حياة الامام الحسين قبل مقتله
مقتل الامام عليه السلام

الإحاطة التامة
أحاط «الجيش الإموي» بمعسكر الإمام الحسين (عليه السّلام) إحاطة تامّة ، وأشرفوا عليه إشرافاً كاملاً ، فما من حركة يتحرّكها الإمام أو أحد في معسكره إلاّ ويشاهدها جيش الخلافة كله بوضوح تام ، وما من كلمة يتلفّظ بها الإمام أو أحد من معسكره إلاّ ويسمعها جيش الخلافة . إنها حالة من الإحاطة التامة .
وكمثال على ذلك نسوق بعض ما رواه الطبري في تاريخه :
أقبل زجر بن قيس أحد قادة جيش الخليفة البارزين في كربلاء حتّى دخل على يزيد بن معاوية ، فقال له يزيد : ويحك ! ما وراءك وما عندك ؟
فقال زجر : أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله ونصره ؛ ورد علينا الحسين بن علي في ثمانية عشر من أهل بيته ، وستّين من شيعته ، فأحطنا بهم من كل ناحية حتّى أتينا على آخرهم ... (1) .
وما يعنينا من هذه الرواية هو شهادة هذا القائد أمام الخليفة بأن جيش الخلافة قد أحاط بمعسكر الإمام الحسين (عليه السّلام) من كل ناحية ، ويؤيد هذه الشهادة أن الإمام الحسين (عليه السّلام) قد قال لأصحابه : (( قوموا فاحفروا لنا حفرةً حول عسكرنا هذا شبه الخندق ، وأجّجوا فيه النار حتّى يكون قتال القوم من وجه واحد ))(2) .
وأسرّ الحسين (عليه السّلام) لأهل بيته ولأصحابه بأن يقرّب بعضهم بيوتهم من بعض ، وأن يدخلوا الأطناب بعضها في بعض ، وأن يكونوا بين البيوت فيستقبلوا القوم من وجه واحد ,
والبيوت من ورائهم وعن أيمانهم وشمائلهم ...(3) .
الوضع الأمثل لإقامة الحجة قبل بدء القتال
إنه وإن كان ذلك الوضع من الناحية العسكرية كارثة محقّقة على الإمام الحسين (عليه السّلام) وأهل بيت النبوة , ومَن والاهم وأقام في معسكرهم ، إلاّ أنه من ناحية ثانية هو الوضع الأمثل لإقامة الحجة على القوم قبل القتال ، فإذا تكلم الإمام الحسين (عليه السّلام) بذلك الوضع فإنّ بإمكان جيش الخلافة كله أن يسمع كلامه ؛ فالجيش يحيط به من كل جانب ، ولا يبعدون عنه إلاّ بضع عشرات من الأمتار ، فكأن الله سبحانه وتعالى قد جمعهم على هذه الصورة ليمكّن الإمام الحسين (عليه السّلام) من إقامة الحجة عليهم ؛ تمهيداً لإنزال العذاب بهم .
فلو لم يخرج الإمام الحسين (عليه السّلام) ويصل إلى كربلاء لحلف الذين أجرموا من أهل العراق لله وبالله أنه لو جاءهم الإمام الحسين (عليه السّلام) لنصروه ، فالله سبحانه وتعالى يعلم أنهم لكاذبون ، ولكن وفق مقتضيات العدل الإلهي يجب أن يقع الفعل , ويجب أن تقوم الحجة حتّى تحق كلمة العذاب على الذين أجرموا .
وها هو يزيد ، وعبيد الله بن زياد ، وأركان دولة الخلافة يحشرون جيش العراق وأهل الكوفة عن بكرة أبيهم , وفيلقاً من فيالق جيش الشام , ودون أن يدروا , ليتمكّن الإمام الحسين (عليه السّلام) من إقامة الحجة عليهم , وليشهدوا على أنفسهم من حيث لا يشعرون .
