بعد اندثار الحكم الأموي حَدَثت فترة تنفّس للشيعة قصيرة، حيث انفسحَ لهم المجال نوعاً ما لزيارة المرقد الشريف بكربلاء وإقامة المناحات حوله، وإظهار حزنهم في العشرة الأولى من محرّم، وخاصّة في يوم عاشوراء، وإعادة الذكريات الأليمة لهذا اليوم المشؤوم، ولكنّها كانت فترة قصيرة حيث لحقتها فترة الحكم العبّاسي الذي كانت مكافحته للنهضة الحسينيّة أعظم بكثير من مقاومة الحكم الأموي.
وقد جرّ الحكم العبّاسي على المرقد الشريف في كربلاء ـ وزائريه والوافدين عليه ومقيمين المناحات والمآتم على الحسين (عليه السلام) ـ ما لم يجرّه الأمويون أيّام سلطانهم؛ لأنّ العبّاسيين ـ الذين لم يتسنّ لهم قَتل الحسين والتمثيل به ـ عَمدوا إلى النيل من قبره المقدّس ومثواه الشريف والموالين له، فأمعَنوا في القبر تخريباً وإهانة، وحالوا ما وَسعهم دون إعادة ذكريات مقتله الأليم، وإقامة المآتم والمناحات عليه.
وكان من بين الذين يمكن أن نجعلهم في مقدّمة الخلفاء العبّاسيين في ذلك هو: أبو جعفر المنصور الدوانيقي الذي كان أوّل ما أمرَ به هو هدم قبر الحسين (عليه السلام)، ومَنع الزوّار من زيارته وإقامة المآتم والمناحات حوله وفي الجهات الأخرى، بخلاف سَلَفه أبي العبّاس السفّاح الذي سايرَ الشيعة كثيراً؛ ليستعينَ بهم ضدّ بقايا الأمويين، إذ سمحَ لهم بإقامة شعائرهم ومآتمهم، وبزيارة قبر الحسين (عليه السلام)، وإقامة العزاء عند قبره، وفي دورهم، ومجتمعاتهم ومحافلهم.
كما أنّ الخليفة المهدي ـ الذي خَلَف المنصور ـ قد تساهلَ مع شيعة علي (عليه السلام)، وأمرَ بأن تُعاد سقيفة قبر الإمام (عليه السلام)، وفسحَ المجال للشيعة الموالين لآل البيت بزيارة القبر الكريم، وإقامة المآتم عنده، وفي دورهم ومجتمعاتهم، وسهّلَ لهم أمر الشخوص إلى القبر الشريف وزيارته.
أمّا الهادي، فنظراً لقلّة مدّة خلافته لم يروِ التاريخ شيئاً عن سوء معاملته للعلويين، ومنعهِ إقامة المناحة على قبر الحسين (عليه السلام).
ولكنّ هارون الرشيد ـ الذي خَلَف المهدي ـ أمرَ بهدم القبر المطهّر، وكرب موضعه، وقصّ شجرة السدرة التي كانت بجوار القبر من جذورها سنة (171 هـ)، ومنعَ إقامة المآتم والمناحات، سواء على القبر، أو في دور ومجتمعات الشيعة ومجالس العزاء.
وبقيت الحال على هذه الوتيرة حتى توفيَ هارون الرشيد في خراسان، ودُفن بطوس سنة (193 هـ)، وأصبحَ ابنه الأمين يتساهل مع الشيعة إلى حدٍ ما، وجدّد بناء سقيفة قبر الحسين (عليه السلام)، وسمحَ لهم بإقامة المآتم والمناحات على القبر وغيره.
كما أخذَ المأمون يُساير الشيعة، وخفّفَ من وطأة الضغط عليهم، وسمحَ تدريجيّاً للوافدين على الطف بزيارة قبر الإمام الشهيد (عليه السلام) وإقامة المآتم حوله، كما فسحَ المجال للشيعة في مختلف البلدان الإسلامية بإقامة العزاء والمناحات على الإمام الشهيد في أيام السنة، وخاصّة خلال العشرة الأولى من محرّم كلّ سنة.
وفي خلافة المعتصم والواثق، كان العلويون في رخاء وحرّية إلى حدٍ ما من حيث عدم الضغط عليهم، كما كانت وفود الزوّار ـ من شيعة آل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ـ ترد على عَهديهما جماعات وأفراد على قبر الإمام الشهيد (عليه السلام) في كربلاء، وتقوم بدورها في إقامة مجالس العزاء والمناحات على ذلك القبر الطاهر وعلى سائر قبور الشهداء، وعَقبَ هارون الرشيد في مطاردة الشيعة حفيده المُستهتر جعفر المتوكِّل، الذي افتتحَ أعماله في الخلافة بمطاردة شيعة علي بن أبي طالب (عليه السلام) وتضييق السبيل عليهم، ومنعَ إقامة أيّة مناحة أو مأتم على الحسين الشهيد (عليه السلام)، وهدّمَ قبره الشريف عدّة مرّات، ثُمّ كرَبهُ وحرثهُ وأسالَ الماء عليه، وأقامَ المراصد والمسالح على السُبل المنتهية إلى المثوى الطاهر، وحجزَ زائريه عن زيارته، وعاقَبهم بالقتل والتمثيل بهم أفضع تمثيل، كلّ ذلك على يد قائده ديزج اليهودي.
