القبر (يعني قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)) فأمرت عائشة بجدار فضرب عليه، وكانت في الجدار كوة فكانوا يأخذون منها، فأمرت بالكوة فسدت ".
وقد تعدت هذه العادة حدود تربة الشهداء والنبيين إلى تربة بعض من الصحابة، فكانوا يتبركون ويتداوون بتربة صهيب الرومي وغيره.
ويظهر أن أول من صلى من المسلمين، بل من أئمة المسلمين على تربة الإمام الحسين (عليه السلام)، هو زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام)، بعد أن فرغ من دفن أبيه وأهل بيته وأنصاره، أخذ قبضة من التربة التي وضع عليها الجسد الشريف الذي بضعته السيوف، فشد تلك التربة في صرة وعمل منها سجادة، ومسبحة، وهي السبحة التي كان يديرها بيده حين أدخلوه على يزيد، فسأله: ما هذه التي تديرها بيدك؟ فروى له عن جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خبرا محصله: " أن من يحمل السبحة صباحا ويقرأ الدعاء المخصوص، لا يزال يكتب له ثواب التسبيح وإن لم يسبح ".
ولما رجع الإمام (عليه السلام) وأهل بيته إلى المدينة صار يتبرك بتلك التربة ويسجد عليها ويعالج بعض مرضى عائلته بها، فشاع هذا عند العلويين وأتباعهم ومن يقتدي بهم، فأول من صلى على هذه التربة واستعملها هو زين العابدين (عليه السلام)، ثم تلاه ولده الباقر (عليه السلام)، فبالغ في حث أصحابه عليها ونشر فضلها وبركاتها، ثم زاد على ذلك ولده جعفر الصادق (عليه السلام)، فإنه نوه بها لشيعته، وكانت الشيعة قد ازدادت في عهده وصارت من كبريات طوائف المسلمين وحملة العلم والآثار.
وقد ذكر الشيخ الطوسي: إنه كان لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام) خريطة من ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، فكان إذا حضرته الصلاة صبه على سجادته وسجد عليه، ثم قال: إن السجود على تربة أبي عبد الله (عليه السلام) يخرق الحجب السبع: ولعل المراد بالحجب السبع هي الحاءات السبع من الرذائل التي تحجب النفس عن الاستضاءة بأنوار الحق وهي: (الحقد، والحسد، والحرص، والحدة، والحماقة، والحيلة، والحقارة).
فالسجود على التربة من عظيم التواضع والتوسل بأصفياء الحق، يمزقها ويخرقها ويبدلها بالحاءات السبع من الفضائل وهي: (الحكمة، والحزم، والحلم، والحنان، والحصافة، والحياء، والحب).
ولم تزل الأئمة تحرك العواطف، وتحفز الهمم، وتوفر الدواعي إلى السجود عليها والالتزام بها، وبيان تضاعف الأجر والثواب في التبرك بها والمواظبة عليها، حتى التزمت بها الشيعة إلى اليوم، هذا الالتزام مع عظيم الاهتمام، ولم يمض على زمن الصادق (عليه السلام) قرن واحد حتى صارت الشيعة تضعها ألواحا في جيوبها كما هو المتعارف عليه اليوم.
حرمة الطين إلا طين قبر الحسين (عليه السلام) لقد تعددت الأخبار الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في حرمة الطين بشكل عام إلا تربة الحسين بن علي (عليه السلام)، كما ذكر الصدوق بسنده عن الكاظم (عليه السلام): " لا تأخذوا من تربتي شيئا لتتبركوا به، فأن كل تربة لنا محرمة إلا تربة جدي الحسين (عليه السلام)، فأن الله عز وجل جعلها شفاء لشيعتنا ولأوليائنا ".
وعنه في العلل بسنده عن يحيى الواسطي، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام): " الطين حرام أكله، كلحم الخنزير ".
وعن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله: " من أكل الطين فهو ملعون " , وعنه (عليه السلام) قال: " إن الله خلق آدم من طين، وحرم أكل الطين على ذريته ", وفي المحاسن بسند عن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: " أكل الطين حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير إلا طين قبر الحسين (عليه السلام) فأن فيه الشفاء من كل داء وأمنا من كل خوف " .