إقامة الحجة على أهل الكوفة خاصة
لأن أهل الكوفة هم الذين كتبوا له , وأرسلوا له الرسل ، وبايع مسلم بن عقيل منهم ثمانية عشر ألفاً ؛ لأنه بناءً على هذا كله توجّه الإمام الحسين (عليه السّلام) إلى العراق ؛ فقد ركّز الإمام تركيزاً خاصاً على إقامة الحجة كاملة على أهل الكوفة ؛ فهم يعرفون الإمام (عليه السّلام) ، ويعرفون كراماته ، وقربه من النبي ، وعظيم مكانته ، ويعرفون أنّ الإمام الحسين (عليه السّلام) على حق ، وأنه الممثل الشرعي لهذا الحق ، ويعرفون والده الإمام علي (عليه السّلام) ، ومكانته العالية ، وعدله ، وصبره ، ورحمته بالعباد ، والتزامه الصارم بالشرعيّة الإلهية . وهم يعرفون أيضاً بني اُميّة ، وتاريخهم الدموي الأسود ، وظلمهم الذي جاوز المدى ، وبشاعة حكمهم ، ومعاداتهم الصارمة للشرعية الإلهية ، وجهلهم بها ، وتجاهلهم لها .
ويبدو أنّ الإمام (عليه السّلام) لم يقطع الرجاء بنصرة أهل الكوفة له حتّى بعد أن وصل إلى كربلاء ، فهل يعقل أن يبايعه ثمانية عشر ألفاً ولا يفي له منهم بهذه البيعة مئة ؟!
كان بإمكان الإمام أن يرجع من الطريق قبل أن يلقاه الحرّ ومعه طليعة جيش الخلافة ، لكنه رأى أنه ملزم أخلاقياً ودينياً بالقدوم إلى الكوفة من أجل الذين كتبوا له ، وأرسلوا له الرسل ، ومن أجل الثمانية عشر ألفاً الذين بايعوا ابن عمه مسلم بن عقيل , فهل يعقل أن يتخلى عنه أهل الكوفة بهذه السهولة وأن يتركوه وحيداً ؟!
ثمَّ ما الذي أجبرهم على كتابة كتب الدعوة وإرسال الرسل ؟! تلك اُمور لا تُصدق بالفعل . وهل قضية الكتب والرسل مؤامرة من معاوية وابنه كما أسلفنا ووثّقنا ؟ فإذا كانت الكتب والرسل أجزاء من مؤامرة وفصول فيها ، فما هو موضوع بيعة الثمانية عشر ألفاً الذين شهد مسلم بن عقيل بأنهم قد بايعوه ؟ وهل يعقل أن تكون فصلاً من المؤامرة , وأنها نوع من الاختراق ، أو تغلغل مخابرات دولة الخلافة ؟
وما يعنينا هو أن الإمام الحسين (عليه السّلام) قد ركّز تركيزاً خاصاً على إقامة الحجة على أهل الكوفة من خلال رسائله التي أشرنا إلى بعضها , وسنشير إلى بعض آخر منها ، ومن خلال تصريحاته ، ومن خلال خطبه التي انتهت كلها إلى أسماع أهل الكوفة وإلى أسماع جيش الخلافة .
تقريع الإمام (عليه السّلام) لأهل الكوفة
عبَّأ عمر بن سعد جيش دولة الخلافة لمحاربة الإمام الحسين (عليه السّلام) ، ورتّبهم في مراتبهم ، وأقام السرايا في مواضعها . وعبّأ الإمام الحسين (عليه السّلام) أصحابه في الميمنة والميسرة , فأحاطوا بالحسين من كل جانب حتّى جعلوه في مثل الحلقة ، فخرج الحسين (عليه السّلام) من أصحابه حتّى أتى الناس فقال لهم : (( ويلكم ! ما عليكم أن تنصتوا إليّ فتسمعوا قولي ، وإنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد ، فمن أطاعني كان من الراشدين ، ومَن عصاني كان من المهلَكين ، وكلكم عاصٍ لأمري , غير مستمع لقولي ، قد انخزلت اُعطياتكم من الحرام ، ومُلئت بطونكم من الحرام ، فطُبع على قلوبكم . ويلكم ! ألا تنصتون , ألا تسمعون ؟ )) .
فتلاوم أصحاب عمر بن سعد وقالوا : أنصتوا له .
ربما تصوروا أن الإمام (عليه السّلام) سيعلن استسلامه , فقال الإمام الحسين (عليه السّلام) : (( تبّاً لكم أيتها الجماعة وترحاً ! أفحين استصرختمونا ولهين متحيرين ، فأصرخناكم مؤدّين مستعدين ، سللتم علينا سيفاً في رقابنا ، وحششتم علينا نارَ الفتنة التي جناها عدوكم وعدونا ، فأصبحتم إلباً على أوليائكم ، ويداً عليهم لأعدائكم ، بغير عدلٍ أفشوه بكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ، إلاّ الحرام من الدنيا أنالوكم , وخسيس عيشٍ طمعتم فيه ، من غير حدث كان منّا ، ولا رأي تفيّل لنا !
