عن إبراهيم بن أبي محمود قال : قال الرضا (عليه السلام) : إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال فاستحلت فيه دماؤنا وهتكت فيه حرمتنا وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا وأضرمت النيران في مضاربنا وانتهب ما فيها من ثقلنا ولم ترع لرسول الله (صلى الله عليه واله) حرمة في أمرنا. إن يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل دموعنا وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء فعلى مثل الحسين فليبك الباكون فإن البكاء يحط الذنوب العظام. ثم قال (عليه السلام) : كان أبي ( صلوات الله عليه ) إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول : هو اليوم الذي قتل فيه الحسين ( صلوات الله عليه ) .
بكاء الرسول (صلى الله عليه واله) لمصاب الحسين
وعن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : زارنا رسول الله (صلى الله عليه واله) وقد أهدت لنا أم أيمن لبنا وزبدا وتمرا فقدمنا منه فأكل ثم قام إلى زاوية البيت فصلى ركعات فلما كان في آخر سجوده بكى بكاء شديدا فلم يسأله أحد منا اجلالا واعظاما له فقام الحسين (عليه السلام) وقعد في حجره فقال : يا ابه لقد دخلت بيتنا فما سررنا بشئ كسرورنا بدخولك ثم بكيت بكاء غمنا فما أبكاك فقال : يا بني أتاني جبرئيل (عليه السلام) آنفا فأخبرني انكم قتلي وان مصارعكم شتى. فقال : يا ابه فما لمن يزور قبورنا على تشتتها فقال : يا بني أولئك طوائف من أمتي يزورونكم فيلتمسون بذلك البركة وحقيق علي ان اتيهم يوم القيامة حتى أخلصهم من أهوال الساعة ومن ذنوبهم ويسكنهم الله الجنة وما رواه عبد الله ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : دخلت فاطمة (عليها السلام) على رسول الله (صلى الله عليه واله) وعيناه تدمع فسألته : مالك فقال : ان جبرئيل (عليه السلام) أخبرني ان أمتي تقتل حسينا فجزعت وشق عليها فأخبرها بمن يملك من ولدها فطابت نفسها وسكنت
وما رواه المعلي بن خنيس قال : كان رسول الله (صلى الله عليه واله) أصبح صباحا فرأته فاطمة باكيا حزينا فقالت : مالك يا رسول الله فأبي ان يخبرها فقالت : لا آكل ولا اشرب حتى تخبرني فقال : ان جبرئيل (عليه السلام) أتاني بالتربة التي يقتل عليها غلام لم يحمل به بعد ولم تكن تحمل بالحسين (عليه السلام) وهذه تربته .
بكاء امير المؤمنين (عليه السلام) على الامام الحسين
روى الشيخ الصدوق في أماليه بسنده عن ابن عباس قال : كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في خروجه إلى صفين فلما نزل بنينوى وهو شط الفرات قال بأعلى صوته : يا بن عباس أتعرف هذا الموضع؟ فقلت له : ما أعرفه يا أمير المؤمنين. فقال علي (عليه السلام) : لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي. قال : فبكى طويلا حتى اخضلت لحيته وسالت الدموع على صدره وبكينا معا وهو يقول : أوه أوه مالي ولآل أبي سفيان مالي ولآل حرب حزب الشيطان وأولياء الكفر صبرا ـ يا أبا عبد الله ـ فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم .
وقال العلامة المجلسي ; : وروي في بعض الكتب المعتبرة عن لوط بن يحيى عن عبد الله بن قيس قال : كنت مع من غزى مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في صفين وقد أخذ أبو أيوب الأعور السلمي الماء وحرزه عن الناس فشكى المسلمون العطش فأرسل فوارس على كشفه فانحرفوا خائبين فضاق صدره فقال له ولده الحسين (عليه السلام) أمضي إليه يا أبتاه؟ فقال : امض يا ولدي فمضى مع فوارس فهزم أبا أيوب عن الماء وبنى خيمته وحط فوارسه وأتى إلى أبيه وأخبره. فبكى علي (عليه السلام) فقيل له : ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ وهذا أول فتح ببركة الحسين (عليه السلام) فقال : ذكرت أنه سيقتل عطشانا بطف كربلاء حتى ينفر فرسه ويحمحم ويقول : الظليمة الظليمة لأمة قتلت ابن بنت نبيها
بكاء الصديقة الزهراء (عليها السلام) على الحسين