وبسند أيضا عن الرضا (عليه السلام) قال: " كل طين كالميتة وما أهل لغير الله به، ما خلا طين قبر الحسين (عليه السلام) فإنه شفاء من كل داء ".
وذكر الشيخ الطوسي، عن حنان بن سدير، عن الصادق (عليه السلام) قال: " من أكل من طين قبر الحسين (عليه السلام)، غير مستشفي به فكأنما أكل من لحومنا ".
نستلخص مما تقدم كما ورد عن الأئمة الأطهار بحرمة الطين عامة، إلا طين قبر الحسين (عليه السلام) لغرض الاستشفاء فقط، أما غير ذلك فلا يجوز وتوجب الحرمة.
لكن حرمة الطين في بعض الروايات تقتضي الكراهية، كما ورد في (الخصال) بالإسناد عن الإمام الصادق (عليه السلام)، عن آبائه، وفي وصايا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): " يا علي ثلاث من الوسواس: أكل الطين، وتقليم الأظافر بالأسنان، وأكل اللحية " (٧).
تربة الحسين (عليه السلام) شفاء من كل داء
أجمع أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، على أن تربة الإمام الحسين (عليه السلام) هي شفاء من كل داء. وقد انتشرت فكرة الاستشفاء بتربة الإمام الحسين (عليه السلام) في عهد الإمام الصادق (عليه السلام)، بعدما أصبح للشيعة كيان خاص، وصارت طائفة كبيرة من طوائف المسلمين، فأخذ الإمام الصادق (عليه السلام) يحث أصحابه وشيعته على لزوم التداوي بتربة الحسين (عليه السلام)، فقد وصف (عليه السلام) طين قبر الحسين بأنه شفاء من كل داء، وهو الدواء الأكبر ، وفي رواية أخرى: أمانا من كل خوف، وروي الحسن بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: " حنكوا أولادكم بتربة الحسين فإنها أمان ".
وفي رواية ابن قولويه قال: حدثني محمد بن عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله البرقي، عن بعض أصحابنا، قال: " دفعت إلي امرأة غزلا وقالت: ادفعه إلى حجبة مكة ليخاط به كسوة للكعبة، قال: كرهت إلى الحجبة وأنا أعرفهم، فلما أن صرنا إلى المدينة دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) وقلت له: جعلت فداك أن امرأة أعطتني غزلا فقالت: ادفعه إلى حجبة مكة ليخاط به كسوة للكعبة، فقال: أشتر به عسلا وزعفرانا، وخذ من طين قبر الحسين (عليه السلام) واعجنه بماء السماء، واجعل فيه من العسل والزعفران، وفرقه للشيعة ليداووا مرضاهم ".
وذكر ابن قولويه رواية بسند إلى محمد بن زياد، عن عمته قالت: " سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن في طين الحائر الذي فيه الحسين (عليه السلام) شفاء من كل داء، وأمانا من كل خوف ".
وكان الإمام الصادق (عليه السلام) بحكم موقعه القيادي للشيعة، كان له موضع خاص ومقام فريد في نفوس أصحابه الذين عاصروه، فهو كان لهم قائدا وموجها ورادا على استفساراتهم وما أشكل من أمورهم، فقد روي عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): (يأخذ الإنسان من طين قبر الحسين (عليه السلام) فينتفع به ويأخذ غيره فلا ينتفع به! فقال: لا، والله الذي لا إله إلا هو، ما يأخذه أحد وهو يرى أن الله ينفعه به إلا نفعه الله به ".
وعنه (عليه السلام) قال: " من أصابته علة فبدء بطين قبر الحسين (عليه السلام) شفاه الله من تلك العلة، إلا أن تكون علة السام ".