فهلاّ ـ لكم الويلات ! ـ إذ كرهتمونا وتركتمونا ، تجهزتموها والسيف لم يشهر ، والجأش كامن ، والرأي لم يستحصف ، ولكن أسرعتم علينا كطيرة الدّبا ، وتداعيتم إليها كتداعي الفراش ، فقبحاً لكم ! فإنما أنتم من طواغيت الاُمّة ، وشذّاذ الأحزاب ، ونبذة الكتاب ، ونفثة الشيطان ، وعصبة الآثام ، ومحرفي الكتاب ، ومطفئ السنن ، وقَتلة أولاد الأنبياء , ومبيري عترة الأوصياء ، وملحقي العهار بالنسب ، ومؤذي المؤمنين ، وصراخة أئمة المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين .
وأنتم ابن حرب وأشياعه تعتمدون ، وإيّانا تخذلون ؟! أجل والله ، الخذل فيكم معروف ، وشجت عليكم عروقكم ، وتوارثته اُصولكم وفروعكم , ونبتت عليه قلوبكم ، وغشيت صدوركم ، فكنتم أخبث شيء سنخاً للناصب ، وأكلة للغاصب ، ألا لعنة الله على الناكثين الذين نقضوا الأيمان بعد توكيدها ، وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً , فأنتم والله هم .
ألا إنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين ؛ بين القلة والذلة ، وهيهات ما آخذ الدنية ! أبى الله ذلك ورسوله ، وجدود طابت , وحجور طهرت ، واُنوف حمية ، ونفوس أبية لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام . ألا قد اُعذرت وأنذرت .
ألا إنّي زاحف بهذه الاُسرة على قلّة العتاد وخذلة الأصحاب )) .
ثمَّ أنشد يقول :
(( فإن نهزِم فهزّامون قدماً وإن نُهزم فغيرُ مُهزّمينا
وما إنْ طبّنا جبنٌ ولكن مـنايانا ودولةُ آخرينا
أما إنه لا تلبثون بعدها إلاّ كريث ما يُركب الفرس حتّى تدور بكم دور الرحى ؛ عهد عهده إليّ أبي عن جدي ، فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ فكيدوني جميعاً ثمَّ لا تنظرون ، إنّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .
اللّهمَّ احبس عنهم قطر السماء ، وابعث عليهم سنين كسني يوسف ، وسلّط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأساً مصبرة فلا يدع فيهم أحداً ؛ قتلة بقتلة ، وضربة بضربة , ينتقم لي ولأوليائي , ولأهل بيتي وأشياعي منهم ، فإنهم غرّونا وكذبونا وخذلونا ، وأنت ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير )) .
ثمَّ قال : (( أين عمر بن سعد ؟ ادعوا لي عمر )) .
فدعي له ، وكان كارهاً لا يحب أن يأتيه ، فقال : (( يا عمر ، أنت تقتلني ؟! تزعم أن يولّيك الدعي ابن الدعي بلاد الري وجرجان ؟ والله لا تتهنّأ بذلك أبداً ؛ عهداً معهوداً ، فاصنع ما أنت صانع ؛ فإنك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة ، ولكأني برأسك على قصبة قد نُصب بالكوفة يتراماه الصبيان ، ويتّخذونه غرضاً بينهم ))(4) .
الإمام (عليه السّلام) يقيم الحجة على جيش الخليفة وقيادته
بعث عمر بن سعد بن أبي وقاص قرة بن قيس الحنظلي فقال له : ويحك يا قرة ! ألقِ حسيناً فسله ما جاء به وماذا يريد ؟
وجاء قرة وأبلغه رسالة عمر بن سعد إليه , فقال الحسين (عليه السّلام) : (( كتب إليَّ أهل مصركم أن اقدم ، فأمّا إذ كرهوني فأنا أنصرف عنهم ))(5) .
وروى الخوارزمي أن الإمام (عليه السّلام) قال : (( يا هذا , أبلغ أصاحبك عني أنّي لم أرد هذا البلد ، ولكن كتب إليَّ أهلُ مصركم هذا أن آتيهم فيبايعونني , ويمنعونني ، وينصروني ولا يخذلوني ، فإن كرهوني انصرفت عنهم من حيث جئت ))(6) .