ولكنّ ابنه المنتصر عارضَ أباه في كلّ ذلك، بل أعادَ قبر الإمام الشهيد (عليه السلام) إلى ما كان عليه، وأصلحَ القبور حوله، وأطلقَ الحرّية للشيعة في زيارة مثوى الإمام، وإقامة المآتم والمناحات حوله، وفي دورهم ومحلاّت عبادتهم، كما أمرَ بإقامة ميل يَستدلّ به الزائر على قبر الإمام الشهيد.
وفي عهده تزايدَ وفود الزوّار ـ ولا سيّما العلَويون منهم ـ على زيارة قبر الإمام الحسين وإقامة المآتم والعزاء حوله، ثُمّ السُكنى بجواره.
وكان في مقدّمة هؤلاء المجاورين السيّد إبراهيم المُجاب الضرير الكوفي، الجدّ الأعلى لكثير من الأُسر العلويّة في العالَم، وقد وضعَ السيّد إبراهيم الحَجر الأساس لمجالس العزاء والمآتم والمناحات الدائمة على الإمام الحسين حول قبره المطهّر، بصورة منتظمة، وبترتيبٍ مُنسّق، ونزلَ المُجاب كربلاء سنة (247 هـ).
أمّا الخلفاء ـ الذين خَلَفوا المنتصر ـ فكانوا من الضعف، ومن سوء التدبير، وعدم تسلّطهم على السلطة الزمنيّة بحيث لم يبقَ لهم حول ولا قوّة على مجريات الأمور، وكانوا يقنعون بلقب الخلافة وإدارة بعض الشؤون الدينيّة، وإلقاء الخطبة باسمهم على المنابر، أمّا شؤون الدولة وإدارة البلاد فكانت تسير القَهقرى، خاصّة بعد استفحال نفوذ الأتراك الذين اصطفاهم الخلفاء لدرء بعض الأخطار.
ثُمّ أصبحت الأمور بعد ذلك بيد الأُمراء البويهيين لمدّة (133) سنة، أي من سنة (334 هـ) إلى سنة (467 هـ)، ثُمّ انتقلَت منهم إلى يد السلجوقيين الأتراك لمدّة (108) سنة، أي من (467 هـ) إلى (575 هـ).
ومن أجل ذلك، فقد كانت حريّة إقامة العزاء الحسيني تتبع مذهب وسياسة هذه السلطات الحاكمة عَمليّاً في البلاد: كالبويهيين، والسلجوقيين الأتراك وغيرهم.
وفي عهد الناصر لدين الله ـ الذي وليَ الخلافة سنة (575 هـ)، والذي أرادَ أن يعزِّز شؤون الخلافة ويسترجع السلطة من يد السلاجقة ويُعيد هيبتها ـ فقد تنفّسَ الشيعة الصعداء بعض الشيء، وأُطلِقت لهم الحريّة في إقامة المآتم والمناحات على الحسين (عليه السلام).
وكان هذا الخليفة يعطف على العلَويين، ويمنع إيذاءهم ومطاردتهم قَدَر الإمكان، كما قد أجرى إصلاحات كثيرة على مشهد الإمامَين (عليهما السلام) في الكاظمية، وسمحَ بإقامة العزاء والمآتم، ولا سيّما في عشرة عاشوراء في الكرخ ببغداد، وخاصّة في المشهد الكاظمي.
وكذا مَن جاء بعده من الخلفاء: كالظاهر بأمر الله، والمستنصر بالله، الذي آلَ الأمرَ إليه سنة (623 هـ)، وكان مثل جدّه الناصر مُسايراً للشيعة، لا يُمانع من إقامة شعائر المناحة على الإمام الشهيد (عليه السلام).
أمّا المستعصم ـ الذي انقرَضت على عهده الخلافة العبّاسية سنة (656 هـ) ـ فكان ضعيف الرأي والسلطان، وكان يُساير الشيعة ويُظهر ميلاً إليهم أحياناً، ويزور قبور أئمّتهم ويعتَني بها، ويأمر بعمرانها وإجراء الإصلاحات فيها، ويسمح بإقامة المناحات والمآتم على الحسين (عليه السلام)، كما كان يقع أحياناً تحت ضغط المتعصّبين من علماء السُنّة وحاشيته ـ وخاصّة ابنه أبو العبّاس أحمد الحاقد على الشيعة ـ فيتقدّم بمنع إقامة المناحة على الإمام الشهيد (عليه السلام)، وقراءة مقتله يوم عاشوراء بحجة الحَيلولة دون نشوب الفتنة بين الطرفين.
وهكذا كان عزاء الحسين ومأتمه ـ رغمَ جميع المطاردات والمخالفات ـ قائماً كلّ عام في موسمهِ في شهر محرّم الحرام على عهد الخلفاء العبّاسيين، وإنّما تختلف ظروفه من حيث التقلّص والاتساع، والقوّة والضعف، كما مرّ أعلاه، ولكنّه في جميع الأحوال كان يزداد تمكّناً في النفوس واستقراراً في القلوب.