ولنستمع إلى شهادة أحد الذين عولجوا بطين قبر الحسين (عليه السلام) وبرأوا بأذن الله تعالى، فقد ذكر ابن قولويه رواية بسند إلى محمد بن مسلم، قال: " خرجت إلى المدينة وأنا وجع، فقيل له [أي الإمام الباقر (عليه السلام)] محمد بن مسلم وجع، فأرسل إلي أبو جعفر (عليه السلام) بشراب مع غلام مغطى بمنديل، فناولنيه الغلام وقال لي: أشربه، فإنه قد أمرني أن لا أبرح حتى تشربه، فتناولته فإذا رائحة المسك منه، وإذا بشراب طيب الطعم بارد، فلما شربته قال لي الغلام: يقول لك مولاك: إذا شربته فتعال. ففكرت فيما قال لي وما أقدر على النهوض قبل ذلك على رجلي، فلما استقر الشراب في جوفي فكأنما نشطت من عقال، فأتيت بابه فاستأذنت عليه فصوت بي: صح الجسم أدخل. فدخلت عليه وأنا باك، فسلمت عليه وقبلت يده ورأسه. فقال لي: ما يبكيك يا محمد؟! قلت: جعلت فداك أبكي على اغترابي وبعد الشقة وقلة القدرة، على المقام عندك أنظر إليك. فقال لي: أما قلة القدرة فكذلك جعل الله أولياءنا وأهل مودتنا وجعل البلاء إليهم سريعا، وأما ما ذكرت من الغربة، فإن المؤمن في هذه الدنيا غريب وفي هذا الخلق المنكوس حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله، وأما ما ذكرت من بعد الشقة فلك بأبي عبد الله (عليه السلام) أسوة بأرض نائية عنا بالفرات، وأما ما ذكرت من حبك قربنا والنظر إلينا، وإنك لا تقدر على ذلك، فالله يعلم ما في قلبك وجزاؤك عليه. ثم قال لي: هل تأتي قبر الحسين (عليه السلام)؟ قلت: نعم، على الخوف ووجل، فقال لي: ما كان في هذا أشد بالثواب فيه على قدر الخوف، ومن خاف في إتيانه أمن الله روعته يوم يقوم الناس لرب العالمين، وانصرف بالمغفرة، وسلمت عليه الملائكة، ورآه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وما يصنع، ودعا له، وانقلب بنعمة من الله وفضل لم يمسه سوء واتبع رضوان الله، ثم قال لي: كيف وجدت الشراب؟ فقلت: أشهد أنكم أهل بيت الرحمة وأنك وصي الأوصياء، ولقد أتاني الغلام بما بعثته وما أقدر على أن أستقل على قدمي، ولقد كنت آيسا من نفسي، فناولني الشراب فشربته فما وجدت مثل ريحه ولا أطيب من ذوقه ولا طعمه ولا أبرد منه، فلما شربته قال لي الغلام: إنه أمرني أن أقول لك: إذا شربته فأقبل إلي، وقد علمت من عقال، الحمد لله الذي جعلكم رحمة لشيعتكم [ورحمة علي]! فقال: يا محمد إن الشراب الذي شربته فيه من طين قبر الحسين (عليه السلام)، وهو أفضل ما استشفي به، فلا تعدل به، فإنا نسقيه صبياننا ونساءنا فنرى فيه كل خير، فقلت له: جعلت فداك إنا لنأخذ منه ونستشفي به، فقال: يأخذه الرجل يخرجه من الحائر وقد أظهره فلا يمر بأحد من الجن به عاهة، ولا دابة ولا شيء فيه آفة إلا شمه، فتذهب بركته فيصير بركته لغيره، وهذا الذي نتعالج به ليس هكذا، ولولا ما ذكرت ما يمسح به شيء ولا شرب منه شئ إلا أفاق من ساعته، وما هو إلا كحجر الأسود أتاه صاحب العاهات والكفر والجاهلية، وكان لا يتمسح به أحد إلا أفاق، وكان كأبيض ياقوتة فأسود حتى صار ما رأيت. فقلت: جعلت فداك كيف أصنع به؟ فقال: تصنع به مع إظهارك إياه ما يصنع غيرك مستخف به فتطرحه في خرجك وفي أشياء دنية فيذهب ما فيه مما تريده له، فقلت: صدقت جعلت فداك، قال: ليس يأخذه أحد إلا وهو جاهل بأخذه لا يكاد يسلم بالناس، فقلت: جعلت فداك وكيف لي أن آخذه كما تأخذه؟ فقال لي: أعطيك منه شيئا، فقلت: نعم، قال: إذا أخذته فكيف تصنع؟
فقلت: أذهب به معي، فقال لي: في أي شيئا تجعله؟ فقلت: في ثيابي، قال: قد رجعت إلى ما كنت تصنع، اشرب عندنا منه حاجتك ولا تحمله، فإنه لا يسلم لك، فسقاني منه مرتين، فما أعلم أني وجدت شيئا مما كنت أجد حتى انصرفت ".
