[زيارة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم ابنته و ابن عمّه و سبطيه و تناولهم جميعا الطعام ثم انصباب دموع رسول اللّه على الأرض و سؤال الحسين عنه عن سبب بكائه و جواب رسول اللّه له: إن جبرئيل أخبرني أنكم قتلى و مصارعكم شتى و قول الحسين: يا رسول اللّه فمن يزورنا على تشتتنا و بعد قبورنا؟. و جواب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم له: يزوركم طائفة من أمتي يريدون بذلك برّي وصلتي].
- أخبرني الإمامان: العلامة نجم الدين عبد الغفّار بن عبد الكريم بن عبد الغفّار، و علاء الدين أبو حامد محمد بن أبي بكر الطاوسي القزوينيّان كتابة بروايتهما عن الشيخين: عزّ الدين محمد بن عبد الرحمن الواريني و تاج الدين عبد اللّه بن إبراهيم الشحاذي القزويني إجازة، قال: أنبأنا الشيخان: محمد بن الفضل بن أحمد، و زاهر بن طاهر بن محمد الشحامي إجازة، قالا: أنبأنا الحافظ أبو عبد اللّه محمد ابن عبد اللّه البيّع رحمة اللّه عليه قال: حدثنا أحمد بن إسحاق بن محمد بن عليّ ابن خلف القرشي بالكوفة، قال: حدّثنا جعفر بن عبد اللّه المحمدي، قال: حدثنا عبيد بن يحيى بن مهران القطّان، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن عليّ بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب عن أبيه، عن جدّه:
عن عليّ عليه السلام قال: زارنا رسول اللّه (صلى اللّه عليه و اله) فعملنا له حريرة فأهدت إليه أم أيمن قعبا من [لبن و] زبد [ا] و صحفة من تمر، فأكل رسول اللّه (صلى اللّه عليه و اله) و أكلنا معه، ثم وضّأت رسول اللّه (صلى اللّه عليه و اله) فمسح رأسه و جبينه بيده و استقبل القبلة و دعا ما شاء ثمّ أكبّ على الأرض بدموع غزيرة مثل المطر.
[قال:] فهبنا رسول اللّه (صلى اللّه عليه و اله) أن نسأله فوثب الحسين فأكبّ على رسول اللّه (صلى اللّه عليه و اله)، فقال: يا أبة رأيتك تصنع ما لم تصنع مثله قطّ.
قال: يا بنيّ إنّي سررت بكم اليوم سرورا لم أسرّ مثله، و إن حبيبي جبرئيل عليه السلام أتاني فأخبرني أنّكم قتلى و مصارعكم شتّى فأحزنني ذلك، فدعوت اللّه عزّ و جلّ بالخير. فقال الحسين: يا رسول اللّه فمن يزورنا على تشتتنا و تبعيد قبورنا؟ [فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: يزوركم طائفة من أمّتي يريدون بذلك برّي و صلتي .
[ف] إذا كان يوم القيامة زرتهم بالموقف فأخذت بأعضادهم فأنجيتهم من أهوالها و شدائدها]
[ثواب زيارة قبر الحسين عليه السلام، و قول الإمام الصادق عليه السلام: إن حول قبره سبعين ألف ملك شعثا غبرا يبكون عليه إلى أن تقوم الساعة].
- أخبرنا الصالح أبو الفضل [أحمد] بن هبة اللّه بن أحمد سماعا عليه؛ بإجازته عن أبي روح المعزّ بن محمد الهروي و أمّ المؤيّد زينب بنت عبد الرحمن بن الحسن بإجازتهما، عن زاهر بن طاهر الشحامي، قال: أنبأنا أبو الحسن عليّ بن محمد بن عليّ السحابي الزوزني، أنبأنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن هارون الزوزني، حدثنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن محمد النيسابوري الحفيد، حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة، حدثني أبي سنة ستين و مأتين، قال: حدثني عليّ بن موسى الرضا سنة أربع و تسعين و مائة، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: سئل جعفر بن محمد عن زيارة قبر الحسين، فقال: أخبرني أبي قال: من زار قبر الحسين بن عليهما السلام عارفا بحقّه كتبه اللّه في علّيّين.
