ادلة امامته عليه السلام
فضائل الامام عليه السلام و مناقبه

اعلم أن مناقب مولانا الحسين صلوات اللّه عليه واضحة الظهور و سناء شرفه و مجده مشرق النور فله الرتبة العالية و المكانة السامية في كل الأمور فما اختلف في نبله و فضله و اعتلاء محله أحد من الشيعة و لا الجمهور.
عرف العالمون فضلك بالعلم‏ و قال الجهال بالتقليد
و كيف لا يكون كذلك و قد اكتنفه الشرف من جميع أكنافه و ظهرت مخايل السؤدد على شمائله و اعطافه‏ و كاد الجمال يقطر من نواحيه و أطرافه. و هذا قول لا أخاف أن يقول مسلم بخلافه.
الجد محمد المصطفى و الأب علي المرتضى و الجدة خديجة الكبرى و الأم فاطمة الزهراء و الأخ الحسن ذو الشرف و الفخار و العم جعفر الطيار و الأولاد الأئمة الأطهار و النسب من هاشم صفوة الأخيار عليهم صلوات اللّه الملك الغفار.
لقد ظهرت فلا تخفى على أحد إلا على أكمه‏ لا يبصر القمرا
أما هو في نفسه الشريفة صلوات اللّه عليه فكما وصفه مولانا و إمامنا المهدي صلوات اللّه عليه في زيارة الناحية المقدسة: و في الذمم رضي الشيم ظاهر الكرم متهجدا في الظلم قويم الطرائق كريم الخلائق عظيم السوابق شريف النسب منيف الحسب رفيع الرتب كثير المناقب محمود الضرائب جزيل المواهب حليم رشيد منيب جواد عليم شديد إمام شهيد أواه منيب حبيب مهيب كان للرسول (صلى اللّه عليه و آله) ولدا و للقرآن سندا و للأمة عضدا و في الطاعة مجتهدا حافظا للعهد و الميثاق ناكبا عن سبل الفساق باذلا للمجهود طويل الركوع و السجود زاهدا في الدنيا زهد الراحل عنها ناظرا إليها بعين المستوحشين عنها- إلى آخر ما قال فيه صلوات اللّه عليه‏ .
و يا عجبا مني أحاول وصفه‏ و قد فنيت فيه القراطيس و الصحف‏
و أما شجاعته (عليه السلام) ‏
فقد صرح الرواة و النقلة الأثبات أن مولانا الحسين (عليه السلام) لما قصد العراق سرب إليه عبيد اللّه بن زياد الجنود لمقابلته أحزابا و حزب عليه الجيوش لمقاتلته أسرابا و جهز من العساكر ثلاثين ألف فارس و راجل يتتابعون كتائب و أطلابا فلما حصروه و أحدقوا به شاكين في العدة و العديد ملتمسين منه نزوله على حكم ابن زياد أو بيعته ليزيد فإن أبي ذلك فليؤذن بقتال يقطع الوتين و حبل‏ الوريد و يصعد الأرواح إلى المحل الأعلى و يصرع الأشباح على الصعيد فتبعت نفسه الأبية جدها و أباها و عزفت عن التزام الدنية فأباها فعلم الناس الإباء و الحمية و الموت تحت ظلال السيوف اختيارا له على الدنية فنصب نفسه و إخوته و أهله لمحاربتهم و اختاروا بأجمعهم القتل على مبايعتهم ليزيد و متابعتهم فأحاطت بهم الفجرة اللئام و رهقتهم الكفرة اللهام‏ و رشقتهم بالنبال و السهام.
هذا و الحسين (عليه السلام) ثابت كالجبل الراسخ لا يوهن عزيمته المنيعة فاسخ و قدمه في المعترك أرسى من الجبال و قلبه لا يضطرب لهول القتال و قد قتل قومه من جموع ابن زياد جمعا جما و أذاقوهم من الحمية الهاشمية زهقا و كلما و لم يقتل من العصابة الهاشمية قتيل حتى أثخن قاصديه و قتل و أغمد ظبته في أبشارهم و جدل و هو صلوات اللّه عليه كالليث المغضب البغيض لا يحمل على أحد إلا نفحه بسيفه‏ فألحقه بالحضيض.
و قد ثبت ما نقلته الثقات عن بعض الرواة قال: فو اللّه ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده و أهل بيته و أصحابه أربط جأشا و لا أمضى جنانا منه و لا أجرأ مقدما و اللّه ما رأيت قبله و لا بعده مثله‏ و روي أنه كان بينه (عليه السلام) و بين الوليد بن عقبة منازعة في ضيعة فناول الحسين (عليه السلام) عمامة الوليد عن رأسه و شدها في عنقه و هو يومئذ وال على المدينة .
و في الاحتجاج عن محمد بن السائب أنه قال: قال مروان بن الحكم يوما للحسين بن علي (عليهما السلام) : لو لا فخركم بفاطمة بما كنتم تفخرون علينا؟
فوثب الحسين و كان شديد القبضة فقبض على حلقه فعصره و لوى عمامته على عنقه حتى غشي عليه ثم تركه- الخ‏ .
أقول: شجاعة الحسين (عليه السلام) يضرب بها المثل و صبره في مواقف الحرب أعجز الأواخر و الأول و مقامه في مقاتلة هؤلاء الفجرة عادل مقام جده (صلى اللّه عليه و آله) ببدر فاعتدل و صبره على كثرة أعدائه و قلة أنصاره صبر أبيه في صفين و الجمل و ناهيك في هذا المقام ما في الزيارة الواردة عن الناحية المقدسة على صاحبها آلاف السلام:
«و بدءوك بالحرب فثبتّ للطعن و الضرب و طعنت جنود الفجار و اقتحمت قسطل الغبار مجالدا بذي الفقار كأنك علي المختار فلما رأوك ثابت الجأش غير خائف و لا خاش نصبوا لك غوائل مكرهم و قاتلوك بكيدهم و شرهم و أمر اللعين جنوده فمنعوك الماء و وروده و ناجزوك القتال و عاجلوك النزال و رشقوك بالسهام و النبال و بسطوا إليك أكف الاصطلام و لم يرعوا لك ذماما و لا راقبوا فيك أثاما في قتلهم أوليائك و نهبهم رحالك و أنت مقدم في الهبوات و محتمل للأذيات قد عجبت من صبرك ملائكة السماوات فأحدقوا بك من كل الجهات و أثخنوك بالجراح و حالوا بينك و بين الرواح و لم يبق لك ناصر و أنت محتسب صابر تذب عن نسوتك و أولادك حتى نكسوك عن جوادك فهويت إلى الأرض جريحا تطؤك الخيول بحوافرها و تعلوك الطغاة ببواترها قد رشح للموت جبينك و اختلفت بالانقباض و الانبساط شمالك و يمينك تدير طرفا خفيا إلى رحلك و بيتك و قد شغلت بنفسك عن ولدك و أهاليك» .