عن أبي بصير قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) أحدثه فدخل عليه ابنه فقال له : مرحبا وضمه وقبله وقال : حقر الله من حقركم وانتقم ممن وتركم وخذل الله من خذلكم ولعن الله من قتلكم وكان الله لكم وليا وحافظا وناصرا فقد طال بكاء النساء وبكاء الأنبياء والصديقين والشهداء وملائكة السماء. ثم بكى وقال : يا أبا بصير إذا نظرت إلى ولد الحسين أتاني ما لا أملكه بما أتى إلى أبيهم واليهم يا أبا بصير ان فاطمة لتبكيه وتشهق فتزفر جهنم زفرة لولا أن الخزنة يسمعون بكاءها وقد استعدوا لذلك مخافة ان يخرج منها عنق أو يشرد دخانها فيحرق أهل الأرض فيكبحونها ما دامت باكية ويزجرونها ويوثقون من أبوابها مخافة على أهل الأرض فلا تسكن حتى يسكن صوت فاطمة. وان البحار تكاد ان تنفتق فيدخل بعضها على بعض وما منها قطرة الا بها ملك موكل فإذا سمع الملك صوتها أطفأ نارها بأجنحته وحبس بعضها على بعض مخافة على الدنيا وما فيها ومن على الأرض فلا تزال الملائكة مشفقين يبكونه لبكائها ويدعون الله ويتضرعون إليه ويتضرع أهل العرش ومن حوله وترتفع أصوات من الملائكة بالتقديس لله مخافة على أهل الأرض ولو أن صوتا من أصواتهم يصل إلى الأرض لصعق أهل الأرض وتقطعت الجبال وزلزلت الأرض باهلها. قلت : جعلت فداك ان هذا الامر عظيم قال : غيره أعظم منه ما لم تسمعه ثم قال لي : يا أبا بصير اما تحب أن تكون فيمن يسعد فاطمة فبكيت حين قالها فما قدرت على المنطق وما قدرت على كلامي من البكاء ثم قام إلى المصلي يدعو فخرجت من عنده على تلك الحال فما انتفعت بطعام وما جاءني النوم وأصبحت صائما وجلا حتى أتيته فلما رأيته قد سكن سكنت وحمدت الله حيث لم تنزل بي عقوبة
بكاء الإمامين الحسن والحسين
عن محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال : بينا أنا وفاطمة والحسن والحسين عند رسول الله (صلى الله عليه واله) إذا التفت إلينا فبكى فقلت : ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال : أبكي مما يصنع بكم بعدي. فقلت : وما ذاك يا رسول الله؟ قال : أبكي من ضربتك على القرن ولطم فاطمة خدها وطعنة الحسن في الفخذ والسم الذي يسقى وقتل الحسين. قال : فبكى أهل البيت جميعا فقلت : يا رسول الله ما خلقنا ربنا إلا للبلاء! قال : ابشر يا علي فإن الله عز وجل قد عهد إلي أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق
بكاء الإمام السجاد
عن أبي داود المسترق عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : بكى علي بن الحسين على أبيه حسين بن علي عشرين سنة أو أربعين سنة وما وضع بين يديه طعاما الا بكى على الحسين حتى قال له مولى له : جعلت فداك يا بن رسول الله اني أخاف عليك أن تكون من الهالكين قال : إنما أشكو بثي وحزني إلى الله واعلم من الله مالا تعلمون اني لم أذكر مصرع بني فاطمة الا خنقتني العبرة لذلك
بكاء الإمام الباقر (عليه السلام) على الإمام الحسين
الكميت بن أبي المستهل قال : دخلت على سيدي أبي جعفر محمد بن علي الباقر فقلت : يا ابن رسول الله إني قد قلت فيكم أبياتا أفتأذن لي في إنشادها. فقال : إنها أيام البيض. قلت : فهو فيكم خاصة. قال : هات فأنشأت أقول :
أضحكني الدهر وأبكاني والدهر ذو صـرف وألوان
لتسعة بالطف قد غودروا صاروا جميعا رهن أكفان
فبكى (عليه السلام) وبكى أبو عبد الله وسمعت جارية تبكي من وراء الخباء فلما بلغت إلى قولي :
وستة لا يجـارى بـهم بنو عقيل خير فتيان
ثم علي الخير مولاكـم ذكرهم هيج أحزاني
فبكى ثم قال (عليه السلام) : ما من رجل ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينيه ماء ولو قدر مثل جناح البعوضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة وجعل ذلك حجابا بينه وبين النار فلما بلغت إلى قولي :
من كان مسرورا بما مسكم أو شامتا يوما من الآن
فقـد ذلـلتم بعـد عز فما أدفع ضيما حين يغشاني
أخذ بيدي وقال : اللهم اغفر للكميت ما تقدم من ذنبه وما تأخر
بكاء الإمام الصادق (عليه السلام) على الإمام الحسين
عن أبي هارون المكفوف قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : يا أبا هارون أنشدني في الحسين (عليه السلام) قال : فأنشدته فبكى فقال : أنشدني كما تنشدون ـ يعني بالرقة ـ قال : فأنشدته :
امرر على جدث الحسين فقل لأعظمه الزكية
قال : فبكى ثم قال : زدني قال : فأنشدته القصيدة الأخرى قال : فبكى وسمعت البكاء من خلف الستر قال : فلما فرغت قال لي : يا أبا هارون من أنشد في الحسين (عليه السلام) شعرا فبكى وأبكى عشرا كتبت له الجنة ومن أنشد في الحسين شعرا فبكى وأبكى خمسة كتبت له الجنة ومن أنشد في الحسين شعرا فبكى وأبكى واحدا كتبت لهما الجنة ومن ذكر الحسين (عليه السلام) عنده فخرج من عينه من الدموع مقدار جناح ذباب كان ثوابه على الله ولم يرض له بدون الجنة .