ثم قال: إن حول قبره سبعين ألف ملك شعثا غبرا يبكون عليه إلى أن تقوم الساعة .
[بيان الإمام الباقر عليه السلام كيفيّة زيارة جده الإمام الحسين عليه السلام برواية الحاكم النيسابوري و الحافظ ابن عقدة].
- قال [و روى] الحاكم أبو عبد اللّه البيّع الحافظ رحمه اللّه، قال: حدثني أبو ذرّ محمد بن المنذر المفيد بالكوفة و كتبه بخطّه، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني الحافظ، حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن عامر الحضرمي من كتابه سنة خمس و ستين و مأتين، قال: حدثنا عبد اللّه بن معاذ التميمي، قال: حدثنا حفص بن غياث النخعي، عن محمد بن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن محمد بن عليّ، قال: فإذا أتيت قبر أبي عبد اللّه- يعني الحسين بن عليّ عليهما السلام- فاغتسل من الفرات موضع الدالية، ثم ائت و عليك السكينة و الوقار حتى تنتهي إلى باب الحير ثمّ قلّ: بسم اللّه و باللّه و على ملّة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله.
[السلام على] أمين اللّه على وحيه و عزائم أمره و الخاتم لما سبق، و القائم بما استقبل و الداعي إلى الحقّ، و المهيمن على ذلك كلّه، و السلام عليه و رحمة اللّه و بركاته.
اللّهمّ صلّ على محمّد عبدك و رسولك و خيرتك من خلقك، و أمينك على وحيك أفضل ما صلّيت على أحد من أنبيائك و رسلك.
و صلّ على [عليّ] أمير المؤمنين عبدك و أخي رسولك الذي انتجبته لعلمك، و جعلته هاديا لمن شئت من خلقك، و المهيمن على ذلك كله، و السلام عليه و رحمة اللّه و بركاته .
اللّهمّ و صلّ على الحسن بن عليّ ابن رسولك الذي انتجبته لعلمك، و جعلته هاديا لمن شئت من خلقك و الدليل على من بعثته برسالتك، و القائم بالدين بعدلك و فصل قضائك من خلقك و المهيمن على ذلك كله، و السلام عليه و رحمة اللّه و بركاته .
ثمّ تقول هذا لكلّ إمام من ولد الحسين بن عليّ عليهما السلام حتى تنتهي إلى آخر الأئمة صلوات اللّه عليهم، ثمّ تقول عند ما أتيت القبر: السلام عليك يا أبا عبد اللّه و رحمك اللّه يا أبا عبد اللّه، و لعن اللّه من قتلك، و انتهك حرمتك [أشهد أن الذين خالفوك و حاربوك و قتلوك] ملعونون على لسان النبيّ (صلى اللّه عليه و اله) .
و [السلام] عليك و على أبيك و أمّك، و أشهد أنك قد بلّغت من اللّه ما أمرت به و لم تخش أحدا غيره، و عبدته حتى أتاك اليقين.
أشهد أنكم كلمة التقوى و أبواب الهدى و العروة الوثقى، و الحجّة على من بقي، و من تحت الثرى.
أشهد أن ذلك لكم سابق فيما مضى و أن ذلك لكم قائم فيما بقي.
أشهد أن أرواحكم و طينتكم طيّبة، طابت و طهرت بعضها من بعض من اللّه و من رحمته اجتباكم .
أشهد اللّه ربي و أشهدكم أني بكم رابق و لكم تابع في ذات نفسي، و في شرائع ديني و منقلبي و مثواي، لعلّ اللّه عزّ و جل أن يتمّم ذلك لي.
أشهد أنكم قد بلغتم عن اللّه عزّ و جل ما أمرتم به و لم تخشوا أحدا غيره، و عبدتموه حتى أتاكم اليقين.
اللّهمّ العن الذين بدّلوا دينك، و اتّهموا رسولك و صدّوا عن سبيلك، و رغبوا عن أمرك.
اللّهمّ احش قبورهم نارا، و احش أجوافهم نارا، و احشر حزبهم و أشياعهم إلى جهنّم.