ثم بين الإمام الصادق (عليه السلام) كمية الطين المستخدم لغرض التداوي والعلاج، فذكر الكمية فقال: مثل رأس الأنملة، كما جاء في رواية أبو بكر الحضرمي عن الصادق (عليه السلام) قال: (لو أن مريضا من المؤمنين يعرف حق أبي عبد الله (عليه السلام) وحرمته، أخذ له من طين قبر الحسين (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل رأس الأنملة كان له دواء وشفاء).
ومرة أخرى كما جاء في بعض الروايات يقول (عليه السلام) في كمية الطين بقدر الحمصة كما في رواية الحسن بن علي بن فضال عنه (عليه السلام) قال: (إن الله تعالى خلق آدم من الطين، فحرم الطين على ولده، قال: قلت: فما تقول في طين قبر الحسين (عليه السلام)؟ قال: حرم على الناس أكل لحومهم، ويحل لهم أكل لحومنا، ولكن اليسير منه مثل الحمصة).
ثم ذكر الإمام الصادق (عليه السلام) لشيعته بأن هناك آداب في استعمال طين قبر الحسين (عليه السلام) كما جاء في رواية ابن قولويه، قال (عليه السلام): " الطين أكله حرام، كلحم الخنزير، ومن أكله ثم مات لم أصل عليه، إلا طين قبر الحسين (عليه السلام)، فأن فيه شفاء من كل داء، ومن أكله بشهوة لم يكن فيه شفاء ".
ثم علم الإمام الصادق (عليه السلام) أصحابه، الأدعية التي تقرأ عند تناول طين قبر الحسين (عليه السلام) لغرض عرض الاستشفاء به، كذلك بين (عليه السلام) الأماكن التي يؤخذ منها الطين، ففي رواية يؤخذ الطين من قبره (عليه السلام) على مقدار رأس ميل كما ذكر ابن قولويه، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لو أن مريضا من المؤمنين يعرف حق أبي عبد الله (عليه السلام) وحرمته وولايته أخذ له من طين قبره على رأس ميل كان له دواء وشفاء ".
وفي رواية أخرى يذكر الإمام الصادق بأن طين التداوي يجب أن يؤخذ من عند رأس الشريف.
ففي رواية يونس بن ربيع، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن عند رأس الحسين بن علي (عليهما السلام) لتربة حمراء فيها شفاء من كل داء إلا السام، قال: فأتينا القبر بعد ما سمعنا هذا الحديث، فاحتفرنا عند رأس القبر، فلما حفرنا قدر ذراع انحدرت علينا من رأس القبر مثل السهلة حمراء قدر درهم، فحملناه إلى الكوفة فمزجناه فأقبلنا نعطي يتداوون به ".
ويظهر من هذه الرواية بأن الطين الذي عند رأس الإمام الحسين (عليه السلام) يتصف باللون الأحمر وله رائحة زكية، وكان الأئمة الأطهار إذا عرضت لهم تربة الإمام الحسين (عليه السلام) يعرفونها من لونها ورائحتها، ففي رواية بسند عن أبي بكار قال: " أخذت من التربة التي عند رأس قبر الحسين بن علي (عليه السلام)، فإنها طينة حمراء، فدخلت على الرضا (عليه السلام) فعرضتها عليه فأخذها في كفه، ثم شمها ثم بكى حتى جرت دموعه، ثم قال: هذه تربة جدي ".
أما مسألة الدعاء مع استعمال طين قبر الحسين (عليه السلام)، فقد أكد الإمام الصادق (عليه السلام) على قراءة الأدعية المأثورة والتوسل بالله تعالى بأن يجعل هذا الطين شفاء من كل داء، وبدون الدعاء فأن صاحب الحاجة لا ينتفع به، روي أن رجلا سأل الصادق (عليه السلام) فقال: إني سمعتك تقول: إن تربة الحسين (عليه السلام) من الأدوية المفردة، وإنها لا تمر بداء إلا هضمته، فقال: قد كان، قلت ذلك: فما بالك؟ فقال: إني تناولتها فما انتفعت بها. فقال: أما إن لها دعاء فمن تناولها ولم يدع به واستعملها لم يكد ينتفع بها، قال: فقال له: ما يقول إذا تناولها؟ قال: تقبلها قبل كل شيء وتضعها على عينك، ولا تناول أكثر من حمصة، فإن من تناول أكثر فكأنما أكل من لحومنا ودماءنا، فقل: " اللهم إني أسألك بحق الملك الذي قبضها، وبحق الملك الذي خزنها، وأسألك بحق الوصي الذي حل فيها، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعله شفاء من كل داء، وأمانا من كل خوف، وحفظا من كل سوء ".