بكاء الإمام موسى الكاظم
روى الشيخ الصدوق ; بسنده عن إبراهيم بن أبي محمود قال : قال الرضا (عليه السلام) : إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال فاستحلت فيه دماؤنا وهتكت فيه حرمتنا وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا وأضرمت النيران في مضاربنا وانتهب ما فيها من ثقلنا ولم ترع لرسول الله (صلى الله عليه واله) حرمة في أمرنا. إن يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل دموعنا وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء فعلى مثل الحسين فليبك الباكون فإن البكاء يحط الذنوب العظام. ثم قال (عليه السلام) : كان أبي ( صلوات الله عليه ) إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول : هو اليوم الذي قتل فيه الحسين ( صلوات الله عليه ) .
بكاء الإمام الرضا (عليه السلام) على الإمام الحسين
يقول دعبل الخزاعي قال : دخلت على سيدي ومولاي علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في مثل هذه الأيام فرأيته جالسا جلسة الحزين الكئيب وأصحابه من حوله فلما رآني مقبلا قال لي : مرحبا بك يا دعبل مرحبا بناصرنا بيده ولسانه ثم إنه وسع لي في مجلسه وأجلسني إلى جانبه ثم قال لي : يا دعبل أحب أن تنشدني شعرا فان هذه الأيام أيام حزن كانت علينا أهل البيت وأيام سرور كانت على أعدائنا خصوصا بني أمية يا دعبل من بكى وأبكى على مصابنا ولو واحدا كان أجره على الله يا دعبل من ذرفت عيناه على مصابنا وبكى لما أصابنا من أعدائنا حشره الله معنا في زمرتنا يا دعبل من بكى على مصاب جدي الحسين غفر الله له ذنوبه البتة ثم إنه (عليه السلام) نهض وضرب سترا بيننا وبين حرمه وأجلس أهل بيته من وراء الستر ليبكوا على مصاب جدهم الحسين (عليه السلام) ثم التفت إلي وقال لي : يا دعبل ارث الحسين فأنت ناصرنا ومادحنا ما دمت حيا فلا تقصر عن نصرنا ما استطعت قال دعبل : فاستعبرت وسالت عبرتي وأنشأت أقول :
أفاطم لو خلت الحسين مجدلا وقد مات عطشانا بشط فرات
إذا للطمت الخد فاطم عنده وأجريت دمع العين في الوجنات
أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي نجوم سماوات بأرض فلاة
قبور بكوفان وأخرى بطيبة وأخرى بفخ نالها صلواتي
قبور ببطن النهر من جنب كربلاء معرسهم فيها بشط فرات
توافوا عطاشى بالعراء فليتني توفيت فيهم قبل حين وفاتي
إلى الله أشكو لوعة عند ذكرهم سقتني بكأس الثكل والفضعات
إذا فخروا يوما أتوا بمحمد وجبريل والقرآن والسورات
وعدوا عليا ذا المناقب والعلا وفاطمة الزهراء خير بنات
وحمزة والعباس ذا الدين والتقى وجعفرها الطيار في الحجبات
أولئك مشؤومون هندا وحربها سمية من نوكى ومن قذرات
هم منعوا الآباء من أخذ حقهم وهم تركوا الأبناء رهن شتات
سأبكيهم ما حج لله راكب وما ناح قمري على الشجرات
فيا عين بكيهم وجودي بعبرة فقد آن للتسكاب والهملات
بنات زياد في القصور مصونة وآل رسول الله منهتكات
وآل زياد في الحصون منيعة وآل رسول الله في الفلوات
ديار رسول الله أصبحن بلقعا وآل زياد تسكن الحجرات
وآل رسول الله نحف جسومهم وآل زياد غلظ القصرات
وآل رسول الله تدمى نحورهم وآل زياد ربة الحجلات
وآل رسول الله تسبى حريمهم وآل زياد آمنوا السربات
إذا وتروا مدوا إلى واتريهم أكفا من الأوتار منقبضات
سأبكيهم ما ذر في الأرض شارق ونادى منادي الخير للصلوات
وما طلعت شمس وحان غروبها وبالليل أبكيهم وبالغدوات
بكاء الإمام المهدي (عج) على جده الحسين
فقد خاطب جده الحسين (عليه السلام) كما جاء في زيارة الناحية المقدسة : فلأندبنك صباحا ومساءا ولأبكين لك بدل الدموع دما حسرة عليك وتأسفاً على ما دهاك وتلهفا حتى أموت بلوعة المصاب وغصة الاكتئاب ...