اللّهمّ العن طواغيت هذه الأمّة و فراعنتها و جواليتها و العن قتلة أمير المؤمنين، و العن قتلة الحسين، و عذّبهم عذابا لا تعذّبه أحدا من العالمين.
السلام عليك يا أبا عبد اللّه، السلام عليك يا ابن رسول اللّه، السلام عليك يا حجّة اللّه، [أشهد أنّك] قد بلّغت ناصحا، و قتلت صدّيقا، و مضيت على يقين، لم تؤثّر غيّا على هدى، و لم تمل من حق إلى باطل.
أشهد أنّك قد أقمت الصلاة و آتيت الزكاة، و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر، و تلوت القرآن حقّ تلاوته.
السلام على ملائكة اللّه المقرّبين، السلام على أنبياء اللّه المرسلين، الذين هم في خلقه مقيمين.
ثمّ تنكبّ على القبر عند رأسه فتقول:
السلام عليك يا أبا عبد اللّه، السلام عليك يا ابن رسول اللّه، السلام عليك يا حجّة اللّه على من في الأرض و من تحت الثرى.
أشهد أنّك عبد اللّه و ابن رسوله، و أنّك قد بلّغت عن اللّه عزّ و جلّ مناصحا صدّيقا، وافيت و وفيت، و جاهدت في سبيل اللّه و مضيت على يقين من ربّك شهيدا و شاهدا و مشهودا، فأقمت الصلاة و آتيت الزكاة، و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر، و عبدت ربّك حتى أتاك اليقين. فصلّى اللّه عليك [يا] أبا عبد اللّه [أنا] مولاك و في طاعتك
[أنا] مولاك الوافد إليك، ألتمس ثبات القدم في الهجرة و كرامة المنزلة في الآخرة.
أتيتك- بنفسي و أهلي و مالي و ولدي- بحقّك عارفا [و] مقرّا بالهدى الذي أنت عليه، معتصما بطاعتك، موجبا بفضلك.
لعنة [اللّه] على أمّة قتلتك، و ظاهرت عليك و خالفتك، و جحدت حقّك.
اللّهمّ العنهم لعنا يلعنهم كل ملك مقرّب [و] نبيّ مرسل.
ثمّ ترفع رأسك و تستند ظهرك إلى القبر و وجهك إلى القبلة، و تقول:
[اللّهمّ] إنّي أتوجّه إليك بمحبّة أهل بيت نبيّنا أحمد نبيّ الرحمة صلى اللّه عليه و على الأئمة من أهل بيت نبيّ الرحمة.
و أعط محمدا و آل محمد من البهاء و الكرامة و النضرة و الشرف و الفضل و الفضيلة و الوسيلة و الشفاعة عندك أفضل ما تعطي أحدا من المخلوقين كلهم أضعافا مضاعفة كثيرة لا يحصيها أحد غيرك، و عجّل فرجهم و أهلك عدوّهم من الجنّ و الإنس، فإنّك على كل شيء قدير، و صلى اللّه على محمد و آله و رحمة اللّه و بركاته.
اللّهمّ صلّ على محمد و على آل محمد و لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر وليّك و ابن رسولك، و صلى اللّه عليه و على آله و رحمة اللّه و بركاته .
[زيارة الجامعة الكبيرة التي تزار بها كل واحد من أئمة أهل البيت عليهم السلام]
- [قال الحاكم: و] أخبرني عليّ بن محمد بن موسى، قال: حدثنا محمد بن [عليّ بن] الحسين الفقيه الرازي قال: حدثنا عليّ بن أحمد الدقاق في آخرين، قالوا: حدثنا أبو الحسن محمد بن أبي عبد اللّه الأسدي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا موسى بن عبد اللّه النخعي قال:
قلت لعليّ بن محمد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب- عليهم الصلاة و السلام-: علّمني يا ابن رسول اللّه قولا أقوله بليغا كاملا إذا زرت واحدا منكم.
