قال شيخنا المفيد (رحمه الله): و كان للحسين (عليه السلام) ستة أولاد: علي بن الحسين الأكبر كنيته أبو محمد عليه السلام و أمه شاه زنان بنت كسرى يزدجرد.
و علي بن الحسين الأصغر قتل مع أبيه بالطف و قد تقدم ذكره فيما سلف و أمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفية. و جعفر بن الحسين لا بقية له و أمه قضاعية و كانت وفاته في حياة الحسين عليه السلام. و عبد اللّه بن الحسين عليه السلام قتل مع أبيه صغيرا جاءه سهم و هو في حجر أبيه فذبحه. و قد تقدم ذكره فيما مضى أيضا و سكينة بنت الحسين عليه السلام و أمها الرباب بنت امرئ القيس بن عدي كلبية معدية و هي أم عبد اللّه بن الحسين و فاطمة بنت الحسين و أمها أم اسحاق بنت طلحة بن عبد اللّه تيمية- انتهى .
و قال علي بن عيسى الأربلي في كشف الغمة في ذكر أولاد الحسين عليه السلام: و قال كمال الدين: كان له من الأولاد ذكور و إناث عشرة ستة ذكور و أربع إناث فالذكور علي الأكبر و علي الأوسط و هو زين العابدين (عليه السلام) و سيأتي ذكره في بابه إن شاء اللّه و علي الأصغر و محمد و عبد اللّه و جعفر. فأما علي الأكبر فإنه قاتل بين يدي أبيه حتى قتل شهيدا. و أما علي الأصغر فجاءه سهم و هو طفل فقتله و قيل إن عبد اللّه قتل أيضا مع أبيه شهيدا. و أما البنات فزينب و سكينة و فاطمة.
هذا قول مشهور و قيل كان له أربع بنين و بنتان و الأول أشهر. و كان الذكر المخلد و البناء المنضد مخصوصا من بين بنيه بعلي الأوسط زين العابدين دون بقية الأولاد. آخر كلامه .
قلت: عدد أولاده (عليه السلام) و ذكر بعضا و ترك بعضا.
و قال ابن الخشاب: ولد له ستة بنين و ثلاث بنات علي الأكبر الشهيد مع أبيه و علي الإمام زين العابدين و علي الأصغر و محمد و عبد اللّه الشهيد مع أبيه و جعفر و زينب و سكينة و فاطمة.
و قال الحافظ عبد العزيز بن أخضر الجنابذي: ولد الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ستة أربعة ذكور و ابنتان علي الأكبر قتل مع أبيه و علي الأصغر و جعفر و عبد اللّه و سكينة و فاطمة.
قال: و نسل الحسين (عليه السلام) من علي الأصغر و أمه أم ولد و كان أفضل أهل زمانه.
و قال الزهري: ما رأيت هاشميا أفضل منه.
قلت: قد أخل الحافظ بذكر علي زين العابدين (عليه السلام) حيث قال: علي الأكبر و علي الأصغر و أثبته حيث قال: و نسل الحسين من علي الأصغر فسقط في هذه الرواية علي الأصغر. و الصحيح أن العليين من أولاده ثلاثة كما ذكر كمال الدين و زين العابدين (عليه السلام) هو الأوسط و التفاوت بين ما ذكره كمال الدين و الحافظ أربعة. انتهى .
أقول: اختلفت كلمات أرباب الحديث و السير في تعيين اسم أم الامام زين العابدين عليه السلام:
قال السبط ابن الجوزي: و أمه أم ولد و قال ابن قتيبة كانت (أسدية) سندية و يقال لها سلافة و قيل غزالة .
و عن كامل المبرد: و كان اسم أم علي بن الحسين (عليه السلام) سلافة من ولد يزدجرد معروفة النسب و كانت من خيرات النساء. انتهى .
و قيل: اسمها خولة و قيل سلامة و قيل برة.