وبعد أن اتّسعت دائرة التشيّع، صارَ الموالون لآل الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقيمون العزاء باسم (النياحة) أو (الرثاء)، بمَشاهد الأئمّة (عليهم السلام) من عترته، أو بمحضر مَن يوثّق بتشيعه وموالاته، أو في المجتمعات العامّة وفي الأسواق والشوارع.
وقد أصبحَ اسم النائح في القرن الثالث الهجري وما بعده، عَلماً لمَن يرثي الحسين أو يقيم النياحة عليه، وصارت مجتمعات النياحة لا تُقام فقط في العراق، بل تعدّته إلى سائر الأقطار الإسلاميّة: كمصر، وإيران، وأنحاء من الجزيرة العربيّة.
وأنقل فيما يلي بعض المروّيات عن مواقف الخلفاء العبّاسيين حيال النياحة على الحسين، مُستقاة من أوثق المصادر، ومرتّبة حَسب ترتيب السنوات:
1 ـ جاء في الصفحة (184) من موسوعة أعيان الشيعة، القِسم الأوّل عند بحثه عن أوّل قُبة أو سقيفة، أُقيمت على قبر الحسين (عليه السلام) من قِبَل قبيلة بني أسد على زمن الأمويين قوله:
(وبقيَت هذه القُبة إلى زمن الرشيد فهدَمَها وكربَ موضع القبر، وكان عنده سدرة فقطعها، وقال السيّد محمّد بن أبي طالب الحسيني الحائري فيما حكى عن كتاب (تسلية الخواطر وزينة المجالس): وكان قد بُني عليه مسجد، ولم يزل كذلك بعد بني أُميّة وفي زمن العبّاسيين إلاّ على زمن هارون الرشيد، فإنّه خَرّبه، وقطعَ السدرة التي كانت نابتة عنده، وكربَ موضع القبر...)، ويوجد إلى الآن باب من أبواب الصحن الشريف يسمّى باب السدرة، ولعلّ السدرة كانت عنده أو بجنبه .
2 ـ في الصفحة (27) من رسالة (نُزهة الحَرَمين في عمارة المشهدَين)، لمؤلِّفها السيّد حسن الصدر الكاظمي، ما نصّه: (ولم يزل مشهد الحسين (عليه السلام) معموراً إلى أيّام الرشيد، أخرجَ الشيخ محمد بن الحسن الطوسي شيخ الطائفة في أماليه، حديث كرب الرشيد قبر الحسين (عليه السلام)، رواه بإسناده إلى المصفن عن يحيى بن مغيرة الرازي، قال: كنتُ عند جرير بن عبد الحميد إذ جاء رجل من أهل العراق، فسألهُ جرير عن خبر الناس؟
فقال: تركتُ الرشيد وقد كربَ قبر الحسين (عليه السلام)، وأمرَ أن تُقطع السدرة التي فيه، فقُطِعت، فرفعَ جرير يده إلى السماء وقال: الله أكبر، جاءنا فيه حديث عن رسول الله (صلّى الله عله وآله وسلّم) أنّه قال: (لعنَ الله قاطع السدرة ثلاثاً)، فلم نقف على معناه حتى الآن؛ لأنّ القصد بقطعه، تغيير مصرع الحسين حتى لا يقف الناس على قبره...).
3 ـ جاء في الصفحة (543) من كتاب (مَقاتل الطالبيين)، عن معاملة مَن خَلفَ هارون الرشيد ـ إلى عهد المعتصم والواثق ـ للعلويين، ما نصّه:
(وكان آل أبي طالب مجتمعين بسرّ مَن رأى في أيّامه، تدور الأرزاق عليهم حتى تفرّقوا في أيّام المتوكِّل...).
ما يلي: (ولمّا توفيَ المعتصم وجلسَ الواثق في الخلافة أحسنَ إلى الناس، واشتملَ على العلويين، وبالغَ في إكرامهم والإحسان إليهم، والتعهّد لهم بالأموال...).
أقول: لقد بويعَ الواثق سنة (227 هـ)، ومات سنة (232 هـ)، وكما مرّ في صدر هذا الفصل: إنّ هذين الخليفتين قد مهّدا السبيل لزوّار قبر الحسين في كربلاء، وأزالا عن طريقهم العَقَبات في إقامة المناحات والمآتم على الإمام الشهيد.
4 ـ جاء في الصفحتين (36 و 37) من المجلّد (7)، من الكامل لابن الأثير عند ذكر حوادث سنة (236 هـ) ما نصّه:
(في هذه السنة أمرَ المتوكِّل بهدم قبر الحسين بن علي (عليهما السلام)، وهَدم ما حوله من المنازل والدور، وأن يُبذر ويُسقى موضع قبره، وأن يمنع الناس من إتيانه، فنادى بالناس في تلك الناحية: مَن وجدناه عند قبره بعد ثلاثة حَبسناه في المطبق، فهربَ الناس وتركوا زيارته وخرّب وزرعَ.
وكان المتوكّل شديد البغض لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ولأهل بيته، وكان يقصد مَن يبلغهُ عنه أنّه يتولّى عليّاً وأهله بأخذ المال والدم.
وكان من جملة ندمائه عُبادة المخنّث، وكان يشدّ على بطنه تحت ثيابه مخدّة، ويكشف رأسه وهو أصلع، ويرقص بين يدي المتوكّل والمُغنّون يغنّون: قد أقبلَ الأصلع البطين، خليفة المسلمين.