فإذا قلت ذلك فأشددها في شيء، واقرأ عليها إنا أنزلناه في ليلة القدر، فإن الدعاء الذي تقدم لأخذها هو الاستيذان عليها وأقرأ إنا أنزلناه ختمها.
وجاء رجل إلى الإمام الصادق (عليه السلام) وقال له: إني رجل كثير العلل والأمراض، وما تركت دواء إلا تداويت به، فقال لي: فأين أنت عن تربة الحسين (عليه السلام) فإن فيها الشفاء من كل داء، والأمن كل كل خوف وقل إذا أخذته: " اللهم إني أسألك بحق هذه الطينة، وبحق الملك الذي أخذها، وبحق بيته، واجعل لي فيها شفاء من كل داء وأمانا من كل خوف ".
قال: ثم قال: إن الملك الذي أخذها جبرئيل وأراها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: هذه تربة ابنك هذا، تقتله أمتك من بعدك، والنبي الذي قبضها فهو محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأما الوصي الذي حل فهو الحسين بن علي سيد الشهداء، قلت: قد عرفت الشفاء من كل داء، فكيف الأمان من كل خوف؟
قال: إذا خفت سلطانا أو غير ذلك فلا تخرج من منزلك إلا ومعك من طين قبر الحسين (عليه السلام)، وقل إذا أخذته: " اللهم إن هذه طينة قبر الحسين وليك وابن وليك، اتخذتها حرزا لما أخاف ولما لا أخاف " فإنه يرد عليك ما لا تخاف.
قال الرجل: فأخذتها ما قال فصح بدني، وكان لي أمانا من كل ما خفت وما لم أخف كما قال، فما رأيت بحمد الله بعدها مكروها.
كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) رواية عن حمل الطين من قبر الحسين (عليه السلام) وما يلزم من قراءة بعض السور من القرآن الكريم، وبعض الأدعية حتى تتم الفائدة وتعم البركة بفضل تربته الطاهرة، ففي رواية أبو حمزة الثمالي، قال: قال الصادق (عليه السلام): إذا أردت حمل الطين من قبر الحسين (عليه السلام) فأقرأ: (فاتحة الكتاب)، و (والمعوذتين)، و (قل هو الله أحد)، و (إنا أنزلناه في ليلة القدر)، و (يس)، و (آية الكرسي) وتقول: " اللهم بحق محمد عبدك ورسولك وحبيبك ونبيك وأمينك، وبحق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عبدك وأخي رسولك، وبحق فاطمة بنت نبيك وزوجة وليك، وبحق الحسن والحسين، وبحق الأئمة الراشدين، وبحق هذه التربة، وبحق الملك الموكل بها، وبحق الذي ضمنت، وبحق جميع ملائكتك وأنبيائك ورسلك، صل على محمد وآل محمد، واجعل لي هذا الطين شفاء من كل داء، وأن يستشفي به من كل داء وسقم ومرض، وأمانا من كل خوف، اللهم بحق محمد وأهل بيته، اجعله علما نافعا ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء وسقم وآفة وعاهة وجميع الأوجاع كلها، إنك على كل شئ قدير ".
وتقول: " اللهم رب هذه الترب المباركة الميمونة، والملك الذي هبط بها، والوصي الذي هو فيها، صل على محمد وآل محمد وسلم، وانفعني بها، إنك على كل شيء قدير ".
