الشعائر الحسينيه
الزيارة و فضلها

يمكن استفادة استحباب زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في أربعينيته من كبرى مسلّمة بين جميع المسلمين وهي ان إحياء شعائر الدين من مصاديق التقوى وخوف الله تعالى، فان الله تعالى يقول {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج : 32] ومن ينوي زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) عارفاً بحقه متوسلا به الى الله تعالى ، ومستشفعا به اليه من باب {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء : 28] من ينوي ذلك فانه من المؤكد يكون مصداقا لمن خاف الله جل وعلا واتقاه وأتاه من بابه تعالى الذي لا يُسد ألا وهم الأئمة الكرام وذلك هو التعظيم الذي يريده الله لشعائره لأن فيه الخير والفلاح لعباده.
وكذلك يمكن استفادة استحباب زيارة الحسين (عليه السلام) في الأربعين من عدة روايات مرسلة ومسندة يستفاد من مجموعها وعدم شذوذ متنها وفق مبنى الوثوق في علم الرجال صحة هذه الروايات فلا موجب لرفضها وعدم قبولها وهذه الروايات هي :
ما نقله الحر العاملي في الوسائل عن تهذيب الشيخ الطوسي بإسناده عن صفوان الجمال قال لي مولاي الصادق(عليه السلام) : «في زيارة الأربعين تزور عند ارتفاع النهار وتقول : السلام على ولي الله....»(1).
ما نقله الحر كذلك عن محمد بن الحسن قال(2) : روي عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) انه قال : «علامات المؤمن خمس : صلاة الواحد وخمسين ، وزيارة الأربعين، و التختم في اليمين ، وتعفير الجبين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم»(3).
وقد يقال : لماذا لم يعدّ الإمام(عليه السلام) زيارة النبي (صلى الله عليه واله) في يوم أربعينه من علامات المؤمن؟ أليس هو افضل من الحسين (عليه السلام)؟ وهكذا أمه وأبوه وأخوه(عليهم السلام).
والجواب : ان الحسين (عليه السلام) وقضاياه استثناء من ذلك ، فان الغرض من الزيارات والحث عليها وبالخصوص للإمام الحسين (عليه السلام) انما هو لأجل تكريم وتخليد الحسين (عليه السلام) إكراما لفدائه الإسلام وتضحيته بأهله وعياله لأجله فيناسب ذلك الحث على زيارته وترغيب المؤمنين بزيارته لان الإسلام قد حُفظ بتلك التضحية فبقي ذكرى رائعة في قلوب المسلمين، قال الصادق (عليه السلام) «إنَّ لقتل الحسين (عليه السلام) حرارة في قلوب المؤمنين لن تبرد أبداً»(4).
ثم انه لا مانع من أن يُزار النبي وسائر المعصومين في أيام اربعينهم أي بعد مرور أربعين يوماً على ذكرى استشهادهم ، ولكن لم يرد في ذلك انه من علامات المؤمن(5).
روي الشيخ الطوسي بإسناده : انه في اليوم العشرين من صفر كان رجوع حرم سيدنا أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) من الشام الى مدينة رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب رسول الله (صلى الله عليه واله) من المدينة الى كربلاء لزيارة قبر أبي عبد الله (عليه السلام) فكان أول من زاره من الناس (6).
ولقد تسالم العلماء واجمعوا وأقرّوا تلك الزيارة ودأبوا على إحياء شعائرها على مدى السنين وفي ذلك ما يثبت مشروعيتها واستحبابها ، وقد جاء ذكرها كثيرا في كتب الأصحاب ، فهذا الشيخ الطوسي يقول : «وفي اليوم العشرين منه – صفر – كان رجوع حرم سيدنا أبي عبد الله.... ويستحب زيارته فيه»(7).
وذكرها الشيخ المفيد بعنوان فضل زيارة الأربعين، وذكر حديث أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) المتقدم(8).
وذكرها الشهيد الأول أيضا فقال «ومنها زيارة الأربعين وهو اليوم العشرون من شهر صفر فإذا أردت زيارته (عليه السلام) في ذلك اليوم فزره عند ارتفاع النهار فقل : السلام على ولي الله..»(9).
ونقل السيد الكفعمي تلك الزيارة أيضا فقال «وأما زيارة الأربعين فرواها صفوان بن مهران عن الصادق (عليه السلام) قال : تزور عند ارتفاع النهار بهذه الزيارة....»(11).
فسلامٌ على الحسين (عليه السلام) وطوبى لمن زاره في الأربعين وغيرها عارفاً بحقه مستنيرا بنوره، سائرا على دربه فذلك هو الفوز العظيم.
_________________
(1) الوسائل ج14 ص487 آل البيت .
(2) شكك أحد العلماء حفظهم الله بدلالة هذا الحديث الذي اعتبر فيه زيارة الحسين (عليه السلام) في الأربعين من علامات المؤمن وقال: ان المقصود من زيارة الأربعين هو زيارة اربعين مؤمناً لا زيارة الحسين (عليه السلام) في اربعينيته المباركة ولا ادري ما الدليل على هذا الرأي فلا مستند له من الكتاب او السنة او حتى البعد التاريخي لصدور تلك الرواية وسبب صدورها .
(3) الوسائل ج14 ص478 آل البيت.
(4) مستدرك الوسائل ج15 ص318 .

(5) محاضرات السيد محمد الشيرازي . موقع النبأ في شبكة الانترنت .
(6) مصباح المتهجد ص787 .
(7) نفس المصدر ص787 .
(8) المزار ص56 .
(9) نفس المصدر ص185 .
(10) المصباح للكفعمي ص489 .
(11) يلاحظ بحار الانوار ج98 ص328.