وروى الدينوري أنّ الإمام الحسين (عليه السّلام) قال : (( أبلغه عنّي أن أهل هذا المصر كتبوا إليّ يذكرون أن لا إمام لهم ، ويسألونني القدوم عليهم ، فوثقت بهم ، فغدروا بي بعد أن بايعني منهم ثمانية عشر ألف رجل ، فلما دنوت علمت غرور ما كتبوا به إليّ , أردت الانصراف إلى حيث أقبلت فمنعني الحر بن يزيد حتّى جعجع بي في هذا المكان ، ولي بك قرابة قريبة ورحم ماسة , فأطلقني حتّى أنصرف ))(7) .
وأحاط رسول ابن سعد بن أبي وقاص بكل كلمة قالها الإمام الحسين (عليه السّلام) ، وتولّى ابن سعد نقل كل ما قاله الإمام الحسين (عليه السّلام) إلى عبيد الله بن زياد ، فأجابه ابن زياد : أعرض على الحسين أن يبايع ليزيد بن معاوية هو وجميع أصحابه ، فإن فعل ذلك رأينا فيه رأينا .
فأرسل عمر بن سعد كتاب ابن زياد إلى الحسين ، فقال الإمام الحسين (عليه السّلام) للرسول : (( لا اُجيب ابن زياد بذلك ، فهل هو إلاّ الموت فمرحباً به ))(8) .
ومن الطبيعي أن يسمع الجيش المتمركز في كربلاء بكل ما قاله الإمام (عليه السّلام) ، وكل ما قاله عمر بن سعد ، وكل ما قاله عبيد الله بن زياد ؛ فالجيش مشدود كالوتر ، ويترقب الأمر ببدء القتال ثانية بثانية .
وأرسل الإمام (عليه السّلام) إلى عمر بن سعد : (( إنّي اُريد اُكلمك فالقني الليلة بين عسكري وعسكرك )) .
والتقى الاثنان ، فقال له الإمام الحسين (عليه السّلام) : (( ويلك يابن سعد ! أما تتقي الله الذي إليه معادك ؟! أتقاتلني وأنا ابن مَن علمت ؟! ذر هؤلاء القوم وكن معي فإنه أقرب لك إلى الله تعالى )) .
فقال ابن سعد : أخاف أن تُهدم داري .
فقال الحسين (عليه السّلام) : (( أنا أبنيها لك )) .
فقال ابن سعد : أخاف أن تُؤخذ ضيعتي .
فقال الإمام الحسين (عليه السّلام) : (( أنا أخلف عليك خيراً منها من مالي بالحجاز )) .
فقال ابن سعد : أنا لي عيال وأخاف عليهم . ثمَّ سكت ، فانصرف عنه الإمام الحسين (عليه السّلام) وهو يقول : (( ما لك ؟! ذبحك الله على فراشك ، ولا غفر لك يوم حشرك . فوالله إني لا أرجو أن لا تأكل من بُر العراق إلاّ يسيراً )) .
فقال ابن سعد مستهزئاً من قول الإمام (عليه السّلام) : في الشعير كفاية عن البر(9) .
وعندما نزل الإمام الحسين (عليه السّلام) في كربلاء كتب له عبيد الله بن زياد كتاباً مليئاً بالغرور والغطرسة , طلب منه في نهايته أن ينزل على حكمه وحكم يزيد بن معاوية , وأرسل عبيد الله ابن زياد هذا الكتاب مع رسول من خواصه ، فلما قرأه الإمام الحسين (عليه السّلام) رماه أمام الرسول , فطلب منه الرسول جواباً على كتاب عبيد الله بن زياد , فقال الإمام الحسين (عليه السّلام) : (( ما له عندي جواب ؛ لأنه قد حقّت عليه كلمة العذاب )) .
فعاد الرسول وأخبر عبيد الله بن زياد بما قاله الإمام (عليه السّلام) , فجُنّ جنونه من الغضب(10) .
وتقدّم الإمام (عليه السّلام) حتّى وقف بإزاء القوم ، ونظر إلى ابن سعد واقفا في صناديد الكوفة ، فقال الإمام : (( الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال ، متصرفة بأهلها حالاً بعد حال ، فالمغرور من غرّته ، والشقي مَن فتنته ، فلا تغرنّكم هذه الدنيا ؛ فإنها تقطع رجاء مَن ركن إليها ، وتخيب طمع من طمع فيها .
وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم ، وأعرض بوجهه الكريم عنكم ، وأحلّ بكم نقمته ، وجنبكم رحمته ، فنعم الرب ربنا ، وبئس العبيد أنتم ! أقررتم بالطاعة ، وآمنتم بالرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله) , ثمَّ إنكم زحفتم إلى ذرّيته وعترته تريدون قتلهم ! لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم ، فتباً لكم ولما تريدون ! إنّا لله وإنا إليه راجعون ، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعداً للقوم الظالمين ! )) .
فقال عمر بن سعد : ويلكم كلموه !
فتقدم شمر بن ذي الجوشن فقال : يا حسين , ما هذا الذي تقول ؟ أفهمنا حتّى نفهم .
فقال الإمام الحسين (عليه السّلام) : (( اتقوا الله ربكم ولا تقتلوني ؛ فإنه لا يحلّ لكم قتلي ، ولا انتهاك حرمتي ؛ فإنّي ابن بنت نبيكم ، وجدتي خديجة زوجة نبيكم ، ولعلّه قد بلغكم قول نبيكم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ))(11) .
ودنا الجيش (الإسلامي) من معسكر الإمام ، فدعا الإمام براحلته فركبها ، ونادى بأعلى صوته : (( أيها الناس , اسمعوا قولي ولا تعجلوني حتّى أعظكم بما لَحقٌ لكم عليَّ , وحتى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم ؛ فإن قبلتم عذري , وصدّقتم قولي ، وأعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد ، ولم يكن لكم عليَّ سبيل ، وإن لم تقبلوا عذري ، ولم تُعطوا النصف من أنفسكم ( فأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلاَ تُنْظِرُونِ)(يونس / 71) , (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ)(الأعراف / 196) )) .
لما سمعت أخواته وبناته كلام الإمام (عليه السّلام) صحن وبكين ، وارتفعت أصواتهن , وسمع الجيش (الإسلامي) نحيب بنات الرسول وبكاءهن , فأرسل الإمام أخاه العباس بن علي وعلياً ابنه (عليهم السّلام) , وقال لهما :(( اسكتاهنّ ، فلعمري ليكثرن بكاؤهن )) .
وبعد ذلك حمد اللهَ الإمامُ ربَّه وشكره , وصلّى على نبيه وآله , ثمَّ قال : (( أمّا بعد , فانسبوني فانظروا مَن أنا ، ثمَّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها ، فانظروا هل يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي ؟ ألستُ ابنَ بنت نبيكم (صلّى الله عليه وآله) , وابنَ وصيه وابنِ عمه , وأولِ المؤمنين بالله , والمصدّقِ لرسوله بما جاء به من عند ربه ؟ أوَ ليس حمزة سيد الشهداء عم أبي ؟ أوَ ليس جعفر الشهيد الطيار ذو الجناحين عمي ؟
أوَلم يبلغكم قول مستفيض فيكم أنّ رسول الله قال لي ولأخي : هذان سيدا شباب أهل الجنة ؟ فإن صدّقتموني بما أقول ، وهو الحق ، فوالله ما تعمدت كذباً مُذ علمت أن الله يمقت عليه أهله ، ويضرّ به مَن اختلقه . وإن كذّبتموني ، فإنّ فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم .
سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري ، أو أبا سعيد الخدري ، أو سهل بن سعد الساعدي ، أو زيد بن أرقم ، أو أنس بن مالك يخبرونكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لي ولأخي , أفما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي ؟! )) .
فقال شمر بن ذي الجوشن : هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما يقول .
وتابع الإمام (عليه السّلام) قوله : (( فإن كنتم في شكٍّ من هذا القول ، أفتشكّون أثراً ما أني ابن بنت نبيكم ؟ فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري منكم ولا من غيركم ، أنا ابن بنت نبيكم خاصة . أخبروني , أتطلبوني بقتيل منكم قتلته ، أو مال استهلكته , أو بقصاص من جراحة ؟ )) .
ونادى الإمام (عليه السّلام) : (( يا شبث بن ربعي ، يا حجار بن أبجر ، يا قيس بن الأشعث , يا يزيد بن الحارث , ألم تكتبوا إليَّ أن قد أينعت الثمار ، واخضرّ الجناب ، وطمت الجمام ، وإنّما تقدم على جند مجندة فأقبل ؟ )) .
فقالوا له : لم نفعل .
فقال الإمام (عليه السّلام) : (( سبحان الله ! بلى والله لقد فعلتم )) .
ثمّ قال : (( أيها الناس , إذ كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من الأرض )) .