و أما علمه (عليه السلام) ‏
فينبغي أن يعلم أن علوم أهل البيت عليهم السلام لا تتوقف على التكرار و الدرس و لا يزيد يومهم فيها على ما كان في الأمس و لا يعلمونها بالقياس و الفكر و الحدس فسمات معارفهم و علومهم بعيدة عن الإدراك و اللمس. فمن أراد ستر فضائلهم كان كمن أراد ستر وجه الشمس.
و هذا مما ينبغي أن يكون ثابتا مقررا في النفس إنهم يرون عالم الغيب في عالم الشهادة و يقفون على حقائق المعارف في خلوات العبادة و هم كما في نفوس أوليائهم و محبيهم و زيادة فما سألهم مستفيد أو ممتحن فوقفوا و ما استكانوا في الجواب و لا ضعفوا.
فأيهم اعتبرت أحواله و تدبرت أقواله وجدته فريدا في مآثره وحيدا في مزاياه و مفاخره مصدقا قديم أوله بحديث آخره تقر الشقاشق إذا هدرت شقاشقهم و تصغى الأسماع إذا قال قائلهم أو نطق ناطقهم و يقف كل ساع عن شأوهم فلا تدرك غايتهم و لا تنال طرائقهم.
سجايا منحهم بها خالقهم و أخبر بها صادقهم فإنه (صلى اللّه عليه و آله) أزال الشبهة و الالتباس و صرح بفضلهم كيلا يفتقر في إيضاحه إلى الدليل و القياس فقال: انا بني عبد المطلب سادات الناس‏ .
و أما كرمه و جوده (عليه السلام) ‏
فقد روي أنه أتت فاطمة عليها السلام بابنيها الحسن و الحسين (عليهما السلام) الى رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) في شكواه التي توفي فيها فقالت: يا رسول اللّه هذان ابناك فورثهما شيئا. فقال: أما الحسن فإن له هيبتي و سؤددي و أما الحسين فإن له جودي و شجاعتي‏ .
و قد اشتهر النقل عنه (عليه السلام) أنه كان يكرم الضيف و يمنح الطالب و يصل الرحم و ينيل الفقير و يسعف السائل و يكسو العاري و يشبع الجائع و يعطي الغارم و يشفق على اليتيم و يعين ذا الحاجة و قل أن وصله مال إلا و فرقه.
و روي أن معاوية لما قدم مكة وصله بمال كثير و ثياب وافرة و كسوات وافية فرد الجميع عليه و لم يقبله منه‏ .
و هذه سجية الجواد و شنشنة الكريم و سمة ذي السماحة و صفة من حوى مكارم الأخلاق فأفعاله شاهدة له بصفة الكرم ناطقة بأنه متصف بمحاسن الشيم و ينبغي أن يعلم أن الكرم الذي الجود من أنواعه كامل في أهل بيت النبي (صلى اللّه عليه و آله) ثابت لهم محقق فيهم و لا يعدوهم و لا يفارقهم بل هو لهم على الحقيقة و في غيرهم كالمجاز. و لهذا لم ينسب الشح إلى أحد من بني هاشم و لا نقل عنهم لأنهم يجارون الغيوث سماحة و يبارون الليوث حماسة.
قال علي بن الحسين (عليهما السلام) في خطبته بالشام: أعطينا العلم و الحلم و السماحة و الفصاحة و الشجاعة و المحبة في قلوب المؤمنين‏ .
فهم البحور الزاخرة و السحب الهامرة.
فما كان من خير أتوه فإنما توارثه آباء آبائهم قبل‏
و هذه الأخلاق الكريمة اتخذوها شريعة و جعلوها إلى بلوغ غايات الشرف ذريعة لشرف فروعهم و كرم أصولهم فهم مقتدى الأمة و رءوس هذه الملة و سروات الناس و سادات العرب و خلاصة بني آدم و ملوك الدنيا و الهداة إلى الآخرة و حجج اللّه على عباده و أمناؤه في بلاده فلا بد أن تكون علامات الخير فيهم ظاهرة و سمات الجلال بادية باهرة.
و إن كل متصف بالجود من بعدهم بهم اقتدى و على منوالهم نسج و بهم اهتدى. و كيف لا يجود بالمال من يجود بنفسه النفيسة في موطن النزال و كيف لا يسمح بالعاجل من همه بالآجل. و لا ريب عند العقلاء أن من جاد بنفسه في القتال فهو بالمال أجود و من زهد في الحياة المحبوبة فهو في الحطام الفاني أزهد.
و قال الشاعر:
يجود بالنفس إن ضن الجواد بها و الجود بالنفس أقصى غاية الجود
و لهذا قالوا: إن السماحة و الحماسة رضيعتا لبان و قد تلازمتا معا فهما توأمان فالجواد شجاع و الشجاع جواد. و هذه قاعدة كلية.
قال أبو تمام رحمه اللّه في الجمع بينهما:
و إذا رأيت أبا يزيد في الندى‏ و وغى و مبدى غارة و معيدا
أيقنت أن من السماح شجاعة تدني و أن من الشجاعة جودا

و قال أبو الطيب:
قالوا أ لم تكفه سماحته‏ حتى بنى بيته على الطرق‏
فقلت إن الفتى شجاعته‏ تريه في الشح صورة الفرق‏
كن لجة أيها السماح فقد آمنه سيفه من الغرق‏
و قيل: الكريم شجاع القلب و البخيل شجاع الوجه.
و لما وصفهم معاوية وصف بني هاشم بالسخاء و آل الزبير بالشجاعة و بني مخزوم بالتيه و بني أمية بالحلم فبلغ ذلك الحسن بن علي (عليهما السلام) فقال:
قاتله اللّه أراد أن يجود بنو هاشم بما في أيديهم فيحتاجوا إليه و أن يشجع آل الزبير فيقتلون و أن يتيه المخزوميون فيمقتوا و أن تحلم بنو أمية فيحبهم الناس‏ .
و لعمري لقد صدق معاوية في بعض مقاله و إن كان الصدق بعيدا من أمثاله و لكن الكذوب قد يصدق فإن السماحة في بني هاشم كما قال و الشجاعة و الحلم فيهم في كل الأحوال و الناس في ذلك تبع لهم فهم عليهم كالعيال فإذا تفرقت في الناس خصال الخير اجتمعت فيهم تلك الخصال. و هذا القول هو الحق و ما بعد الحق إلا الضلال‏ .
و أما فصاحته و زهده و تواضعه و عبادته (عليه السلام) ‏ فلو أردنا ذكر ما ورد فيها لخرجنا عن وضع الرسالة و نذكر مكانه أخبارا في محبة النبي (صلى اللّه عليه و آله) إياه (عليه السلام) .