فقال: إذا صرت إلى الباب فقف و اشهد الشهادتين و أنت على غسل، فإذا دخلت و رأيت القبر فقف و قل: «اللّه أكبر، اللّه أكبر» ثلاثين مرّة، ثم امش قليلا و عليك السكينة و الوقار، و قارب بين خطاك، ثم قفّ و كبّر اللّه ثلاثين مرة، ثم ادن من القبر و كبّر اللّه أربعين مرّة، تمام مائة تكبيرة، ثم قلّ:
السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة [و موضع الرسالة] و مختلف الملائكة، و مهبط الوحي، و معدن الرحمة و خزّان العلم، و منتهى الحلم، و أصول الكرم، و قادة الأمم، و أولياء النعم، و عناصر الأبرار، و دعائم الأخيار، و ساسة العباد، و أركان البلاد، و أبواب الإيمان، و أمناء الرحمن، و سلالة النبيّين، و صفوة المرسلين، و عترة خيرة ربّ العالمين و رحمة اللّه و بركاته.
السلام على أئمة الهدى، و مصابيح الدجى، و أعلام التقى و ذوي النهي و أولي الحجى، و كهف الورى، و ورثة الأنبياء و المثل الأعلى و الدعوة الحسنى، و حجج اللّه على أهل الدنيا و الآخرة و الأولى و رحمة اللّه و بركاته.
السلام على محالّ معرفة اللّه و مساكن بركة اللّه، و معادن حكمة اللّه، و حفظة سرّ اللّه، و حملة كتاب اللّه، و أوصياء نبيّ اللّه و ذرّيّة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله [و رحمة اللّه] و بركاته.
السلام على الدعاة إلى اللّه و الأدلّاء على مرضاة اللّه، و المستوفرين في أمر اللّه، و الثابتين في محبة اللّه و المخلصين في توحيد اللّه، و المظهرين لأمر اللّه و نهيه، و عباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون و رحمة اللّه و بركاته.
السلام على الأئمة الدعاة و القادة الهداة، و السادة الولاة، و الذّادة الحماة و أهل الذكر و أولي الأمر، و بقيّة اللّه و خيرته و حزبه و عيبة علمه، و حجّته و صراطه و نوره [و برهانه] و رحمة اللّه و بركاته.
أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، كما شهد اللّه لنفسه و شهدت له الملائكة و أولو العلم من خلقه، لا إله إلّا هو العزيز الحكيم، و أن الدين عند اللّه الإسلام .
و أشهد أن محمدا عبده [المنتجب] و رسوله المرتضى، أرسله بالهدى و دين الحقّ ليظهره على الدين كلّه و لو كره المشركون.
و أشهد أنكم الأئمة الهادون المهديّون الراشدون المكرّمون المقرّبون، المتّقون الصادقون المصطفون المطيعون للّه، القوّامون بأمره، العاملون بإرادته، الفائزون بكرامته.
اصطفاكم بعلمه، و ارتضاكم لغيبه و اختاركم لسرّه، و اجتباكم بقدرته، و أعزّكم بهداه، و خصّكم ببرهانه، و انتجبكم لنوره، و أيّدكم بروحه، و رضيكم خلفاء في أرضه و حججا على بريّته، و أنصارا لدينه، و حفظة لسرّه، و خزنة لعلمه، و مستودعا لحكمته، و تراجمة لوحيه، و أركانا لتوحيده، و شهداء على خلقه، و أعلاما لعباده، و منارا في بلاده، و أدلّاء على صراطه.
عصمكم اللّه من الزلل، و آمنكم من الفتن، و طهّركم من الدنس، و أذهب عنكم الرجس و طهّركم تطهيرا. فعظّمتم جلاله، و أكبرتم شأنه، و مجّدتم كرمه، و أدمتم ذكره، و وكّدتم ميثاقه، و أحكمتم عقد طاعته، و نصحتم له في السرّ و العلانية، و دعوتم إلى سبيله بالحكمة و الموعظة الحسنة، و بذلتم أنفسكم في مرضاته، و صبرتم على ما أصابكم في جنبه، و أقمتم الصلاة و آتيتم الزكاة، و أمرتم بالمعروف و نهيتم عن المنكر، و جاهدتم في اللّه حقّ جهاده حتى أعلنتم دعوته، و بيّنتم فرائضه، و أقمتم حدوده، و نشرتم شرائع أحكامه، و سننتم سنّته، و صرتم في ذلك منه إلى الرضا، و سلّمتم له القضاء، و صدّقتم من رسله من مضى.
