الشعائر الحسينيه
الزيارة و فضلها

زيارة عاشوراء في كتب الحديث
تُعتبر زيارة عاشوراء من الزيارات المشهورة فقد ذكرت في مصنفات أجلاء الطائفة على مرِّ العصور ومنها على سبيل المثال :
1 ـ كامل الزيارات لابن قولويه القمي من علماء القرن الرابع.
2 ـ مصباح المتهجد للشيخ الطوسي من علماء القرن الخامس.
3 ـ المزار الكبير لمحمد بن جعفر المشهدي من علماء القرن السادس.
4 ـ مصباح الزائر للسيد علي بن موسى بن طاووس من علماء القرن السابع.
5 ـ فرحة الغري للسيد عبد الكريم بن أحمد بن طاووس من علماء القرن السابع.
6 ـ منهاج الصلاح للعلامة الحلي من علماء القرن الثامن.
7 ـ المزار للشهيد الأول السيد محمد بن مكي العاملي من علماء القرن التاسع.
8 ـ البلد الأمين للعلامة تقي الدين إبراهيم الكفعمي من علماء القرن العاشر.
9 ـ بحار الأنوار و تحفة الزائر و زاد المعاد للعلامة المجلسي من علماء القرن الحادي عشر.
وذكرت هذه الزيارة المباركة في مصادر أخرى غير هذه التي تقدم ذكرها.
استغناء زيارة عاشوراء عن دراسة السند
يرى الفقيه المقدّس وأستاذ الفقهاء الميرزا جواد التبريزي (رحمه الله) أن بعض الزيارات كزيارة عاشوراء وزيارة الجامعة الكبيرة والناحية المقدسة ودعاء التوسل والكساء وأمثالها لا تحتاج إلى دراسة لأسانيدها؛ لأن هذه الزيارات مشهورة جداً وأصبحت شعاراً للتشيع كما أن مضامينها وردت في كثير من الروايات الصحيحة وقد عمل بها أكابر العلماء حتى صارت جزءاً من معتقدات الشيعة. وأيُّ شعارٍ أعظم من الشعار الذي ينادي بمظلوميَّة أهل البيت :؟ وزيارة عاشوراء تكفَّلت ببيان الظلم الذي تعرض له أهل البيت : واشتملت على لعن ظالميهم ولعن قاتلي أبا عبد الله الحسين كما أنها إحياء لواقعة الطف؛ ولذا تجب المحافظة عليها؛ لأن إحياء واقعة كربلاء هو إحياء المذهب الشيعي الذي هو المذهب الحق. ومن المسلَّمات لدى الشيعة الإمامية هو مظلوميّة أهل البيت : وخصوصاً الهجوم على بيت علي (عليه السلام) وزوجته بنت الرسالة والصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وقتل الإمام الحسين 7. أن الوعي بهذه المظلوميّة هو استيعاب لحقيقة الإسلام كما هو واقع فعلاً فكثير من الذين اطلَّعوا على مظلومية أهل البيت : قادهم هذا الاطلاع إلى حقانيّة هذا المذهب فتشيَّعوا. ولذا فإن الشهادة الثالثة التي هي الشهادة لعلي (عليه السلام) بالولاية صارت شعاراً للشيعة ولا يجوز تركها وأيُّ تقصير في مثل هذه الموارد يعتبر ذنباً غير مغتفر لأن هذه المعتقدات هي شعارنا ومصادرنا لإثبات حقانيّة مذهب أهل البيت :.
شهرة الزيارة
زيارة عاشوراء المباركة من الزيارات المشهورة التي أولاها العلماء الكبار عناية خاصة ونقلوها في كتبهم بنصها الكامل وذكروا معها فضليتها. وممن تعرض لعظمة هذه الزيارة ومكانتها من علمائنا الكبار : الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد ابن قولويه القمي في كامل الزيارات والكفعمي في كتابه البلد الأمين وابن طاووس في مصباح الزائر والشهيد الأول في المزار وغيرهم. فزيارة عاشوراء من الزيارات المشهورة والمجرّبة التي أكّد عليها أعاظم العلماء على مرّ العصور.
كفاية الشهرة في ثبوت قسم من الموضوعات الخارجية
إن تعلُّم الأحكام الشرعية وتحصيل المسائل الفقهية يعتبر من أعظم الأعمال وأرفعها وانتم تعلمون أن هناك بعض الشروط فيما يخص الموضوعات الخارجية وفي جميعها أو أغلبها لابد من إقامة البيِّنة ولكن في بعضها (الموضوعات الخارجية) تكفي مجرد الشهرة في ثبوتها ولا يحتاج إلى إقامة البيّنة ولا إلى أي شئ آخر ومن هذه الموارد : ما لو اشترى شخصٌ أرضاً وبعد ذلك قيل له : أن هذه الأرض كانت وقفاً. وقد سُئل الإمام (عليه السلام) عن حكم هذه المسألة فأجاب (عليه السلام) : إذا اشتهر بين الناس أن هذه الأرض من الموقوفات فلا يجوز شرائها ولا بد من إرجاعها. ومن هذه الموارد حدود منى والمشعر الحرام فحدود منى وعرفات إنما تثبت بالشهرة. وكذلك الحكم بالنسبة إلى المقابر إذ ربما دُفن ميت في مكان ما قبل مئتي عام ولا يوجد اليوم شخصٌ حيٌ شهِد دفن ذلك الميت في هذا المكان ولكن اشتهر بين الناس أن هذا المكان هو قبر فلان بن فلان فهنا تكفي مجرد الشهرة بين الناس.
ولأجل هذا فإن المقام الشامخ والمزار العظيم للسيدة رقية بنت الإمام الحسين ‘ ثابت بالشهرة منذ دفنها (عليها السلام) فيه ولعل الإمام الحسين (عليه السلام) أراد أن يُبقي تذكاراً في الشام ليبقى في وعي المؤمنين ولكي لا يأتي في المستقبل مَن يُنكر حوادث الظلم والأسر الذي تعرّض له أهل بيت الطهارة والعصمة : فهذه الطفلة الصغيرة شاهد عظيم على أن ظلم الأمويين وأسرهم شمِل حتى الأطفال الصغار ونحن نلتزم بأن الشهرة قائمة على دفن السيدة رقية (عليها السلام) في هذا المكان فقد استشهدت (عليها السلام) في هذا المكان ودفنت في هذا المكان وقد أسرعنا لزيارتها (عليها السلام) ولابد من رعاية الاحترام لهذا المكان المقدس. ولا يقال أنها مجرد طفلة صغيرة السن؛ فعبد الله (عليه السلام) كان طفلا رضيعاً ولكنه حائز على مقام رفيع إذ دفن في كربلاء مع أبيه الحسين 7. وقد ذكروا أن دفنه في هذا المكان له دلالاته الخاصة حيث أن الإمام الحسين (عليه السلام) سيُخرج يده من الضريح وهي تحمل عبد الله الرضيع 7. إذن فدفن السيدة رقية (عليها السلام) وهي صغيرة السن شاهد كبير ومَعلَم قوي على مقدار الظلم والأسر الذي تعرض آل البيت : هذا الظلم الذي أبكى جميع الأنبياء والمرسلين من آدم إلى خاتم الرسل محمد (صلى الله عليه واله) إلى درجة أن الله تعالى أقام العزاء للإمام الحسين (عليه السلام) بحضور آدم. ولذا فإن احترام هذا المكان يعد من الواجبات فلا تستمعوا إلى بعض الأباطيل التي تقال هنا وهناك ولا تُعِيروا أهمية لبعض الأقاويل المنحرفة التي تقول أن رقية (عليها السلام) لم تكن إلا مجرد طفلة صغيرة. ألم يكن عبد الله الرضيع طفلاً صغيراً؟ ومع ذلك فهو شاهد يوم القيامة وشافع للمذنبين من الشيعة إن شاء الله تعالى.