روى الشيخ الأجل محمد بن شهرآشوب «قده» في المناقب عن ابن عمر أن النبي (صلى اللّه عليه و آله) بينما يخطب على المنبر إذ خرج الحسين (عليه السلام) فوطئ في ثوبه فسقط و بكى فنزل النبي (صلى اللّه عليه و آله) عن المنبر فضمه إليه و قال: قاتل اللّه الشيطان ان الولد لفتنة و الذي نفسي بيده ما دريت أني نزلت من منبري‏ . و فيه أيضا: أبو السعادات في فضائل العترة قال يزيد بن زيادة: خرج النبي (صلى اللّه عليه و آله) من بيت عائشة فمر على بيت فاطمة عليها السلام فسمع الحسين (عليه السلام) يبكي و قال: أ لم تعلمي أن بكاؤه يؤذيني‏ .
و فيه: ابن ماجة في السنن و الزمخشري في الفائق: رأى النبي (صلى اللّه عليه و آله) الحسين (عليه السلام) يلعب مع الصبيان في السكة فاستقبل النبي (صلى اللّه عليه و آله) أمام القوم فبسط إحدى يديه فطفق الصبي يفر مرة من هاهنا و مرة من هاهنا و رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) يضاحكه ثم أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه و الأخرى على فأس رأسه‏ و أقنعه فقبله و قال: أنا من حسين و حسين مني أحب اللّه من أحب حسينا حسين سبط من الأسباط.
استقبل أي تقدم. و اقنعه أي رفعه‏ .
و فيه أيضا: عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كنا جلوسا عند رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) إذ أقبل الحسين (عليه السلام) فجعل ينزو على ظهر النبي (صلى اللّه عليه و آله) و على بطنه فبال فقال: دعوه‏ .
و فيه أيضا: أحاديث الليث بن سعد أن النبي (صلى اللّه عليه و آله) كان يصلي يوما في فئة و الحسين (عليه السلام) صغير بالقرب منه و كان النبي (صلى اللّه عليه و آله) إذا سجد جاء الحسين فركب ظهره ثم حرك رجليه و قال: حل حل و إذا أراد رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) أن يرفع رأسه أخذه فوضعه إلى جانبه فإذا سجد عاد على ظهره و قال: حل حل. فلم يزل يفعل ذلك حتى فرغ النبي (صلى اللّه عليه و آله) من صلاته. الخ‏ .
و روي عن أمالي الحاكم قال أبو رافع: كنت ألاعب الحسين (عليه السلام) ‏ و هو صبي بالمداحي فإذا أصابت مدحاتي مدحاته قلت: احملني. فيقول:
أ تركب ظهرا حمله رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) فاتركه فإذا أصابت مدحاته مدحاتي قلت: لا أحملك كما لم تحملني. فيقول: أ ما ترضى أن تحمل بدنا حمله رسول اللّه. فاحمله.
المدحاة: لعب الأحجار في الحفيرات‏ .
و فيه أيضا عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: ان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) كان في الصلاة و إلى جانبه الحسين (عليه السلام) فكبر رسول اللّه فلم يحر الحسين التكبير ثم كبر رسول اللّه فلم يحر الحسين (عليه السلام) التكبير و لم يزل رسول اللّه يكبر و يعالج الحسين التكبير و لم يحر حتى اكمل رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) سبع تكبيرات فأحار الحسين التكبير في السابعة.
فقال أبو عبد اللّه (عليه السلام) : فصارت سنة .
و فيه أيضا عن تفسير النقاش بإسناده عن ابن عباس قال: كنت عند النبي (صلى اللّه عليه و آله) و على فخذه الأيسر ابنه إبراهيم و على فخذه الأيمن الحسين بن علي و هو تارة يقبل هذا و تارة يقبل هذا إذ هبط جبرئيل بوحي من رب العالمين فلما سري عنه (صلى اللّه عليه و آله) قال: أتاني جبرئيل من ربي فقال: يا محمد إن ربك يقرأ عليك السلام و يقول: لست أجمعهما فافد أحدهما بصاحبه. فنظر النبي (صلى اللّه عليه و آله) إلى إبراهيم فبكى فقال: إن إبراهيم أمه أمة و متى مات لم يحزن عليه غيري و أم الحسين فاطمة و أبوه علي ابن عمي لحمي و دمي و متى مات حزنت ابنتي و حزن ابن عمي و حزنت أنا عليه و أنا أوثر حزني على حزنهما يا جبرئيل يقبض إبراهيم فديته بالحسين. قال: فقبض بعد ثلاث فكان النبي إذا رأى الحسين (عليه السلام) مقبلا قبله و ضمه إلى صدره و رشف ثناياه و قال: فديت من فديته بابني إبراهيم‏ .
بأبي أنت و أمي يا أبا عبد اللّه الحسين.
تعاليت عن مدح فأبلغ خاطب‏ بمدحك بين الناس أقصر قاصر
إذا طاف قوم في المشاعر و الصفا فقبرك ركني طائفا و مشاعري‏
و إن ذخر الأقوام نسك عبادة فحبك أوفى عدتي و ذخائري‏
.... ثواب البكاء على مصيبة الحسين (عليه السلام) و ثواب اللعن على قتلته و ما ورد من الأخبار بشهادته (عليه السلام) .. و نقتصر في هذا المقام على أربعين حديثا:
الحديث الأول:
حدثني الشيخ الفقيه الموفق الثقة الثبت خاتم العلماء و المحدثين و عماد الفقهاء الراسخين سحاب الفضل الهاطل و بحر العلم الذي ليس له ساحل كنز الفضائل و نهرها الجاري شيخي الأجل الحاج ميرزا حسين النوري‏ نور اللّه تربته و أعلى في عليين رتبته بالإجازة العامة الكاملة بجميع ما حقت له إجازته في يوم الجمعة السادس من شهر ربيع الأول سنة 1320 في الكوفة المتبركة على شاطئ الفرات بقرب الجسر.
عن الشيخ الإمام معلم علماء الإسلام رئيس الشيعة من عصره إلى يومنا هذا بلا مدافع و المنتهى إليه رئاسة الإمامية في العلم و العمل و الورع و الاجتهاد بغير منازع مالك أزمة التحرير و التأسيس و مربي أكابر أهل التصنيف و التدريس المضروب بزهده الأمثال و المضروب إلى علمه آباط الآمال الخاضع لديه كل شريف و اللائذ إلى ظله كل عالم عريف أستاذ الأمم شيخ العرب و العجم آية اللّه الباري الحاج شيخ مرتضى بن محمد أمين الأنصاري تغمده اللّه تعالى برحمته و أسكنه فسيح جنته [1].
عن شيخه الفقيه الإمام و مستنده في مناهج الأحكام جامع شتات الفضائل العلمية و العملية و الآخذ بأطراف العلوم الذوقية و البحثية المولى الأجل الحاج ملا أحمد النراقي أحباه اللّه الكرامة يوم التلاق‏ .