وكما بينا من الروايات السالفة عن الإمام الصادق (عليه السلام) بأن الدعاء عند أخذ طين قبر الحسين (عليه السلام) أو عند حمله أو استعماله مع اليقين والاعتقاد فهو يعتبر من الأدوية الشافية من كل داء، وأمانا من كل خوف، وأما ما يفسد الطين ولم ينتفع به كما جاء في رواية أبو حمزة الثمالي، عن الإمام الصادق (عليه السلام) ما يخالطها من أوعيتها، والاستخفاف وعدم اليقين بصاحب القبر، قال أبو حمزة الثمالي: كنت بمكة، وذكر في حديثه [الإمام الصادق] قلت: جعلت فداك إني رأيت أصحابنا يأخذون من طين الحائر يستشفون به، هل في ذلك شئ مما يقولون من الشفاء؟ قال: قال: يستشفي بما بينه وبين القبر على رأس أربعة أميال، وكذلك قبر جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكذلك طين القبر الحسين وعلي ومحمد، فخذ منها فإنها شفاء من كل سقم، وجنة مما يخاف، ولا يعد لها شئ من الأشياء التي يستشفي بها إلا الدعاء، وإنما يفسدها ما يخالطها من أوعيتها وقلة اليقين لمن يعالج بها، فأما من أيقن أنها له شفاء إذا يعالج بها كفته بأذن الله من غيرها مما يتعالج به، ويفسدها الشياطين والجن من أهل الكفر من هم يتمسحون بها، وما تمر بشئ إلا شمها، وأما الشياطين وكفار الجن فأنهم يحسدون بني آدم عليها، فيتمسحون بها فيذهب عامة طيبها، ولا يخرج الطين من الحائر إلا وقد استعد له ما لا يحصى منهم وأنه لفي يد صاحبها، وهم يتمسحون بها، ولا يقدرون مع الملائكة أن يدخلوا الحائر، ولو كان من التربة شئ سلم ما عولج به أحد إلا برئ من ساعته، فإذا أخذتها فاكتمها، وأكثر عليها من ذكر الله تعالى، وقد بلغني أن بعض من يأخذ التربة شيئا يستخف به، حتى أن بعضهم ليطرحها في مخلاة الإبل والبغل والحمار أو في وعاء الطعام، وما يمسح به الأيدي من الطعام، والخرج والجوالق، فكيف يستشفي به من هذا حاله عنده؟! ولكن القلب الذي ليس فيه اليقين من المستخف بما فيه صلاحه ليفسد عليه عمله.
ووردت روايات أخرى عن الإمام الصادق (عليه السلام) بخصوص الاستشفاء بطين قبر الحسين (عليه السلام)، وقراءة أدعية التوسل بالله عز وجل خلال تناول بعضا من طين القبر، فقد ورد عنه (عليه السلام) قال: إذا تناول أحدكم من طين قبر الحسين (عليه السلام) فليقل:
" اللهم إني أسألك بحق الملك الذي تناوله، والرسول الذي بوأه، والوصي الذي ضمن فيه، أن تجعله شفاء من كل داء (كذا وكذا) ويسمي ذلك الداء ".
وروي عنه (عليه السلام) قال: إذا أخذته فقل: " اللهم بحق هذه التربة الطاهرة، وبحق البقعة الطيبة وبحق الوصي الذي تواريه، وبحق جده وأبيه، وأمه وأخيه، والملائكة الذين يحفون به، والملائكة العكوف على قبر وليك، ينتظرون نصره صلى الله عليهم أجمعين، وأجعل لي فيه شفاء من كل داء، وأمانا من كل خوف، وغنى من كل فقر، وعزا من كل ذل، وأوسع به علي في رزقي، وأصح جسمي ".
وعنه أيضا (عليه السلام) قال: فإذا أحتاج أحدكم الأكل منه [طين قبر الحسين (عليه السلام)]
يستشفي به فليقل: " بسم الله وبالله، اللهم رب التربة المباركة الطاهرة، ورب النور الذي أنزل
فيه، ورب الجسد الذي سكن فيه، ورب الملائكة الموكلين به، أجعله لي شفاء من كل داء كذا وكذا ".
واجرع من الماء جرعة خلفه وقل: " اللهم اجعله رزقا واسعا وعلما وشفاء من كل داء وسقم ".
فأن الله تعالى يدفع عنك بها كل ما تجد من السقم والهم والغم إن شاء الله تعالى.
وفي رواية يونس بن ظبيان عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: " طين قبر الحسين شفاء من كل داء فإذا أكلته فقل: بسم الله وبالله، اللهم اجعله رزقا واسعا، وعلما نافعا، وشفاء من كل داء، إنك على كل شئ قدير، رب التربة المباركة، ورب الوصي الذي وارته صلي على محمد وآل محمد، واجعل هذا الطين شفاء من كل داء، وأمانا من كل خوف ".