و في الارشاد: و أمه شاه زنان بنت يزدجرد بن كسرى و يقال إن اسمها كان شهربانويه و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) ولى حريث بن جابر الحنفي جانبا من المشرق فبعث إليه بنتي يزدجرد بن شهريار بن كسرى فنحل ابنه الحسين (عليه السلام) شاه زنان منهما فأولدها زين العابدين (عليه السلام) و نحل الأخرى محمد بن أبي بكر فولدت له القاسم بن محمد بن أبي بكر فهما ابنا خالة. انتهى .
أقول: إني احتمل قويا أن اسمها الأصلي كان سلافة فصحفت بسلامة أو بالعكس و شاه زنان لقبها و شهربانويه الاسم الذي سماها به أمير المؤمنين فقد حكي أنه قال لها أمير المؤمنين عليه السلام: ما اسمك؟ فقالت: شاه زنان بنت كسرى. قال أمير المؤمنين عليه السلام: نه شاه زنان نيست بر امت محمد صلى اللّه عليه و آله و هي سيدة النساء بل أنت شهربانويه و أختك مرواريد بنت كسرى. قالت:
آريه .
و أما غزالة أو برة فهي اسم أم ولد للحسين (عليه السلام) كانت تحضن علي ابن الحسين عليه السلام و كان يسميها أما فقد روي أنها نفقت (نفست خ ل) بعلي بن الحسين فكفل عليا بعض أمهات ولد أبيه فنشأ (عليه السلام) و هو لا يعرف أما غيرها ثم علم أنها مولاته و كان الناس يسمونها أمة و زعموا أنها أمه. الخ .
فظهر أن ما ورد في أنه (عليه السلام) زوج أمه مولاه فالمراد مولاته التي يسمونها الناس أمه.
و أما سكينة بنت الحسين اسمها آمنة و قيل أمينة أمها الرباب بنت امرئ القيس بن عدي و كان صاحب بكر بن وائل الذي أغار عليهم في الجاهلية يوم فلج و كان نصرانيا أسلم في خلافة عمر بن الخطاب و ما صلى صلاة حتى ولاه عمر و ما أمسى حتى خطب إليه علي (عليه السلام) ابنته الرباب على ابنه الحسين (عليه السلام) فزوجه إياها فولدت له عبد اللّه و سكينة و في سكينة و أمها يقول:
لعمرك إنني لأحب دارا تكون بها سكينة و الرباب
أحبهما و أبذل جل مالي و ليس لعاتب عندي عتاب
فلست لهم و إن غابوا مضيعا حياتي أو يغيبني التراب
و قيل: إنه نهض إلى امرئ القيس أمير المؤمنين (عليه السلام) و معه ابناه الحسن و الحسين عليهما السلام حتى أدركه فقال له: يا عم أنا علي بن أبي طالب ابن عم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و صهره و هذان ابناي من ابنته و قد رغبنا في صهرك فأنكحنا. فقال: قد أنكحتك يا علي المحياة بنت امرئ القيس و أنكحتك يا حسن سلمى بنت امرئ القيس و أنكحتك يا حسين الرباب بنت امرئ القيس.
و قال هشام الكلبي: كانت الرباب من خيار النساء و أفضلهن و خطبت بعد قتل الحسين (عليه السلام) فقالت: ما كنت لأتخذ حما بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله .
و روي أنه رثت الرباب زوجها الحسين (عليه السلام) حين قتل فقالت:
ان الذي كان نورا يستضاء به بكربلاء قتيل غير مدفون
سبط النبي جزاك اللّه صالحة عنا و جنبت خسران الموازين
قد كنت لي جبلا صعبا ألوذ به و كنت تصحبنا بالرحم و الدين
من لليتامى و من للسائلين و من يغني و يأوي إليه كل مسكين
و اللّه لا أبتغي صهرا بصهركم حتى أغيب بين الرمل و الطين
و قد ذكرنا في وقائع مجلس عبيد اللّه بن زياد أخذها الرأس الشريف و شعرها: وا حسينا فلا نسيت حسينا- الخ.
و قال الجزري: و كان مع الحسين (عليه السلام) امرأته الرباب بنت امرئ القيس و هي أم سكينة و حملت إلى الشام فيمن حمل من أهله ثم عادت إلى المدينة فخطبها الأشراف من قريش فقالت: ما كنت لأتخذ حموا بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و بقيت بعده سنة لم يظلها سقف بيت حتى بليت و ماتت كمدا. و قيل: إنها أقامت على قبره سنة و عادت إلى المدينة فماتت أسفا عليه.