عن البحر المتلاطم الزخار و عيبة العلم و الفضل و الأدب و الأنوار صاحب الكرامات الباهرة و الآيات النيرة قطب دائرة المفاخر أنموذج سلفه الطاهر الإمام الهمام الذي لم تسمح بمثله الأيام علامة دهره و زمانه و وحيد عصره و أوانه الجامع لجميع الفضائل و الكمالات و العلوم سيدنا الأجل السيد مهدي المدعو ببحر العلوم قدس اللّه نفسه و طيب رمسه‏ .
عن العالم العلامة و الفاضل الفهامة ركن الطائفة و عماده و أورع نساكها و عبادها شيخ علماء الشيعة و مرجع فقهاء الملة الأستاذ الأكبر و مروج ملة سيد البشر المحقق الثالث و العلامة الثاني شيخ المشايخ مولانا الآغا محمد باقر البهبهاني المعروف بالفريد الملقب بالوحيد أسكنه اللّه في الجنان أعلى الغرف و منتهى الأماني‏ .
عن والده الشيخ الأعلم الأفضل الأكمل المحقق الدقيق المولى محمد أكمل تغمده اللّه تعالى برحمته و حشره في الجنان مع أئمته.
عن العالم العامل و الفاضل الكامل مروج المذهب و الدين و محيي شريعة سيد المرسلين البحر المتلاطم الزخار باقر العلم غواص بحار الأنوار خاتم المحدثين و سادس المحمدين عماد الفقهاء الراسخين و سناد الفقهاء الشامخين العالم الرباني المولى محمد باقر المجلسي الأصفهاني بوأه اللّه في الجنان و بلغه إلى منتهى الآمال و الأماني‏ .
عن والده الشيخ الأجل الأكمل الأفضل الأوحد الأزهد الأعبد الأسعد جامع الفنون العقلية و النقلية حاوي الفضائل العلمية و العملية صاحب النفس القدسية و المقامات العلية ناشر الأخبار الدينية المؤيد بالفيض القدسي المولى محمد تقي المجلسي قدس اللّه روحه و منحه ريحانه و روحه‏ .
عن بحر العلم المتلاطمة بالفضائل أمواجه و فحل الفضل الناتجة لديه أفراده‏ و أزواجه طود المعارف الراسخ و فضاؤها الذي لا تحد له فراسخ و بدرها الذي لا يعتريه محاق و جوادها الذي لا يؤمل له لحاق علامة الزمان و الساحب ذيل البلاغة على قس و سحبان شيخ الإسلام و المسلمين و رئيس الفقهاء و المحققين شيخنا الأجل الشيخ محمد العاملي المعروف ببهاء الدين رفع اللّه مقامه في أعلى عليين‏ .
عن أبيه و أستاذه و من عليه في العلوم الشرعية استناده العالم العلامة و الفاضل الفهامة المحقق المدقق صاحب النفس القدسية و الملكة الملكوتية شيخ الفقهاء و المحدثين العظام و مروج المذهب و ناشر الأحكام الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي الحارثي أحله اللّه دار السلام‏ .
عن الشيخ الإمام خاتم فقهاء الإسلام أفضل المتأخرين و أكمل المتبحرين شيخ الأمة و فتاها و مبدأ الفضائل و منتهاها قدوة الشيعة و نور الشريعة الجامع في معارج الفضل و الكمال و السعادة بين مراتب العلم و العمل و الكرامة و الشهادة العالم الرباني الشيخ زين الدين المشهور بالشهيد الثاني قدس اللّه سره النوراني‏ .
عن شيخه العالم الورع الجليل و الفاضل الكامل النبيل علامة العلماء و مرجع الفضلاء جامع الكمالات النفسانية و حاوي محاسن صفات الإنسانية زين الحق و الملة و الدين الشيخ أبي القاسم نور الدين علي بن عبد العالي الميسي نور اللّه تعالى روضته و أعلى في الجنان منزلته‏ .
عن الشيخ السعيد الكامل و العالم الجليل العامل الفاضل الألمعي الشيخ محمد بن داود الجزيني العاملي طاب ثراه و جعل في الجنة مثواه.
عن الشيخ العالم الفاضل الثقة الجليل و المحقق الصالح الورع النبيل الشيخ السعيد ضياء الدين علي ابن الشهيد رفع اللّه درجته و أعلى منزلته.
عن والده الشيخ الإمام أستاذ فقهاء الأنام رئيس المذهب و الملة و رأس المحققين الأجلة درة تاج أرباب الايمان و قرة عين أصحاب الايقان بركة الشهور و الأعوام حجة الفضلاء الأعلام فخر الشيعة و تاج الشريعة الجامع في معارج السعادة أقصى مدارج العلم و رتبة الشهادة شيخنا الأعظم السعيد و الركن العميد شمس الملة و الدين أبي عبد اللّه محمد بن مكي الشهيد أعلى اللّه مقامه و ضاعف إكرامه‏ .
عن العالم المحقق و الفاضل المدقق وحيد عصره و فريد دهره فخر الإسلام و المسلمين و أستاذ الفقهاء الكاملين سلطان العلماء و منتهى الفضلاء خاتمة المجتهدين فخر الملة و الدين المؤيد المسدد أبي طالب محمد ابن العلامة رفع اللّه مقامه‏ .
عن والده الشيخ الأجل الأعظم و الطود الباذخ الأشم علامة المشارق و المغارب و مرغم الكفرة و النواصب وارث علوم الأنبياء و المرسلين رئيس المذهب و الدين مروج شريعة خاتم النبيين محيي السنة و مميت البدعة المنتهى إليه رئاسة الإمامية في الأعصار و الخاضع دون سدة علمه الفلك الدوار علامة العالم و فخر نوع بني آدم جمال الملة و الدين آية اللّه في العالمين أبي منصور الحسن بن مطهر الحلي المشتهر بالعلامة أعلى اللّه مقامه و ضاعف إكرامه‏ .
عن الشيخ الأجل الإمام رئيس العلماء الأعلام و شيخ فقهاء الإسلام و الذي لم تسمح بمثله الأيام مؤسس الفقه و الأصول و محرر المعقول و المنقول شيخ الطائفة بغير جاحد و واحد هذه الفرقة و أي واحد أفقه جميع فقهاء الآفاق و أفضل من انعقد على خبرته و أستاذيته اتفاق أهل الوفاق الشيخ السعيد نجم الدين أبي القاسم جعفر بن سعيد الحلي المشتهر بالمحقق على الإطلاق شكر اللّه تعالى سعيه و أحسن يوم الجزاء رعيه‏ .
عن السيد السند الحسيب و العالم الفاضل الأديب المحدث الفقيه النسابة السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي الحائري رفع اللّه مقامه في دار المقامة .
عن الشيخ الجليل الفقيه و الفاضل النبيل العالم و المحدث الكامل الثقة الورع أبي الفضل سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمي نزيل مهبط وحي اللّه و دار هجرة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله.