يحكي بذلك عليّاً (عليه السلام) والمتوكّل يشرب ويضحك، ففعلَ ذلك يوماً والمنتصر ـ ابنه ـ حاضر، فأومأَ إلى عُبادة يتهدّدهُ، فسكتَ خوفاً منه. فقال المتوكّل: ما حالك؟ فقامَ وأخبره، فقال المنتصر: يا أمير المؤمنين، إنّ الذي يحكيه هذا الكاذب ويضحك منه الناس هو: ابن عمّك وشيخ أهل بيتك وبه فخرك، فكُل أنت لحمه إذا شئت، ولا تُطعم هذا الكلب وأمثاله فيه، فقال المتوكّل للمغنّين: غنّوا جميعاً: غارَ الفتى لابن عمّه ـ رأس الفتى في حرّ أُمّه.
فكان هذا من الأسباب التي استحلّ بها المنتصر قتلَ أبيه المتوكّل.
وقيل: إنّ المتوكّل كان يبغض مَن تقدّمه من الخلفاء المأمون والمعتصم، والواثق في محبّة علي وأهل بيته، وإنّما كان يُنادمه ويجالسه جماعة قد اشتهروا بالنَصب والبغض لعلي، منهم: علي بن الجهم الشاعر الشامي من بني شامه بن لؤي، وعمرو بن فرخ الرخجي، وأبو السمط من ولد مروان بن أبي حفصة من مَوالي بني أُميّة، وعبد الله بن محمد بن داود الهاشمي المعروف بابن أترجه.
وكانوا يخوِّفونه من العلَويين، ويشيرون عليه بإبعادهم والإعراض عنهم والإساءة إليهم، ثُمّ حسّنوا إليه الوقيعة في أسلافهم الذين يعتقد الناس بعلوّ منزلتهم في الدين، ولم يبرَحوا به حتى ظهرَ منه ما كان، فَغطّت هذه السيّئة جميع حَسَناته...).
5 ـ قال ابن خلِّكان ما يلي:
لمّا هدّمَ المتوكّل قبر الحسين في سنة (246 هـ)، قال البسّامي علي بن محمد الشاعر البغدادي المشهور:
تالله إن كـانت أُمـيّة قد أتت قـتلَ ابـن بنت نبيّها مظلوماً
فـلقد أتـاه بـنو أبـيه بمثله هـذا لـعمرك قـبره مهدوماً
أسفوا على أن لا يكونوا شايعوا فـي قـتله فـتتبّعوه رميماً
6 ـ جاء في الصفحة (30) من رسالة (نُزهة أهل الحَرَمين) المارّ ذكرها ما نصّه: وكذلك ما ذكرهُ المَلك المؤيّد إسماعيل أبو الفداء في تاريخه (مختصر أخبار البشر) قال ما لفظه: ثُمّ دَخلَت سنة (236 هـ)، في هذه السنة أمرَ المتوكّل بهدم قبر الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) وهَدم ما حوله من المنازل، ومنعَ الناس من إتيانه. انتهى موضع الحاجة من كلامه.
وكذلك محمّد بن شاكر بن أحمد الكتبي في (فوات الوفيات) قال ما لفظه: (وكان المتوكّل قد أمرَ سنة (236 هـ) بهدم قبر الحسين (عليه السلام)، وهدم ما حوله من الدور، وأن يُعمل مزارع ويُحرَث، ومنعَ الناس عن زيارته ويبقى صحراء، وكان المتوكّل معروفاً بالنصب فتألّم المسلمون لذلك، وكتبَ أهل بغداد شتمهُ على الحيطان، وهِجاء الشعراء).
7 ـ وجاء في الصفحة نفسها من تلك الرسالة: (وفي أمالي شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي: أسندَ مصنّفنا عن القاسم بن أحمد بن معمّر الأسدي الكوفي، وكان له علم بالسِيَر وأيّام الناس، قال: بلغَ المتوكّل جعفر بن المعتصم أنّ أهلَ السواد يجتمعون بنينوى لزيارة قبر الحسين فيصير إلى قبره منهم خلق كثير، فأنفذَ قائداً من قوّاده وضمّ إليه كثيفاً من الجند كثيراً ليكربَ قبر الحسين (عليه السلام)، ويمنع الناس عن زيارته والاجتماع إلى قبره، فخرجَ القائد إلى الطف، وعملَ ما أمرهُ، وذلك سنة (237 هـ) فنادى أهل السواد له واجتمعوا عليه، وقالوا:
لو قُتلنا عن آخرنا لمَا أمسكَ مَن بقيَ منّا عن زيارته، ورأوا من الدلائل ما حَملهم على ما صنعوا، فكتبَ بالأمر إلى الحضرة، فوردَ كتاب المتوكّل إلى القاعد بالكفّ عنه والمسير إلى الكوفة، مُظهراً أنّ مسيرته إليها في مصالح أهلها، والانكفاء إلى المصر فمضى الأمر على ذلك، حتى إذا كانت سنة (247 هـ)، فبلغَ المتوكّل أيضاً مسير الناس من أهل السواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين، وإنّه قد كثُر جمعهم لذلك وصار لهم سوق كبير، فأنفذَ قائداً في جمعٍ كبير من جنده، وأمرَ مُنادياً ينادي ببراءة الذمّة ممّن زارَ قبره، وهدّمَ القبر، وحرثَ أرضه، وانقطعَ الناس عن الزيارة، وعمدَ على التتبّع لآل أبي طالب والشيعة، ففعلَ ولم يتمّ له ما قدّره...).