بناءاً على هذا يجب على الجميع احترام هذا المرقد الشريف (مرقد السيدة رقية) وان لا يلتفتوا إلى الأباطيل والانحرافات التي يوسوس بها الشيطان إلى بعض الناس. إننا نتقرب إلى الله تعالى بزيارة السيدة رقية بنت الإمام الحسين (عليه السلام) هذه البنت المظلومة والتي تنحدر من عائلة تعرّضت جميعها للظلم والأذى.
والحاصل من كل ما تقدم : إن المرحوم الميرزا (أعلى الله مقامه) يرى أن مجرد الشهرة كافية في إثبات بعض الموضوعات الخارجية. ومن هنا يمكننا ـ على هذا المبنى ـ أن نثبت أن زيارة عاشوراء لا تحتاج إلى إقامة البينة بل تكفي مجرد شهرتها لإثبات اعتبارها وصحتها.
الهدف من دراسة السند لزيارة عاشوراء
إن استحباب قراءة هذه الزيارة الشريفة هو مما اتفق عليه علماء الطائفة على طول التاريخ وذكروا حديث الإمام الباقر والإمام الصادق في هذا الصدد في جميع الكتب المخصصة للأدعية والزيارات وهناك تأكيد على استحباب المداومة عليها يوميا وهذا بنفسه دليل على اعتبار هذه الزيارة المباركة. ولاك أن زيارة كهذه الزيارة لا تحتاج إلى دراسة لسندها ولكننا في الوقت نفسه سنبحث السند ورجاله لدفع بعض الشبهات التي يطرحها بعض المغرضين الذين يهدفون إلى تضليل الناس ولذا فإننا سنجيب على هذه الشبهات إن شاء الله تعالى.
كلام رجالي الخبير استاد الفقهاء والمجتهدين الميرزا جواد التبريزي (رحمه الله) حول اعتبار زيارة عاشوراء
1 ـ إذا اشتهر خبر ما بمعنى أنه نُقل في مصادر حديثية مختلفة وبأسناد متنوعة لأكثر من راوي فوصل إلى حد الشهرة. فإن ذلك موجب للإطمئنان والوثوق بصدور هذا الحديث عن المعصوم7.
2 ـ أحيانا تكون المناشئ العقلائية موجبة لثبوت الخبر والاطمئنان بصحة صدوره عن المعصوم (عليه السلام) وذلك لكثرة المصادر التي ذكرت الخبر التي هي موجبة للإطمئنان بصدور الخبر عن المعصوم 7. فالعلماء اعتمدوا على بعض النصوص مع أنها غير تامة من الناحية السندية وخصوصا في المستحبات والمكروهات.
3 ـ بلاغة اللفظ وسمو المعنى في زيارة عاشوراء مؤيّد قوي على صدورها من أهل البيت : وهذا الأمر يتجلى لنا في كتاب نهج البلاغة لمولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فالمعاني السامية والانسجام بين الألفاظ يوجبان الاطمئنان بصدور هذا الكلام عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .

4 ـ مطابقة المضامين الواردة في زيارة عاشوراء للملاكات والأدلة العامة المذكورة في الكتاب والسنة القطعيين. وهذا بنفسه دليل آخر على صحة زيارة عاشوراء.
5 ـ الانسجام الحاصل بين بعض المضامين والعبارات الواردة في الزيارة مع بعض الروايات الصحيحة ومن ذلك إبراز الظلم والأذى الذي لحق بأهل البيت : والسلام واللعن.
6 ـ اشتملت هذه الزيارة الشريفة على قسمين من المضامين العالية : الأول : هو المدح والثناء الجميل والسلام على أهل بيت العصمة والطهارة : والثاني هو اللعن والبراءة من أعدائهم : وغاصبي حقوقهم. وكلا هذين الأمرين ـ السلام واللعن ـ مما أكّد عليه الأئمة : ووردت به روايات صحيحة وجعل الله لعامله أجرا مضاعفا.
7 ـ تعتبر هذه الزيارة إحياء لأمر أهل البيت : لأن التذكير بالظلم الذي نزل بآل البيت : من أعدائهم وإقامة المجالس بشتى أشكالها لذكر أهل البيت : وبيان مظلوميّتهم وخصوصا
المجالس التي تقام للإمام الحسين (عليه السلام) هي إحياء لأمرهم : وقد كتب الله لعاملها الأجر الجزيل.
وقد ورد في هذا المجال روايات مستفيضة ونحن نكتفي بالإشارة إلى بعضها :
1 ـ قال الصادق (عليه السلام) : الحمد لله الذي جعل في الناس من يفد إلينا ويمدحنا ويرثي لنا
2 ـ قال الصادق (عليه السلام) : تزاوروا وتلاقوا وتذاكروا وأحيوا أمرنا
3 ـ قال الصادق (عليه السلام) للفضيل : تجلسون وتحدِّثون؟ فقال : نعم قال : إن تلك المجالس أحبها فأحيوا أمرنا فرحم الله من أحيى أمرنا
4 ـ قال الرضا (عليه السلام) : من جلس مجلساً يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.
إن مجرد قراءة زيارة عاشوراء الكريمة هو وسيلة من وسائل حفظ الشعائر لأنها اشتملت على مضامين وألفاظ تحيي واقعة الطف. وواقعة الطف ـ كما نعلم ـ لا تنفك عن الدين والشريعة هذا من جهة. ومن جهة أخرى إن حفظ الدين هو واجب إلهي
على كل فرد مسلم ويجب على الجميع السعي لإقامة ما من شأنه حفظ الدين ومن أبرز مصاديقه إحياء أمر أهل البيت .
8 ـ أن زيارة عاشوراء ـ بغض النظر عن سندها ـ مشمولة بعموم أدلة استحباب زيارة الحسين (عليه السلام) وكذلك أيضاً فهي داخلة تحت عمومات من بلغ ... . وحتى لو افترضنا وجود خدشة في سندها يمكن إثبات الثواب لقارئها عن طريق اللطف الإلهي بعباده كمـا نصت على ذلك أخبـار من بلغ ... . وأخبار من بلغ هي مجموعة من الروايات المنقولة عن الأئمة : وقد جمع تحت عنوان أخبار من بلغ منها هذا الخبر الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال : من بلغه عن النبي (صلى الله عليه واله) شئ من الثواب فعمله كان أجر ذلك له وإن كان رسول الله لم يقله
وظاهر هذه الرواية وأمثالها أنها تُخبر عن ثبوت اللطف الإلهي بعباده وإنه تعالى يثيبهم على أعمالهم بقطع النظر عن الحكم الواقعي لتلك الأعمال فمن عمل عملا رجاء ثواب الله فإنه سوف لن يُحرم ذلك الثواب. ومن هذا القبيل الروايات الواردة في مسجد الكوفة. فإن فضيلة مسجد الكوفة وشرفه من المسلّمات كما نصت على ذلك الروايات الصحيحة. ويكفي هذا المسجد فضلا انه المكان الذي تعبد به كثير من الأنبياء والأئمة المعصومين .