عن الشيخ الأقدم الفقيه و الثقة الأكرم الوجيه شيخ المحدثين عماد الدين أبي جعفر محمد بن أبي القاسم بن محمد الطبري الآملي رضي اللّه عنه و أرضاه و بلغه أقصى ما يتمناه.
عن الشيخ الأجل الثقة الفقيه العالم الفاضل الكامل الوجيه غرة فضلاء الأنام و شمس علماء الإسلام قطب رحى الفضائل بدر سماء الأفاضل العالم الرباني أبي علي الحسن الملقب بالمفيد الثاني قدس اللّه سره و رفع في الفردوس قدره.
عن والده رئيس الطائفة المحقة و رافع أعلام الشريعة الحقة محيي الرسوم و مدرس العلوم حامل عرش العلم و الإيمان و المشار إليه في جميع الفنون بالبنان محقق الأصول و الفروع و مهذب فنون المعقول و المسموع شيخ الطائفة على الإطلاق و رئيسها تلوى إليه الأعناق الشيخ الأقدم و مربي فقهاء بني آدم شيخنا الأجل أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس اللّه نفسه الزكية و أفاض على تربته مراحمه السرمدية .
عن الشيخ الأجل الأقدم أستاذ من تأخر و تقدم حجة الفرقة الناجية و فخر الطائفة الإمامية مروج المذهب و الدين وارث علوم الأئمة المعصومين الذي ارتفع‏ صيت جلالته في جميع الآفاق و شهد بعلو مقامه المخالف و المؤالف في جميع مراتب العلوم و حسن الأخلاق شيخنا الإمام السعيد أبي عبد اللّه محمد بن محمد ابن النعمان الملقب بالمفيد أنار اللّه سبحانه في العالمين برهانه و أعلى في عليين شأنه و مكانه‏ .
عن الشيخ العالم الجليل و المحدث الكامل النبيل نقاد الأخبار و ناشر آثار الأئمة الأطهار عماد الملة و الدين فخر القميين شيخ مشايخنا الشيعة و ركن الشريعة رئيس المحدثين و الصدوق فيما يرويه عن الأئمة الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين المولود بدعاء إمام العصر (عليه السلام) و الحائز مراتب الفضل و الفخر شيخنا و ملاذنا أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي الملقب بالصدوق نور اللّه مرقده السني‏ .
عن الشيخ الجليل النبيل محمد بن علي بن أبي القاسم الملقب بماجيلويه القمي رضوان اللّه عليه عن الشيخ الفقيه النبيل الثقة الثبت السند المعتمد مروج الدين و شيخ مشايخ المحدثين شيخنا الأجل أبي الحسن علي بن إبراهيم القمي عطر اللّه مرقده السني.
عن والده الشيخ الأقدم الأجل الذي لا يحتاج إلى أن يوثق و يعدل شيخ المحدثين و أول من نشر بقم حديث الكوفيين إبراهيم بن هاشم القمي جزاه اللّه خير الجزاء يوم الدين.
عن قرة باصرتنا و ساكن بلدتنا الثقة الجليل المحترم الريان بن شبيب رحمه اللّه خال المعتصم قال: دخلت على أبي الحسن الرضا صلوات اللّه عليه في أول يوم من المحرم فقال لي: يا بن شبيب أ صائم أنت؟ فقلت: لا فقال إن هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا ربه عز و جل فقال: رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ فاستجاب اللّه له و أمر الملائكة فنادت زكريا و هو قائم يصلي في المحراب‏ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى‏ فمن صام هذا اليوم ثم دعا اللّه عز و جل استجاب اللّه له كما استجاب لزكريا.
ثم قال: يا بن شبيب إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم و القتال لحرمته فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها و لا حرمة نبيّها لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته و سبوا نساءه و انتهبوا ثقله فلا غفر اللّه لهم ذلك أبدا.
يا بن شبيب إن كنت باكيا لشي‏ء فابك للحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) فإنه ذبح كما يذبح الكبش و قتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم شبيهون في الأرض و لقد بكت السماوات السبع و الأرضون لقتله و لقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره فوجدوه قد قتل فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم (عليه السلام) فيكونون من أنصاره و شعارهم «يا لثارات الحسين (عليه السلام) ».
يا بن شبيب لقد حدثني أبي عن أبيه عن جده لما قتل جدي الحسين (عليه السلام) أمطرت السماء دما و ترابا أحمر.
يا بن شبيب إن كنت بكيت على الحسين (عليه السلام) حتى تصير دموعك على خديك غفر اللّه لك كل ذنب أذنبته صغيرا كان أو كبيرا قليلا كان أو كثيرا.
يا بن شبيب إن سرك أن تلقى اللّه عز و جل و لا ذنب عليك فزر الحسين (عليه السلام) .
يا بن شبيب إن سرك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي (صلى اللّه عليه و آله) فالعن قتلة الحسين (عليه السلام) .
يا بن شبيب إن سرك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين (عليه السلام) فقل متى ما ذكرته‏ {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} [النساء: 73].
يا بن شبيب إن سرك أن تكون معنا في الدرجات العلى في الجنان فاحزن لحزنا و افرح لفرحنا و عليك بولايتنا فلو أن رجلا تولى حجرا لحشره اللّه تعالى معه يوم القيامة .
الحديث الثاني:
و بالسند المتصل إلى الشيخ الأجل الموفق السعيد محمد بن محمد بن النعمان المفيد قدس اللّه روحه عن الشيخ الجليل الكامل أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي عطر اللّه مرقده عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن أبي هارون المكفوف قال: دخلت على أبي عبد اللّه (عليه السلام) فقال لي: أنشدني فأنشدته فقال: لا كما تنشدون و كما ترثيه عند قبره فأنشدته:
امرر على جدث الحسين‏ فقل لأعظمه الزكية
فبكى قال: فلما بكى أمسكت أنا فقال: مر فمررت قال: ثم قال زدني قال: فأنشدته:
يا فرو قومي و اندبي مولاك‏ و على الحسين فأسعدي ببكاك‏
قال: فبكى و تهايج النساء قال: فلما أن سكتن قال لي: يا با هارون من‏ أنشد في الحسين (عليه السلام) فأبكى عشرة فله الجنة ثم جعل ينتقص واحدا واحدا حتى بلغ الواحد فقال: من أنشد في الحسين (عليه السلام) فأبكى واحدا فله الجنة ثم قال: من ذكره فبكى فله الجنة .
أقول: ما أنشده من قوله: امرر على جدث الحسين هو من أشعار السيد الحميري كما صرح بذلك الشيخ ابن نما و الأشعار هكذا:
امرر على جدث الحسين‏ فقل لأعظمه الزكية
يا أعظما لا زلت من‏ وطفاء ساكبة روية
و إذا مررت بقبره فأط ل به وقف المطية
و ابك المطهر للمطهر و المطهرة النقية
كبكاء معولة أتت‏ يوما لواحدها المنية
الحديث الثالث:
و بالسند المتصل إلى الشيخ الصدوق عطر اللّه مرقده بإسناده عن ابن عباس قال: قال علي لرسول اللّه صلوات اللّه عليهما و آلهما: يا رسول اللّه إنك لتحب عقيلا. قال: أي و اللّه إني لأحبه حبين حبا له و حبا لحب أبي طالب له و إن ولده لمقتول في محبة ولدك فتدمع عليه عيون المؤمنين و تصلي عليه الملائكة المقربون. ثم بكى رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) حتى جرت دموعه على صدره ثم قال: إلى اللّه أشكو ما تلقى عترتي من بعدي‏ .
الحديث الرابع:
و بالسند المتصل إلى الشيخ الأجل أبي القاسم جعفر بن قولويه قدس سره مسندا عن مسمع كردين قال: قال لي أبو عبد اللّه (عليه السلام) : يا مسمع أنت من‏ أهل العراق أ ما تأتي قبر الحسين (عليه السلام) ؟ قلت: لا أنا رجل مشهور من أهل البصرة و عندنا من يتبع هوى هذا الخليفة و أعداؤنا كثيرة من أهل القبائل من النصاب و غيرهم و لست آمنهم أن يرفعوا على حالي‏ عند ولد سليمان فيميلون علي‏ . قال لي: أ فما تذكر ما صنع به؟ قلت: بلى. قال: فتجزع؟ قلت: أي و اللّه و أستعبر لذلك حتى يرى أهلي أثر ذلك علي فأمتنع من الطعام حتى يستبين ذلك في وجهي. قال: رحم اللّه دمعتك أما أنك من الذين يعدون في أهل الجزع لنا و الذين يفرحون لفرحنا و يحزنون لحزننا و يخافون لخوفنا و يأمنون إذا آمنا أما أنك سترى عند موتك حضور آبائي لك و وصيتهم ملك الموت بك و ما يلقونك به من البشارة ما تقربه عينك قبل الموت فملك الموت أرق عليك و أشد رحمة لك من الأم الشفيقة على ولدها. قال: ثم استعبر و استعبرت معه فقال الحمد للّه الذي فضلنا على خلقه بالرحمة و خصنا أهل البيت بالرحمة يا مسمع إن الأرض و السماء لتبكي منذ قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) رحمة لنا و ما بكى لنا من الملائكة أكثر و ما رقأت دموع الملائكة منذ قتلنا و ما بكى أحد رحمة لنا و لما لقينا إلا رحمه اللّه قبل أن تخرج الدمعة من عينه فإذا سال دمعه على خده فلو أن قطرة من دموعه سقطت في جهنم لأطفئت حرها حتى لا يوجد لها حر و ان الموجع قلبه لنا ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتى يرد علينا الحوض و ان الكوثر ليفرح بمحبنا إذا ورد عليه حتى أنه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه ... الحديث‏ .
الحديث الخامس:
و بالسند المتصل إلى الشيخ أبي القاسم جعفر بن قولويه القمي قدس سره‏ بسنده عن عبد اللّه بن بكير قال: حججت مع أبي عبد اللّه (عليه السلام) في حديث طويل فقلت: يا بن رسول اللّه لو نبش قبر الحسين بن علي (عليه السلام) هل كان يصاب في قبره شي‏ء؟ فقال (عليه السلام) : يا بن بكير ما أعظم مسألتك إن الحسين ابن علي (عليهما السلام) مع أبيه و أمه و أخيه في منزل رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) و معه يرزقون و يحبرون‏ و أنه لعن يمين العرش متعلق به يقول: يا رب أنجز لي ما وعدتني فإنه لينظر إلى زواره فهو أعرف بهم و بأسمائهم و أسماء آبائهم و ما في رحالهم من أحدهم بولده. و إنه لينظر إلى من يبكيه فيستغفر له و يسأل أباه الاستغفار له و يقول: أيها الباكي لو علمت ما أعد اللّه لك لفرحت أكثر مما حزنت و إنه ليستغفر له من كل ذنب و خطيئة .
الحديث السادس:
و بالسند المتصل إلى الشيخ الجليل رئيس المحدثين محمد بن علي بن بابويه القمي عطر اللّه مرقده مسندا عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: من تذكر مصابنا و بكى لما ارتكب منا كان معنا في درجتنا يوم القيامة و من ذكر بمصابنا فبكى و أبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون و من جلس مجلسا يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب‏ .
الحديث السابع:
و بسندي إلى شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي عن المفيد عن ابن قولويه عن أبيه عن سعد عن البرقي عن سليمان بن مسلم الكندي عن ابن غزوان عن عيسى ابن أبي منصور عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: نفس المهموم لظلمنا تسبيح و همه لنا عبادة و كتمان سرنا جهاد في سبيل اللّه. ثم قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) : يجب أن يكتب هذا الحديث بالذهب‏
الحديث الثامن:
بالسند إلى الشيخ الفقيه أبي القاسم جعفر بن قولويه بسنده عن ابن خارجة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قال الحسين (عليه السلام) : أنا قتيل العبرة قتلت مكروبا و حقيق على [اللّه تعالى‏] أن لا يأتيني مكروب إلا رده اللّه أو أقلبه إلى أهله مسرورا .
الحديث التاسع:
بالسند المتصل إلى شيخ الطائفة «قده» عن المفيد عن أبي عمرو عثمان الدقاق عن جعفر بن محمد بن مالك عن أحمد بن يحيى الأودي عن مخول بن إبراهيم عن الربيع بن المنذر عن أبيه عن الحسين بن علي (عليه السلام) قال: ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة أو دمعت عيناه فينا دمعة إلا بوأه اللّه تعالى بها في الجنة حقبا.
قال أحمد بن يحيى الأودي: فرأيت الحسين (عليه السلام) في المنام فقلت: حدثني مخول بن إبراهيم عن الربيع بن المنذر عن أبيه عنك أنك قلت: ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة أو دمعت عيناه فينا دمعة إلا بوأه اللّه بها في الجنة حقبا. قال:
نعم قلت: سقط الاسناد بيني و بينك‏ .
قيل: الحقب كناية عن الدوام.
الحديث العاشر:
و بالسند المتصل إلى الشيخ أبي القاسم جعفر بن قولويه بسنده عن أبي عمارة المنشد قال: ما ذكر الحسين (عليه السلام) عند أبي عبد اللّه (عليه السلام) في‏
الحديث الحادي عشر:
و بسندي المتصل الى الشيخ الجليل علي بن إبراهيم القمي عن أبيه عن ابن محبوب عن العلا عن محمد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين (عليه السلام) دمعة حتى تسيل على خده بوأه اللّه بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا و أيما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتى يسيل على خده لأذى مسنا من عدونا في الدنيا بوأه اللّه مبوأ صدق في الجنة و أي مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى يسيل دمعه على خديه من مضاضة ما أوذي فينا صرف اللّه عن وجهه الأذى و آمنه يوم القيامة من سخطه و النار .
الحديث الثاني عشر:
و بالسند المتصل إلى الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمي عن أبيه عن شيخ القميين عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أحمد بن إسحاق بن سعد عن بكر بن محمد الأزدي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قال لفضيل: تجلسون و تحدثون؟ قال: نعم جعلت فداك. قال: ان تلك المجالس أحبها فأحيوا أمرنا يا فضيل فرحم اللّه من أحيى أمرنا يا فضيل من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينيه مثل جناح الذباب غفر اللّه له ذنوبه و لو كانت أكثر من زبد البحر .
الحديث الثالث عشر:
و بإسنادي الى الشيخ الأجل رئيس المحدثين محمد بن علي بن بابويه القمي نور اللّه مرقده بإسناده إلى أبي عمارة المنشد عن أبي عبد اللّه قال: قال لي: يا أبا عمارة أنشدني في الحسين (عليه السلام) . قال: فأنشدته فبكى ثم أنشدته فبكى ثم قال: فو اللّه ما زلت أنشده فيبكي حتى سمعت البكاء من الدار. فقال: يا أبا عمارة من أنشد في الحسين (عليه السلام) شعرا فأبكى خمسين فله الجنة و من أنشد في الحسين (عليه السلام) شعرا فأبكى ثلاثين فله الجنة و من أنشد في الحسين (عليه السلام) شعرا فأبكى عشرين فله الجنة و من أنشد في الحسين (عليه السلام) شعرا فأبكى عشرة فله الجنة و من أنشد في الحسين (عليه السلام) شعرا فأبكى واحدا فله الجنة و من أنشد في الحسين (عليه السلام) شعرا فبكى فله الجنة و من أنشد في الحسين (عليه السلام) شعرا فتباكى فله الجنة .
الحديث الرابع عشر:
و بالسند المتصل إلى جعفر بن قولويه القمي عن هارون بن موسى التلعكبري عن محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي رضوان اللّه عليهم أجمعين عن نصر بن الصباح عن ابن عيسى عن يحيى بن عمران عن محمد بن سنان عن زيد الشحام قال: كنا عند أبي عبد اللّه (عليه السلام) و نحن جماعة من الكوفة فدخل جعفر بن عفان على أبي عبد اللّه (عليه السلام) فقربه و أدناه ثم قال: يا جعفر. قال: لبيك جعلني اللّه فداك. قال: بلغني أنك تقول الشعر في الحسين (عليه السلام) و تجيد.
فقال له: نعم جعلني اللّه فداك. قال: قل. فأنشدته صلى اللّه عليه فبكى و من حوله حتى صارت الدموع على وجهه و لحيته. ثم قال: يا جعفر و اللّه لقد شهدت ملائكة اللّه المقربون هاهنا يسمعون قولك في الحسين (عليه السلام) و لقد بكوا كما بكينا و أكثر و لقد أوجب اللّه تعالى لك يا جعفر في ساعته‏ الجنة بأسرها و غفر اللّه‏ لك. فقال: يا جعفر أ لا أزيدك؟ قال: نعم يا سيدي. قال: ما من أحد قال في الحسين (عليه السلام) شعرا فبكى و أبكى به إلا أوجب اللّه له الجنة و غفر له‏ .
الحديث الخامس عشر:
و بالسند المتصل إلى الشيخ الصدوق رضوان اللّه عليه عن ابن مسرور عن ابن عامر عن عمه عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قال الرضا (عليه السلام) : إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال فاستحلت فيه دماؤنا و هتكت فيه حرمتنا و سبي فيه ذرارينا و نساؤنا و أضرمت النيران في مضاربنا و انتهب ما فيها من ثقلنا و لم ترع لرسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) حرمة في أمرنا ان يوم الحسين أقرح جفوننا و أسبل دموعنا و أذل عزيزنا بأرض كرب و بلاء و أورثنا الكرب و البلاء إلى يوم الانقضاء فعلى مثل الحسين (عليه السلام) فليبك الباكون فإن البكاء عليه يحط الذنوب العظام. ثم قال: كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا و كانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته و حزنه و بكائه و يقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين صلى اللّه عليه‏ .
الحديث السادس عشر:
و بسندي المتصل عن الشيخ الصدوق عطر اللّه مرقده عن الطالقاني عن أحمد الهمداني عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن الرضا (عليه السلام) قال:
من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى اللّه له حوائج الدنيا و الآخرة و من كان يوم عاشوراء يوم مصيبته و حزنه و بكائه جعل اللّه عز و جل يوم القيامة يوم فرحه و سروره و قرت بنا في الجنان عينه و من سمّى يوم عاشوراء يوم بركة و ادخر فيه لمنزله شيئا لم يبارك له فيما ادخر و حشر يوم القيامة مع يزيد و عبيد اللّه بن زياد و عمر ابن سعد- لعنهم اللّه- إلى أسفل درك من النار .
الحديث السابع عشر:
و بالإسناد الى الشيخ الصدوق رحمه اللّه عن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) قال: ان موسى بن عمران سأل ربه عز و جل فقال: يا رب ان أخي هارون مات فاغفر له فأوحى اللّه عز و جل إليه: يا موسى لو سألتني في الأولين و الآخرين لأجبتك ما خلا قاتل الحسين فإني أنتقم له من قاتله‏ .
الحديث الثامن عشر:
و بسندي المتصل إلى الشيخ الأجل أبي القاسم جعفر بن قولويه القمي بإسناده عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: كان قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا و كان قاتل الحسين (عليه السلام) ولد زنا و لم تبك السماء إلا عليهما .
الحديث التاسع عشر:
و بالسند المتصل إلى الشيخ الأجل جعفر بن قولويه عطر اللّه مرقده بسنده عن داود الرقي قال: كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السلام) إذا استسقى الماء فلما شربه رأيته قد استعبر و اغرورقت عيناه بدموعه ثم قال لي: يا داود لعن اللّه قاتل الحسين فما من عبد شرب الماء فذكر الحسين و لعن قاتله إلا كتب اللّه له مائة ألف حسنة و حط عنه مائة ألف سيئة و رفع له مائة ألف درجة و كأنما أعتق مائة ألف نسمة و حشره اللّه يوم القيامة ثلج الفؤاد .
الحديث العشرون:
و بالسند المتصل إلى الشيخ الجليل أبي القاسم جعفر بن قولويه القمي عن الشيخ الأجل ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني نور اللّه مرقده بإسناده عن داود ابن الفرقد قال: كنت جالسا في بيت أبي عبد اللّه (عليه السلام) فنظرت إلى حمام راعبي يقرقر فنظر إلي أبو عبد اللّه (عليه السلام) فقال: يا داود أ تدري ما يقول هذا الطير؟ قلت: لا و اللّه جعلت فداك. قال: يدعو على قتلة الحسين (عليه السلام) فاتخذوه في منازلكم‏ .
الحديث الحادي و العشرون:
و بالسند المتصل إلى آية اللّه العلامة رفع اللّه مقامه عن سلطان المحققين الخواجة نصير الملة و الدين محمد بن محمد الطوسي رضوان اللّه عليه عن الشيخ الفاضل المحدث برهان الدين محمد بن محمد بن علي الحمداني القزويني نزيل الري عن الشيخ الأجل منتجب الدين علي بن عبيد اللّه بن الحسن القمي عن أبيه عن جده عن الشيخ الأجل أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي رضوان اللّه عليه قال: روى محمد بن العباس بإسناده عن الحسن بن محبوب بإسناده عن صندل عن دارم بن فرقد قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) : اقرءوا سورة الفجر في فرائضكم و نوافلكم فإنها سورة الحسين (عليه السلام) و ارغبوا فيها رحمكم اللّه تعالى. فقال له أبو أسامة و كان حاضر المجلس: و كيف صارت هذه السورة للحسين (عليه السلام) خاصة؟ قال: أ لا تسمع إلى قوله تعالى‏ {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} [الفجر: 27] الآية إنما يعني الحسين (عليه السلام) فهو ذو النفس المطمئنة الراضية المرضية و أصحابه من آل محمد عليهم السلام هم الراضون عن اللّه يوم القيامة و هو راض عنهم و هذه السورة للحسين بن علي (عليهما السلام) و شيعته و شيعة آل محمد عليهم السلام خاصة من أدمن قراءة وَ الْفَجْرِ كان مع الحسين في درجته‏ في الجنة إن اللّه عزيز حكيم‏ .
الحديث الثاني و العشرون:
و بالسند المتصل إلى الشيخ الأجل السعيد أبي جعفر الطوسي بإسناده عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر و جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقولان: ان اللّه تعالى عوض الحسين (عليه السلام) من قتله أن جعل الإمامة في ذريته و الشفاء في تربته و إجابة الدعاء عند قبره و لا تعد أيام زائره جائيا و راجعا من عمره.
قال محمد بن مسلم: فقلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) : هذه الخلال تنال بالحسين فما له في نفسه؟ قال: إن اللّه تعالى ألحقه بالنبي فكان معه في درجته و منزلته. ثم تلا أبو عبد اللّه (عليه السلام) {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] .
الحديث الثالث و العشرون:
و بالسند المتصل إلى الشيخ الأفقه أبي القاسم جعفر بن سعيد المحقق الحلي عن السيد الجليل محمد بن عبد اللّه بن علي بن زهرة الحسيني الحلي طاب ثراه عن شيخ المحدثين رشيد الملة و الدين محمد بن علي بن شهرآشوب السروي نور اللّه مرقده السني عن الشيخ الأجل أحمد بن أبي طالب الطبرسي رضوان اللّه عليه في الاحتجاج في حديث طويل عن سعد بن عبد اللّه الأشعري رحمه اللّه في حكاية تشرفه بملاقاة إمامنا المهدي صلوات اللّه عليه و سؤالاته عنه (عليه السلام) قال: فقلت أخبرني عن تأويل‏ كهيعص‏ قال: هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع اللّه عليها عبده زكريا ثم قصها على محمد «ص» و ذلك أن زكريا سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرائيل (عليه السلام) فعلمه إياها و كان زكريا إذا ذكر محمدا و عليا و فاطمة و الحسن صلى اللّه عليهم سري‏ عنه همه‏ و انجلى كربه و إذا ذكر اسم الحسين خنقته العبرة و وقعت عليه البهرة . فقال ذات يوم: إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي و إذا ذكرت الحسين (عليه السلام) تدمع عيني و تثور زفرتي فأنبأه اللّه تبارك عن قصته فقال: كهيعص فالكاف اسم كربلاء و الهاء هلاك العترة و الياء يزيد و هو ظالم الحسين (عليه السلام) و العين عطشه و الصاد صبره. فلما سمع بذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام و منع فيهن الناس من الدخول عليه و أقبل على البكاء و النحيب و كان يرثيه: إلهي أتفجع خير جميع خلقك بولده؟ إلهي أ تنزل بلوى هذه الرزية بفنائه؟ الهي تلبس عليا و فاطمة ثوب هذه المصيبة؟ الهي أ تحل كربة هذه المصيبة بساحتهما؟ ثم كان يقول: إلهي ارزقني ولدا تقربه عيني على الكبر فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ثم أفجعني به كما تفجع محمدا حبيبك (صلى اللّه عليه و آله) بولده.
فرزقه اللّه يحيى و فجعه به و كان حمل يحيى ستة أشهر و حمل الحسين (عليه السلام) كذلك‏.
الحديث الرابع العشرون:
و بالإسناد إلى عماد الإسلام الشيخ الصدوق (رحمه الله) بإسناده عن أبي الجارود عن أبي عبد اللّه (أبي جعفر (عليه السلام) خ ل) قال: كان النبي (صلى اللّه عليه و آله) في بيت أم سلمة رضي اللّه عنها فقال لها: لا يدخل علي أحد فجاء الحسين (عليه السلام) و هو طفل. فما ملكت معه شيئا حتى دخل على النبي (صلى اللّه عليه و آله) فدخلت أم سلمة على أثره فإذا الحسين (عليه السلام) على صدره و إذا النبي (صلى اللّه عليه و آله) يبكي و إذا في يده شي‏ء يقلبه فقال النبي صلى اللّه عليه و آله: يا أم سلمة إن هذا جبرئيل يخبرني ان هذا مقتول و هذه التربة التي يقتل عليها فضعيه عندك فإذا صارت دما فقد قتل حبيبي. فقالت أم سلمة: يا رسول اللّه سل اللّه أن يدفع ذلك عنه. قال: قد فعلت فأوحى اللّه تعالى أن له درجة لا ينالها أحد من‏ المخلوقين و أن له شيعة يشفعون فيشفعون و أن المهدي (عليه السلام) من ولده فطوبى لمن كان من أولياء الحسين (عليه السلام) و شيعته هم و اللّه الفائزون يوم القيامة .
الحديث الخامس و العشرون:
و بالسند المتصل إلى الشيخ الصدوق (رحمه الله) بسنده عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إن إسماعيل الذي قال اللّه تعالى في كتابه‏ وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِيًّا لم يكن إسماعيل بن إبراهيم بل كان نبيا من الأنبياء بعثه اللّه عز و جل إلى قومه فأخذوه فسلخوا فروة رأسه و وجهه فأتاه ملك فقال: إن اللّه جلّ جلاله بعثني إليك فمر لي