فقال له قيس بن الأشعث : أوَلا تنزل على حكم بني عمك ، فإنهم لن يروك إلاّ ما تحب ، ولن يصل إليك منهم مكروه ؟
فقال له الحسين (عليه السّلام) : (( أنت أخُ أخيك محمّد بن الأشعث ! أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل ؟ لا والله لا اُعطيهم بيدي إعطاء الذليل , ولا أقرّ إقرار العبيد . عباد الله , (وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ)(الدخان / 20) , (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ)(غافر /27) )) .
ولمّا وصل الإمام (عليه السّلام) إلى هذا الحدِّ أناخ راحلته ، وأمر عقبة بن سمعان يعقلها . وأقبل الجيش (الإسلامي) يزحف نحوه(12) .
أصحاب الإمام (عليه السّلام) يساعدونه بإقامة الحجة
تقدّم الإمام الحسين (عليه السّلام) نحو القوم وبين يديه برير بن خضير , فقال له الإمام : (( كلّم القوم )) .
فتقدّم برير , فقال : يا قوم , اتقوا الله ، فإن ثقل محمّد قد أصبح بين أظهركم ، هؤلاء ذرّيته وعترته ، وبناته وحرمه ، فهاتوا ما عندكم , وما الذي تريدون أن تصنعوا بهم ؟
فقالوا : نريد أن نمكّن منهم الأمير ابن زياد فيرى رأيه فيهم .
فقال لهم برير : أفلا تقبلون منهم أن يرجعوا إلى المكان الذي جاؤوا منه ؟ ويلكم يا أهل الكوفة ! أنسيتم كتبكم وعهودكم التي أعطيتموها وأشهدتم الله عليها ؟! يا ويلكم ! أدعوتم أهل بيت نبيكم وزعمتم أنكم تقتلون أنفسكم دونهم ، حتّى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد , وحلأتموهم عن ماء الفرات ! بئسما خلفتم نبيكم في ذرّيته ! ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة ، فبئس القوم أنتم !
فقال له نفر منهم : يا هذا , ما تدري ما تقول ؟
فقال برير : الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرة . اللّهمَّ إني أبرأ إليك من فعال هؤلاء القوم . اللّهمَّ ألقِ بأسهم بينهم حتّى يلقوك وأنت غضبان .
فجعل القوم يرمونه بالسهام ، فرجع برير إلى ورائه(13) .
وبلغ العطش من الحسين (عليه السّلام) وأصحابه , فدخل عليه أحد رجاله (يزيد بن الحصين الهمداني) فقال : يابن رسول الله , أتأذن لي فأخرج إليهم فاُكلّمهم ؟
فأذن له , فخرج إليهم فقال : يا معشر الناس , إنّ الله (عزّ وجلّ) بعث محمّداً بالحقِّ بشيراً ونذيراً , وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ، وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابها ، وقد حيل بينه وبين ابنه .
فقالوا : يا يزيد , فقد أكثرت الكلام فاكفف ، فوالله لَيعطشنّ الحسين كما عطش مَن كان قبله .
فقال الحسين (عليه السّلام) : (( اقعد يا يزيد )) .
فلما سمع الحسين (عليه السّلام) التفت إلى أصحابه وقال : (( أصحابي , إنّ القوم قد استحوذ عليهم الشيطان ، ألا إنّ حزب الشيطان هم الخاسرون )) .
وأنشد يقول :
تعديتمُ يا شرَّ قومٍ ببغيكمْ = وخالفتمُ فينا النبيَّ محمّدا
أما كان خيرُ الخلق أوصاكم بنا = أما كان جدي خيرة الله أحمدا
أما كانت الزهراءُ اُمّي ووالدي = عليٌّ أخا خير الأنام المسددا(14)(15)
خطب زهير بن القين ودعا القوم إلى نصرة ابن بنت رسول الله ، فسبوه وأثنوا على عبيد الله بن زياد ، فقال زهير : إنّ ولد فاطمة (سلام الله عليها) أحق بالود والنصرة .
فرماه شمر بن ذي الجوشن بسهم وقال له : اسكت .
ثمَّ أقبل زهير على الناس وقال : عباد الله , لا يغرّنكم من دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه .
فناداه رجل فقال له : إنّ أبا عبد الله يقول لك : (( أقبل ؛ فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح قومه وأبلغ في الدعاء لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت لو نفع النصح والإبلاغ ))(16) .