:. وإنما وردت روايات متعددة تختلف في تحديد حجم الثواب الذي أعدّه الله لكل ركعة صلاة تؤدى في هذا المسجد. وموارد كهذا المورد تشملها روايات من بلغ ... فالله تعالى يكتب لعباده الثواب والأجر للطفه وتفضّله عليهم. وهكذا بالنسبة إلى زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) فهي من أفضل الأعمال كما وردت بذلك الأخبار الصحيحة. ولو تنزلنا وقلنا بعدم تمامية السند لهذه الزيارة الشريفة فإنها مشمولة بعمومات من بلغ ... والثواب الذي تحدثت عنه رواياتها سيكتبه الله لقارئيها بلطفه ومنّه.
والنتيجة أن الثواب الموعود مستتبع لقراءة زيارة عاشوراء برجاء المطلوبية.
9 ـ ومما يكشف عن عظمة هذه الزيارة ومكانتها هي المكاشفات التي وقعت لبعض أجلاء الشيعة. ينقل المحدث النوري في كتابه النجم الثاقب عن تاجر من مدينة رشت اسمه السيد احمد بن السيد هاشم الرشتي انه قال : عزمت على أداء وظيفة الحج وزيارة بيت الله الحرام في سنة 1280 هـ فسافرت من مدينة رشت إلى مدينة تبريز ونزلت في بيت الحاج صفر علي وهو من التجار المعروفين. ولم تكن في وقتها قافلة متوجهه إلى الحج ولذلك كنت متحيرا أبحث عن وسيلة للسفر. إلى أن قام الحاج جبار ـ الذي هو من أصحاب القوافل المعروفين ـ برحلة تجارية وانضممت أنا إلى قافلته وتحركنا.
وفي احد البيوت التي نزلنا بها في تركية أثناء رحلتنا جاء الحاج جبار وقال : أن هذا المنزل الذي نحن فيه مشبوه ومخيف. ولذا استعجلوا في اللحاق بالركب إذ إننا كنا متأخرين عن القوافل الأخرى في كل منزل نزلنا به فتحركنا قبل الصبح بساعتين ونصف أو ثلاث ساعات. وحينما ابتعدنا عن المنزل بمقدار نصف فرسخ أو ثلاثة أرباع الفرسخ اظلمّ الجو وبدأت الثلوج بالتساقط حتى اضطر الركاب إلى تغطية رؤوسهم والإسراع في الحركة وكلما حاولت أن الحق بهم لم أتمكن حتى ابتعدوا عني وبقيت وحدي فنزلت من فرسي وجلست على جانب الطريق. كنت مرتبكا جدا لأنني أحمل معي مبلغا من المال قدره 600 تومانا ولذا قررت أن أبقى في نفس المكان لحين طلوع الشمس على أن ارجع عند الصباح إلى المنزل السابق حتى أجد الدليل وألتحق بالقافلة.
وفجأة رأيت أمامي بستانا ورأيت فيه فلاحا يمسك مجرفة ويجرف بها الثلوج عن الأشجار وحينما رآني اقترب مني وقال : من أنت؟ فأجبته قائلاً : ذهب أصحابي وبقيت وحدي في هذه

الصحراء لا اعرف من أين طريقي. فقال لي باللغة الفارسية : صلِ صلاة الليل حتى تجد الطريق. فبدأت بالصلاة والدعاء وبعد أن انتهيت من العبادة جاءني مرة أخرى وقال لي : لم تذهب إلى الآن؟ فقلت له : أقسم بالله تعالى إني اجهل الطريق. فقال لي : اقرأ زيارة الجامعة. وأنا لم أكن أحفظ زيارة الجامعة وإلى الآن فإنني لا أحفظها ولكن وقفت في ذلك الوقت وقرأتها عن ظهر قلب. فجاءني مرة أخرى وقال : لم تذهب إلى الآن؟ فبكيت بغير اختياري وقلت له : إني أجهل الطريق. فقال لي : اقرأ زيارة عاشوراء. وأنا لم أكن قد حفظتها والى الآن فإني لا أحفظها ولكنني في ذلك المكان قرأتها عن ظهر قلب مع اللعن والسلام ودعاء علقمة.
وجاءني مرة ثالثة وقال : لم تذهب إلى الآن؟ فقلت : لا. حتى انبلج الصبح فقال لي : أنا سألحقك الآن بإحدى القوافل فركب حمارا ووضع مجرفته على كتفه ثم قال لي : اركب معي فركبت وأخذت عنان فرسي ولكنه أبى أن يتحرك فقال لي الرجل : ناولني عنان الفرس فناولته إياه فوضع المجرفة على كتفه الأيسر وأخذ عنان الفرس بيده اليمنى وتحركنا ومشى الفرس معنا طائعا ثم وضع الرجل يده على ركبتي وقال لي : لماذا لا تصلي صلاة الليل؟
وردد ثلاثا : النافلة النافلة النافلة. ثم قال : لماذا لا تقرأ زيارة عاشوراء؟ عاشوراء عاشوراء عاشوراء. ثم قال : لماذا لا تقرأ الزيارة الجامعة؟ الجامعة الجامعة الجامعة. فقال لي ونحن على تلك الحال : هؤلاء هم أصحابك نزلوا إلى حافة النهر يتوضئون لصلاة الصبح. فنزلت من الحمار لأصعد فرسي فلم أتمكن فنزل هو وأثبت مجرفته في الثلج وأركبني على فرسي وأرجعني إلى أصحابي.
في تلك الساعة بدأت أتأمل وأتساءل : من هو يا ترى ذلك الشخص؟ وكيف يتكلم اللغة الفارسية والحال انه لا توجد لغة هناك غير اللغة التركية؟ ولم يكن هناك دين في الغالب غير المسيحية؟ كيف أوصلني بهذه السرعة إلى أصحابي؟ التفتُّ خلفي فلم أجد أحدا ولا أثراً عن ذلك الرجل وعندها التحقت بأصحابي.
10ـ لقد اهتم العلماء الكبار بهذه الزيارة المباركة على طول التاريخ حتى كأنهم اتفقوا على آثارها وبركاتها وأصروا على قراءتها بشكل يومي. ولا شك أن زيارة كهذه لا تحتاج إلى دراسة لسندها.
11 ـ لقد نُقلت زيارة عاشوراء منذ عشرة قرون والى اليوم في كتب العلماء الأجلاء من حماة الشريعة المقدسة وهذا بنفسه دليل على اعتبار هذه الزيارة الشريفة. ويمكننا الإشارة إلى بعض هذه المصادر :
1 ـ كامل الزيارات لابن قولويه القمي من علماء القرن الرابع.
2 ـ مصباح المتهجد للشيخ الطوسي من علماء القرن الخامس.
3 ـ المزار الكبير لمحمد بن جعفر المشهدي من علماء القرن السادس.