8 ـ وجاء في الصفحة (31) من الرسالة نفسها ما عبارته: (أمّا المنتصر ـ ابن المتوكّل ـ فأمرَ بعمارة الحائر، وبنى ميلاً على المرقد الشريف أيّام تملّكه ـ كما نصّ المجلسي وغيره ـ وكان تملّكه ستة أشهر...).
9 ـ وأوردَ الطوسي في الأمالي 1: 337 عن عبيد الله بن دانية الطوري ما نصّه: (قال: حَجَجتُ سنة (247 هـ)، فلمّا صدرت من الحج وصرتُ إلى العراق، زرتُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) على حال خيفة من السلطان، ثُمّ توجّهت إلى زيارة قبر الحسين (عليه السلام)، فإذا هو قد حُرثَ أرضه، وفُجر فيها الماء، وأُرسلت الثيران والعوامل في الأرض، فبعيني وبصري كنتُ أرى الثيران تُساق في الأرض، فتنساق لهم حتى إذا حاذَت القبر حادَت عنه يميناً وشمالاً، فتُضرَب بالعصى الضرب الشديد فلا ينفع ذلك، ولا تطأ القبر بوجه، فما أمكنَنَي الزيارة، فتوجّهت إلى بغداد وأنا أقول: تالله، إن كانت أُميّة...) الخ.
أقول: إنّ هذا الأمر كان للمرّة الثانية، وكانت المرّة الأولى سنة (237 هـ)، كما مرّ.
10 ـ وفي الجزء 1: 158 من كتاب (المجالس السَنيّة)، عند ذكر إقدام المتوكّل على حرث قبر الحسين سنة (237 هـ)، وسنة (247 هـ)، وامتناعه في الأولى عن الحرث خشية ثورة الشعب، وإقدامه عليه سنة (247 هـ)، ما نصّه: (حتى كانت سنة (247 هـ)، فبلغَ المتوكّل أيضاً مسير الناس من أهل السواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين، أنّه قد كثُر جمعهم لذلك وصار لهم عون كثير، فأنفذَ قائداً في جمعٍ كثير من الجند، وأمرَ منادياً ينادي: أنّ بَرئت الذمة ممّن زارَ قبر الحسين، وأمرَ بنبش القبر، وحرثَ أرضه، وانقطعَ الناس عن الزيارة).
إلى أن يقول الأمين في المجالس السَنيّة: (ولمّا كان بعض المحبّين قد حضرَ لزيارة الحسين ـ حين أمرَ المتوكّل بحرث القبر الشريف ـ فلم تمكنه الزيارة فتوجّه نحو بغداد وهو يقول:
تـتبّعوكم ورامـوا محوَ فضلكم وخـيّب الله مَـن في ذلكم طمَعا
إنّي وفي الصلَوات الخمس ذِكركم لـدى الـتشهّد لـلتوحيد قد شفعا
11 ـ في الصفحة (636) من كتاب (مَقاتل الطالبيين) السالف الذكر ما نصّه: (أيّام المنتصر، كان المنتصر يُظهر الميل إلى أهل هذا البيت ويخالف أباه في أفعاله، فلم يُجرِ منه على أحد منهم قتل، أو حبس، ولا مكروه، فيما بَلغَنا، والله أعلم).
12 ـ وفي الصفحة (75) المجلّد السابع من الكامل لابن الأثير، طبع لندن، سنة (1865 م) في تاريخ حياة المنتصر، المتوفّى سنة (248 هـ)، ومعاملته للعلَويين ما لفظه: (كان المنتصر عظيم الحلم، راجح العقل، غزير المعروف، راغباً في الخير، جواداً، كثير الإنصاف، حسن العشرة، وأمرَ الناس بزيارة قبر الحسين (عليه السلام)، فأمّنَ العلويين وكانوا خائفين أيّام أبيه المتوكّل وأطلقَ وقوفهم، وأمرَ برد فَدك إلى وِلد الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب (عليهم السلام).
13 ـ جاء في الصفحة (186) من كتاب (أعيان الشيعة) المجلّد الرابع، القسمُ الأول ما عبارته:
(وقامَ بالأمر بعد المتوكّل ابنه المنتصر، فعطفَ على آل أبي طالب وأحسنَ إليهم، وصرفَ فيهم الأموال، وأعادَ القبور في أيّامه، وذكرَ غير واحد من المؤرِّخين بأنّه أمرَ الناس بزيارة قبر الحسين، وإقامة العزاء على الحسين (عليه السلام) .
14 ـ جاء في كتاب (بُغية النبلاء) المارّ ذكره ما نصّه: كانت ببغداد نائحة مُجيدة، حاذقة، تُعرف بخلب تنوح بقصيدة الناشئ، فسمعناها في دور بعض الرُؤساء؛ لأنّ الناس إذ ذاك كانوا لا يتمكنون من النياحة إلاّ بعزّ سلطان أو سرّاً لأجل الحنابلة، ولم يكن النوح إلاّ مَراثي الحسين وأهل البيت (عليهم السلام) فقط، من غير تعريض بالسَلف.