الحرُّ بن يزيد يساعد الإمام (عليه السّلام) بإقامة الحجة
توبة الحرِّ
رأينا أنّ الحر بن يزيد كان هو قائد طليعة جيش بني اُميّة ، تلك الطليعة المكلّفة بمنع الإمام (عليه السّلام) من العودة إلى المدينة أو الدخول إلى الكوفة ، والمكلّفة بمسايرة الإمام (عليه السّلام) ومرافقته ومراقبته ، وإنزاله وصحبه بمكان عراء ليس فيه خضرة ولا ماء ولا ملجأ .
وقد التقى الحر وقواته مع الإمام (عليه السّلام) في منطقة شراف , وبالتحديد في جبل ذي حسم كما أسلفنا ، وقام الحر وقواته بالمهمة الموكولة لهم على الوجه الذي أراده عبيد الله بن زياد .
روى الطبري أنه لما زحف عمر بن سعد قال له الحر : أمقاتل أنت هذا الرجل ؟
فقال عمر : إي والله قتالاً أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي .
فقال له الحرّ : أفما لكم في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضا ؟
قال عمر بن سعد : أما والله , لو كان الأمر بيدي لفعلت ، ولكن أميرك قد أبى ذلك .
عندئذ صمم الحر أن ينضمّ إلى الإمام الحسين (عليه السّلام) ؛ فوقف أمام الناس وادّعى أنه يريد أن يسقي فرسه ، وانطلق حتّى أتى الإمام (عليه السّلام) , فقال له : جُعلت فداك يابن رسول الله ! أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع ، وسايرتك في الطريق ، وجعجعت بك في هذا المكان . والله الذي لا إله إلاّ هو , ما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضت عليهم أبداً ، ولا يبلغون منك هذه المنزلة .
فقلت في نفسي : لا اُبالي أن اُطيع القوم ببعض أمرهم ، ولا يرون أني خرجت من طاعتهم ، وأمّا هم فسيقبلون من حسين هذه الخصال التي يعرض عليهم . والله , لو ظننت أنهم لا يقبلونها منك ما ركبتها منك . وإنّي قد جئتك تائباً مما كان منّي إلى ربي ، ومواسياً لك بنفسي حتّى أموت بين يديك , أفترى ذلك لي توبة ؟
قال الإمام (عليه السّلام) : (( نعم يتوب الله عليك , ويغفر لك . ما اسمك ؟ )) .
قال : أنا الحر بن يزيد .
قال الإمام (عليه السّلام) : (( أنت الحرُّ كما سمّتك اُمّك ، أنت الحرّ إن شاء الله في الدنيا والآخرة . انزل )) .
قال الحرّ : أنا لك فارساً خيرٌ منّي راجلاً ؛ اُقاتلهم على فرسي ساعة وإلى النزول ما يصير آخر أمري .
قال الإمام (عليه السّلام) : (( فاصنع يرحمك الله ما بدا لك )) .
موعظة الحرِّ لأهل الكوفة
سكان الكوفة كانوا يشكّلون نسبة عالية من جيش الطاغية ، وها هو بعض السر في تركيز الإمام عليهم . والحر كواحد من أبرز قادة هذا الجيش الفرعون كان يعرف هذه الحقيقة ، فلما تاب وهداه الله أراد أن يعلن ذلك ؛ فعندما يعلم جيش الدولة أن أبرز قادته وأذكاهم قد تركهم والتحق بالإمام ، فإنّ ذلك سيكون له أثر عظيم .
واستهل الحر بسؤال وجيه ومنطقي وجّهه إلى هذا الجيش , فقال : أيّها القوم , ألا تقبلون من حسين خصلة من الخصال التي عرض عليكم ؛ فيعافيكم الله من حربه وقتاله ؟
قال الجيش : هذا الأمير عمر بن سعد فكلّمه . فكلّمه الحرّ بمثل ما كلّمه به من قبل .
قال عمر بن سعد : قد صرّحت , لو وجدت إلى ذلك سبيلاً فعلت .
فقال الحرّ : يا أهل الكوفة , لاُمكم الهبل والعبر ! إذ دعوتموه , حتّى إذا أتاكم أسلمتموه ! وزعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه ، ثمَّ عدوتم عليه لتقتلوه ! أمسكتم بنفسه ، وأخذتم بكظمه ، وأحطتم به من كلِّ جانب , فمنعتموه التوجّه في بلاد الله العريضة حتّى يأمن ويأمن أهل بيته , وأصبح في أيديكم كالأسير ؛ لا يملك لنفسه نفعاً ولا يدفع ضراً .