4 ـ مصباح الزائر للسيد علي بن موسى بن طاووس من علماء القرن السابع.
5 ـ فرحة الغري للسيد عبد الكريم بن أحمد بن طاووس من علماء القرن السابع.
6 ـ منهاج الصلاح للعلامة الحلي من علماء القرن الثامن.
7 ـ المزار للشهيد الأول (محمد بن مكي العاملي ;) من علماء القرن التاسع.
8 ـ البلد الأمين للعلامة تقي الدين إبراهيم الكفعمي من علماء القرن العاشر.
9 ـ بحار الأنوار و تحفة الزائر للعلامة المجلسي من علماء القرن الحادي عشر.
12 ـ أن زيارة عاشوراء زيارة مجربة في رفع المشاكل وقضاء الحوائج ولها آثار عجيبة في هذا المجال وهذا اقتضى أن يكون لهذه الزيارة المباركة مكانة خاصة عند علماء الدين الكبار والمؤمنين الأجلاء. وهذا بحد ذاته دليل قاطع على صحة هذه الزيارة. وللوقوف على عظمة هذه الزيارة يمكن الرجوع إلى قصة وردت في كتاب : الكلام يجر الكلام للمرحوم الحاج السيد أحمد الزنجاني حيث ينقل عن آية الله الحاج الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي انه قال : في أحدى الليالي في سامراء كنا جالسين على السقف ندرس أنا والمرحوم آقا ميرزا علي (نجل الميرزا الشيرازي) والسيد محمود السنگلجي عند الميرزا محمد تقي الشيرازي ووفي اثناء الدرس جاء أستاذنا المعظم المرحوم السيد محمد الفشاركي وقد بدت على وجهه آثار الحزن والألم وكان واضحا أن السبب في تألمه هو ظهور الوباء في مدينة سامراء. فقال لنا : هل تعتقدون باجتهادي؟ فقلنا : نعم. فقال : وعدالتي؟ قلنا : نعم. فقال : إنني أوجب على كل رجل وامرأة من شيعة سامراء أن يقرءوا زيارة عاشوراء مرة واحدة بالنيابة عن أم الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف نرجس خاتون ويتوسلوا بهذه السيدة الجليلة إلى ولدها العظيم وتستشفع به ليدعو الله تعالى حتى يرفع البلاء عن شيعة سامراء.
فامتثل الناس لهذه الفتوى وقرءوا زيارة عاشوراء بتلك النية وكانت النتيجة أن لم يمت أي شخص من شيعة سامراء في الوقت الذي كان يموت كل يوم خمسة عشر نفرا من غير الشيعة.
وتجدر الإشارة إلى أن جميع البلايا التي كانت ترد بعد ذلك كانت تتجه إلى العامة؛ مما حدا بالبعض منهم إلى أن يلتفت إلى أحقيّة المذهب الشيعي ويدخل فيه.
بحث في سند زيارة عاشوراء
دراسة حول سند زيارة عاشوراء في :
مصبـاح المتهجد للشيخ الطوسي (رحمه الله)
كامل الزيارات لابن قولويه القمي .
دراسة في سند زيارة عاشوراء
ذكر الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) سند زيارة عاشوراء في كتاب (مصباح المتهجد وسلاح المتعبد) بهذه الصورة : صالح بن عقبة وسيف بن عميرة : قال علقمة بن محمد الحضرمى قلت لأبي جعفر (عليه السلام) ... .
ونحن سنبحث بداية رواية صالح بن عقبة عن علقمة بن محمد الحضرمي.
دراسة سند الشيخ الطوسي (رحمه الله) الأول لزيارة عاشوراء رواية صالح بن عقبة (الخياط القماط) عن علقمة بن محمد الحضرمي.
وقد بيّن كل من الشيخين الطوسي والصدوق (قدس سرهما الشريف) طريقه إلى كتاب صالح بن عقبة :
1 ـ طريق الشيخ الطوسي (رحمه الله) إلى كتاب صالح بن عقبة
بما أن وفاة الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) كانت في سنة 460 هجرية وحياة صالح بن عقبة كانت مستمرة إلى سنة 183 هـ وعليه فتكون المدة بينهما هي 277 سنة ولذا فلابد أولا من أن نعثر على طريق الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) إلى صالح بن عقبة.
ونجد هذا الطريق في كتاب (الفهرست) بهذا الشكل : صالح بن عقبه له كتاب اخبرنا به ابن ابى جيد عن ابن الوليد عن الصفّار عن محمد بن الحسين عن محمد بن اسماعيل بن بزيع عنه .
وعليه فيكون طريق الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) إلى كتاب صالح بن عقبة بهذا الشكل : الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) عن علي بن أحمد بن محمد بي أبي الجيد عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن بن فروّخ الصفّار عن محمد بن حسين بن أبي الخطاب عن اسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة.
دراسة طريق الشيخ الطوسي إلى كتاب صالح بن عقبة
ولكي نثبت صحة طريق الشيخ (قدس سره الشريف) وصحة زيارة عاشوراء فلابد لنا أن نحرز وثاقة الأفراد الواردين في هذا الطريق :
1 ـ ابن أبي الجيد (على بن احمد بن محمد بن طاهر أبو الحسين الأشعري القمي المعروف بابن أبي الجيد) ولم تصرح كتب الرجال بوثاقته وإن كان الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) والشيخ النجاشي من جملة تلامذته. ويرى أستاذ الفقهاء والمجتهدين السيد الخوئي (قدس سره الشريف) أن جميع مشايخ النجاشي هم من الثقات يقول (قدس سره الشريف) : ثقة لأنه من مشايخ النجاشي
وكذلك الرجالي الخبير الميرزا جواد التبريزي (قدس سره الشريف) كان يرى وثاقة جميع مشايخ النجاشي. وقد نقل الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) عن استاذه 21 رواية في كتاب (الاستبصار) وعنونه بهذا الاسم : أبو الحسين بن أبي الجيد عن محمد بن الحسن بن الوليد.
دراسة توثيق مشايخ النجاشي ;
لقد بدأ البحث في توثيق مشايخ النجاشي في زمن العلامة الحلي (قدس سره الشريف) إذ أن العلامة علّق على كلام النجاشي في حق شيخه احمد بن محمد بن الجندي المترجم إذ يقول النجاشي : استادنا ألحقنا بالشيوخ في زمانه فقال العلامة (قدس سره الشريف) معلقا على كلام النجاشي : وليس هذا نصاً في تعديله وكأن العلامة (قدس سره الشريف) يريد أن يقول أن المحدث إذا ألحق نفسه بمشايخ عصرٍ آخر لم يدل ذلك على وثاقته.
واهتم العلامة السيد بحر العلوم (قدس سره الشريف) كذلك بقضية توثيق مشايخ النجاشي وعقد فصلا كاملا من كتابه لهذا الغرض وقال فيه بدايته : هذا اصل نافع في الباب جداً يجب أن يلحظ ويحفظ .