قال: فَبلَغَنا أنّ البربهاري قال: (بَلغَني أنّ نائحة يقال لها خلب تنوح، اطلُبوها فاقتُلوها).
أقول: إنّ البربهاري توفيَ سنة (329 هـ)، وكان الحادث أعلاه سنة 323 هـ،
15 ـ وفي (بُغية النُبلاء) أيضاً صفحة (161) ما نصّه:
(قال: الخالع... قال: كنتُ مع والدي سنة (346 هـ) ـ وأنا صبي ـ في مجلس الكبوذي، في المسجد الذي بين الوارقين والصاغة ببغداد، وهو غاص بالناس، وإذا رجل قد وافى وعليه مرقعة، وبين يديه سطيحة وركوة، ومعه عكّاز، وهو شعث، فسلّم على الجماعة بصوت رفيع، ثُمّ قال: أنا رسول فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها)، فقالوا: مرحباً بك وأهلاً ورفعوه. فقال: أتعرِّفون لي أحمد المزوّق النائح؟ فقالوا: ها هو جالس، فقال: رأيتُ مولاتنا (عليها السلام) في النوم فقالت لي: امضِ إلى بغداد واطلبه وقل له: نِح على ابني بشعر الناشئ الذي يقول:
بني أحمد قلبي لكم يتقطّع بمثل مصابي فيكم ليس يُسمع
وكان الناشئ حاضراً فلطمَ لطماً عظيماً على وجهه، وتبعهُ المزوِّق والناس كلّهم، وكان أشدّ الناس في ذلك الناشئ، ثُمّ المزوِّق، ثُمّ ناحوا بهذه القصيدة في ذلك اليوم إلى أن صلّى الناس الظهر، وتقوّض المجلس وجهدوا بالرجل أن يقبل شيئاً منهم فقال: والله لو أُعطيت الدنيا ما أخذتها، فإنّني لا أرى أن أكون رسول مولاتي (عليها السلام) ثُمّ آخذُ عن ذلك عوضاً، وانصرفَ ولم يقبل شيئاً قال: ومن هذه القصيدة، وهي بضعة عشر بيتاً:
عـجبتُ لـكم تَفنون قتلاً بسيفكم ويسطو عليكم مَن لكم كان يخضع
كـأنّ رسـول الله أوصى بقتلكم وأجـسامكم في كلّ أرض تُوزّع
أقول: أمّا الناشئ فهو علي بن عبد الله بن وصيف، أبو الحسن، المولود سنة ( 271 هـ )، والمتوفّى سنة (365 هـ) والمدفون في مقابر قريش ـ الكاظميين ـ وكان يعمل الصفر ويخرمه، وله فيه صنعة بديعة، وكان شاعراً يمدح أهل البيت فسُمّي شاعراً أهل البيت.
16 ـ جاء في (إرشاد الأريب) لمؤلِّفه ياقوت الحمومي، صفحة (335) المجلّد (5) ما نصّه:
(وحدّثنا الخالع قال: اجتزتُ بالناشئ يوماً وهو جالس في السرّاجين، فقال لي: قد عملتُ قصيدة وقد طُلبت، وأريد أن تكتبها بخطّك حتى أُخرجها، فقلتُ: أمضي في حاجة وأعود، وقصدتُ المكان الذي أردته وجلست فيه، فحَملَتني عيني فرأيتُ في منامي أبا القاسم عبد العزيز الشطرنجي النائح، فقال لي: أحبُ أن تقوم فتكتب قصيدة الناشئ البائيّة، فإنّا قد نحتاجها بالمشهد، وكان هذا الرجل قد توفيَ وهو عائد من الزيارة، فقمتُ ورجعت إليه وقلت: هات البائيّة حتى أكتُبها فقال: من أين علمتَ أنّه بائيّة وما ذكرتُ بها أحداً؟ فحدّثته بالمنام، فبكى، وقال: لا شكّ أنّ الوقت قد دنا فكتبتُها، وكان أوّلها:
رجائي بعيد والممات قريب ويخطئ ظنّي والمنون تعيب
وهي في رثاء الإمام الشهيد (عليه السلام)).
17 ـ جاء في كتاب (الأنوار الحسينيّة) لمؤلّفه الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء قال: (زارَ كربلاء الشريف الرضي سنة (386 هـ)، وشاهد قوماً يبكون ويتضرّعون عند قبر الحسين (عليه السلام)، فهرولَ إليهم وأخذَ يرثي الحسين بقصيدته المشهورة).