وحلأتموه ونساءه , وأحبّته وأصحابه عن ماء الفرات الذي يشربه اليهودي والمجوسي والنصراني ، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه ، وها هم قد صرعهم العطش ، بئسما خلفتم محمداً في ذرّيته ! لا سقاكم الله يوم الظمأ إن لم تتوبوا وتنزعوا عمّا أنتم عليه من يومكم هذا , في ساعته هذه .
فحملت عليه رجالة الجيش ترميه بالنبل ، فأقبل حتّى وقف أمام الإمام الحسين(عليه السّلام)(17) .
ــــــــــــــــــ
(1) راجع تاريخ الطبري 6 / 459 ـ 460 .
(2) راجع الفتوح لابن أعثم 5 / 107 , ومقتل الحسين للخوارزمي 1 / 248 , والموسوعة / 393 .
(3) راجع تاريخ الطبري 3 / 217 ، والإرشاد / 232 , والكامل في التاريخ لابن الأثير 2 / 560 , والعوالم 17 / 246 ، ووقعة الطفِّ / 201 .
(4) راجع مقتل الإمام الحسين (عليه السّلام) للخورازمي 2 / 6 ، وتاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الإمام الحسين (عليه السّلام) / 216 ، وبحار الأنوار 45 / 8 , والعوالم 17 / 251 , والموسوعة / 422 ـ 424 .
(5) راجع تاريخ الطبري 3 / 310 , والإرشاد / 227 ، والفتوح 5 / 97 , والكامل لابن الأثير 2 / 556 ، وبحار الأنوار 44 / 384 , والعوالم 17 / 235 , وأعيان الشيعة 1 / 599 ، ووقعة الطف / 184 , والموسوعة / 383 .
(6) راجع مقتل الحسين للخوارزمي 1 / 241 .
(7) الأخبار الطوال للدينوري / 252 .
(8) الأخبار الطوال / 253 , والموسوعة / 382 .
(9) راجع الفتوح لابن أعثم 5 / 102 ، ومقتل الحسين للخوارزمي 1 / 245 ، والبداية والنهاية لابن كثير 8 / 189 ، وبحار الأنوار 44 / 388 , والعوالم 17 / 239 , وأعيان الشيعة 1 / 599 .
(10) راجع الفتوح لابن أعثم 5 / 95 ، ومقتل الحسين للخوارزمي 1 / 239 , وبحار الأنوار 44 / 383 , والعوالم 17 / 234 , والموسوعة / 377 .
(11) مقتل الحسين للخوارزمي 1 / 252 ، والمناقب لابن شهر آشوب 4 / 100 , وذكر بعض الخطبة ، وبحار الأنوار 45 / 5 , والعوالم 17 / 249 , والموسوعة / 416 , 417 .
(12) تاريخ الطبري 3 / 318 , والإرشاد للمفيد / 234 ، والكامل لابن الأثير 2 / 561 ، وبحار الأنوار 45 / 6 , والعوالم 17 / 250 , وأعيان الشيعة 1 / 602 ، ووقعة الطفِّ / 206 مع اختلاف ببعض الألفاظ .
(13) مقتل الحسين للخوارزمي 1 / 252 ، والمناقب لابن شهر آشوب 4 / 100 , وبحار الأنوار 45 / 5 , والعوالم 17 / 249 , والموسوعة / 415 ـ 416 .
(14) وردت الأبيات في الأصل بهذا النحو :
تـعديتمُ يا شرَّ قوم ببغيكمْ وخالفتم فـينا النبيَّ محمد
أما كان خيرُ الرسل أوصاكم بنا أما نحن من نجلِ النبيِّ المسدد
أما كانت الزهراء اُمّي ووالدي علي أخا خير الأنام المسدد
وفيها ما فيها من الإقواء الواضح , فعمدنا إلى تثبيتها من كتاب موسوعة كلمات الإمام الحسين (عليه السّلام) / 516 . (موقع معهد الإمامين الحسنَين)
(15) معالي السبطين 1 / 348 ، وبحار الأنوار 45 / 41 , والعوالم 17 / 283 , والموسوعة / 427 .
(16) تاريخ الطبري 3 / 320 ، ووقعة الطفِّ / 213 ، واللهوف / 37 , وأعيان الشيعة 1 / 599 ، وبحار الأنوار 44 / 318 , والموسوعة / 429 .
(17) معالم المدرستين 3 / 99 ـ100 نقلاً عن الطبري .