فالراغب عنكم مارق، و اللازم لكم لاحق، و المقصّر في حقّكم زاهق، و الحقّ معكم و فيكم و منكم و إليكم، و أنتم أهله و معدنه، و ميراث النبوّة عندكم، و إياب الخلق إليكم، و حسابهم عليكم، و فصل الخطاب عندكم [و آيات اللّه لديكم و عزائمه فيكم، و نوره و برهانه عندكم]، و أمره إليكم .
من والاكم فقد و الى اللّه، و من عاداكم فقد عادى اللّه، و من أحبّكم فقد أحبّ اللّه، و من أبغضكم فقد أبغض اللّه، و من اعتصم بكم فقد اعتصم باللّه.
أنتم السبيل الأعظم، و الصراط الأقوم، و شهداء دار الفناء، و شفعاء دار البقاء، و الرحمة الموصولة، و الآية المخزونة، و الأمانة المحفوظة، و الباب المبتلى به الناس.
من أتاكم نجا، و من لم يأتكم هلك، إلى اللّه تدعون، و عليه تدلّون، و به تؤمنون، و له تسلّمون، و بأمره تعملون، و إلى سبيله ترشدون، و بقوله تحكمون.
سعد [و اللّه] من والاكم، و هلك من عاداكم، و خاب من جحدكم، و ضلّ من فارقكم، و فاز من تمسّك بكم، و أمن من لجأ إليكم، و سلم من صدّقكم، و هدي من اعتصم بكم.
من اتّبعكم فالجنّة مأواه، و من خالفكم فالنار مثواه، و من جحدكم كافر، و من حاربكم مشرك، و من ردّ عليكم [فهو] في أسفل درك من الجحيم.
أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضى، و جار لكم فيما بقي، و أن أرواحكم [و نوركم و طينتكم واحدة طابت و طهرت، بعضها] من بعض .
خلقكم اللّه أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين؛ حتّى منّ علينا بكم فجعلكم في بيوت أذن اللّه أن ترفع و يذكر فيها اسمه، و جعل صلواتنا عليكم، و ما خصّنا به من ولايتكم، طيبا لخلقنا، و طهارة لأنفسنا، و تزكية لنا، و كفّارة لذنوبنا، فكنّا عنده مسلّمين بفضلكم، و معروفين بتصديقنا إيّاكم فبلغ اللّه بكم أشرف محل المكرمين، و أعلى منازل المقرّبين، و أرفع درجات المرسلين، حيث لا يلحقه لا حق، و لا يفوقه فائق، و لا يسبقه سابق، و لا يطمع في إدراكه طامع، حتى لا يبقى ملك مقرّب، و لا نبيّ مرسل، و لا صدّيق و لا شهيد، و لا عالم و لا جاهل، و لا دنيّ و لا فاضل، و لا مؤمن صالح، و لا فاجر طالح و لا جبّار عنيد، و لا شيطان مريد، و لا خلق فيما بين ذلك شهيد، إلّا عرّفهم جلالة أمركم، و عظم خطركم، و كبر شأنكم، و تمام نوركم، و صدق مقاعدكم، و ثبات مقامكم، و شرف محلّكم و منزلتكم عنده، و كرامتكم عليه، و خاصّتكم لديه، و قرب منزلتكم منه.
بأبي أنتم و أمّي و أهلي و مالي و أسرتي أشهد اللّه و أشهدكم أنّي مؤمن بكم و بما آمنتم به، كافر بعدوّكم و بما كفرتم به، مستبصر بشأنكم و بضلالة من خالفكم، موال لكم و لأوليائكم، مبغض لأعدائكم و معاد لهم، سلم لمن سالمكم، حرب لمن حاربكم، محقّق لما حقّقتم مبطل لما أبطلتم، مطيع لكم، عارف بحقّكم مقرّ بفضلكم محتمل لعلمكم، محتجب بذمّتكم، معترف بكم، مؤمن بإيابكم مصدّق برجعتكم، منتظر لأمركم، مرتقب لدولتكم، آخذ بقولكم، عامل بأمركم مستجير بكم زائر لكم، عائذ بكم لائذ بقبوركم، مستشفع إلى اللّه [عزّ و جلّ] بكم و متقرّب بكم إليه، و مقدمكم أمام طلبتي و حاجتي و إرادتي في كل أحوالي و أموري، مؤمن بسرّكم و علانيتكم و شاهدكم و غائبكم، و أوّلكم و آخركم، و مفوّض في ذلك كله إليكم، و مسلّم فيه معكم، و قلبي لكم مؤمن و رأيي لكم تبع، و نصرتي لكم معدّة حتى يحيي اللّه [تعالى] دينه بكم و يردّكم في أيّامه، و يظهركم لعدله، و يمكّنكم في أرضه.
فمعكم معكم لا مع عدوّكم آمنت بجدّكم عليه السلام و تولّيت آخركم بما تولّيت به أوّلكم، و برئت إلى اللّه [تعالى] من أعدائكم [و من الجبت و الطاغوت] و الشياطين و إخوانهم الظالمين لكم [و] الجاحدين لحقّكم [و] المارقين من ولايتكم [و الغاصبين لإرثكم و] الشاكّين فيكم، المنحرفين عنكم، و من كل وليجة دونكم [و كل مطاع سواكم، و من الأئمة الذين يدعون إلى النار] فثبّتني اللّه أبدا ما حييت على موالاتكم و محبّتكم و دينكم، و وفّقني لطاعتكم، و رزقني شفاعتكم، و جعلني من خيار مواليكم التابعين لما دعوتم إليه، و جعلني ممن يقتصّ آثاركم و يسلك سبيلكم و يهتدي بهداكم، و يحشر في زمرتكم [و يكرّ في رجعتكم]، و يملّك في دولتكم، و يشرّف في عافيتكم، و يمكّن في أيّامكم، و تقرّ عينه غدا برؤيتكم.
بأبي أنتم و أمي و نفسي و أهلي و مالي من أراد اللّه بدأ بكم و من وحّده قبل عنكم، و من قصده توجّه إليكم .
مواليّ لا أحصي ثناءكم، و لا أبلغ من المدح كنهكم، و من الوصف قدركم، و أنتم نور الأخيار و هداة الأبرار، و حجج الجبّار.
بكم فتح اللّه و بكم يختم، و بكم ينزل الغيث [و بكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه، و بكم] يكشف الضرّ، و عندكم ما نزلت به رسله و هبطت به ملائكته، و إلى جدّكم بعث الروح الأمين
- و إن كانت الزيارة لأمير المؤمنين [عليه السلام] فقل: «و إلى أخيك بعث الروح الأمين»-. آتاكم اللّه ما لم يؤته أحدا من العالمين طأطأ كل شريف لشرفكم، و بخع كل متكبّر لطاعتكم، و خضع كل جبّار لفضلكم، و ذلّ كل شيء [لكم] و أشرقت الأرض بنوركم، و فاز الفائزون بولايتكم.
بكم يسلك إلى الرضوان، و على من جحد فضلكم غضب الرحمن .
بأبي [أنتم] و أمي و نفسي و مالي و أهلي ذكركم في الذاكرين، و أسماؤكم في الأسماء، و أجسادكم في الأجساد، و أرواحكم في الأرواح، و أنفسكم في النفوس، و آثاركم في الآثار، و قبوركم في القبور.
فما أحلى أسماءكم، و أكرم أنفسكم، و أعظم شأنكم، و أجلّ خطركم، و أوفي عهدكم.
كلامكم نور، و أمركم رشد، و وصيّتكم التقوى، و فعلكم الخير، و عادتكم الإحسان، و سجيّتكم الكرم، و شأنكم الحق و الصدق و الرّفق و قولكم حكم [و حتم] و رأيكم علم و حلم و حزم.
إن ذكر الخير كنتم أوّله و أصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه.