18 ـ روى صاحب كتاب ( القمام) فرهاد ميرزا، بسنده عن الشيخ ابن حكيم عبد الله بن إبراهيم، جامع ديوان الرضي قال: زارَ الشريف الرضي كربلاء لآخر مرّة، ورَثى الحسين عند قبره بقصيدة مشهورة، وهي آخر ما أنشدهُ من
الشِعر، فلذا لم تثبت في ديوانه فنثبت مطلعها:
كـربلا لازلـتِ كرباً وبلا ما لقى عندكِ آل المصطفى
كم على تُربك لمّا صرعوا من دمٍ سالَ ومن دمعٍ جرى
أقول: وللسيّد الرضي هذه الأبيات في بكاء الحسين:
لو رسول الله يحيى بعده قـعدَ الـيوم عليه للعزا
يا رسول الله لو عاينتهم وهـم ما بين قتلٍ وسِبا
لرأت عيناك منهم منظراً للحشى شجواً وللعين قذا
19 ـ نقلَ كتاب (المواكب الحسينيّة)، لمؤلِّفه عبد الرزاق الحائري الأصفهاني، عن كتاب (عُمدة الأخبار) صفحة (43) ما نصّه:
(إنّ السيّد المرتضى (رحمه الله) زارَ الحسين بكربلاء في يوم عاشوراء سنة (396 هـ)، مع جمع من أصحابه وتلامذته، فوجدَ هناك جمعاً من الأعراب يضربون على الخدود، ويلطمون على الصدور، وينوحون ويبكون، فدخلَ معهم السيّد مع تلامذته وهو يلطم على صدره ورأوه ينشد:
(كربلاء لا زلتِ كرباً وبلا...) إلى آخر القصيدة المنظومة من قِبَل أخيه الشريف الرضي).
20 ـ جاء في حوادث سنة (401 هـ) من كتاب (مرآة الجنان وعبرة اليقظان) لمؤلّفه اليافعي، في أوّل الجزء الثاني منه، ما نصّه:
(إنّ القادر بالله العبّاسي أبطلَ عاشوراء الرافضة، وأبادَ الحراميّة والشطار).
21 ـ جاء في (تاريخ المشهد الكاظمي) لمؤلّفه الشيخ محمد حسن آل ياسين ما نصّه:
(وفي سنة (441 هـ) منعَ الشيعة من إقامة ما جرت العادة بفعله يوم عاشوراء في المشهد الكاظمي وغيره، وحَدثت على أثر ذلك فتنة كبرى، لعلّها كانت مفتاح الفتن التي ستأتي الإشارة إليها...).
وقد أيّد هذا الحادث كتاب (تاريخ الإمامَين الكاظميين) لجعفر نقدي.
22 ـ جاء في الصفحة (70) من كتاب (عمران بغداد)، لمؤلّفه السيّد محمد صادق الحسيني (نشأة) ما يلي:
(منعَ النوح على آل البيت ونتائجه، وفي سنة (422 هـ) منعَ أهل الكرخ عن إتيان ما جرت عادتهم بفعله يوم عاشوراء، من النوح على الإمام الحسين (عليه السلام) فلم يقبلوا، فجرت بينهم وبين السُنّة فتنة عظيمة، قُتل فيها كثير من الناس، ولم ينفصل الشر بينهم حتى عَبرَ الأتراك الكرخ وخرّبوا خيامهم هناك).
23 ـ يروي ابن الجوزي في (المنتظم) المجلّد التاسع، صفحة (207) ما عبارته:
(إنّ دبيس بن صدقة بن منصور الأسدي، زارَ قبر الحسين في كربلاء سنة (513 هـ)، وكان شجاعاً، أديباً، شاعراً، مَلكَ الحلة بعد والده وحَكمها زهاء (17) عاماً، قُتل سنة (529 هـ) بتحريض السلطان مسعود السلجوقي.
ولمّا وردَ كربلاء دخلَ إلى الحائر الحسيني باكياً حافياً، متضرِّعاً إلى الله أن يمنّ عليه بالتوفيق وينصره على أعدائه، ولمّا فرغَ من مراسم الزيارة أمرَ بكسر المنبر الذي كان يخطب عليه باسم الخليفة العبّاسي عند صلاة الجمعة، قائلاً: لا تُقام في الحائر الحسيني صلاة الجمعة، ولا يخطب هنا لأحد).
24 ـ جاء في الصفحة (96) من كتاب (تاريخ كاظمين)، المارّ ذكره ـ بعد ذكر حادث عودة الخليفة المسترشد بالله من التنكيل بدبيس بن صدقة إلى بغداد ـ ما تعريبه عن اللغة الفارسيّة:
(وعند وصول الخليفة إلى بغداد، أقامَ سلطانها المهرجانات والأفراح لذلك، وقد صادفَ يوم دخوله بغداد يوم العاشر من محرّم سنة (517 هـ) ـ (1123 م)، وإقامة مراسم العاشوراء والعزاء الحسيني من قِبَل الشيعة على فاجعة كربلاء، وقد استغلّ الرعاع من أهالي بغداد هذه المناسبة، وقيام الشيعة بأداء شعارات أحزانهم وما اعتادوا عليه من إقامة المأتم الحزين، فتوجّهوا نحو المشهد الكاظمي ودخلوه عنوة، وشرَعوا في نهب محتوياته الثمينة...).
25 ـ في الصفحة (86) من كتاب (عمران بغداد) السالف الذكر ما نصّه: (أمّا الحوادث الداخليّة المهمّة التي حَدَثت في عهد الناصر ببغداد فهي: أنّ الشيعة أخذت بالظهور شيئاً فشيئاً، حتى عادوا بإقامة المأتم بأمر الوزير هبة الله بن علي).
أقول: إنّ الخليفة الناصر لدين الله حَكمَ من سنة (575 هـ) إلى سنة (622 هـ).