أدلة توثيق مشايخ النجاشي :
ذُكرت أدلة عديدة لتوثيق مشايخ النجاشي وأهمها ما ذُكر عند التعرض لسيرة البعض من مشايخ النجاشي ويمكن الإشارة إلى بعض هذه الأدلة :
1 ـ تصريح النجاشي عند ترجمة جعفر بن محمد بن مالك إذ يقول : كان ضعيفاً في الحديث قال احمد بن الحسين : كان يضع الحديث وضعاً ويروي عن المجاهيل وسمعت من قال : كان أيضاً فاسد المذهب والرواية ولا أدري كيف روى عنه شيخنا النبيل الثقة أبو على بن همّام وشيخنا الجليل الثقة أبو غالب الزراري رحمهما الله؟ وليس هذا موضع ذكره .
وتعجب النجاشي من نقل أبي علي بن همام ووأبي غالب الزراري عن الضعاف يدل على أن النجاشي لم يكن ينقل إلا عن الثقات.
2 ـ ويقول النجاشي في ترجمة أحمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسن العياش كان سمع الحديث وأكثر واضطرب في آخر عمره وكان جدّه وأبو ه من وجوه أهل بغداد أيّام آل حمّاد والقاضي أبي عمر .... رأيت هذا الشيخ وكان صديقاً لوالدي وسمعت منه شيئاً كثيراً ورأيت شيوخنا يضعّفونه فلم أرو عنه شيئاً وتجنّبته وكان من أهل العلم والأدب القويّ وطيّب الشعر وحسن الخطّ رحمه الله وسامحه ومات سنة إحدى وأربعمائة .
فهذه العبارة تدل بوضوح على أن النجاشي مع كثرة ما سمع من احمد بن محمد بن عبيد الله ومع أنه من مشايخه ولكنه لم ينقل رواياته لورود التضعيف فيحقه وهذا دال على أن النجاشي لا ينقل الروايات عن مشايخه الضعاف.
3 ـ ويقول الشيخ النجاشي في ترجمة محمد بن عبد الله الشيباني : رأيت هذا الشيخ وسمعت عنه كثيراً ثم توقّفت عن الرواية عنه الاّ بواسطة بيني وبينه .
فمع أن أبي المفضل من مشايخ النجاشي ولكن النجاشي توقف ولم ينقل عنه الروايات بسبب ما أصابه من اختلال في الحواس.
4 ـ لقد عبّر الشيخ النجاشي عن بعض الطرق بألفاظ مثل : الاضطراب والغرابة الظلمة ونقص الطريق وهذا يدل على سلامة الطرق الأخرى المنقولة في الكتاب وإلا لنقلها كبقية الموارد.
مشايخ النجاشي :
لم يتعرض الشيخ النجاشي لسيرة جميع مشايخه وإنما اكتفى ببيان سيرة سبعة منهم فقط ووثق أربعة من هؤلاء بالتصريح .
ومشايخ النجاشي أكثر من 40 شخص ـ على التحقيق ـ وهم :
أبو الحسن بن أحمد بن علي بن الحسن ابن شاذان أبو الحسن التميمى أبو الحسن النحوى أبو الحسين النصيبي أبو الحسين بن محمد بن أبي سعيد أبو عبدالله الجعفي القاضي أبو عبدالله بن الخمري أبو عبد الله بن شاذان أبو عبدالله النحوي أبو عبد الله القزويني أبو الفرج القناتي أبو الفرج الكاتب ابن الصلت ألأهوازي ابن نوح إبراهيم بن مخلد بن جعفر القاضي أبو إسحاق احمد بن الحسين احمد بن عبد الواحد احمد بن علي الأشعري احمد بن علي بن طاهر احمد بن علي بن العباس أحمد بن علي بن نوح أبو العباس أحمد بن محمد الأهوازى أحمد بن محمد بن عمران أبو الحسن احمد بن محمد بن هارون أحمد بن محمد المستنشق أحمد بن هارون أسد بن إبراهيم بن كليب الحرّاني أبو الحسن الحسن بن أحمد بن إبراهيم الحسن بن محمد بن يحيى بن داود الفحّام أبو محمد الحسن بن هدبة الحسين بن أحمد بن موسى بن هدبه الحسين بن الخمري الكوفي أبو عبدالله الحسين بن عبيدالله بن أبي غالب الرازي الحسين بن عبيدالله الحسين بن عبيدالله القزويني الحسين بن محمد بن هدبة الحسين بن موسى سلامة بن دكا أبو الخير الموصلي العباس بن عمر المعروف بابن مروان الكلوذاتي عبدالسلام بن الحسين الأديب عبدالواحد بن مهدي أبو عمر علي بن أحمد علي بن أحمد بن أبي جيّد علي بن أحمد بن محمد بن طاهر الاشعرى القمي أبو الحسين علي بن شبل بن أسد علي بن محمد بن يوسف أبو الحسن القاضي محمد بن جعفر الاديب محمد بن جعفر التميمي محمد بن جعفر المؤدّب محمد بن جعفر النجّار محمد بن جعفر النحوي محمد بن عثمان بن الحسن القاضي أبو الحسن محمد بن علي بن خشيش التميمي المقري محمد بن علي بن شاذان أبو عبدالله محمد بن علي الكاتب محمد بن محمد بن النعمان .
كيفية معرفة مشايخ النجاشي :
إذا وجدنا عبارة حدثنا أو أخبرنا في سند ينقله الشيخ النجاشي في كتابه فإن ذلك دال على أن المُحدث أو المُخبر هو أحد مشايخ النجاشي.
وقد تعرفنا على بعض مشايخ النجاشي من خلال ورودهم في أسناد لتقييم بعض الرواة الآخرين من هؤلاء : أبو عبد الله الجعفي القاضي الذي جرى ذكره في ترجمة أبان بن محمد البجلي. وكذلك احمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري التي ورد في ترجمة عبد الله بن أبي عبد الله. وأحمد بن عبد الواحد الذي ورد ذكره في ترجمة أبان بن تغلب. وأحمد بن علي الأشعري عند ترجمة معاوية بن سعيد وغيرهم ممن تعرفنا عليهم من ترجمات أخرى.
2 ـ محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد
يقول النجاشي في حقه : أبو جعفر شيخ القميين وفقيههم ومتقدّمهم ووجههم ويقال : انه نزيل قم وما كان اصله منها ثقة ثقة عين مسكون اليه .
وقال الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) : جليل القدر عارف بالرجال موثوق به ... .
ونجد في كتاب الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في الرجال في القسم الذي أسماه : (من لم يرو عنهم) يقول : جليل القدر بصير بالفقه ثقة .
وأما ابن داوود فقد ذكره في كتابه وأدرجه في فصل مخصص للرجال الذين تم توثيقهم مرتين وقال : اِنّ ابن الغضائري وثّقه مرتين .
3 ـ محمد بن الحسن بن فروخ الصفار :
يقول النجاشي في حقه : كان وجهاً في اصحابنا القمّيين ثقة عظيم القدر راجحاً قليل السقط في الرواية
ويقول الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في حقه : محمد بن الحسن الصفار قمى. له كتب مثل كتب الحسين بن سعيد وزيادة كتاب بصائر الدرجات و ... .
4 ـ محمد بن الحسين بن أبي الخطاب
قال النجاشي في حقه : جليل من اصحابنا عظيم القدر كثير الرواية ثقة عين حسن التصانيف مسكون الى روايته .
ويقول الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في (الفهرست) : محمد بن الحسين بن ابي الخطاب كوفى ثقة
وقد ذكره الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في ثلاثة مواضع من كتاب (الرجال) :
1 ـ في قسم أصحاب محمد بن علي الثاني (عليه السلام) (الإمام الجواد) وقال هناك : محمد بن الحسين بن ابي الخطاب كوفى ثقة .
2 ـ في قسم أصحاب علي بن محمد الهادي (عليه السلام) وقال : محمد بن الحسين بن ابي الخطاب الزيات الكوفي ثقه من أصحاب ابي جعفر الثاني (عليه السلام) .
3 ـ في قسم الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) وهناك يقول : محمد بن الحسين بن أبي الخطاب كوفي زيات .
4 ـ محمد بن اسماعيل بن بزيع
يقول النجاشي في حقه : من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم كثير العمل ... .
ويقول فيه الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) : محمد بن اسماعيل بن بزيع له كتاب في الحج .
وقد ذكره الشيخ (قدس سره الشريف) في ثلاثة مواضع من كتابه :
1 ـ ذكره في أصحاب موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) باسم محمد بن إسماعيل بن بزيع.
2 ـ وكتب في أصحاب الإمام الرضا (عليه السلام) : محمد بن اسماعيل بن بزيع ثقة صحيح كوفي مولى المنصور .
3 ـ كما ذكره الشيخ (قدس سره الشريف) في أصحاب الإمام الرضا (عليه السلام) باسم (محمد بن إسماعيل بن بزيع) .
يقول الإمام الرضا (عليه السلام) في حق بن بزيع : وددت أنّ فيكم مثله .
ويقول فيه محمد بن عمر الكشي : كان محمّد بن إسماعيل بن بزيع من رجال أبي الحسن موسى (عليه السلام) وأدرك أبا جعفر الثاني , وقال حمدويه عن أشياخه : إنّ محمّد بن إسماعيل بن بزيع وأحمد بن حمزة كانا في عداد الوزراء وكان عليّ بن النعمان وصّى بكتبه لمحمّد بن إسماعيل بزيع .
وهنا نلاحظ أن الكشي ينقل : كان عليّ بن النعمان وصّى بكتبه لمحمّد بن إسماعيل بزيع ولو أخذنا بنظر الاعتبار ما ذكره النجاشي في سيرة علي بن النعمان إذ يقول : على بن النعمان الأعلم النخعى أبو الحسن مولاهم كوفى روى عن الرضا (عليه السلام) وأخوه داود أعلا منه وابنه الحسن بن على وابنه احمد رويا الحديث. وكان علي ثقة وجهاً ثبتاً صحيحاً واضح الطريقة. وله كتاب يرويه جماعة ... .
ومن هنا نستنتج أنه لو أوصى شخص جليل القدر بأن تدفع كتبه إلى شخص ما فإن هذا دال على وثاقة وجلالة هذا الشخص الموصى إليه بالكتب وعليه فمحمد بن بزيع ثقة يمكن الوثوق به لأن علي بن النعمان قد أوصى بأن تدفع كتبه إليه.
ولو ألقينا نظرة على الرواة الذين روى عنهم ابن بزيع نلاحظ وفرة هؤلاء الرواة وجلالتهم ويتضح لنا مقام ابن بزيع السامي فقد روى عن 77 من أجلاء الطائفة ومنهم على سبيل المثال : الحسن بن الجهم بن بكير الحسين بن ثوير بن ابى فاخته ابراهيم بن ابى البلاد ابراهيم بن مهزم الاسدى ابراهيم بن نعيم أبو الصباح الكنانى اسماعيل بن زيد الطحان كوفى ثابت بن دينار أبو حمزه الثمالى جعفر بن بشير البجلى الوشاء سيف بن عميره ظريف بن ناصح عبدالله بن سعيد أبو شبل الاسدى عبدالله بن مسكان على بن النعمان النخعى محمد بن ابى عمير زياد محمد بن عذافر الصيرفى محمد بن يحيى الخزاز معاويه بن عمار الدهنى منصور بن يونس برزج هشام بن سالم الجواليقى يزيد أبو خالد القماط يونس بن عبدالرحمن يونس بن يعقوب البجلى و ... .
كما روى عنه مجموعة من الرواة والمحدثين الكبار وهم : الحسن بن الحسين اللؤلوى الحسين بن سعيد الاهوازى العباس بن معروف الاشعرى القمى الفضل بن شاذان النيسأبو رى احمد بن محمد بن خالد البرقى احمد بن محمد بن عيسى الاشعرى القمى ابراهيم بن هاشم القمى سعد بن عبدالله بن ابى خلف على بن الحسن بن على بن فضال على بن مهرياز محمد بن الحسين بن ابى الخطاب محمد بن عبدالحميد العطار محمد بن على بن محبوب الاشعرى القمى محمد بن عيسى بن عبيد محمد بن محمد بن النعمان المفيد محمد بن يحيى العطار القمى يعقوب بن يزيد الانبارى و ... .
2 ـ طريق الشيخ الصدوق إلى كتاب صالح بن عقبة
لقد توفي الشيخ الصدوق في عام 381 هـ بينما كان صالح بن عقبة بن قيس على قيد الحياة قبل سنة 183 هـ إذن فإن 198 عاما تفصل بينهما ولذا لا يمكن أن يروي الشيخ الصدوق مباشرة عن صالح بن عقبة ومن هنا كان لابد لنا من دراسة وتدقيق في طريق الشيخ الصدوق إلى كتاب صالح بن عقبة.
وهذا الطريق هو : محمد بن موسى بن المتوكل عن على بن الحسين السعد آبادي عن احمد بن محمد بن خالد عن ابيه عن محمد بن سنان ويونس بن عبدالرحمن جميعاً عن صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي رُبيحة مولى رسول الله .
دراسة طريق الصدوق إلى صالح بن عقبة
1 ـ محمد بن موسى بن المتوكل
وهو كثير الرواية نقل عنه الشيخ الصدوق 48 رواية في كتاب (المشيخة). وقد وثّقه العلامة في (الخلاصة) وابن داوود في أول كتابه الرجالي والأردبيلي في (جامع الرواة) وابن طاووس في (فلاح السائل) .
ويقول أستاذ الفقهاء السيد الخوئي (قدس سره الشريف) في حقه : لا ينبغي التوقّف في وثاقته .
لقد كان محمد بن موسى بن المتوكل كثير الرواية وقد نقل عنه الأجلاء كالشيخ الصدوق ولم يرد في حقه أيّ ذم أو قدح وقد نقل رواياته عن محدثين كبار كسعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر بن جامع الحميري وعبد الله بن جعفر الحميري وعلي بن ابراهيم وعلي بن الحسين السعد آبادي ومحمد بن يحيى العطار القمي.
2 ـ علي بن الحسين السعد آبادي
يقول الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في فصل ( من لم يرو عن واحد من الأئمة : ) : روى عنه الكليني وروى عنه الزراري وكان معلّمه .
ويقول أبو غالب الزراري في باب (سماعاته وقرائاته) وفي باب (مشايخه في القراءة والحديث) : على بن الحسين السعد آبادى أبو الحسن القمى ومن مشايخ الكلينى مدحه بقوله (مؤدّبي) .
وقال فيه أستاذ الفقهاء السيد الخوئي (قدس سره الشريف) : على بن الحسين السعدآبادى فانه ثقة على الأصح لانه من رجال كامل الزيارات .
ويقول (قدس سره الشريف) في أثناء بيانه لطريق الشيخ الصدوق والشريخ الطوسي (قدس سره الشريف) إلى صالح بن عقبة : لأنّهم [ محمد بن موسى على بن الحسين السعدآبادى ابن أبي جيد ] ثقات على الاظهر . ويتضح من كلام السيد الخوئي (قدس سره الشريف) وثاقة محمد بن موسى.
ويرى الرجالي الخبير الميرزا جواد التبريزي (قدس سره الشريف) وثاقة علي بن الحسين السعدآبادي؛ لأنه كثير الرواية ولأنه لم يرد فيه قدح وكذلك لأنه ممن روى عنه الأجلاء .
3 ـ احمد بن محمد بن خالد (البرقى)
قال الشيخ النجاشي والشيخ الطوسي (قدس سرهما) في حقه : كان ثقة في نفسه ـ يروي عن الضعفاء واعتمد المراسيل .
ويقول الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في حقه : كان ثقة في نفسه غير أنّه اكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل وصنّف كتباً كثيرة .
وحتى ابن الغضائري المعروف بكثرة تضعيفه للرواة إلا أنه دافع عن احمد بن محمد واعتبر أن طعن القميين فيه أمر غير وارد قال : ... طعن القمييون عليه وليس الطعن فيه .
4 ـ محمد بن خالد بن عبد الرحمن البرقي
وهو أبو أحمد البرقي السابق قال النجاشي في حقه : كان محمّد ضعيفاً في الحديث وكان اديباً حسن المعرفة بالأخبار وعلوم العرب .
واعتبره الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في كتابه الرجالي ممن صاحب ثلاثة من الأئمة : وهم الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) والإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) والإمام محمد بن علي الثاني (عليه السلام) .
فقد قال الشيخ (قدس سره الشريف) في القسم المخصص لأصحاب الإمام الرضا (عليه السلام) : ثقة هؤلاء من اصحاب أبي الحسن موسى (عليه السلام) .
وقال في القسم المخصص لأصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام) : محمد بن خالد البرقى .
وقال في القسم المخصص لأصحاب الإمام الجواد (عليه السلام) : محمد بن خالد البرقى من اصحاب موسى بن جعفر والرضا (عليه السلام) .
وقد دافع عنه العلامة الحلي (قدس سره الشريف) بعد أن نقل تضعيف ابن الغضائري والنجاشي له ورأى (قدس سره الشريف) أن تعديل الشيخ مقدّم على جرح النجاشي ولذا قال العلامة : والاعتماد عندى على قول الشيخ ابى جعفر الطوسى .
كما إن العلامة الحلي (قدس سره الشريف) اعتبره من الثقات حينما تعرض له في كتابه الرجالي في القسم المخصص لأصحاب الإمام الرضا.
5 ـ يونس بن عبد الرحمن
قال النجاشي في حقه : مولى علي بن يقطين أبو محمّد كان وجهاً في أصحابنا متقدّماً عظيم المنزلة .
ويقول الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في القسم المخصص لأصحاب الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) من رجاله : ضعّفه القمّيون وهو ثقة .
وكذلك يقول في القسم المخصص لأصحاب الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) : طعن عليه القميون وهو عندي ثقة .
وأورد الكشي في رجال روايات كثيرة في حق يونس بن عبد الرحمن وكلها تحكي عن فضله وجلالة قدره ومنزلته الرفيعة عند المعصومين : حتى أن الإمام الرضا قد ضمن له الجنة فقد ورد : إنّ الرضا (عليه السلام) ضمن ليونس الجنّة ثلاث مرّات .
وجاء في رواية أخرى أن الإمام الرضا (عليه السلام) قال : ... ويونس في زمانه كسلمان الفارسي في زمانه .
وقال ابن داوود في حق يونس : كان وجهاً في أصحابنا متقدّماً عظيم المنزلة .
كما قال العلامة الحلي (قدس سره الشريف) عن يونس بن عبد الرحمن : كان وجهاً في أصحابنا متقدّماً عظيم المنزلة .
كلام السيد الخوئي (قدس سره الشريف) في طريق الشيخ الطوسي والصدوق إلى كتاب صالح بن عقبة :
يقول أستاذ الفقهاء السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره الشريف) : والطريق كطريق الشيخ اليه صحيح وإن كان في الأوّل منهما : محمّد بن موسى وعلى بن الحسين السعدآبادي وفي الثاني ابن أبي جيد لأنّهم ثقات على الأظهر .
وما دام جميع الأشخاص في طريق الشيخ الطوسي والصدوق هم من الثقات بالإضافة إلى تصحيح أستاذ الفقهاء السيد الخوئي (قدس سره الشريف) وكذلك الرجالي الكبير الميرزا جواد التبريزي (قدس سره الشريف) فإننا نحكم بصحة طريقي الشيخ الطوسي والصدوق إلى كتاب صالح بن عقبة.
كلام حول صالح بن عقبة بن قيس (الخياط القماط)
ولإتمام دراسة السند الأول لزيارة عاشوراء الشريفة لابد أن ندرس سيرة صالح بن عقبة من الناحية الرجالية.
فقد عرّفه النجاشي بقوله : صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي رُبيحة مولى رسول الله (صلى الله عليه واله) قيل : إنّه روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) والله أعلم ثم يقول : روى صالح عن أبيه عن جدّه وروى عن زيد الشحام [ و ] روى عنه محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب وابنه إسماعيل بن صالح بن عقبة قال سعد : هو مولى وله كتاب يرويه (عنه) جماعةٌ منهم محمّد بن إسماعيل بن بزيع. أخبرنا الحسين بن عبيد الله عن ابن حمزة قال : حدّثنا علي بن إبراهيم عن ابن أبي الخطّاب قال : حدّثنا محمّد بن اسماعيل عن صالح بكتابه .
والخلاصة : إن النجاشي حينما ذكر الأشخاص الذين روى عنهم صالح بن عقبة فإنه يشير بذلك إلى طريق إلى كتاب صالح بن عقبة .
وكذلك يقول الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في كتاب الفهرست : صالح بن عقبة له كتاب وقد بيّن الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) طريقه إلى كتاب صالح بن عقبة عند ذكره اسم صالح بن عقبة.
وقد ذكر الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) صالح بن عقبة في كتابه الرجالي في ثلاثة مواضع :
1 ـ عند ذكر أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) فقد ذكر اسمه هناك قائلا : صالح بن عقبة .
2 ـ في قسم أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) وقال هناك : صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان مولى رسول الله (صلى الله عليه واله) .
3 ـ في باب أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام) إذ يقول : صالح بن عقبه من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) .
إذن فالنجاشي والطوسي (رحمهما الله) لم يصرحا بتوثيق صالح بن عقبة ولكن يمكننا التوصل لمعرفة حاله عن طريق القرائن التي سنتعرض لها.
يقول أستاذ الفقهاء السيد الخوئي (قدس سره الشريف) في آخر ماكتبه عن صالح بن عقبة : وقع بهذا العنوان (صالح بن عقبه بن قيس) في إسناد عدّة من الروايات تبلغ مائة واثنين وعشرين مورداً .