بأبي أنتم و أمي و نفسي [و أهلي و مالي] كيف أصف حسن ثناءكم؟ و [كيف] أحصي جميل بلائكم؟ و بكم أخرجنا اللّه من الذلّ، و فرّج عنّا غمرات الكروب، و أنقذنا من شفا جرف الهلكات، و من النار.
بأبي أنتم و أمي و نفسي [بموالاتكم علّمنا اللّه معالم ديننا، و أصلح ما كان فسد من دنيانا] و بموالاتكم تمت الكلمة، و عظمت النعمة، و ائتلفت الفرقة، و بموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة، و لكم المودّة الواجبة، و الدرجات الرفيعة، و المقام المحمود [عند اللّه تعالى] و المكان المعلوم و الجاه العظيم، و الشأن الكبير و الشفاعة المقبولة.
ربّنا آمنّا بما أنزلت و اتّبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين. ربّنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنّك أنت الوهّاب. سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولا.
يا وليّ اللّه إن بيني و بين اللّه عزّ و جلّ ذنوبا لا يأتي عليها إلا رضاكم، فبحق من ائتمنكم على سرّه، و استرعاكم أمر خلقه، و قرن طاعتكم بطاعته، لمّا استوهبتم ذنوبي، و كنتم شفعائي فإني لكم مطيع من أطاعكم فقد أطاع اللّه، و من عصاكم فقد عصى اللّه [و من أحبّكم فقد أحبّ اللّه] و من أبغضكم فقد أبغض اللّه.
اللّهمّ [إنّي] لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمد و أهل بيته الأخيار الأئمة الأبرار لجعلتهم شفعائي، فبحقّهم الذي أوجبت لهم عليك؛ أسألك أن تدخلني في جملة العارفين بهم و بحقهم [و] في زمرة المرحومين بشفاعتهم إنك أرحم الراحمين، و صلى اللّه على محمد و آله و سلم تسليما كثيرا .
[ثم قال الإمام عليّ الهادي عليه السلام و إذا أردت الانصراف فقل [عند الوداع] السلام عليك سلام مودّع لا سئم و لا قال و رحمة اللّه و بركاته إنه حميد مجيد، السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة، سلام وليّ غير راغب عنكم، و لا مستبدل بكم و لا مؤثر عليكم، و لا منحرف عنكم و لا زاهد في قربكم، و لا جعله [اللّه] آخر العهد من زيارة قبوركم و إتيان مشاهدكم.
و السلام عليكم [و] حشرني اللّه في زمرتكم، و أوردني حوضكم و جعلني من حزبكم و أرضاكم عنّي، و مكّنني في دولتكم [و أحياني في رجعتكم] و ملّكني في أيّامكم، و شكر سعيي [بكم] و غفر ذنبي بشفاعتكم، و أقال عثرتي بحبّكم، و أعلى كعبي بموالاتكم، و شرّفني بطاعتكم، و أعزّني بهداكم و جعلني ممن أنقلب- مفلحا منجعا غانما سالما معافا غنيا فائزا برضوان اللّه تعالى و فضله و كفايته- بأفضل ما ينقلب به أحد من زواركم و مواليكم و محبّيكم و شيعتكم.
و رزقني اللّه العود ثم العود أبدا ما أبقاني ربيّ بنيّة [صادقة] و إيمان و تقوى و إخبات و رزق واسع حلال طيّب.
اللّهمّ لا تجعله آخر العهد من زيارتهم و ذكرهم و الصلاة عليهم، و أوجب لي المغفرة و الخير و البركة و الفوز و الإيمان و حسن الإجابة، كما أوجبت لأوليائك العارفين بحقهم، المؤمنين بطاعتهم و الراغبين في زيارتهم، المتقرّبين إليك و إليهم.
بأبي أنتم و أمي و نفسي و أهلي و مالي اجعلوني في همّكم، و صيّروني في حزبكم، و أدخلوني في شفاعتكم، و اذكروني عند ربّكم.
اللّهم صلّ على محمد و آل محمد [و أبلغ أرواحهم و أجسادهم مني السلام، و السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته، و صلى اللّه على سيّدنا محمد و آله و سلّم تسليما كثيرا] و حسبنا اللّه و نعم الوكيل، نعم المولى و نعم النصير .