26 ـ وفي كتاب (الحوادث الجامعة) لابن الفوطي، صفحة (152) و (155) قال: (وفي سنة (640 هـ) حدثَ حريق في مشهد سامراء، فأتى على ضريحي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام)، فتقدّمَ الخليفة المستنصر بالله بعمارة المشهد المقدّس والضريحين الشريفين وإعادتهما إلى أجمل حالاتهما...) الخ.
أقول: توفيَ المستنصر في (10) جمادي الثانية سنة (640 هـ).
27 ـ وفي الصفحة (185) من الكتاب نفسه يقول: (وفي 17 رجب سنة 641 قصدَ المستعصم مشهد موسى بن جعفر (عليهما السلام) وكان يوماً مطيراً، ونزلَ عن مركوبه من باب سور المشهد، وانحدرَ في 4 شعبان إلى زيارة سلمان (رحمه الله)).
وفي الصفحة (244) منه: (إنّ المستعصم أمرَ سنة (647 هـ) بعمارة سور مشهد موسى بن جعفر (عليهما السلام)).
وفي الصفحة (257) منه: (إنّ المستعصم زارَ النجف بعد أن لبسَ سراويل الفتوّة من أمير المؤمنين (عليه السلام)، فلبسَ الخليفة السراويل عند الضريح الشريف، وذلك سنة 649 هـ).
28 ـ جاء في (الحوادث الجامعة) أيضاً، صفحة (183) ما نصّه: (وفي سنة (641) تقدّم المستعصم، إلى جمال الدين عبد الرحمان بن الجوزي المحتسب، بمنع الناس من قراءة المقتل في يوم عاشوراء، والإنشاد به في سائر المحال بجانبي بغداد، سوى مشهد موسى بن جعفر (عليهما السلام)).
وفي الصفحة (248) منه أيضاً يقول: (وفي محرّم سنة (648 هـ) تقدّم المستعصم بمنع أهل الكرخ والمختارة من النياحة والإنشاد، وقراءة مقتل الحسين، خوفاً من تجاوز ذلك إلى ما يؤدّي إلى وقوع الفتنة...).
29 ـ جاء في الصفحتين (115 و 116) من كتاب (تاريخ كاظمين) باللغة الفارسيّة، لميرزا عبّاس فيض ما ترجمته:
(والذي ساعدَ على انتشار العمران في المشهد الكاظمي هو: إقبال البغداديين على السكنى هناك، على عهد الخليفة المستعصم بالله؛ لأنّ هذا الخليفة كان قد أوعزَ إلى جمال الدين عبد الرحمان بن يوسف الجوزي، بأن يمنع إقامة العزاء الحسيني والمأتم على الإمام الشهيد (عليه السلام) في جميع أنحاء البلاد عدا المشهد الكاظمي، حيث أطلقَ الحريّة لسكّانه بإقامة الحِداد الذي اعتادوا عليه، والنياحة على الحسين (عليه السلام).
وهكذا منعَ الشيعة في بغداد حتى عن قراءة المقتل وإنشاد قصائد الرثاء، وإقامة النياحات والعزاء بصورة عَلنيّة، لذلك انتقلَ كثير من هؤلاء الشيعة إلى المشهد الكاظمي واستوطنوه، حيث كانت الحريّة قد أُطلِقت فيه لإقامة هذا المأتم، وحتى أنّ كثيراً من سكّان سائر مُدن العراق كانوا يفدون على هذا المشهد في شهري محرّم وصفر من كلّ سنة؛ للاشتراك في الأحزان الحسينيّة، ويمكثون فيه طيلة هذين الشهرين).
30 ـ جاء في كتاب (التشيّع والشيعة) المارّ ذكره، ما نصّه: (وكان الكرخ في بغداد على عهد العبّاسيين وبعدهم محلّة الروافض، وكانوا قد كثروا فيها، فأخذوا يُبارون العامّة في الاحتفال بالمراسم والأعياد، وبَنوا على قبور أئمّتهم في النجف، وكربلاء، والكرخ، وسامراء، وجعلوها مشاهد ومزارات، واتّخذوا إقامة النياحات على الحسين أيام عاشوراء سُنّة لهم).
31 ـ جاء في الصفحة (176) من مجلّة (تاريخ إسلام) باللغة الفارسيّة، العدد المؤرّخ محرّم (1388 هـ) عند ذكر المدعو أبو العبّاس أحمد، الابن الأكبر للخليفة المستعصم، آخر الخلفاء العبّاسيين وولي عهده وحِقد هذا على الشيعة ما ترجمته: (وكان الكثير من مُلازمي أبي العبّاس بن المستعصم يلقّنونه باستمرار بلزوم إيذاء الشيعة في بغداد والإضرار بهم، حتى أدّى الأمر إلى أن يخرج من حالته الطبيعيّة وأصبحَ كشعلة نار ضدّ الشيعة، وأوعزَ ـ خلافاً لمشيئة أبيه ـ إلى فرقة من الجيش المُدجّج بالسلاح بالإغارة على محلّة الشيعة في الكرخ، حيث أوغلوا في قتل الرجال، والنساء، والشيوخ، والأطفال، وسلب أموالهم ونَهبها، وحتى أنّ الجنود أسّروا كثيراً من الهاشميات في هذه المحلّة، وسبوهنّ إلى أماكن لم يُعلم بها أحد).