وبعد أن عرض السيد الخوئي (قدس سره الشريف) إلى تضعيف ابن الغضائري وقدح ابن داوود في صالح بن عقبة دافع عنه قائلا : لا يعارض التضعيف المنسوب الى ابن الغضائرى توثيق علي بن إبراهيم لما عرفت غير مرة من ان نسبة الكتاب الى ابن الغضائرى لم يثبت فالرجل من الثقات .
ولو أخذنا بنظر الاعتبار كثرة روايات صالح بن عقبة ونقل الأجلاء عنه وكذلك عدم الاعتناء بقدح ابن الغضائري ـ كما يرى الرجال الخبير الميرزا التبريزي (قدس سره الشريف) ـ فإننا سنصل إلى نتيجة هي وثاقة صالح بن عقبة.
دراسة القرائن الدالة على وثاقة صالح بن عقبة
1 ـ إذا ذُكر في علم الرجال سند يتصل من خلاله الرجالي بكتاب شخصي فإن ذلك حاكٍ عن جلالة صاحب الكتاب وقد بيّن النجاشي والطوسي (رحمهما الله) سندهما إلى كتاب صالح بن عقبة وهذا يدل على جلالة هذا الراوي ومكانته العالية .
2 ـ لم يذكر الشيخ الطوسي ولا الشيخ النجاشي (رحمهما الله) نقطة ضعف واحدة بخصوص صالح بن عقبة مع سيرتهما (رحمهما الله) قائمة على ذمر أي ذم أو قدح قد يرد على الراوي.
3 ـ لقد أورد النجاشي والطوسي (رحمهما الله) أسم صالح بن عقبة في كتابيهما ولكن لم يتعرضوا لمذهبه الديني مع أن ديدنهم وخصوصا النجاشي عند بحث الكتب الرجالية هو ذكر أسماء المصنفين من الشيعة بل إن اسم كتابه هو (فهرست أسماء مصنفي الشيعة) ويمكن أن نستفيد من ذلك كون صالح بن عقبة امامي المذهب.
بقيت كتبهم خالدة ومعروفة وعلم الرجال علم اهتم به علماء الشيعة الكبار منذ القرون الإسلامية الأولى والى يومنا هذا لاحتياجنا إلى التأكد من اعتبار الكتب الحديثية وذلك لا يتم إلا من خلال الاطمئنان إلى وثاقة الراوي للكتاب وهذا لا يتم إلا عن طريق علم الرجال وأول من طرق المسائل الرجالية وكتب فيها هو (عبيد الله بن أبي رافع) كاتب أمير المؤمنين (عليه السلام) فقد قام هذا الرجل بتسجيل أسماء أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) الذين حضروا معه حروبه ثم جاء بعده (عبد الله بن جبلة الكناني) المتوفى 219 هـ و (أبو فضال) و (ابن محبوب) في القرنين الثاني والثالث فكتبوا في هذا المجال كتابات ولكنها لم تصلنا للأسف الشديد.
وأول ما وصلنا من الكتب الرجالية المعتبرة التي كُتبت في القرنين الرابع والخامس وما تلاهما هي هذه الكتب :
1 ـ رجال الكشي.
2 ـ فهرست النجاشي.
3 ـ رجال الشيخ الطوسي.
4 ـ فهرست الشيخ الطوسي.
5 ـ رجال البرقي.
ثم كُتبت بعد ذلك الكتب ووضعت مئات المؤلفات في هذا العلم ولكن أكثرها استمد معلوماته من هذه الأصول الخمسة المُشار إليها.
وقد ذكر الشيخ النجاشي في مقدمة كتابه السبب الذي دعاه إلى تأليف الكتاب وهو أنه سمع عن السيد المرتضى (قدس سره الشريف) قوله : إن المخالفين زعموا بأن الشيعة لا تمتلك تاريخا علميا وليس لديها علماء كبار ولهم تأليفات وكتابات علمية ... ) ولذا أقدم النجاشي على تتبع أسماء المؤلفين الشيعة وفهرستهم في كتابه المذكور.
وكتاب النجاشي مقدّم على (فهرست الشيخ الطوسي) لأمور :
1 ـ أنه كُتب بعد (فهرست الشيخ الطوسي) وفي أواخر عمر النجاشي بينما كتب الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) فهرسته في بدايات عمره.
2 ـ كان الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) ملما بعلوم كثيرة وله فيها مؤلفات متعددة فكانت طاقته العلمية متوزعة على جميع هذه العلوم ولذا أورد عليه المحققون كثيرا من الاشكالات بينما تخصص الشيخ النجاشي وأفنى عمره في علم الرجال فقط.
3 ـ كان النجاشي محيطا بعلم الأنساب وعلم الأنساب علم ضروري جدا لمعرفة حال الرجال.
4 ـ لقد كان كثير من الرواة كوفيين أو من أطراف الكوفة والنجاشي كوفي أيضاً وبالتالي فهو أعرف بحالهم من غيره.
5 ـ لقد تمرس النجاشي من خبرة ابن الغضائري واستفاد منها كثيرا وابن الغضائري كان أستاذا كبيرا لهذا العلم.
6 ـ لقد رأى النجاشي كثرا من علماء الرجال ممن لم يرهم الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) ولو دققنا في التواريخ المذكورة في كتابه لاتضح لنا أنه كتبه بين 419 و 436 هجرية. فهو ذكر وفاة محمد بن عبد الملك التبان التي كانت في سنة 419 هـ وحينما ذكر السيد المرتضى (قدس سره الشريف) دعا له بقوله : أطال الله بقاءه و أدام توفيقه علما أن وفاة السيد المرتضى (قدس سره الشريف) كانت في عام436 هـ لقد تكفل كتاب النجاشي بذكر (رحمه الله)269 من الرواة مع ذكر مدى وثاقتهم وقد خصص لبعضهم عدة أسطر وأكثر للبعض الآخر.
ومن مميزات كتاب النجاشي أنه ذكر مذهب الراوي ومدى وثاقته وبالإضافة إلى ذلك ذكر جميع مصنفاته ومؤلفاته. وهذا الكتاب يُعتبر من أهم المصادر لدراسة الرواة وأحوالهم وأعظم الكتب الرجالية المعتمدة في كما إن مبنى الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في كتاب الفهرست قائم على ذكر المؤلفات التي كتبها المؤلفون الشيعة من الفرقة الإثني عشرية إلا إذا صرّح بخلاف ذلك كما ذكر الزيدية والأفطحية والواقفية ... الخ. وهذا يدلنا على كون صالح بن عقبة من الشيعة الإمامية.
وقد ذكر الأعاظم في علم الرجال أن من ذكره النجاشي ولم يذكر معه مذهبه فهو إمامي قطعا وإلا فلو كان غير إمامي لقال النجاشي عنه بأنه : فطحي المذهب أو أن مذهبه كذا وممن ذكر هذه القاعدة العلامة بحر العلوم الجرح والتعديل. والهدف الأساسي من الكتب هو التعريف بالمؤلفين الشيعة وكتاباتهم ولهذا لم يذكر الرواة الذين لم تكن لهم مؤلفات ومصنفات. ولم ترد أسماء جميع المؤلفين الشيعة إلى زمان تأليف الكتاب وفي المقا