ومن ذلك صار طين قبر الحسين (عليه السلام) علاجا ناجعا، تتخذه الشيعة للتبرك والمعالجة، يتداولونه فيما بينهم، حتى تعدى ذلك إلى عامة المسلمين، وشهد ببركة وفضل طين قبر الحسين (عليه السلام) بعض المعاندين والمخالفين، ففي رواية الحسين بن محمد الأزدي، عن أبيه قال:
" صليت في جامع المدينة وإلى جانبي رجلان على أحدهما ثياب السفر، فقال أحدهما لصاحبه: يا فلان أما علمت أن طين قبر الحسين (عليه السلام) شفاء من كل داء؟ وذلك أنه كان بي وجع الجوف، فتعالجت بكل دواء فلم أجد فيه عافية، وخفت على نفسي وآيست منها، وكانت عندنا امرأة من أهل الكوفة عجوز كبيرة، فدخلت إلي وأنا في أشد ما بي من العلة، فقالت لي: يا سالم ما أرى علتك إلا كل يوم زائدة؟! فقلت لها: نعم، فقالت: فهل لك أن أعالجك فتبرأ بأذن الله عز وجل؟ فقلت لها: ما أنا إلى شئ أحوج مني إلى هذا، فسقتني ماء في قدح فسكنت عني العلة وبرئت حتى كأن لم يكن بي علة قط.
فلما كان بعد شهر دخلت علي العجوز، فقلت لها: بالله عليك يا سلمة (وكان اسمها سلمة) بماذا داويتني؟ فقالت: بواحدة مما في هذه السبحة، من سبحة كانت في يدها، فقلت: وما هذه السبحة؟
فقالت: إنها من طين قبر الحسين (عليه السلام)، فقلت لها: يا رافضية داويتني بطين قبر الحسين (عليه السلام)؟ فخرجت من عندي مغضبة ورجعت والله علتي كأشد ما كانت، وأنا أقاسي منها الجهد والبلاء، وقد والله خشيت على نفسي، ثم أذن المؤذن فقاما يصليان وغابا عني ".
نستدل من الرواية المذكورة بأن الرجل كان من أهل السنة، وخاطب العجوز بكلمة (يا رافضية) وهذا المصطلح كان يطلقه العامة على شيعة أمير المؤمنين، أما الوجه الثاني في الرواية فيظهر أن الشيعة أقبلت على طين القبر تستعمله لغرض الاستشفاء والعلاج أو للتبرك فحملوه على هيئة لوح صغير يضعونه في جيوبهم، وتعمل منه أيضا المسبحات.
وفي رواية موسى بن عبد العزيز كما ذكرها الشيخ الطوسي قال: لقيني يوحنا بن سراقيون النصراني المتطبب في شارع أبي أحمد، فاستوقفني وقال لي: بحق نبيك ودينك من هذا الذي يزور قبره قوم منكم بناحية قصر ابن هبيرة؟! من هو من أصحاب نبيكم؟ قلت: ليس هو من أصحابه هو ابن بنته، فما دعاك إلى المسألة عنه؟ فقال له: عندي حديث طريف، فقلت: حدثني به، فقال: وجه إلي سابور الكبير الخادم الرشيدي في الليل، فصرت إليه، فقال لي: تعالى معي، فمضى وأنا معه حتى دخلنا على موسى بن عيسى الهاشمي، فوجدناه زائل العقل متكئا على وسادة وإذا بين يديه طست فيها حشو جوفه، وكان الرشيد استحضره من الكوفة.
فأقبل سابور على خادم كان من خاصة موسى، فقال له: ويحك ما خبره!
فقال له: أخبرك أنه كان من ساعة جالسا وحوله ندماؤه، وهو من أصح الناس جسما وأطيبهم نفسا، إذ جرى ذكر الحسين (عليه السلام)، قال يوحنا: هذا الذي سألتك عنه؟ فقال موسى: إن الرافضية ليغلون فيه حتى أنهم فيما عرفت يجعلون تربته دواء يتداوون به، فقال له رجل من بني هاشم كان حاضرا: قد كان بي علة عليلة فتعالجت بها كل علاج فما نفعني، حتى وصف لي كاتبي أن آخذ من هذه التربة فأخذتها فنفعني الله بها وزال عني ما كنت أجده.