قال أبو الفرج الأصبهاني: و روي أنه كانت سكينة في مأتم فيه بنت لعثمان فقالت بنت عثمان: أنا بنت الشهيد. فسكتت سكينة فقال المؤذن: أشهد أن محمدا رسول اللّه. قالت سكينة: هذا أبي أو أبوك؟ فقالت العثمانية: لا أفخر عليكم أبدا .
و نقل الدميري عن الفائق: أن سكينة بنت الحسين (عليه السلام) جاءت إلى أمها الرباب و هي صغيرة تبكي فقالت: ما بك؟ قالت: مرت بي دبيرة فلسعتني بأبيرة أرادت تصغير دبرة و هي النحلة سميت بذلك لتدبيرها في عمل العسل .
و روى سبط ابن الجوزي عن سفيان الثوري قال: أراد علي بن الحسين (عليه السلام) الخروج إلى الحج أو العمرة فاتخذت له أخته سكينة بنت الحسين (عليه السلام) سفرة أنفقت عليها ألف درهم و أرسلت بها إليه فلما كان بظهر الحرة أمر بها ففرقت في الفقراء و المساكين .
قال ابن شهرآشوب في المناقب: و أصيب الحسين (عليه السلام) و عليه دين بضعة و سبعون ألف دينار فاهتم علي بن الحسين عليهما السلام بدين أبيه حتى امتنع من الطعام و الشراب و النوم في أكثر أيامه و لياليه فأتاه آت في المنام فقال: لا تهتم بدين أبيك فقد قضاه اللّه عنه بمال نحيس . فقال علي عليه السلام: و اللّه ما أعرف في أموال أبي ما يقال له نحيس فلما كان من الليلة الثانية رأى مثل ذلك فسأل عنه أهله فقالت له امرأة من أهله: كان لأبيك عبد رومي يقال له نحيس استنبط له عينا بذي خشب فسأل عن ذلك فأخبر به فما مضت بعد ذلك إلا أيام قلائل حتى أرسل الوليد بن عتبة بن أبي سفيان الى علي بن الحسين يقول له: إنه قد ذكرت لي عين لأبيك بذي خشب تعرف بنحيس فإذا أحببت بيعها ابتعتها منك.
قال علي بن الحسين: خذها بدين الحسين و ذكره له. قال: قد أخذتها فاستثنى منها سقي ليلة السبت لسكينة .
توفيت سكينة بالمدينة يوم الخميس لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة سبع عشرة و مائة و في هذه السنة توفيت أختها فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) و أمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد اللّه و كانت تحت الحسن بن علي عليهما السلام فولدت له طلحة بن الحسن و مات (عليه السلام) و هو صغير ثم تزوجها الحسين بن علي (عليهما السلام) فولدت له فاطمة بنت الحسين (عليه السلام).
قال أبو الفرج: و أمها- أي أم أم إسحاق- جرباء بنت قسامة بن طي و إنما سميت جرباء لحسنها كانت لا تقف إلى جنبها امرأة و إن كانت جميلة الا استصبح منظرها لجمالها و قد كانت أم إسحاق عند الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قبل أخيه الحسين عليه السلام فلما حضرته الوفاة دعا بالحسين (عليه السلام) فقال: يا أخي إني أرضى هذه المرأة لك فلا تخرجن من بيوتكم فإذا انقضت عدتها فتزوجها. فلما توفي (عليه السلام) تزوجها الحسين و قد كانت ولدت من الحسن (عليه السلام) طلحة و قد درج و لا عقب له. انتهى .
و عن تقريب ابن حجر قال: فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) ثقة من الرابعة ماتت بعد المائة و قد أسنت .
قال الشيخ المفيد (رحمه الله): و روي أن الحسن بن الحسن (عليه السلام) خطب الى عمه الحسين (عليه السلام) إحدى ابنتيه فقال له الحسين فإني قد اخترت لك ابنتي فاطمة فهي أكثرهما شبها بأمي فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم .