الشعائر الحسينيه
الزيارة و فضلها
لقد انتقلت مراسيم إقامة العزاء على الإمام الحسين (عليه السلام) بمختلف أنواعها، من شعائر النياحة، وإقامة مجالس الحزن، وتسيير السبايا في الشوارع خلال المائة سنة الأخيرة إلى القارّة الأمريكيّة، حيث انتقلَت هذه التقاليد مع المهاجرين المسلمين من عرب وغيرهم، مِمّن تركوا ديارهم في آسيا وأفريقيّة وانتقلوا إلى بلدان القارّة الأمريكيّة، بشطريها الشمالي والجنوبي.
وكان كثير من هؤلاء المهاجرين المسلمين من الشيعة الموالين لآل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والمتمسّكين بشعائر دينهم وتقاليد مذهبهم، وخاصّة حُزنهم على إمامهم الثالث الشهيد الحسين بن علي (عليهما السلام)، ومن هؤلاء المهاجرين جماعة من مسلمي لبنان، وأفراد وأُسر من مسلمي الهند والباكستان، وبعض الإيرانيين وغيرهم، ممّن اضطرّتهم لقمة العيش إلى ترك مواطنهم والهجرة إلى تلك الأصقاع النائية والاستيطان فيها.
وفيما يلي وصفٌ لبعض ما يقوم به هؤلاء من شعائر الحزن في تلك البلدان:
جاء في العدد (515) من مجلّة (الأسبوع العربي) المؤرّخ 21 | 4 | 1969 م، بقلم السيّد بهجت منصور، عن النياحة على الإمام الحسين في أمريكا ما عبارته:
(والهودج الكبير الذي يعدّه المسلمون في أمريكا الوسطى وفي مدينة (بورت أواسباني) ـ إحدى حواضر جزيرة ترينيداد، الواقعة في البحر الكاريبي، من شمال أمريكا الجنوبيّة بمناسبة إقامة شعائر الحزن على سيّد الشهداء (عليه السلام) ـ يُزيّن بالذهب والفضة، وبأزهى الألوان الوهّاجة وأحلاها، ويشترك المسيحيون والهنود مع المسلمين في احتفالاتهم العظيمة بيوم عاشوراء، في مسيرة عظيمة، في طليعتها هذا الهودج الفخم، وتسير الجماهير وراءه تحفّ بها الطبول وآلات الموسيقى بأنغامها الحزينة، تطوف شوارع العاصمة، وبين تعالي العويل والهتاف بحياة الحسين (عليه السلام) سيّد الشهداء في ذكرى مصرعه، يُلقى الهودج إلى البحر الصاخب، فتحملهُ الأمواج إلى الأعماق الزرقاء المجهولة، ويعود الجميع إلى مجالس العزاء بذكرى الحسين (عليه السلام). وأغلب الظن أنّ هذه الظاهرة انتقلت إلى هذه الجزيرة مع الهنود المسلمين، حيث يمارسون على غرارها في الهند، تعبيراً عن عواطفهم نحو هذه الذكرى المؤلمة، وعلى هذا النحو في معظم الأقطار الأفريقيّة والآسيويّة يعبِّر المسلمون عن مشاعرهم حسب تصوّرهم ومعتقداتهم في هذه المناسبة، ومنهم مَن ينحو بها كعرض لذلك المسرح الحزين يوم الطف بالمنطق الرزين، وبأرقى الأساليب الأخّاذة بالمشاعر، مُستوحين من قدسيّة ذلك اليوم التاريخي ضروبُ العبر وأنواع البطولة والإيمان بالحق، فينتزعون من ذكراه أروع الصور وأبلغ الدروس وأسمى العظات، وإن كانت منهم مجرّد سَرد وترديد...) الخ.