الشعائر الحسينيه
الزيارة و فضلها

سمّيت الزيارة المليونيّة بهذا الاسم وبهذا العنوان الكبير ؛ لأنّ أكثر من تسعة ملايين زائر من مختلف البلدان الإسلاميّة يتوجّهون ويلتحقون بالمواكب العزائيّة في كلّ عام من عاشوراء ويوم أربعينية سيد الشهداء (عليه السّلام) في يوم العشرين من صفر . واُطلق عليها هذا الاسم بعد أن سقط النظام البعثي الصدامي وزال عن العراق ؛ فقد شعر شيعة أهل البيت (عليهم السّلام) بنوع من الحرية فكان لهم هذا الامتداد المليوني العالمي .
ولهذه الزيارة والمواكب العزائيّة المقدّسة ـ وفق الله تعالى شيعة أمير المؤمنين (عليه السّلام) في العراق على إحيائها سيراً على الأقدام ولمسافات بلغت مئات الكيلو مترات ؛ رجالاً ونساءً وأطفالاً ومعوقين الجميع اتجهوا صوب عاصمة الدنيا أيام زيارة الأربعين .
ولقد رأينا وتابعنا القنوات الفضائية الشيعيّة التي تابعت الموضوع مفصّلاً وقامت بالتغطية اللازمة والمطلوبة لهذا الحدث التأريخي العالمي الذي لم يحصل له مثيل في تاريخ البشرية كلّها . ونحن بدورنا نشكر الرجال الحسينيين الذين بذلوا الجهود المخلصة من أجل إيصال صوت الحسين (عليه السّلام) وقضيته إلى العالم .
زيارة الأربعين والتفاعل الجماهيري
لماذا تتقاطر الملايين على كربلاء لزيارة الأربعين ؟
الجواب : لأسمى غايات وقيم معنوية جوهرية محببة أذكر أهمها :
الاُولى : لنيل فضل الزيارة والأجر الكبير والثواب الجزيل .
الثانية : لمواساة النبي (صلّى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السّلام) .
الثالثة : لتجديد الولاء للحسين (عليه السّلام) .
الرابعة : للالتزام بقيم وأهداف الثورة الحسينيّة المقدّسة .
الخامسة : للتحدي للظلم والظالمين والتركيز على مظلومية الحسين (عليه السّلام) .
السادسة : لأجل ألطاف الشفاعة في الآخرة .
السابعة : لإظهار المودّة القلبية التي أمر الله تعالى بها لقرابة النبي (صلّى الله عليه وآله) لقوله : {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23].
الثامنة : لإحياء ذكرى إعادة رأس الحسين (عليه السّلام) إلى جسده بعد أربعين يوماً حيث يجدّدوا عند قبره العزاء ويقيموا عليه النياحة .
قال أبو الريحان البيروني : في العشرين من صفر ردَّ رأس الحسين إلى جثته حتّى دُفِن مع جسده الطاهر .
الآلوسي عن موضع رأس الحسين (عليه السّلام) رثى واستعبر وقال :
لا تطلبوا رأسَ الحسيـ ـنِ بشرقِ أرضٍ أو بغربِ
ودعوا الجميع وعرّجوا نحوي فمشهده بقلبي
ومن قصيدة للعلاّمة عبد الهادي مطر النجفي يخاطب في أبياتها الإمام الحسين (عليه السّلام) يقول :
قـم وانظر البيتَ الحرام ونظرة اُخـرى لـقبركَ فـهو حجٌّ أكبرُ
اصـبحتَ مفخرةَ الحياةِ وحقّ لو فـخرت بـهِ فـدمُ الشهادةِ مفخرُ
هـذي دمـوعُ الزائرين فروّ من عـبـراتها كـبداً تـكادُ تـفطَّرُ
واعطف عليها يا أبا اللطفِ انّها ودَّت لو انَّكَ في الأضالعِ تقبرُ
المواكب تحت عناية الإمام الحجة (عج)
المواكب الحسينيّة تحت عناية وألطاف الإمام صاحب العصر والزمان (عج) .
الموكب الحسيني هو عبارة عن التحرّك الجماهيري للأمّة بقيادة الإمام المعصوم أو نائبه في عصر الغيبة الكبرى من أجل تحقيق أهداف ثورة الإمام الحسين (عليه السّلام) . وإنّ هذه المسيرات العزائيّة المليونيّة التي نشاهدها اليوم تخرج من هنا وهناك في المواسم العاشورائية وغيرها من المناسبات الرثائية للمعصومين (عليهم السّلام) كلّها خاضعة تحت رعاية وعناية صاحب العزاء الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) فدع ذلك الناصبي المشكك يشكك ودعه يقول فينا ما يشاء من ـ عظّم الله أجرك يا صاحب الزمان ـ تفريغ سمومه وأحقاده وسبابه .
إلاّ إنّ عقيدتنا ـ نحن الإماميّة ـ أنّ إمامنا المعصوم الثاني عشر المهدي الموعود (عجّل الله فرجه) هو الذي يتولّى أمر عزاء جدّه المظلوم ويديره هو وأبداله إدارة محكمة ويلهب الحماس الحسيني في صفوف المعزّين والزائرين والباكين على الحسين (عليه السّلام) .
كيف لا يكون كذلك وهو القائل في زيارة الناحية : فلئن أخّرتني عنك الدهور وعاقني عن نصرك المقدور فلأندبنّك صباحاً ومساءً ولأبكينّ عليك بدل الدموع دماً ؛ حزناً عليك وتأسّفاً على ما أصابك ؟
إلى أن يذكر مصرع جدّه الحسين (عليه السّلام) ويقول : فهويت إلى الأرض جريحاً تطؤك الخيول بحوافرها وتعلوك الطغاة ببواترها قد رشح للموت جبينك واختلفت بالانقباض والانبساط شمالك ويمينك وأسرع جوادك إلى الخيام محمحماً داعياً وبالظليمة منادياً . فلمّا رأت النساء جوادك مخزيّاً ونظرنَ سرجك عليه ملوياً برزن من الخدور على الخدود لاطمات وبالعويل داعيات وبعد العزّ مذلّلات وإلى مصرعك مبادرات .
والشمر جالس على صدرك ومولع سيفه على نحرك قابض على شيبتك بيده وذابح لك بمهنده قد سكنت حواسك واختفت أنفاسك ورفع على القناة رأسك وسُبي أهلك كالعبيد وصفدوا في الحديد فوق أقتاب المطيات تلفح وجوههم حرّ الهاجرات يُساقون في البراري والفلوات أيديهم مغلولة إلى الأعناق يُطاف بهم في الأسواق فالويل للعصاة الفسّاق ! لقد قتلوا بقتلك الإسلام وعطّلوا الصلاة والصيام ونقضوا السنن والأحكام وهدموا قواعد الإيمان وحرّفوا آيات القرآن .
يا أحباب الإمام الحسين (عليه السّلام) ويا جنود الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) أكتفي بهذا القدر اليسير من مقاطع هذه الزيارة المقدّسة المبكية المحزنة المفجعة التي صوّر لنا الإمام (عجّل الله فرجه) فيها شهادة جدّه الحسين (عليه السّلام) الدامية وما جرى على بنات الرسالة من ظلم وهتك وسبي وتنكيل .
وأتمنى من كلّ قلبي الموفقية لكلّ خدمة المواكب الحسينيّة في كلّ أنحاء العالم ورزقنا الله وإياهم في هذه الدنيا زيارة الحسين (عليه السّلام) وفي الآخرة شفاعته وأن يجعلنا من الفائزين .