قال: فبقي عندك منها شئ؟ قال: نعم، فوجه فجاءه منها بقطعة، فناولها موسى بن عيسى، فأخذها موسى فاستدخلها دبره استهزاء بمن تداوى بها، واحتقارا وتصغيرا لهذا الرجل هي تربته (يعني الحسين (عليه السلام) فما هو إلا أن استدخلها دبره حتى صاح: النار النار، الطست الطست، فجئنا بالطست فأخرج فيها ما ترى.
فانصرف الندماء، فصار المجلس مأتما، فأقبل علي سابور فقال: انظر هل لك فيه حيلة؟ فدعوت بشمعة فنظرت فإذا كبده وطحاله وريته وفؤاده خرج منه في الطست، فنظرت إلى أمر عظيم فقلت: ما لأحد في هذا أصنع إلا أن يكون لعيسى الذي كان يحيي الموتى، فقال لي سابور: صدقت، ولكن كن هاهنا في البيت إلى أن يتبين ما يكون من أمره، فبت عندهم وهو بتلك الحال ما رفع رأسه، فمات في وقت السحر.
وكان يوحنا يزور قبر الحسين (عليه السلام) وهو على دينه، ثم أسلم بعد هذا وحسن إسلامه.
وروي أن علي بن محمد النوفلي قال لأبي الحسن (عليه السلام) إني أفطرت يوم الفطر على طين القبر وتمر فقال له: جمعت بين بركة وسنة.
خلاصة البحث
بعد أن أسهبنا في بيان فضل تربة قبر الحسين (عليه السلام) بما أوردناه من الروايات المعتبرة عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) حتى غدت الشيعة منذ نهاية القرن الأول الهجري وبداية القرن الثاني يعولون في علاجهم على طين القبر الذي حقق معاجزا في عالم الطب والعلاج من الأمراض المستعصية، حتى ذاعت شهرته في الآفاق.
وقد وصف المرحوم المرجع الكبير، محمد حسين آل كاشف الغطاء بقوله: وإن أسمى تلك البقاع وأنقاها تربة، وأطيبها طينة، وأزكاها نفحة هي تربة كربلاء، تلك التربة الحمراء الزكية، كانت قبل الإسلام قد اتخذت نواويس ومعابد ومدافن للأمم الغابرة، كما يشعر به كلام الحسين (عليه السلام) في إحدى خطبه المشهورة حيث يقول: " وكأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوت بين النواويس وكربلاء ".
ثم يستمر في التعليل بأن كيف تسامت هذه التربة بانضمام شرفها الجوهري إلى طيبها العنصري فأصبحت بذلك أشرف بقاع الأرض بالضرورة والفطرة بقوله: أليس من صميم الحق والحق الصميم، أن تكون أطيب بقعة في الأرض مرقدا وضريحا لأكرم شخصية في الدهر؟ نعم، لم تزل الدنيا تمخض لتلد أكمل فرد في الإنسانية، وأجمع ذات لأحسن ما يمكن من مزايا العبقرية في الطبيعة البشرية، واسمي روح ملكوتية في أصقاع الملكوت وجوامع الجبروت، فولدت نورا واحدا شطرته نصفين: سيد الأنبياء محمدا، وسيد الأوصياء عليا، ثم جمعتها ثانيا فكان الحسين مجمع النورين وخلاصة الجوهرين كما قال (صلى الله عليه وآله وسلم): " حسين مني وأنا من حسين ". ثم عقمت أن تلد لهم الأنداد أبد الآباد.
وإذا كان من حق الأرض السجود عليها، وعدم السجود على غيرها، أفليس من الأفضل والأحرى أن يكون السجود على أفضل وأطهر من الأرض؟ وهي التربة الحسينية، وما ذاك إلا لأنها أكرم مادة، وأطهر عنصرا، وأصفى جوهرا من سائر البقاع، فكيف وقد انضم شرفها الجوهري إلى طيبها العنصري، ولما تسامت الروح والمادة، وتساوت الحقيقة والصورة صارت هي أشرف بقاع الأرض بالضرورة.